الأمير سلطان بن عبدالعزيز... ستة عقود من العمل الإنساني والخيري والاجتماعي

نشاطات انسانيّة, جمعيات خيرية, الأمير سلطان بن عبد العزيز, أعمال خيريّة, جائزة فارس العطاء العربي, نقابة التمريض المصرية, العمل الخيري, تأهيل طبي

06 فبراير 2012

أحدث الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله تحولات جذرية في مفاهيم الأعمال الخيرية والإنسانية خلال حياته، إذ دأب منذ سنوات باكرة من عمره على المشاركة بفعالية في ميادين الأعمال الخيرية والإنسانية والاجتماعية على المستويات المحلية والعربية والعالمية، حتى تبنى في العام ١٩٩٥ مشروعاً إنسانياً عملاقاً، هو مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية التي  سعى من خلالها إلى تقديم خدمات إنسانية واجتماعية وتربوية وثقافية داخل السعودية وحول العالم، وبلغ عدد المستفيدين من خدماتها 100 ألف إنسان.


بدأت مؤسسة الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية أعمالها الخيرية برؤية أساسية، وهي أن تكون صرحاً رائداً في تقديم  خدمات إنسانية مميزة للمجتمع. وتتفرع مشاريع المؤسسة إلى أقسام رئيسية عدة لتقديم الخدمات الطبية والعلمية والتقنية والتربية الاجتماعية من خلال مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية، ومركز سلطان بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية وبرنامج سلطان بن عبدالعزيز للتربية الخاصة  و برنامج  سلطان بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية والعربية ولجنة سلطان بن عبدالعزيز للإغاثة الخاصة.
قال «سلطان الخير» عند انطلاق المؤسسة إن «العمل الخيري والإنساني الذي نتشرف بالقيام به لوجه الله تعالى، يتطلب بذل الجهود الصادقة والمخلصة وتسخير كل الإمكانات ليؤدي هذا العمل النتائج الإنسانية المرجوة منه، والتي تتطلع إليها كافة الشرائح المستفيدة من هذا العمل».

وأضاف: «إنني وأبنائي وأعضاء ومجلس الأمناء ومنسوبي المؤسسة وفروعها، نحتسب إلى المولى عز وجل كل جهد نقوم به، ومهما بذلنا من جهد، فإننا نتطلع إلى المزيد تجاه المجتمع بكافة شرائحه، حتى تؤدي هذه المؤسسة رسالتها السامية».
وركزت المؤسسة جهودها  في المشاريع والبرامج التي تساهم في تقديم خدمات إنسانية مميزة للمجتمع، شملت المشاريع والبرامج الصحية والتعليمية والتقنية، ومشاريع الإسكان الخيري، إضافة إلى المساعدات الإنسانية المختلفة. وإيماناً من الرئيس الأعلى للمؤسسة، بأهمية إيجاد آلية مؤسسية لضمان استمرارية خدمات المؤسسة وتطويرها، فقد وجه في شهر رمضان من عام ١٤٢٥ وخلال ترؤسه اجتماع مجلس أمناء المؤسسة في مكة المكرمة، بتأسيس مؤسسة «باذل الخير» لتكون ذراعاً  استثمارية للمؤسسة تمول أنشطتها. وأوقف جميع ما يملك ما عدا البيوت التي يسكنها لمصلحة مؤسسة باذل الخير.


أمير الخير: ساعد الناس...  لــ «يساعدوا أنفسهم»

تبلورت رسالة أمير الخير «مساعدة الناس ليساعدوا أنفسهم» في شكل واقعي من خلال «مشروع مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية»  النهضوي، الذي هيأ بيئة اجتماعية وصحية وتعليمية متطورة ساهمت في صناعة واقع ومستقبل جديدين لقطاع كبير من أبناء المجتمع، إضافة إلى العديد من المشاريع التي تعمل على تحقيق رسالة المؤسسة والتي تتوزع بين الثقافي والتوعوي والتأهيلي والعلاجي.
أضحت هذه المؤسسة، خلال أعوام قليلة صرحاً رائداً في برامج البذل والعطاء على مستوى البلاد، حتى دلفت باب العالمين العربي والإسلامي خارج الحدود، تطبيقاً لرسالة هذا الوطن، باعتباره رمز العرب والمسلمين، وتطبيقاً عملياً عن الدين القويم الذي يحض على الإحسان حتى لغير المسلمين ما داموا مسالمين غير معادين.

