أصغر رائدة أعمال سعودية في منتدى دافوس العالمي إيمان عبد الشكور: بالثقة والإصرار والعلم وصلت إلى دافوس

جدة: آمنة بدر الدين الحلبي 28 أبريل 2019

واثقة الخطى، سخّرت كل إمكاناتها الفكرية والعلمية لتحقق طموحها وما تصبو إليه من نجاحات وهي ما زالت في ريعان الشباب، حتى غدت مثالاً يُحتذى به في المجتمع السعودي، ويتطلع إليه كل الشباب السعودي كأصغر رائدة أعمال. إيمان عبد الشكور خرّيجة جامعة كاليفورنيا ومتخصّصة في علم المخ والأعصاب، عملت في الولايات المتحدة الأميركية لفترة وجيزة عادت بعدها الى المملكة العربية السعودية لتؤسس مكتب ريادة الأعمال. كذلك شاركت إيمان في فعاليات منتدى دافوس الاقتصادي العالمي لعام 2018 كأصغر رائدة أعمال سعودية تمت دعوتها للمنتدى ضمن 50 عضواً بحضور 70 رئيس دولة، وعدد من المشاهير ومديري الشركات الكبرى، لتقديم تجارب ملهمة لروّاد الأعمال حول العالم... التقتها "لها" بعد ملتقى "ثقة" الذي استضاف المبدعات السعوديات بقيادتها، لاكتشاف مصادر إلهام المرأة السعودية، والحديث عن مسيرتها الشبابية والتحديات التي واجهتها.


- تخصّصتِ في علم المخ والأعصاب، لكنك اخترتِ طريقاً آخر في الحياة، فما السبب؟

في أميركا لا يستحق الطالب لقب دكتور إلا بعد التخرّج، وأنا حزت فقط شهادة البكالوريوس كباحثة في هذا المجال لأعمل في المختبرات، وأكتشف بعض الأدوية لعلاج مرضى ألزهايمر والتوحّد وغيرهما من الأمراض المستعصية، لأنني عشت طوال حياتي مع مرض الصرع الذي كان يباغتني بين الفينة والأخرى، بدءاً من سنّ الرابعة وصولاً الى سنّ الثانية والعشرين، وكان حوالى الخمسين عدد نوبات الصرع التي تصيبني في اليوم الواحد.

- ما الذي أخذك الى ريادة الأعمال؟

كنت أعيش في كاليفورنيا، الولاية المعروفة بالتقنية والتكنولوجيا، وبعد انتهاء دوام عملي في شركة الأدوية Pfizer، كنت أتوجه إلى ساحات الإنتاج في كاليفورنيا كي أطّلع على فعاليات لريادة الأعمال بمختلف أشكالها، لأجد الشباب المخترع في مجالات التقنية، لأن جزءاً من تخصّصي كان يقوم على البرمجة لتحليل الشحنات الكهربائية في المخ، وكل ما يتعلق بالأجهزة الطبية، وكنت أملك الدافع للتعلّم، وعمل برامج تخصّني، فأصبح لدي فضول جديد لدخول عالم البرمجة المليء بالابتكار من أوسع أبوابه، ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة لأكون رائدة أعمال بعمر صغير.

- هل مكّنتك دراستك من اكتشاف تفاصيل جديدة عن مرضك؟

بعد الدراسة والتحليل وجدت الدواء المناسب لحالتي وتمكنت من السيطرة على المرض، لكنني لست طبيبة لأصف ذاك الدواء للمرضى، فلكل حالة مَرَضية دواؤها.

وما أريد توضيحه، أن البرمجة هي المحور الأساس والثابت في مجال التقنية، وريادة الأعمال ومسيرة الابتكار، وفي تحليل المخ والأعصاب، فتسلّحت بالصبر والدافع لأحلّل نوع مرضي وأفهمه أكثر، نظراً للشبه الكبير بين التخصّص الأكاديمي في المخ والأعصاب ودراسة ريادة الأعمال.

- هل درست ريادة الأعمال أكاديمياً؟

لم تكن دراسة أكاديمية بمقدار ما كانت دراسة تثقيفية في هذا المجال. لقد علّمت نفسي بنفسي، قرأت، وحلّلت أكثر من 300 كتاب خلال مسيرتي العلمية، وبعد ذلك قرّرت العودة الى السعودية وافتتاح شركتي الخاصة.

- وهل حالفك النجاح من المرة الأولى؟

أسّستُ أول شركة وفشلت، وكان الفشل الذي يسبق النجاح، وعملت في شركة "كريم" المعروفة بالتطبيق العربي والسعودي الذي كبر وتنامى في السوق حتى احتله، لأتعلّم من جديد، وبعدها أنشأت شركتي لريادة الأعمال Blossom "بلوسوم".

