مخرج مسرحية 'السقوط' محسن العلي...

المهرجان القومي للمسرح المصري, دريد لحام, خلافات عربية , المجتمع العربي, مسرحية, محسن العلي

17 أغسطس 2011

أثارت  تجربة المخرج المسرحي العراقي  الدكتور محسن العلي مع الفنان دريد لحام في مسرحية «السقوط» أسئلة متعددة كونها جاءت قبل أن تشتعل الثورات العربية، لتعلن إن المسرح قادر على قراءة المستقبل من منظار ثقافي أدبي فني.  ولعل الفنان العلي بما يتميز من حنكة ودراية في توصيف إعماله المسرحية، وجد في الفنان دريد لحام منجماً من الأفكار التي تسير وفق منهجه وأسلوبه. حققت مسرحية «السقوط» التي عرضت في الدوحة رواجاً جماهيرياً كبيراً، على أمل إن تتنقل إلى بلدان عربية أخرى. لكن مع الوقت يبدو انه أصبح من المستحيل عرضها الآن، لكونها منشوراً سياسياً، تتخذ من التاريخ منصة لأفكارها، تسقط على الواقع وتتلمس حقائقه. في هذا الحوار نقطع تذكرة لدخول مسرحية «السقوط» مع المخرج محسن العلي...


- هل كانت مسرحية «السقوط» تتوقع ما يحدث اليوم في الوطن العربي؟
الدور الحقيقي للفنان هو استشراف للمستقبل وما يحدث من تراجع ونكوص في الواقع العربي وتغييب دور الجماهير. وعلى الفنان المساهمة في العملية التثويرية والتنويرية. أيضا كان هناك قلق محسوس لصاحب فكرة المسرحية هاشم السيد الذي كان يتوقع هذا السقوط.

- وهل باتت هناك مشكلة في إعادة عرضها في بعض العواصم العربية؟
ليست هناك من مشكلة في عرضها في بعض العواصم العربية. إلا أن البطل الحقيقي موجود في الشارع يقوم بدوره اليوم كما  نقدمه على المسرح في العرض، ونحن نعكس ما يريد وسنلتحم معا ونقدم عروضنا له حيثما يكون.

- وهل حققت المسرحية جزءاً من رسالتها؟
عُرضت المسرحية في قطر في مقر الجهة المنتجة وهي «ايكو ميديا»، والعرض يتناغم بما يحصل بشكل كبير مع الإحداث التي تشهدها الأمة العربية، حيث أن مسرحية «السقوط»  وهي من تأليف دريد لحام وعلاء الدين كوكش وعمر حجو، تتناول بأسلوب الكوميديا الساخرة الأوضاع والخلافات العربية الحالية من خلال مجموعة لوحات تحمل كل منها عنوانا معينا مثل «مؤتمر القمة»، «تنوير المدينة»، «المواطن والكلب»، «ترويض»، «طارق بن زياد»، «عرب 2050″»، «المفاجأة» و«بالروح بالدم»... كما تختتم المسرحية لوحاتها بروح من الأمل والتفاؤل بأغنية «أحلف بسماها وبترابها» التي يؤديها المشاركون بطريقة جماعية.

- يقال إن للمسرحية دورا ترفيهيا أكثر منه سياسيا؟
العرض المسرحي كان على شكل احتفالية ضمن المأساة الضاحكة، فالإنسان يعيش مواقف كثيرة وفكره مزدحم، لذلك تأتي المسرحية من واقع الإنسان العربي وما يعيش في حياته اليومية. والموضوع مثير للجدل لأن "السقوط" يتعلق بالأوضاع السياسية المتردية وتراجع مفاهيم الدفاع عن الوطن، فالموضوع يتسم بالجرأة في الطرح والأبطال هم المشاهدون، وبناء عليه ستكون هناك صعوبة على الممثل والمخرج والمؤلف في طرح القضايا بشكل يقنع الجمهور. لقد طرحنا المواضيع بشكل عام ونركز على التناقضات، لأن الضحك ليس على الشخصيات ولكن على المواقف، وهو ما نتركه للمشاهد لفهم الموضوع.

- محسن العلي كيف يحدد منهجيته بين أسلوبه الإخراجي والحداثة التي كانت عليها مسرحية «السقوط»؟
المسرحية تقودنا إلى أجواء كثيرة، فهي تحمل الطابع السياسي، وقد تعمدنا الابتعاد عن الشكل الواقعي واتجهنا إلى التجريد والإيحاءات الرمزية، فالمسرحية عبارة عن لوحات فنية متصلة ترصد الأوضاع العربية الحالية بشكل كوميدي ساخر. نعم لقد تخليت عن الشكل التقليدي القائم على كثرة الديكورات والإكسسوارات وركزت أكثر على الرمز والممثل ليعطي الإيحاءات الزمنية والمكانية. لكن أحيانا قد لا تصيب في تطوير الحدث الدرامي تصاعديا من خلال ترك المساحة الفارغة في إعطاء دلالات للحدث. أنا لا أقدم هنا مسرحاً بواقع اجتماعي، بل أقدم نقدا اجتماعيا بواقع سياسي، لذلك ففي المسرح طالما أنت قادر على انتزاع العقل من المتفرج للتفكير، فانك تصل الى النقطة التي انطلقت منها.

- هل باتت الغربة هاجسا يقلق الفنان العراقي المهاجر؟
الغربة هي الوطن المنشود والأمل الضائع في حلم الخلاص من الانتظار لرؤية وطن حقيقي. نحن محصورون في الهجرة بفعل دجل وكذب السياسيين والمنتفعين وسرقة أمانينا وطموحاتنا. إننا كفنانين رصيدنا الأول جمهور الوطن ونحن بعيدون عنه جسدا فقط، إنما نحن في ضميره ولن نتوقف  طالما لدينا قدرة.

- وهل كان للموضوع العراقي حيزٌ في «السقوط»؟
لم يغب العراق عن المسرحية إطلاقا.

- يعاني المسرح العراقي اليوم من ضعف في تواصله مع جمهوره. هل تعتقد إن السبب في الفنانين أنفسهم أم غياب وعي السلطة لدور الفنان والمسرح والثقافة؟
المسرح العراقي متواصل بفضل جيل من الشباب المبدع الذي لم يتوقف عن التواصل رغم الأوضاع الشاذة وغياب حضور الجمهور بشكل ملحوظ. أما وعي السلطة لدور المسرح فهذا واقع معاش ونفهمه لأن المسرح لم يتصالح مع أي سلطة، فما بالك بسلطة تستهجن المسرح وطموحها إلغاء دراسة الفنون وإظلام المسارح ورفضها إعادة بناء صالاتها، وكل هذا دفع الشباب المسرحي للتألق في عروضهم.

- هل أصبح التلفزيون وثقافة المسلسلات بديلاً لمحسن العلي عن المسرح ؟
أنا  منذ البداية كنت ومازلت أوازن عملي مابين التلفزيون والمسرح، إنما الغربة جعلت التلفزيون يتفوق ولو خلف ستارة، ولكني قدمت عروضاً مسرحية آخرها «السقوط» وهي بطولة دريد لحام وفرقة تشرين، ومسرحية «بقعة زيت» تأليف وتمثيل محمود أبو العباس، ولدي مشروع مسرحي جديد مع صديقي الكاتب فلاح شاكر.