في مبادرة هي الأولى من نوعها MBC الأمل تُدخل "أصحاب الهمم" سوق الإنتاج التلفزيوني

بيروت - ميشال زريق 18 مايو 2019
كانت دولة الإمارات العربية المتحدة أول من استبدل لقب "ذوي الإعاقة" بـ"أصحاب الهمم" منذ عامين، ليُصبح المصطلح معتمداً رسميّاً في عدد من دول العالم، وقد ساهم هذا التعبير في إحداث تغييرات كثيرة في ما يتعلق بهذه الفئة المجتمعية، لا سيّما على صعيد انخراط أفرادها في سوق العمل في شتّى المجالات، إلى أن أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات وحاكم دبي، السياسة الوطنية لتمكين هذه الفئة ودمجها في المجتمع ضمن 6 محاور، هي: الصحة وإعادة التأهيل والتأهيل المهني والتشغيل ومحور التعليم ومحور إمكانية الوصول ومحور الحماية الاجتماعية والتمكين الأسري، ومحور الحياة العامة والثقافة والرياضة.


ذوو الهمم في الإنتاج التلفزيوني

هذه الإنجازات انعكست على عدد من الدول العربية، وعلى رأسها مصر التي أعدّت ودرّبت أوّل مذيعة مصابة بمتلازمة "داون"، واسمها رحمة خالد حسين، وهي بطلة باراليمبية حصلت على 170 ميدالية في بطولات السباحة وتنس الطاولة، تخرجت في كلية السياحة والفنادق، وحصدت لقب المرأة الأكثر تأثيراً لعام 2015. وفي المجال الإعلامي أيضاً، استطاعت مجموعة MBC ومبادرة MBC الأمل، إدخال فئة People of determination، أي أصحاب الهمم في أحدث وأضخم إنتاجاتها من خلال تجربة ميدانية فريدة، أبطالها 8 من ذوي الهمم، عاشوا أسبوعاً كاملاً تفاصيل إنتاج والتحضيرات لحلقة نصف نهائيات برنامج Arabs Got Talent، في استوديوات المحطة في بيروت.

تركّز MBC الأمل، وهي ذراع المسؤولية الاجتماعية لمجموعة MBC في مختلف أنشطتها على تمكين الشباب، ودعم رواد الأعمال الشباب والموهوبين من خلال تنفيذ برامج على أرض الواقع وطرحها عبر مختلف شاشات المجموعة، وكان من ضمنها التعاون مع فريق إنتاج برنامج Arabs Got Talent، لدمج عدد من الأطفال من مختلف الحالات والبلدان العربية وجمعيات عدة ومنحهم فرصة دخول عالم التصوير والكواليس والمطبخ الإعلامي على مدى سبعة أيام، حيث شاركوا فريق العمل في التدريب على أسس الإعلام والتصوير كهندسة الصوت والإضاءة وتقديم البرنامج والإخراج، وكل هذا بهدف إظهار طاقاتهم الإيجابية ومنحهم منصة لاكتشاف قدراتهم ومواهبهم.

مريم فرّاج: خطوة إيجابية

في سوق العمل

مديرة قسم المسؤولية الاجتماعية في مجموعة MBC مريم فرّاج، أشادت بالتوأمة بين قطاعيّ المجموعة الإنساني والإنتاجي، وعبّرت عن سعادتها الغامرة بوجود عدد من الأطفال من دول عربية مختلفة من مصر ولبنان والأردن والمملكة العربية السعودية، لعيش أول تجربة ميدانية بعيداً من أجواء المرح والتسلية والزيارات التقليدية الاستكشافية، وكان هدفها العمل واكتساب الخبرات واكتشاف الميول في مجال الإعلام. وهذا العمل الشبابي في رأي فرّاج يُعطي الشباب دفعاً إلى الأمام ويحثّهم على الاختلاط بالمجتمعات المحيطة والانخراط في مجالات البيئة الحاضنة. وأضافت مريم فرّاج في حديثها مع "لها": "أجمل شيء أن ترى الابتسامة على وجوه الشباب وهم يقولون لنا شكراً لقد حقّقتم حلمنا بإدخالنا كواليس التلفزيون وجعلنا نتدرّب لنلتحق في ما بعد بإذن الله بالعمل الإعلامي".