تعمل المؤسسة، على توفير الإمكانات اللازمة لإجراء الأبحاث في مجال الخدمات الإنسانية التي تقدمها المؤسسة، والدراسات الأكاديمية والتطبيقية في كل المجالات المتصلة بالإعاقة والشيخوخة المبكرة وأمراضها، ومعرفة أسبابها والعمل على تلافيها والحد من آثارها، وذلك بالتعاون مع الجامعات والمعاهد المتخصصة في هذا المجال، وتقديم هذه البحوث والدراسات إلى الجهات الحكومية المعنية والمؤسسات والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية التي تعنى بهذه الخدمات، وإيجاد نوع من التعاون بينها وبين المؤسسة، وتبادل المعلومات والخبرات وإقامة علاقات علمية وتقنيةا. ومن أهداف المؤسسة، توفير الرعاية الاجتماعية والصحية والتأهيل الشامل للمعوقين والمسنين من الجنسين، أو أي حالات أخرى يرى مجلس الأمناء شمول الخدمات لها وذلك وفقاً للشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية.

إضافة إلى إيجاد دور للنقاهة والتأهيل والتمريض، وتوفير الإمكانات البشرية والتجهيزات المعملية والإكلينيكية على مستوى من الكفاءة والقدرة.
كما تشمل الأهداف العمل على نشر الوعي بضرورة استخدام وسائل ومستلزمات الرعاية المنزلية والاجتماعية للمعوقين والمسنين والمساعدة على توفيرها كلما تطلب الأمر ذلك، وكذلك نشر الوعي للتعرف على مظاهر الشيخوخة المبكرة والعجز البدني والعقلي بشكل يحول من دون حصولها، أو التقليل منها بالوسائل المناسبة. وتوفير الأجهزة التعويضية والمساعدة التي تساعد المعوقين والمسنين على التكيف مع ظروفهم، ومحاولة وضع كل الإمكانات والوسائل المساعدة لجعلهم في وضع سوي أو على الأقل التخفيف من معاناتهم، حتى تتهيأ لهم سبل المشاركة في الحياة مع غيرهم من الأسوياء والأصحاء.


مؤسسته الخيرية نالت لقب أفضل «منظمة إنسانية»

تبهر مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية كل من زارها أو حتى سمع عنها، لما تتمتع بها من إمكانات تعمل وفق كفاءة ومنهج إنساني عالي الاحترافية، إذ حصلت على جائزة أفضل منظمة إنسانية على المستويين العربي والإسلامي بشهادة منظمة المحسنين الدولية ومقرها العاصمة البريطانية.
واستندت حيثيات القرار الموضوعي إلى معايير صارمة اشتهرت المنظمة الدولية بالتزامها، وتتصدرها: كفاءة الأداء وشفافية العمل وأصالة الأهداف الإنسانية ونسبة التبرعات ومعدل وصولها إلى مستحقيها الفعليين.

كما تتنافس للحصول على هذه الجائزة المعنوية المحترمة كبريات المؤسسات والشخصيات الخيرية في العالم.

لقد قفزت مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية التي تجاوز عمرها ١٤ عاماً، بأداء العمل الخيري والإنساني في المنطقة إلى أعلى مستويات العمل الخيري، في ظل تنامي الحاجة العالمية الملحة للمؤسسات الخيرية، وصعوبة توفير مؤسسة خيرية ذات كفاءة في العمل والجودة، وأصالة الأهداف الإنسانية والأساليب المهنية، إذ نجح بها الأمير سلطان بن عبدالعزيز، في المنهج والتنفيذ، إذ إنها ستبقى شاهداً على آمال «سلطان الإنسان» الذي صنع  تحولات جذرية وانقلاباً ثقافياً وعملياً وإنسانياً في الأعمال الخيرية.

