عامٌ على الحلم الذي تحوّل إلى حقيقة... محطات بارزة في قرار قيادة المرأة السعودية للسيارة

ميشال زريق 29 يونيو 2019
لم يكن يوم الرابع والعشرون من حزيران/ يونيو 2018، يوماً عاديّاً بالنسبة الى السعوديات، حيث تحوّل حلم القيادة في شوارع المملكة إلى حقيقة، مع دخول قرار خادم الحرمين الشريفين السماح للمرأة بقيادة السيارة حيّز التنفيذ، وذلك ضمن منظومة ومشروع رؤية 2030 التي تهدف إلى تطوير المجتمع السعودي وتمكين النساء في شتّى المجالات. ومع انقضاء العام الأول على تطبيق القرار، وصدور نتائج العديد من الدراسات والمشاريع الوطنية التي تشير إلى ارتفاع نسبة الراغبات في تعلّم القيادة إلى 66 في المئة، نتشارك معاً أبرز المحطات في قرار قيادة المرأة السعودية للسيارة وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية.


أول رخصة: رخصة "أحلام"

قرار قيادة المرأة للسيارة شغل العديد من وسائل الإعلام، لا بل شكّل تسلّم الشابة السعودية أحلام آل ثنيان رخصتها كأول امرأة سعودية الحدث الأكبر، حيث تداول نشطاء السوشيال ميديا صورةً لضابط في الشرطة وهو يسلّمها رخصتها، وتوالى بعدها إصدار الرخص وتبديل أخرى للنساء اللواتي حزن سابقاً رُخصاً أجنبية، فاستطعن معادلتها والحصول على رخصة محلية. وفي السياق نفسه، أصدرت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية دراسة أشارت فيها إلى انخفاض عدد السائقين الأجانب لدى الأسر السعودية بنسبة 7 في المئة نهاية العام 2018، بعد صدور قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، حيث أصبحت نسبة العمالة في هذا المجال 1.3 مليون، مع دخول 181 سائقة أجنبية مجال القيادة على أراضي المملكة.

مدارس تعلّم القيادة

مشهد قيادة النساء لسياراتهنّ في شوارع الرياض وجدّة والدمام بات أمراً مألوفاً، وجارٍ اليوم تعليم عدد كبير من النساء القيادة استعداداً لتسلّمهنّ رخصهنّ والجلوس خلف مقود السيارة، فقد افتتحت السلطات المختصة مدارس لتعليم النساء القيادة بين جازان والطائف وتبوك وجدّة، وكانت الحصّة الأكبر للمدرسة السعودية للقيادة الواقعة داخل حرم جامعة الأميرة نورة، والتي وُصِفَت بالأكثر تطوّراً وتميّزاً مع ضمّها أكثر من 750 مدرّبة ومئات السيارات. وقد شهدت المدرسة تسجيل 160 ألف راغبة في تعلّم القيادة. وفي موازاة ذلك، يلفتك أنّ العديد من السيدات بدأن بإقامة احتفالات خاصة عند تسلّمهنّ رخص القيادة.

إنجازات نسائية

قيادة المرأة السعودية فتحت شهية النساء الرائدات في مجالات شتّى على المشاركة في أنشطة محلية فاعلة، فقد استطاعت السعودية أمجاد العمري أن تحرز لقب أول بطلة سباق كارتينغ للنساء في المملكة العربية السعودية، وحصلت على 5 آلاف ريال سعودي كمكافأة، فيما تلتها إيناس حمزة ولمياء الحسين، وذلك بعد أن خضن الجولة النهائية على حلبة "إن تن سو" في جدّة تحت رعاية الاتحاد السعودي للسيارات والدرّاجات النارية، وسط السعي للقيام ببطولة ثانية لفتح المجال أمام الطاقات الشبابية. وقد وصفت العمري التجربة بأنها من أمتع المنافسات التي خاضتها، معبّرةً عن تفاؤلها بجيل جديد قوي من البنات السعوديات اللواتي سينافسن في كل الرياضات على مستوى العالم.

وتأكيداً على هذا التصريح، فقد شارك فريق من الطالبات من جامعة الفيصل في إحدى مسابقات الماراثون البيئي في ماليزيا، من خلال صنع سيارة نموذجية. الفريق مكوّن من 7 فتيات تعاونّ في المشروع، وذلك في سعيٍ حثيث لمواكبة أهداف رؤية 2030 وتمكين المرأة ورفع مستوى الاقتصاد، وسلّطن الضوء على طريقة خفض استهلاك الوقود من خلال نموذج سيارة صديقة للبيئة، وتُشغّل باستخدام مادة "الإيثانول".

هذا وقد برزت في السعودية في الفترة الماضية مجموعة أسماء محلية في مجال رياضة المحركات، فضلاً عن إقامة أنشطة وسباقات محلية، ففازت ريما الجفالي ببطولة "فورمولا أربعة" في إنكلترا، فيما رفعت ريم العبود الراية الخضراء عالياً كونها أصغر متسابقة في سباق "فورمولا إي".

انخراط النساء في عالم المحرّكات

ومن مظاهر انخراط النساء السعوديات في عالم القيادة والمحرّكات، انطلاق المعرض الدولي الثاني لمستلزمات السيارات للمرأة في الظهران تحت شعار "طريقك أمان"، من أجل رفع مستوى التوعية بالسلامة المرورية، حيث تُعرّف أجنحة المعرض النساء على أهم الأنظمة واللوائح، والجديد في عروض مستلزمات السيارات من القطاع الخاص. وكان لافتاً مشاركة القوات الخاصة لأمن الطرق في المعرض بجناحٍ يقدم التوجيهات والنصائح للسيدات، ويعرّف على أحدث أجهزة الرصد الآلي المُثبتة في الطرق، والتي تهدف إلى تأمين السلامة لقائدي المركبات. ويبدو أنّ حماسة السعوديات لم تقتصر فقط على الجلوس خلف المقود، إنّما شملت أيضاً المشاركة في سوق العمل الخاص بالمركبات والسيارات، حيث انتشرت ظاهرة توظيف النساء في متاجر بيع قطع غيار السيارات، وهو ما كان غائباً عن السوق في السنوات الماضية، إذ تسعى الكثيرات لاكتساب مهاراتٍ شتّى في هذا المجال والتمتع بالإلمام الكافي.