وشدّدت مريم فراج على أنّ هذه الخطوة إيجابية جدّاً في تطوير وتوسيع نطاق تغطية سوق العمل وتلبية حاجاته بالتنوّع والاختلاف، منوّهةً بأنّ لكلّ شخصٍ موهبة وهواية، لا سيّما أصحاب الهمم الذين يتميّزون بقدراتهم وكفاءاتهم العالية في مجالات عدّة، والأهم اليوم هو تعزيز وجودهم في المجتمع، فهم جزء مهم جدّاً منه ولهم دور بارز فيه، ويأتي دور الجمعية والمبادرات الإنسانية في تغيير المفاهيم القديمة والعمل على دمج أولئك الأفراد بالمجتمع، وذلك يبدأ باستبدال المصطلحات التقليديّة القديمة بعبارة "أصحاب الهمم" حيث إنّ لهم الحق في أن يكونوا أفراداً فاعلين في المجتمعات العربية كافة، وبالتالي محرّكاً للعجلتين الاجتماعية والاقتصادية، وأضافت فرّاج قائلةً: "هذه الخطوة الأولى في مشوار الألف ميل، المهم اليوم أن نستمر في هذا النهج لنشجّع الشباب على السعي لتحقيق أحلامهم وعدم الاستسلام لظاهرة التنمّر المجتمعي أو التفرقة التي يعيشها الكثيرون... اليوم نحن في كواليس Arabs Got Talent، وقد استطعنا أن نُثبت فعلاً أنّ العرب وأصحاب الهمم يتمتعون بمواهب عدة".

تجربة مستقبلية

من بين الشباب الذين حضروا، لفتت انتباهنا ياسمين الوزير من الأردن، والتي تقول إنّ حلمها بأن تُصبح مذيعة على شاشة التلفزيون يُراودها منذ سنوات... وتؤكّد مريم فراج أنّ متلازمة "داون" أو أي إصابة مرضية أخرى لن تعترض طريق هذه الشابة الطموحة، والتي عملت طوال أسبوع كامل بجدّ وكدّ حتى أظهرت اهتماماً كبيراً بشؤون مرافقة المذيعين والتنسيق لتحضير الحلقة. كما تحدّثنا إلى الشابة اللبنانية إليسا حريق المصابة بمتلازمة "داندي ووكر"، والتي عبّرت عن سعادتها بهذه التجربة قائلةً: "سمحتلنا هيدي الفرصة نعيش حلمنا ولو ليوم واحد... بدنا نفرجي العالم إنو نحنا بنقدر نوصل وبنقدر نحقق كل شي منحلم فيه"، منوّهةً بحبّها للتصوير ورغبتها في تعلّم تقنيات متطوّرة في هذا المجال، حيث إنّها اليوم تتابع دراستها في التصوير الفوتوغرافي في أحد معاهد لبنان الخاصة.

تشدّد مريم فرّاج على مبدأ التزام أصحاب الهمم بالمهمات الموكلة إليهم، فهم دقيقون في ما قاموا به وحريصون على أدقّ التفاصيل. وعندما سألناها عن إمكانية ظهور مذيعة من أصحاب الهمم على إحدى شاشات MBC، ردّت قائلةً: "هذه الخطوة ليست غريبة أو مستبعدة عن مجموعتنا، فنحن نحاول قلب كلّ المقاييس التقليدية لإيجاد الفرص المناسبة لدعم الشباب العربي وتمكينه، التجربة اليوم استغرقت وقتاً طويلاً من التفكير والتخطيط، لا سيّما عندما تتعامل مع فئة من المجتمع تضجّ بالحيوية والنشاط ولديها شغف كبير، وفعلاً نحن نرى الأمل في كلّ مكان وفي كلّ نشاط نقوم به".