 


ولم تثن الرحلة العلاجية وفترات النقاهة والراحة الأمير سلطان بن عبدالعزيز (رحمه الله) عن التواصل الإنساني الذي عرف عنه طوال حياته تجاه الحالات الإنسانية، خصوصاً أنه الداعم الدائم لأولئك الأيتام والأرامل والمسنين والمحتاجين والمرضى على المستويات المحلية و الإسلامية والدولية. فخلال العام الذي كان سلطان الإنسانية خارج البلاد للعلاج، قدم عشرات المبادرات والمواقف الإنسانية، منها تقديمه مليون ريال دعماً للجمعية السعودية الخيرية لمكافحة السرطان، لقاء ما تقدمه من خدمات متنوعة وبرامج خيرية توعوية تجاه هذا المرض، وحينها أكد رئيس مجلس إدارة الجمعية الدكتور عبدالله العمرو، أن ولي العهد يعتبر الداعم الرئيسي للجمعية السعودية الخيرية لمكافحة السرطان، وقد تبرع لها بتكاليف المبنى الذي أقامته أخيراً على طريق مكة المكرمة ضمن دعمه الكبير للجمعيات الخيرية في المملكة.


- كما تلقت الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام في منطقة الرياض (إنسان)، التبرع السنوي للأمير سلطان بن عبدالعزيز بمبلغ مليون ريال، والذي يمثل الدعم السنوي لبرنامج كفالة أيتام الجمعية، كما تبرع الأمير سلطان بن عبدالعزيز بمبلغ ٥٠٤ آلاف ريال سعودي، لدعم تكاليف ونفقات ١٦٨ حاجاً يمنياً من المعوقين لأداء مناسك حج العام ١٤٣٠ ه، كما تبرع بمبلغ ٣٧٠ ألف ريال سعودي، لدعم نفقات ٣٧ من المكفوفين اليمنيين مع مرافقيهم لأداء مناسك الحج.
- وعلى المستوى العالمي، تبرع الأمير سلطان بن عبدالعزيز لمتحف أشموليان التاريخي في مدينة أكسفورد البريطانية، وهو واحد من أقدم المتاحف العالمية وأكثرها أهمية بنحو مليوني جنيه أسترليني، لتطوير المتحف وبناء قاعة عرض للتراث الإسلامي فيه، في مسعى لدعم تقارب الحضارات والتفاهم بين الشعوب.
- وبادر الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، في موقف إنساني يكتب ضمن سجله الحافل بالبذل والعطاء، بإنشاء مركز غسل لمرضى الكلى في جمهورية بوركينا فاسو يحمل اسمه، بكلفة تزيد على ٩ ملايين ريال، هديةً شخصية منه للشعب البوركيني، للتخفيف من معاناة المصابين بهذا المرضى. وشملت يد الخير الشعب البوركيني لدى علم سلطان الخير بحجم المعاناة التي يعيشها مرضى الفشل الكلوي المنتشر في الجمهورية، موجهاً الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة بتشكيل لجنة قامت بزيارة جمهورية بوركينا فاسو، واطلعت خلالها على الوضع الصحي والإحصاءات الطبية للمرضى، وبناءً عليه تم تحديد متطلبات المشروع وموقعه الذي يخدم أكبر عدد من المستفيدين. وبدأ المركز استقبال المراجعين في ربيع الأول من العام ١٤٣٠ه، وهو ملحق بالمستشفى الجامعي في العاصمة واغادوغو، ويتكون من دور شيد على مساحة ٨٥٤ متراً مربعاً وفق أحدث المواصفات الطبية والفنية.

