الفنانة التشكيلية العالمية سارة شمة: أسلوب التلقين حجر عثرة في طريق أطفالنا في الوطن العربي

لندن - آمنة بدر الدين الحلبي 10 مارس 2019
الإنسان شغلها الشاغل، وموضع اهتمامها في حلّها وترحالها، لأن إنسانيتها تكمن في المعنى الجوهري للحياة، وإعادة تصوير ما يثير اهتمامها في الواقع المعاش للإنسان، وكل ما يفكر فيه أو يعيشه من فرح أو حزن، من ألم أو وجع، من جوع أو موت محتم يحيط به وبأطفاله. هذا الاهتمام الإنساني لدى الأيقونة السورية سارة شمة يدفعها لإصدار أحكام مترجمة على فنونها البصرية، لأنها إنسانة قبل أن تكون فنانة تحمل في طيّات روحها أبجدية الإنسان وهمومه في الحب والحرب. "لها" التقت الفنانة التشكيلية السورية سارة شمة لتخبرنا عن لوحاتها التي تعكس ظاهرة إنسانية معقدة ومتشابكة ومتداخلة في أبعادها وخصائصها الفنية والإنسانية، وفي ظروفها والعوامل المؤثرة فيها والتي أخضعتها وخضعت لها في نتاج بصري وفكري لازَم الإنسان محلياً وعالمياً.


- للفنون التشكيلية صلة وثيقة بالمجتمع، من أين أتيت بهذه الشحنات التي تعجُّ بالحس الإنساني، وكيف تشكّل في وجدانك؟

منذ نعومة أظفاري وهمّي الأوحد الإنسان ومراقبة تعابير وجهه وحركات يديه. كنت أغوص في ألوان الوجوه وتجاعيدها، وألوان الأجساد وكيفية انسيابها حتى أشعر بالدماء التي تجري في عروقها. كان شغلي الشاغل كل ما يخص الجسد الإنساني للوصول إلى إحساسه.

ومما شجّعني على الاستمرار في تأملاتي، نشأتي في بيئة سليمة فتحت أمامي كل الأبواب لأشقّ طريقي الفني والمميز، بدءاً من البورتريه، فرسمت كل من حولي، وشاركتني المرايا في رسم نفسي، ومن ثم غصتُ في الهموم الإنسانية، وتأثّرت بالحروب التي طحنتْ ذاك الإنسان، فرأيت بأم العين دماءه تسيل وهو يتألم على فراق أحبّته، فترجمت المشهد في لوحاتي بصدق وواقعية.

- طفولة فنية مبكرة ركّزت على الظل والنور، فبدت رؤيتك أكبر من عمرك...

كل طفل يتمتع بقدرة هائلة وموهبة كبيرة، فإن وجد من يشجّعه ويدعمه ويحتضنه، أنتج الجمال في حياته. وبالنسبة إليّ، تشكّلت تلك الرؤية في طفولتي وجعلتني أبدو أكبر من عمري.

- هل أنتِ راضية عن أحوال الطفولة في الوطن العربي؟

لستُ راضية عن المناهج التعليمية في الوطن العربي، لأنها لا تنمّي أفكار الأطفال، ولا حتى مواهبهم، بل تتّبع معهم أسلوب التلقين، وهذا يقف حجر عثرة في طريق اكتشافاتهم وبحثهم وتفكيرهم، وما ينطبق على التعليم ينطبق أيضاً على الثقافة الفنية والأسرية. وبما أنني أعيش في لندن مع أسرتي، أتطلع إلى منهجية مختلفة في التعليم الحديث في الوطن العربي، ومنح أطفالنا مطلق الحرية ليفكروا ويناقشوا ويحاوروا، فيقدّموا نتاجاً علمياً وفنياً رائعاً. وإذا لم نتمكن من تغيير الأسلوب الأسري، ففي استطاعتنا تغيير مناهج التعليم وأسسه.

- الفراغ شغلك كثيراً حتى تمكنت من سماع ما يدور خلف أصوات شخصيتك. تلك الشخصية الإنسانية، كم صوتاً كان وبقي لها؟

مع مرور الزمن، يكتشف الإنسان أصواتاً جديدة في شخصيته، وهناك أمور كثيرة مثل الحياة والموت تدفعنا للاكتشاف بصورة أو بأخرى، وتساؤلات كثيرة عن ماهية الحياة والموت، وهذا طريق ليس سهلاً يجعلنا نتعرف على جوانب كثيرة في شخصيتنا، وبالتالي نُصدم بشخصيات جديدة نتعرف عليها داخل شخصياتنا.

