مسكن ينبض بالحياة ويشعّ بالإبداع الهندسي

بيروت- روزي الخوري 06 أبريل 2019
من إبداع إلى آخر تنقلنا المهندسة مي جبارة. هنا حطّ الفنّ والذوق معاً بكلّ عناصرهما في هذا المسكن المليء بالحياة في منطقة زحلة اللبنانية المشعّة جمالاً، فطعّم جمال الطبيعة جمال الهندسة الداخلية لتكتمل اللوحة.


ليس سهلاً أن يجتمع منزل الصيف والشتاء تحت سقف واحد. فمنطقة زحلة جبلية يكسوها الثلج شتاءً، ويحلو التمتع بمناخها صيفاً. ونزولاً عند رغبة المالكين، فقد نجحت المهندسة مي جبارة في قلب هذا المنزل رأساً على عقب، وحوّلته من منزل خالٍ من الروح إلى واحة تنبض بالحياة، مفعمة بالفرح والسكينة في آن معاً. وكون الطبيعة الشتوية تفرض نفسها هنا، عمّ الدفء الأرجاء من خلال الخشب المستخدم. وبالنسبة الى المهندسة جبارة، للخشب قيمة خاصة في إضفاء جوّ من الدفء والأناقة معاً. وقد استخدمت خشب الماسيف في قاعدة الطاولة، وهي عبارة عن جذع شجرة عمرها ثلاثمئة عام تفوح رائحة خشبه في كلّ أرجاء المنزل.

ولأنّ المالكين طلبوا تحويل منزلهم إلى واحة تنبض بالحياة، ملؤها الفرح، انطلق عمل المهندسة جبارة مرتكزةً على عناصر تخدم هذه الفكرة، أهمّها الإنارة الخافتة والخشب والألوان الترابية. وتقول: "لأن هذه الألوان هادئة، فقد طعّمتها بألوان فرحة أضفت حياةً وتلاءمت مع الطراز الذي اخترته، وهو مزيج من العصرية والكلاسيكية لا يبعث على الملل مع الوقت".

والأثاث في هذه الشقة من تصميم المهندسة وتنفيذها من ألفه إلى يائه. وتولي جبارة هذا الأمر أهمية كبرى، ليس فقط لأنّه يعطي المنزل خصوصية ولا يمكن رؤية قطعه في أي مكان آخر، بل لأن جبارة تصمّم شخصية الزبون التي اكتشفتها أثناء العمل وتجسّد ذوقه المطلق ورغباته لينسجم مع تفاصيل منزله ويتمتّع بهناء الإقامة فيه. "أمر بدهي أن يتمّ شراء قطع الأثاث، لكنّ البراعة في أن يمزج المهندس قدراته مع رغبات المالكين. أضع من ذاتي وأجسّد أفكاري وتطلّعاتي الهندسية وأمزجها مع روح المالكين وشخصيتهم، ليتّسم المنزل بحلّة فريدة لا يمكن رؤيتها في أيّ منزل آخر، وبالتالي يشعر المالكون بالانتماء أكثر والراحة الأكيدة في مسكنهم".

الخشب الماسيف لعب دوراً أساسياً في هندسة الداخل والخارج معاً. من كونسول غرفة الاستقبال إلى جدار التلفزيون في غرفة الجلوس وغرفة الطعام والجسلة الخارجية. وزاده قيمةً هدوء الألوان التي ساهمت في إلقاء الضوء عليه. مقعدان من الجلد البنّي طعّما الصالون الزاهي من القماش البيج قبالة مقاعد غرفة الجلوس بالبيج أيضاً. أما الدروسوار فلافت التصميم، يضمّ الفترين والدروسوار معاً على امتداد الجدار، عرضت فيه مجموعة من الأواني الزجاجية، خشبه أبيض أُدخلت عليه بعض الزخرفة وتفرّعت على شكل دوائر. واجهة الطاولة من الخشب الزاهي ركائزها من اللون الداكن، شكّلت لوحة جمالية متناسقة الألوان، بحيث وُضع مقعدان على رأسَي الطاولة من الجهتين بقماش مختلف عن باقي المقاعد.

غرفة التلفزيون يفصل بينها وبين الصالون جدار من الخشب لعب دوراً تجميلياً وعملياً، شكّل فاصلاً بين الجلسات وضمّ جدار التلفزيون ومكتبة. الخشب المستخدم هو نفسه لطاولة الوسط، موشّى بلونٍ داكن. واللافت هنا هو الخشب الداكن على شكل قطع مستطيلة في السقف زادت الجوّ دفئاً. بينما في الصالون استُعملت القطع الخشبية بلونها الأبيض لتزيد المساحة إشراقاً إلى جانب الستائر البيضاء التي غطّت الواجهات الزجاج الكبيرة المطلّة على منظر طبيعي أخّاذ.

مقعدان من خشب الماسيف وثيران وُضعا أمام ركن المدفأة من الحجر، وهو الركن الذي يتوسّط كلّ الجلسات لينشر الدفء في الأرجاء.

الأكسسوار طعّم الجلسات بلمسة ناعمة وفريدة. لوحة زيتية في غرفة الجلوس بألوان نارية وقطع أثرية زيّنت المكتبة الخشب، ماكينة خياطة قديمة ومكواة على الجمر. أما السجاد في الأرض فمن الحرير. وقد ارتكزت هندسة غرفة الجلوس الخارجية على الخشب الماسيف أيضاً.

مقاعد وثيرة تزيّنت بأرائك من مختلف الألوان تعكس زهو الحياة في الحديقة الخارجية للمنزل.

انسحب الهدوء على غرفة النوم، بخطوطها الواضحة والناعمة وألوانها من مشتقات البيج والرمادي. حوض الاستحمام جزء من ديكور الغرفة، لا باب يفصل بينه وبين السرير، وبدا يتوسّط الردهة. وقبالة السرير مكتبة من الخشب نفسه المستخدم في الصالون.

هدوء وانسجام وتصاميم جديدة ومبتكرة مصمّمة خصيصاً لهذا المنزل، عكست رغبة المالكين وذوق المهندسة جبارة وفنّها.