حسّ المسؤولية لدى الأطفال هكذا تساعدين طفلك ليكون ناجحاً في المستقبل

هبة الشيخ 30 مارس 2019

من الضروري أن يعتاد الطفل منذ الصغر على تحمّل المسؤوليات، سواء في منزله أو في حياته المدرسية والخاصة. ويهمل الكثير من الأهل هذا الموضوع معتبرين أن الطفل ما زال صغيراً على تحمّل المسؤوليات، أو لا يدرك ما هي مسؤولياته. وبما أن الدور الأساس الذي يجب أن تقوم به الأسرة هو التنشئة الاجتماعية السليمة، فإن كثراً من اختصاصيي علم النفس يؤكدون أن تقوية حسّ المسؤولية لدى الأطفال منذ عمر صغير له تأثير إيجابي في نفسية الطفل وعلاقاته الاجتماعية. فما هي الوسائل الفضلى التي على الأهل اعتمادها لتنمية حسّ المسؤولية لدى طفلهم؟ وكيف يؤثر مثل هذا الأمر في حياته والعمر المثالي؟


- ما هو العمر المثالي للبدء بتعليم الطفل تحمّل المسؤولية؟

على عكس ما يعتقد الكثيرون بأن الأطفال منذ ولادتهم وحتى عمر الخمس سنوات يكون من الصعب تعويدهم أو إقناعهم بمسؤولياتهم، فقد تبين من خلال دراسات أُجريت على أطفال بعمر الثلاث سنوات، أن حسّ المسؤولية لديهم يولد في هذا العمر، وذلك عندما يحاول الطفل ارتداء ملابسه بنفسه، أو تناول طعامه بمفرده من دون مساعدة أحد، وبالتالي ينشأ حسّ الاستقلالية في داخله. وهنا، على الأهل احترام ما يحاول الطفل القيام به وعدم السخرية منه أو الحدّ من محاولاته، بل يجب البدء بتنمية حسّ المسؤولية لديه والتشديد على أنه قادر على القيام بهذه الأمور، وأنها بسيطة ويمكنه إنجازها بسهولة. وهكذا يبدأ الطفل الشعور بمسؤولياته الخاصة ويسعى إلى تنميتها.

- كيف يخفّف الأهل من حسّ المسؤولية عند الطفل بسبب بعض الممارسات الخاطئة؟

هناك العديد من الممارسات الخاطئة التي يقوم بها الأهل تجاه أطفالهم من دون أن ينتبهوا للنتائج المترتبة عنها، فلا يعتمدون على الطفل في القيام بأي عمل من أعمال المنزل وخاصة في عمر صغير، لنراه يستيقظ صباحاً من دون أن يرتّب فراشه لأنه يعرف أن والدته سترتّبه، أو عندما لا تطلب الأم من الطفل وضع الملابس المتّسخة في الغسالة بل تقوم هي بذلك، هذا بالإضافة إلى تقديم الطعام جاهزاً للطفل من دون طلب المساعدة منه أو التأكيد له أن من الضروري أن يساعد في تحضير الطعام وغسل الصحون. كل هذه الأخطاء تنبع من رغبة الأهل بعدم الضغط على أطفالهم أو إتعابهم، إلّا أنهم بهذه الممارسات يقلّلون من حسّ المسؤولية الذي ينشأ مع الأطفال في عمر صغير كما قلنا سابقاً، بل ويصبحون في منزلهم كالضيوف غير مسؤولين عن أي شيء. هذا كلّه سيؤثر سلباً في حياتهم الاجتماعية مستقبلاً، سواء في المدرسة أو الجامعة أو العمل.

- تنمية حسّ المسؤولية لدى الأطفال هل هو من ضروريات التربية الصحيحة؟

إن اعتياد الطفل على تحمّل مسؤولياته في المنزل أولاً، يساعده في تكوين شخصية مستقلة ومبنية على أسس صحيحة وسليمة، كما يجعل الطفل أقوى وقادراً على مواجهة المصاعب والمشاكل التي يتعرض لها في المستقبل، سواء في عمله أو في حياته الخاصة، والأهم فإن الطفل المسؤول ينشأ على تقدير من حوله واحترام ما يقومون به كونه تلقى الدعم منذ صغره من والديه، فتراه أقل أنانية وأكثر تقديراً في بيئته ومجتمعه... على عكس الطفل غير المسؤول الذي نشأ على الاتّكال على الأهل في إنجاز معظم أموره البسيطة، فتراه كسولاً وضعيف الشخصية، ودائماً بحاجة إلى من يقدّم له المساعدة لإتمام حاجاته وغير قادر على اتخاذ القرارات الصحيحة والمناسبة له. ولذلك فإن تنمية حسّ المسؤولية لدى الطفل منذ الصغر هو من أساسيات التربية السليمة التي تُنشئ أطفالاً أقوياء ومعتمدين على أنفسهم بالشكل الصحيح.