وفي غرب السعودية، وتحديداً في منطقة الليث التابعة لمنطقة مكة المكرمة، بدأت الأعمال الإنشائية في المرحلة الثانية من مشروع المؤسسة للإسكان الخيري، تنفيذاً لتوجيهات الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وتتضمن تلك المرحلة إنشاء ٢٠٠ وحدة سكنية في الليث، و ١٠٠ وحدة سكنية في قرى جنوب منطقة مكة المكرمة، ليصل بذلك عدد وحدات المشروع في مكة المكرمة إلى ٤٨٠ وحدة سكنية.
وأوضح حينها الأمين العام لمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية الأمير فيصل بن سلطان بن عبدالعزيز، أن الأعمال الإنشائية للجزء الخاص بمنطقة الليث وحدها تصل كلفتها إلى نحو ٧٤ مليون ريال، مشيراً إلى أن المشروع يقام على مساحة ٢١١ ألف متر مربع، وتقام كل وحدة منه على مساحة ٣١١ متراً مربعاً تضم مسكناً ملائماً للأسرة السعودية يحافظ على خصوصيتها ويلبي حاجاتها.
وعرف عن الأمير سلطان بن عبدالعزيز مواقفه الإنسانية في إعتاق الرقاب، «وحظيت وجاهة ولي العهد بقبول منقطع النظير لدى أولياء دم، نتج منها إعتاق رقبتي الشابين فيصل هزاع الدوسري ومحسن بن فرج الدوسري ذوَي ال ٢٠ عاماً من حد السيف، بعد أن أعلن والد القتيل محمد بن عبدالله آل براز الدوسري وأبناء القتيل وإخوانه عن تنازلهم عن حقهم في القصاص لوجه الله تعالى، ثم لوجاهة ولي العهد.

 وتبرع الأمير سلطان بن عبدالعزيز بمبلغ مليون ريال للشيخ حمود بن نايل بن طوعان السويدي الشمري، الذي بادر من تلقاء نفسه ومن دون تدخل من أحد، وبعد انتهاء أيام العزاء بالتنازل لوجه الله عن قاتل ابنه الذي ذهب ضحية لمشاجرة مع شاب آخر. كما قدم سلطان الخير مبلغ مليون ريال تكريماً للمواطن عليثة بن محمد غانم الحمدي من محافظة أملج في منطقة تبوك الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى.
كما تبرع الأمير سلطان بمبلغ مليون ريال مساهمة منه في إعتاق رقبة المواطن جابر القحطاني، وكذلك بمبلغ ثلاثة ملايين ريال إسهاماً منه في إعتاق رقبة المواطن مسعر الشيباني من حد السيف.


رئيس جمعية المساعدة على الزواج: بعطاء سلطان زوجنا الكثير من الشبان

عرف عن الأمير سلطان بن عبدالعزيز تبرعاته السخية للجمعيات الخيرية، ولا سيما ما يتعلق منها بحاجات المواطنين، كتلك المعنية بالفقراء أو الأيتام أو ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويرى رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية للمساعدة على الزواج والرعاية الأسرية في محافظة الطائف الدكتور أحمد بن موسى السهلي، أن وقفات الأمير سلطان مع جمعيته أبرز حدث شهدته الجمعية منذ إنشائها، وهو ما ترك بصمة مشرقة وأثراً كبيراً ونقلة ملحوظة في دفع مسيرة الجمعية ومنح الإعانات لأعداد كبيرة كانوا في قائمة الانتظار. وأضاف: «تمكنا بما قدمه لنا الأمير سلطان من تزويج الكثير من الشبان».

وأكد السهلي أن ما قدمه الأمير سلطان من دعم وعطاء «يجسد مدى اهتمام ولاة أمر هذه البلاد المباركة وحرصهم على شباب هذا الوطن وتذليل كل ما يعترضهم من عقبات وتوفير الحياة الأسرية الهانئة لهم»، مشيداً في الوقت ذاته بمتانة «الترابط الاجتماعي بين قيادتنا الرشيدة وأفراد مجتمعنا النبيل».
ولفت إلى أن هذا الدعم أتى انطلاقاً من حرص  الراحل على المحافظة على الشباب وتحصينهم وتقديم العون لهم وبذل كل ما من شأنه تكوين الأسرة الصالحة واستقرارها. وقال: «إن هذا العطاء تجسيد لمعاني  الخير في أروع صوره ويعكس الأبوة الحانية والصادقة من لدن ولي العهد لأبنائه الشباب». ووصف الأمير سلطان بأنه كان رمزاً للعطاء الإنساني اللامحدود.