- ما هي الأصوات التي تصدمك؟

كلما يكتشف الإنسان جانباً جديداً من شخصيته، يحاول أن يسمو بهذا الجانب، لكن من الممكن أن يكتشف جانباً مخيفاً أو سيئاً أو مفاجئاً من خلال أمور صغيرة، فيحاول تنقية روحه، ولا أرى نفسي في قمة النقاء، ويشغلني الهمّ العام بمقدار ما يهمّني تشذيب شخصيتي وتهذيبها، لأكتشف بها أموراً بنّاءة، وأتخفّف من الأمور الهدّامة.

- وهل يدفعك هذا لإبداع الأجمل؟

هي حالة من الصراع الدائم، الذي يولّد الإبداع ويعجُّ بالتأمل والاكتشاف. هذا الصراع البنّاء يُوّلد فكراً جديداً ومميزاً.

- هذه الأصوات أخذتك الى المدرسة الواقعية التي تستمد جوانبها من البيئة المحلية أو العالمية لتُشعري المتلقي بالانطلاق نحو الواقع الحقيقي والصدق في نقله من خلال البورتريه...

الرسم الواقعي هو نقل حقيقي للواقع، كما أنه اكتشاف للواقع من جديد. ولكي أرسم واقعاً، عليّ فهم ما أرسمه، وعلى سبيل المثال لا الحصر، إنْ أردت رسم تفاحة فيجب أن أفهم ماهية التفاحة، وربما أتحوّل أنا إلى تفاحة لأنقلها الى المُشاهد بصدق فيرى لوحة واقعية، ويقارن بين رؤية الواقع من خلال تجربتي الواقعية والمهمة في حياتي، وبين رؤيته هو لهذا الواقع.

- تلك البراعة في رسم النماذج الإنسانيّة المختلفة، وتداخل الشكل الفني مع المحتوى، يدلاّن على مدى ارتباط العاطفة بالنفس الإنسانيّة. هذه العاطفة هل هي لإرضاء حاجاتك الفكرية، أم لنقل الواقع كما هو في الحرب؟

العاطفة شعور فطري من المستحيل كبته، وتلك العاطفة لم تكن لغاية مصطنعة أبداً، لكن نقلي لما حدث في سورية بتلك القسوة ما هو إلا نتاج تفاعلي مع الواقع الذي عشته بكل مشاعري وأحاسيسي، ولم أنقله لأُحدث تأثيراً دعائياً، بل رسمته بعدما سكن في أعماقي، واستوطن في ذاكرتي، وامتد إلى روحي، وما عليّ إلاّ أن أخرجه للمُشاهد بعدما تفاعلت معه وأصبح هاجسي الدائم، وتوحّدتُ مع تلك الحرب التي غيّرتْ مفاهيمي حول أمور كثيرة حين رأيت الإنسان رخيصاً إذ يُقتل بطريقة وحشية، لأسباب تافهة وسخيفة.

- وهل سنتعلّم من الحرب؟

للحرب نتائج مدمّرة على النفس البشرية، إن لم نتعلّم منها لنسير إلى الأمام ونحقق تطوراً اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً، فسنعود إلى الوراء آلاف السنين.

- بين الجسد وتفاصيله الداخلية عمدت الى الغوص في الواقع، أي رسالة للعالم سطّرتها أناملك حين غمستِ فرشاتك في عمق اللون؟

حين أصبح الجسد الإنساني هاجسي الأول، أخذتني تفاصيله إلى آفاقٍ كثيرة للغوص في معالمه. وعلى سبيل المثال، أرى في انحناءات اليد "بورتريه"، وفي ثنايا الجسد جبلاً أو سماء وربما كراسي، فالجسد عالم واسع لا أستطيع الخروج منه.

وتهدف رسالتي الى تثقيف المتلقي بتاريخ الفن، وفتح آفاق واسعة أمامه ليتعرف على الفنون البصرية وتقنياتها. وحين أعمل بطبقات شفافة مختلفة ترسو فوق بعضها البعض، فذلك كي يغوص المتلقي في ثنايا الطبقات، ويشعر بكل جزئية في العمل، حتى يبلغ شعور التخيّل باللاوعي، ويتغلغل في أعماق هذا العالم، للوصول الى المعرفة، وخلق تساؤلات وربما الأجوبة التي يبحث عنها ويريدها.