- شاركتِ في ملتقى Tedx Women، ما الهدف من تلك المشاركة؟

هدفتُ من تلك المشاركة الى توعية رواد الأعمال وتثقيفهم بحيث سردت قصة مرضي وذكرت التحديات التي واجهتني، والعوائق التي اعترضت طريقي، خصوصاً أن أقصر نوبة صرع كانت تستمر 5 ثوانٍ لا أسمع شيئاً خلالها ولا أتكلم ولا أرى، وأطولها يصل الى دقيقتين، لكن بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم الدواء الذي أصبح ملازماً لحياتي آخذه في الموعد المحدد، ومن ثم ملتقى "تيدكس" Tedx الذي كان الشعاع الذي يضيء طريق رائدات وروّاد الأعمال، لأقول لهم كونوا أنتم، اعملوا وجرّبوا، وأوجدوا الحلول المناسبة لكم لتحققوا النجاح.

- أطلقتِ مسرّعة "Blossom"، ما هي استراتيجية هذه المسرّعة وعناصرها وكيف تخدم روّاد ورائدات الأعمال؟

حين بدأت التفكير بـ "مسرّعة بلوسوم للأعمال"، لم أكن أجد أماكن دعم كافية لجيل الرواد، وبالذات للشابات السعوديات اللواتي يعانين من المعوقات والتحديات، ولجأت الى تأسيس مسرّعة تعطي دافعاً لكل شابة كي تكون واثقة من نفسها، حين تبدأ بتأسيس منشأة خاصة بها، لأقدّم لها الاستشارات في التسويق والأمور المالية والقانونية، وأكون لها "مسرّعة أعمال" بعدما حصلت من هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة على تصريح عمل في المملكة العربية السعودية.

- ما هي فكرة مسرّعة "بلوسوم"؟

عندما تأتيني شابة مؤسِّسة لشركة "كوكيز" على سبيل المثال، وهي لا تزال تراوح مكانها، فلا تتقدّم ولا تحقق أرباحاً، أدرس أخطاءها وأحتضنها لأسرّع أعمالها وأحقق لها ربحاً وفيراً، وأقبل الشابات الجادّات ليلتزمن في التوجيه والدراسة من خلال برنامج مدروس لغاية تخرّجهن في المسرّعة، كي أحقق الأهداف على أكمل وجه، وأوسّع الشركات الناشئة لتأمين وظائف تخدم اقتصاد المملكة العربية السعودية وتحقّق أهداف 2030.

- كلمة "بلوسوم" مأخوذة من معلومات حيوية تتكلم عن انقسام الخلية ونشاطها... أليس كذلك؟

أجل، هي مشتقة من مصطلح علمي، وأخذتها من الازدهار، والمسرّعة "بلوسوم" تعطي الشابات مساحات مجانية لفترة محددة في البرنامج، وأتحمل بعضاً من التكاليف، ريثما يتم التخرّج.

- المبادرة الأخيرة من نظام "Blossom" لرواد ورائدات الأعمال كانت تحت عنوان "على قد الثقة" وانطلقت بالتزامن مع يوم المرأة العالمي، ما الصدى الذي حققته تلك المبادرة؟

الصدى الكبير تحقق بإيجاد وظيفتين جديدتين لشابتين، واحدة في مجال الـ "غرافيك ديزاين"، والثانية في مجال استراتيجية التسويق، وفي الوقت نفسه كان في الفعالية خمس شابات عملنا معهن لتطوير شركاتهن، لأن المبادرة "على قد الثقة" ساعدتهن في الجزء المهني ليتقدّمن في العمل، ذلك أن من أهم أهداف المبادرة زيادة الثقة في النفس، وأن تقدّر كل شابة نفسها، فالثقة بالنفس هي الطريق الى النجاح، وكانت "لها" شاهدة على قصص النجاح التي عرضتها الشابات السعوديات في حفل المبادرة.

- ما الهدف من دعوتك الى منتدى دافوس كأصغر رائدة أعمال سعودية؟

الحكاية بدأت قبل دعوتي الى منتدى دافوس، حين شاهد والدي فيديو على "الواتس آب" لرجل الأعمال الصيني "جاك ما" يحكي فيه قصة نجاحه في دافوس، وهو يمتلك مجموعة شركات تجارية ناجحة على شبكة الإنترنت ويشغل منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة "علي بابا"، كي أطّلع عليه وقال لي: "أدعو لك أن تحضري منتدى دافوس"، فأخذت أمنية والدي على محمل الجد، وأصبحت أفكر في كيفية الوصول إلى دافوس، وأشارك قصة نجاحي كرائدة أعمال سعودية كي أمثّل المملكة وأنا ما زلت أحبو في شركة "بلوسوم".

