لولوة الشريف: الموسيقى غذاء الروح والفكر

جدة - آمنة بدر الدين الحلبي 12 مايو 2019
جريئة، طموحة، مثقفة ومبدعة، جاءت من عالم الصحافة والإعلام لتكمل مشوارها الفني متسلحةً بالصوت الجميل، رغم إمكاناتها الموسيقية الضعيفة، لكنها شدّت المجتمع بصوتها الرخيم، وسمعها القاصي والداني في أول مهرجان عام بتصريح من هيئة الترفيه في مدينة الملك عبدالله. "لها" التقت الفنانة السعودية لولوة الشريف التي تغنّي "البلوز والجاز" في حوار سردت فيه قصة نجاحها وكشفت عن خططها في الموسيقى والغناء.


- من الصحافة إلى الغناء... قفزة غريبة أليس كذلك؟

كنت أعمل في صحيفة "مكة المكرمة"، وأغنّي للصديقات، وقبل عام واحد تركت الصحافة واتّجهت للغناء مع فرقة صغيرة، بحيث أتاحت هيئة الترفيه الفرصة للمرأة السعودية كي تقدّم فنّاً جميلاً وراقياً، فوجدت الظرف مناسباً كي أحقق أحلامي كشابة سعودية، تملك طموحاً جامحاً لتصبح نجمة في سماء الإبداع الفني، وغنّيت بعدما كانت المجالات الغنائية حكراً على الرجال في المملكة العربية السعودية.

- أي شعور انتاب لولوة حين اعتلت المسرح ووقفت أمام الجمهور للمرة الأولى؟

كان شعوراً رائعاً حين تحول الحلم إلى حقيقة، لكنه بقي مقروناً بالخوف والرعب، كوني لم أتلقَّ دروساً في فن الموسيقى والغناء في معاهد فنية، بل علّمت نفسي بنفسي، وبمجرد وقوفي على خشبة المسرح، تبدّدت مشاعر الخوف في مهرجان "لَمّتنا" وللمرة الأولى بتصريح من هيئة الترفيه، وارتسمتِ السعادة على وجهي، لأنني أغنّي بشكل رسمي في مهرجان ضمّ كل شرائح المجتمع السعودي.

- كيف تصف لولوة ردود فعل المتلقّين؟

اعتاد المجتمع السعودي على سماع اللون العربي وبعض الأغاني الأجنبية، وأنا غنّيت "البلوز والجاز"، وهو لون من الغناء غير محبّب لدى غالبية الناس، لكنني فوجئت بردود فعل جميلة ورائعة من المجتمع حين أحبّ أفراده هذا اللون، مما شجّعني وعزّز ثقتي بنفسي للاستمرار في هذا اللون من الغناء.

- بعد نجاحك في مهرجان "لمّتْنا"، ما الذي تخطّطين له؟

فرقتنا الموسيقية مكوّنة من سكسافون saxophone وبيانو piano وبيس bass ودرامز Drums وغيتار guitar. نتدرّب باستمرار لنترافق في كل حفل وكل مهرجان، وكان آخر حفل غنّيت فيه وحقق صدى كبيراً، في مهرجان الغولف العالمي في مدينة الملك عبدالله، وقد حضرته حشود جماهيرية ومتسابقو الغولف العالمي من الشباب الذي يعشق هذا اللون من الغناء.

- لو طُلب من لولوة أن تغنّي في المقاهي والفنادق، هل توافق؟

أوافق، وبكل سرور ألبّي الدعوة لإسعاد الناس جميعاً، وأوصل إليهم مشاعري وأحاسيسي، لأن الموسيقى غذاء الروح والفكر.

- ماذا ارتديت في مهرجان الغولف العالمي؟

ارتديت سروالاً فوقه ثوب طويل مزركش لأبدو أنيقة وحضارية ومحتشمة، فأنا أغنّي لأُسعد الناس وأُدخل البهجة إلى قلوبهم.

- إلى جانب التدريبات التي تقومين بها بمفردك، هل تتلقين بعض التعليمات الخاصة بهذا اللون الغنائي؟

ثقافتي ضعيفة في هذا المجال لعدم دراستي الأكاديمية، لكنّ أصدقائي الموسيقيين يملكون خبرة واسعة في هذا اللون الغنائي، نعزف معاً لنتعلّم ونعلّم بعضنا بعضاً، طالما فُتحت المجالات أمامنا بفضل حكومتنا الرشيدة وقيادتنا الحكيمة لنحقق ما نصبو إليه.

