"جدتي تفقد الحلم"

30 يونيو 2019
يمثّل الحلم آلية بنائية سردية مهمة في مجموعة "جدتي تفقد الحلم" وقصص أخرى للأديبة الفلسطينية الدكتورة نجمة خليل حبيب، الصادر عن الدار العربية للعلوم- ناشرون، فهو هنا إحدى آليات بناء العمل القصصي الإبداعي مع التذكّر والتجربة. إذ استطاعت المؤلفة عبر بنيتها الحليمة أن تؤشر الى أبعاد تجربة شخصيتها البطلة (الجدة)، بالارتكاز على بنية نصية ذات ملامح خاصة قائمة على إيجاد عالم بديل يمكن أن يحقق انفراجاً في أزمة الشخصية وتحقيق ما عجزت عنه في الواقع. "في الحلم كان يرجع عليّ كل ليلة، كأنه لم يمت، كأنه كان مسافراً وعاد، وعادت معه اللهفة والشوق". هكذا تتشكل أبعاد الشخصية البطلة في القصة عبر رغبة معطلة غير قابلة للتحقق، وبين الحلم الذي يوفر الامكانات كلها لتحقيق ذلك "ماذا افعل لأعيد الحلم الى حياتي!؟ ... يا رب! حلم واحد، حكم واحد فقط، حتى ولو كابوس..."، بهذا الاشتغال تكشف الكاتبة/ الراوية عن الدور التعبيري للحلم بوصفه تجربة شعورية خاصة يمكن استدعاؤها الى منطقة الوعي للشخصية الإنسانية وعيشها كتجربة مرئية متكاملة.

أما القسم الثاني من المجموعة والذي حمل عنوان "ذاكرة عشوائية" فتعبر عنها المؤلفة بالقول: "هي ذاكرة عشوائية، مزج غير بريء بين السيري والمتخيل. نسيج يدمج الصورة الشعرية اللماحة المترفة بلغة العادي واليومي والمبتذل. هي ذاكرة عشوائية لأنها تنتقي من الزمان والمكان ما يروق لها لا ما يروق لمنظري النظريات في فن القص أو السيرة". ويضم هذا القسم من المجموعة 1- "ذاكرة تتنفس في طائرة كوانتس"، 2- "ذاكرة تتنفس فوق سرير أبيض"، 3- "جدي أبو زكي"، 4- "ما لمع لم يكن ذهباً"، 5- كم كان العبور صعباً". في هذا القسم تستعيد المؤلفة في كل قصة منه، زمن النهوض الفلسطيني في الأدب مع "محمود درويش" وزمن الثورة مع أبو عمار وآخرين، وتتابع لتستعيد زمناً آخر للنكوص: اشتباكات بين فتح وحماس. مجزرة في بيت حانون... مشاهد من الوجود الفلسطيني في لبنان، اجتياح بيروت، حرب الميليشيات، وغيرها.

وفي القسم الثالث من المجموعة قصص قصيرة جداً تحضر فيها هموم الكاتب والكتابة وتجربة المؤلفة الصحافية وذكريات من أصدقاء الأمس. "وصال رؤوف"، "غسان كنفاني"، "وليد مسعود"، "جبرا ابراهيم جبرا"... وآخرون حوّلت المؤلفة جراحهم وآلامهم إلى حكايات تروى.

ويأتي القسم الرابع والأخير في المجموعة بعنوان "وجدانيات"، تتبع فيه المؤلفة أسلوب (القصة القصيدة). حيث تصبح الشخصية البطلة في كل قصيدة هي الراوي وهي الأداة البنائية المركزية في القصيدة.