- في عمق الظلال أفكار تكوّنت على مدى ربع قرن من مسيرة فنية، كيف تقرأ سارة أعمالها؟

بعد انتهائي من رسم اللوحة التي تعجُّ بالتساؤلات والأفكار، أتحول إلى مشاهِدة وأنفصل تماماً عن اللوحة، كأنني أراها لأول مرة تخصُّ أحداً غيري، وتولّد لديّ تساؤلات متعددة تجعلني أرى عملي المستقبلي وأكتشف تقنيات جديدة.

- وهل تدفعك للنقد؟

تدفعني اللوحة للنقد القاسي وإعادة النظر في تاريخي وحاضري ومستقبلي، والبحث الدائم عن كل ما هو جديد، لاعتبارها المحرّض الأساس في أعماق نفسي لإنتاج فكر جديد.

- هذا التحريض يُشعرنا بأن ضرباتك اللونية بالفرشاة والسكين على الوجوه في اللوحة تتهاوى كالرياح بين أدواتٍ مختلفة، ما الذي تحبّين قوله للعالم بصدق؟

استخدامي للفرشاة والسكين يحمل تنوعاً في التقنيات، وقولاً للإنسان، يدفعه للتفكير والغوص في أعماق نفسه الإنسانية، للبحث عن أجوبة كثيرة، ولا يجري وراء الأفكار السائدة والسلبية كالقطيع، بل يبحث عن تفردٍ يعزّزه، وعن أفكارٍ مختلفة ينشّطها ويقوّيها إن كانت مكبوتة، ليحقق علماً أو فناً ويحصل على جوهر السعادة.

- الظل والنور يحملاننا الى عالم الحب في زمن الحرب، ما شكل الحب الذي ترمين إليه في هذا الزمن المرّ؟

الحب هو الدافع الأساس للحياة، وحين ينعدم الحب تنعدم الحياة، فالحب يجعلنا نتألم ونحلم، والحياة بدون حب أو شغف مملّة وقاتلة، ولا أتخيّل حياتي بدون حب ومفاجآت في زمن الحرب، كون الحب حالة من اكتشاف الآخر.

- في الصباح، لمن توجّه سارة رسائل حب؟

مثلما أحبّ زوجي وأطفالي وأقربائي وأصدقائي، كذلك أحبّ نفسي. وكي أحبَّ غيري، يجب أن أحب نفسي وأكتشفها بشكل أعمق، ومن لا يستطيع أن يحب نفسه، يعجز عن محبّة الآخرين.

- للعيون نظرة ثاقبة، تكاد تنطق الوجع، وتترجم الألم، أما من أمل لمستقبل مشرق؟

ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل... مقولة تجعلنا نفكر بالألم، وتدفعنا لرسم تلك العيون. وكل يوم نضع الأمل نصب أعيننا لنستشرف المستقبل المشرق من خلاله.

- هذا الدمع الذي يترقرق في المآقي، كيف تفسره سارة؟

الحزن حالة وجدانية، والدمع موجع حد التأثّر وليس الكآبة، فالعين الخالية من الحزن ترسم بروداً على الوجه، لكن الحزن الذي أطالعه في شرايين العين جميل وإيجابي. قد أبالغ حين أُظهر الدمع يترقرق في المآقي، ولكن هذا يمنحني إحساساً قوياً بالآخرين.

- جمعت في مرسمك مجموعة أطفال، ودمجت بين إبداعات الأطفال وأعمالك البصرية، فهل هي ثورة عواطف، أم تألق بصائر بشحنة وجدانية ملهمة من أطفال العالم الجياع؟

جزء كبير منها هو ثورة عواطف إنسانية، والباقي حالة اكتشاف الطفل من خلال إحساسه البريء، لاعتبار الطفل بدايةً لتشكل الإنسان، وحين تأمّلتهم سرحت مع طفولتي، وتساءلت كيف يكبر ذاك الطفل ويمتلك خصائص الإنسان البالغ؟ وكيف يُبنى الشر والخير، الحب والكره في نفسه؟ لكنها لم تظهر بعد، ليتحوّل بطرفة عين من طفل بريء إلى قاتل حين يكبر؟ تلك التساؤلات رصدتها من خلال رسومات الأطفال الفطرية بعيداً من التفكير المسبق أو أي معرفة بالموضوع، فخرجتْ مدهشة، مثيرة بأشكال غريبة لا وجود لها في الواقع، أعدتُ رسوماتهم على لوحاتي بطريقتهم، وكانوا مصدر إلهامي وتعليمي... تفاعلت مع قضاياهم المصيرية، ومع معاناتهم الحياتية التي لا يتحمّلها حتى الكبار، ورصدتها بأم العين، فخرجت مثيرة بتعبيرها للمُشاهد.