- هل تغنّين باللغة العربية لبعض النجوم؟

كنت أغنّي للأسطورة السيدة فيروز، و"كوكب الشرق" أم كلثوم، وأخطّط لأغنّي "البلوز والجاز" باللغة العربية الفصحى، كي أقدم رؤية موسيقية جديدة في عالم الفن.

- وهل تملكين رؤية لدمج الآلات الموسيقية العربية مع تلك الغربية؟

لدي رغبة جامحة في دمج آلة العود مع الآلات الموسيقية الغربية، وهي الآلة التي كان يعزف عليها والدي رحمه الله، وأحب القانون حين يصدر أصواتاً موسيقية رائعة، لكن تنقصني الدراسة الأكاديمية، وأنا ما زلت أحبو في المجال الموسيقي، وأفتقر الى المعلومات الموسيقية، لذلك أجتهد وأثقّف نفسي لأقدّم عزفاً جميلاً.

- إلامَ تحتاجون في الفرقة الموسيقية؟

كفرقة موسيقية صغيرة، نحتاج الى شركة تتبنّى مشروعنا وتساعدنا لنمضي في الطريق الموسيقي الصحيح، حتى نتمكن من الدمج الموسيقي.

- ماذا تعلّمت من والدك؟

كنت أنصت لعزفه وأحلم بالغناء، حين كان يعزف "الدانات المكية"، وهي أغانٍ عربية حجازية للموسيقار الراحل طارق عبدالحكيم، والفنان الراحل طلال مداح، رحمهما الله، لكنني عجزت عن تأدية المقام الحجازي لصعوبته.

- هل هناك من يغنّي معك في الفرقة الموسيقية؟

عازف الغيتار ياسر حواري يغنّي معي أحياناً.

- ماذا تمنحك الموسيقى؟

تمنحني الحرية والسعادة، وتعطيني طاقة إيجابية، وتساعدني على تخطّي الآلام التي أشعر بها في بعض الأحيان. فالموسيقى سحر جميل، يسرقني لأغوص بين مفرداته، وأحلم بتعلّم أبجدياته، في الحزن أصادق الموسيقى، وفي الفرح أعيش معها، لأنها تتكرر في الحياة اليومية، أسمعها في تغريد الطيور، وفي هديل الحمام، وفي حفيف الأشجار، وفي خرير المياه، وفي صوت الإنسان الذي يصدر بإيقاعات مختلفة.

- أي مكان تهوى لولوة الغناء فيه؟

البحر هو المكان الذي أهوى الغناء بالقرب منه، لأشم رائحته وأسمع تلاطم أمواجه، لذلك غنّيت في مناسبات كثيرة عند شاطئ البحر.

- ما هي أحلامك؟

أحلم بأن يكون لي ألبومي الخاص، من تأليف وتلحين وإيقاع الفرقة الموسيقية، بمساعدة من إحدى شركات الإنتاج، وأن أكون ملهمة للشابات الصغيرات مهما كبُرت أمامهن العوائق. ربما لست جميلة أو رشيقة، لكنني أصرّ على أن أكون نجمة في سماء الغناء وأحقق ما أصبو إليه، فأنا مثلهن تخطّيت كل العقبات ووقفت على المسرح بجرأة وغنّيت في مجتمع كان الغناء فيه حكراً على الرجال.

- ما هي التحديات التي واجهتك؟

واجهتُ تحديين: الأول كيف أستطيع تغيير نظرة المجتمع، وأقنع الناس بأنني أملك موهبة الغناء، وأحب أن أغني لأنمّي موهبتي وأسعدهم بصوتي، وليس للاستعراض.

أما التحدي الثاني فيتمثل بكوني مطربة تغنّي في فرقة موسيقية كل أعضائها من الشبان، وتجمعنا الأخوّة والصداقة والتقدير والاحترام.

- ماذا تقول لولوة للمرأة السعودية؟

أنت قادرة ومن أقوى النساء في العالم، لأنك عشت في مجتمع صعب له عاداته وتقاليده، ويمكنك تخطّي كل الصعاب مع الانفتاح الذي حققته حكومتنا الرشيدة، فأنت الأم العظيمة التي أنجبت وربّت وعلّمت.