- ما هي الخطوات المثالية لتعليم الطفل تحمّل المسؤولية؟

أولاً، يجب أن يتذكر الأهل أن الطفل المسؤول هو الناجح دائماً في المستقبل، وأن اعتمادهم على طفلهم منذ صغره لن يسبّب له التعب أو المشاكل الصحية، بل على العكس سيغرس في داخله حسّ الاستقلالية فيشعر بأنه فرد له كيانه الخاص. ومن أجل تنمية حسّ المسؤولية عند الطفل بالشكل السليم، هناك بعض الخطوات التي من الممكن اتباعها:

إلزام الطفل القيام بمهام خاصة به: من الضروري أن يشعر الطفل بأن هناك بعض المهام التي عليه أن ينجزها بنفسه، وعلى الأهل القول له بأنه المسؤول عن القيام بهذه المهام، مثل ترتيب فراشه بعد الاستيقاظ من النوم، ووضع ألعابه في الأماكن المخصّصة لها، تناول طعامه بمفرده، والمساعدة في بعض أعمال المنزل. ومن الضروري الانتباه إلى أن تكون المهام مناسبة لعمر الطفل وقدراته.

توزيع المهام في المنزل: إلى جانب الطلب من الطفل القيام بمهام خاصة، من الضروري أيضاً أن يتم توزيع المهام بين جميع أفراد العائلة فينفّذ كل فرد المهمة المطلوبة منه، وبذلك ينمو لدى الطفل حسّ المسؤولية لإنجاز مهامه، كما ينمو لديه حسّ المشاركة مع الجماعة، ويتعلّم احترام الآخرين من دون تكبّر أو أنانية.

التقدير: يجب ألّا ننسى أن الطفل بحاجة إلى الشعور بالامتنان والتقدير لما يقوم به من مهام من أجل الاستمرار في إنجازها من دون ملل. ولذلك، على الوالدين تقدير الطفل واحترامه، ومن الممكن أن يقدّما له مكافآت لإنجازه المهام بالشكل المطلوب والصحيح.

تجنّب العقاب: أسوأ ما قد يقوم به الوالدان هو معاقبة الطفل بسبب إهماله مهامه أو التأخّر في إنجازها، فهم بذلك يتسبّبون في رد فعل عكسي يجعله غير راغب في تحمّل مسؤولياته بل ويولّد في داخله رفضاً لشعور المسؤولية. لذا، من الضروري تجنّب أسلوب العقاب مع الطفل ومحاولة استيعاب سبب إهماله القيام بالواجبات المطلوبة منه.

منح الطفل حريته الشخصية: من غير الممكن أن ينمو لدى الطفل حسّ المسؤولية وهو ليس قادراً على ممارسة حريته الشخصية في منزله، مثل اختيار ملابسه أو ممارسة هوايته المفضّلة أو تناول الألعاب التي يفضلها في وقت فراغه، فلن يستطيع الأهل إقناع الطفل بالقيام بالمهام التي فرضوها عليه من دون السماح له بممارسة النشاط الذي يحبّه وبعيداً من الشعور بالاستقلالية التامة.

تحديد وقت لإنجاز المهام: قد يبدو للوهلة الأولى أن هذه الطريقة لن تنجح مع الطفل أو قد تسبب له الإزعاج لكونه ملزماً بتنفيذ مهامه في وقت محدد، غير أنها ستساعده كثيراً في تقدير قيمة الوقت، وتحضّه على عدم التراخي في إتمام المهام الموكلة إليه، وتعلّمه كيف ينظّم وقته لكي يتمكن من إنجاز ما طُلب منه في الوقت المحدد، وبالتالي كل هذه الأمور ستؤثر في مستواه العلمي وأدائه في العمل مستقبلاً.

أن يكون الأهل قدوةً للطفل: لا يمكن الطفل أن ينجز مهامه أو يلتزم بمسؤولياته إذا كان الأهل يهملون أعمالهم وغير مسؤولين، فعلى الأهل ألاّ يُلزموا الطفل القيام بالمهام من دون مشاركته في تنفيذها للمرة الأولى على الأقل، وخاصة أن الطفل ينشأ على تقليد والديه وتصرفاتهم. لذا، من الضروري أن يكون الأهل قدوة لطفلهم في تحمل المسؤوليات وإنجازها.