- هل تخطّطين لمشروع فني تعليمي لأطفال سورية؟

الشام تجري في عروقي، وإن كنت أعيش في لندن، ولديّ أفكار لم تتبلور بعد، لدعم أطفال سورية من خلال الفن، ولم يحن الوقت لأكون جاهزة لوجستياً.

- ماذا قرأت في عيون الأطفال في مرسمك؟

غصتُ في أعماق الأطفال، وقرأتُ في عيونهم جذوة الحياة، وكل المعاني الموجودة في النفس البشرية لكنها لم تظهر بعد، ورأيت الصدق البريء الذي ما فتئتُ أراه في عيون بعض الكبار الذين ما زالوا في حالة اكتشاف ودهشة لم تنطفئ بعد.

- لوحة "مكافحة الجوع" عُرضت في المتحف الوطني في دمشق وبيعت في دار "كريستيز" العالمية للمزادات في دبي، وعاد ريعها لبرنامج الغذاء العالمي، دعماً للحياة الإنسانية العميقة، أم تمرداً على الواقع الأليم في العالم؟

الاثنان معاً، جمعتُ بين إنسانية الإنسان وتمرّده حين رأيت الجشع في عالم متناقض يعجُّ بالمال الكثير وعلى أرضه جياع يهدّدهم الموت، فسيطرت عليّ تلك الفكرة منذ زيارتي لبعض مخيمات اللاجئين العراقيين في سورية عام 2010 مع برنامج الغذاء العالمي، ولفتني تنظيمهم في تقديم الغذاء والدواء.

- اتفقت مع المخرج السوري نبيل المالح (رحمه الله) على إنتاج فيلم وثائقي قصير يرصد مراحل رسم لوحة "مكافحة الجوع" وعلاقتها بالمحتاجين، إلامَ رميت من خلال ذاك المشروع؟

بعدما أصبحتُ شريكة المشاهير في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، أحبَّ الصديق والمخرج نبيل المالح (رحمه الله) أن يساعدني في دعم المشروع، فجاء إلى مرسمي مع فريق عمله وصوّر مراحل رسم اللوحة وأنتج فيلماً قصيراً عُرض في دار الأوبرا في دمشق عام 2011 أثناء الكشف عن اللوحة، وأظهر العلاقة بين اللوحة والجوع ونشاطات برنامج الغذاء العالمي.

- شغلك الشاغل المرأة في كل مكان حيث قلت: "المرأة هي أكثر من يتألم في زمن الحرب، وأكثر من يتعب في زمن السلم، وهي مركز الكون الذي يدور حولها وينهل منها"، ما هو مشروعك المقبل من أجل المرأة سواء في الشرق أو في الغرب؟

أعمل على مشروع كبير من أجل المرأة في العالم، بالتعاون مع جامعة King's College London، وهي من أهم الجامعات في بريطانيا، ولها برنامج تتعاون فيه مع المشاهير من الفنانين. وأنا بدوري متعاونة مع قسم علم النفس حتى أفهم ماهية تجارة الرقيق الأبيض في العالم أجمع بعدما رأينا أبشع صوره نتيجة الحروب في المنطقة، وما زلنا نراه من خلال زواج القاصرات. ولأنني أعيش في لندن، أحظى بفرصة لقاء بعض النسوة المهاجرات من أقاصي العالم، واللواتي تعرضن لأبشع أنواع العنف الجسدي والنفسي وصولاً الى السبي والبيع في سوق النخاسة. ما زلت في طور البحث، وبعدها تأتي مرحلة الرسم، والمشروع يضم كتاباً وفيلماً وثائقياً سيُعرض العام المقبل في لندن، يتبعه مؤتمر صغير ولقاء مع نساء من العالم، بالإضافة طبعاً إلى المعرض.