- كيف وصلت إلى دافوس؟

بعد بحث طويل، عرفت أن هناك مبادرة شبابية من اتحاد المؤتمر الاقتصادي العالمي للرواد المبدعين الذين لم يتجاوزا سنّ الثلاثين. تقدّمت لأكون جزءاً من تلك المبادرة وكلّي ثقة بالفوز، وبعد حوارات ولقاءات عدة مع ممثلي المنتدى في المملكة "جدة هوب"، جاءتني الفرصة للمشاركة في المؤتمر الاقتصادي العالمي، ومن ثمّ تقدّمت الى منتدى دافوس العالمي كشابة تمثّل المملكة، ومدفوعة بطموحها في التقنية، ومعرفتها بعلم المخ والأعصاب، وبعد شهرين تلقّيت دعوة لحضور منتدى دافوس العالمي، ومثّلت المملكة العربية السعودية كشابة صغيرة في مقتبل العمر.

- بمَ كنتِ متسلحة؟

بثقتي، وعلمي، وأبحاثي في المخ والأعصاب، ومؤسّسة شركتي "بلوسوم" مسرّعة الأعمال لتمكين المرأة، والتي عادة ما تكون من تأسيس قطاع حكومي، لكنها قطاع خاص.

- ما الفائدة التي جنتها إيمان من المنتدى؟

المنتدى أعطاني دافعاً كبيراً للنجاح، ومنحني فرصة التواصل والتعارف حيث قدّمني لمثقفين ومفكرين عالميين، كما تعرفت من خلاله إلى مؤسس شركة غوغل Sundar Pitchal، وتحاورت معه وتعلّمت منه.

- ما الذي تعلّمته من دافوس؟

كشف لي دافوس كيف تتم عملية النجاح في قطاع المال والأعمال حول العالم، وبيّن كيف تنمو العلاقات الدولية، كما ساعد في تسريع نجاحي، وتنمية علاقاتي المحيلة والدولية.

- التقيت رؤساء الشركات الكبيرة، ما الأحاديث التي دارت بينك وبينهم؟

التقيت مؤسّس شركة غوغل Sundar Pitchal، تحدّثنا عن النجاح والفشل، واستمعت لقصته بحيث كشف لي كيف يخترع طرقاً للابتكار في شركة غوغل. ومن ثم التقيت "جاك ما" رجل الأعمال الصيني.

- ماذا قال لك "جاك ما"؟

قال لي: "كلما التفّ حول الإنسان شركاء أقوياء، حالفه الحظ، لأن النجاح لا يتحقق إلا بالشركاء الأقوياء، والرجل الذكي هو من يختار الأقوياء في حياته، وقد كنت مؤمناً بذاتي وفكري، ولذلك حققت النجاح".

- كيف عدت من دافوس؟

عدت قوية، واثقة من نفسي، وبدأت رحلة الألف ميل، وحققت الكثير من النجاحات وأوجدت خمس وظائف جديدة لشابات، كما وفّرت 36 وظيفة من خلال الشركات التي عملت على تسريعها، فبين العلم والفكر والسفر تحقق النجاح.

- ما التحديات التي واجهت إيمان خلال تلك المسيرة؟

أبرز التحديات كان أن أكسب ثقة الناس الذين يجهلون طبيعة عملي وما أقدّمه كشابة صغيرة، وألا أقيم وزناً لما يُقال، ولا مكان للاءات في قاموسي طالما أنني متسلحة بالعلم وقوية بالفكر ومتّحدة مع الصبر، وكل ما أقوم به ليس بهدف الشهرة والمال، بل لتحقيق الذات.

- ما هي أحلام إيمان؟

بعدما حكيت قصتي مع داء الصرع في أثناء مبادرة "تيدكس" في السعودية، أتمنى أن أرويها مع "تيدكس" عالمياً، لأكون نموذجاً لكل إنسان، فالمرض لا يقف عائقاً أمام النجاح، وأوثّق سيرتي الذاتية في كتاب ليكون درساً للآخرين، وأرى أن "بلوسوم" من أفضل المسرّعات حول العالم، وأعتبر أن اعتمادي من الشبكة العالمية للمسرّعات حول العالم هو شرف كبير لي وأنا بعد شابة لم أبلغ الثلاثين.

- كيف ترى إيمان نفسها في 2030؟

أرى نفسي أملك رأسَ مالٍ جديداً كي أستثمر بالشركات الناشئة وأسعى لتوسيعها، وأكوّن شبكة بخمسين ألف سيدة سعودية في المجال المهني وأنمّيها بغية التأثير الإيجابي في المجتمع السعودي، وأصنع الفرص الذهبية لتمكين نفسي والآخرين.

- ماذا تقولين للمرأة؟

كوني واثقة من نفسك، ولا تسمحي لأحد بأن يقف في طريقك، ولا تكوني مستهلكة بل منتجة دائماً، تكلمي قليلاً واجتهدي كثيراً.