- لندن هي عاصمة الفن العالمي، حصلت على إقامة فنانة استثنائية فيها بترشيح من المؤسسات البريطانية، كنتيجة حتمية للجوائز العالمية التي حصدتها، ما الذي حققته من خلال إقامتك في لندن على الصعيدين المحلي والعالمي؟

لندن مدينة أعشقها منذ زمن بعيد، وإقامتي فيها بمقدار أهميتها في التعرف على جميع أنواع الفنون والمؤسسات الفنية، تعود بالفائدة على الوطن العربي، ساعيةً لبناء جسر بين الشرق والغرب تستفيد منه بلادنا كنتيجة حتمية لخبراتهم التي يجب أن نتعلّم منها الكثير.

- بين دمشق الياسمين وبيروت باريس الشرق ولندن أم الفنون، ماذا منحتك تلك العواصم على الصعيدين الفني والشخصي؟

دمشق تسكن قلبي، وعشقي لها أبدي، انطلاقتي كانت منها وإليها العودة، فهي علّمتني تأويل الأحاديث المغمّسة بفرشاة ألواني، وقدّمت لي الحب والحياة والدراسة، وعرّفتني على وجوه مختلفة من الصداقة، وسكن غبارها ذو اللون الرمادي أنفاسي.

وبيروت روحي ومدينة والدتي، وعشت فيها طفولتي، فهي تجمع بين الجبل والبحر، بين اللونين الأخضر والأزرق، وفتحت روحي على الحياة بجوّها الثقافي وحرّيتها المنشودة. أما لندن فهي محطة جميلة وقديمة في حياتي، كانت وما زالت بطقسها البارد تُحيي قلبي وروحي، ولضبابها إيقاع متفرّد في ضربات فرشاتي، وألوان شمسها لا تُعد ولا تُحصى.

- كيف تصفين دمشق؟

دمشق تعجُّ بالتناقضات، حين أفتح نوافذ منزلي في الصباح، يتناهى إلى أنفاسي غبار دمشق الرمادي، وفي اللحظة ذاتها تخالطني رائحة الياسمين المنعشة والمليئة بالأوكسجين لتستوطن روحي.

- حصدت جوائز عالمية كثيرة، ما الذي منحتك إيّاه تلك الجوائز، وأي جائزة تركت بصمة في حياتك؟

الجوائز مهمة وما هي إلا إنجازات رائعة، أرست حالة من التشجيع الجميل في حياتي، لكن الأهم منها، والذي ترك بصمة في حياتي هو نقاط التحوّل الإنساني... حين اكتشفت الضوء في السادسة من عمري يلامس وجهي، وحين رسمت البورتريه، فهذا ساهم في صقل شخصيتي.

- بين سارة الفنانة والإنسانة، أيّهما الأقوى في الواقع؟

الاثنان يسيران معاً وبالقوة نفسها، ومثلما أكون قوية في الواقع الإنساني وأواجه الصدمات، كذلك أنا في الرسم، وأضرب فرشاتي بقوة على لوحاتي لأُخرج ذاك المارد وإن كان مخيفاً.

- سارة الأم، هل تشارك أطفالها في الرسم؟

لي طفلان، "أمير" و"أمل"، وكلما أرى طفلاً أشعر نحوه بالأمومة العارمة، وأستخدمها كأداة للإلهام، فالأمومة تجري في عروقي، وطفلاي يمارسان هواية الرسم ويعزفان الموسيقى، وبدوري أشجعهما، فقد تفتحت طفولتهما في الوسط الفني، وباب الحوار أمامهما مشرّع، أعلّمهما وأتعلم منهما.

- ما دور الرجل في حياة سارة الإنسانة والفنانة؟

زوجي منذر نزهة قصة حب لا تنتهي، أثمرت عن طفلين جميلين، وحياة هانئة تشهد على الدعم الكبير، والتقدم المستمر، والنجاح الدائم، والانفتاح على جميع العوالم بكل الثقة التي منحني إياها، هو يفرح لنجاحي لأنه تربّى على يد أنثى عظيمة وهبته الحياة بكل مفاصلها.

- أي الألوان يشبهك؟

الألوان كلها تشبهني بحالة لا محدودة، أمام البحر أرى كل ألوان الطيف الجميلة.

- كلمة أخيرة...

أنصح المرأة العربية بأن تقوم بالعمل الذي تحب، وتؤمن بما تحب، وتسعى للنجاح، وألاّ تتقاعس عن العمل، لأنها قادرة على الإبداع، وألاّ تكون أسيرة الحالة الاقتصادية حتى لا تبقى تابعة لمزاج الرجل، وتسعى للتطوّر فتطوّر الرجل معها.