قدّم حفيدته في نهاية العرض كي يبعث الأمل في النفوس جورج شقرا: أسلوبي راقٍ لا يعترف بالوقت ومجموعتي مستوحاة من الخمسينيات!

حوار: فاديا فهد 21 سبتمبر 2019
في عالم الخياطة الراقية، أسماء قليلة سَطعت في سماء أسبوع الموضة الراقية في باريس، بينها المصمّم المبدع والانتقائي جورج شقرا. معرفتي به تعود الى سنوات طويلة، كنت خلالها شاهدة على تطوّر أسلوبه وتبلوره مجموعة بعد مجموعة. وتوطّدت علاقتي به فشهدتُ عن كثب على تطوّر إبداعه ونجاحاته المتتالية التي لم تزده إلاّ تواضعاً وبساطةً. في مجموعته الراقية لخريف وشتاء 2019-2020 المستوحاة من نجمات السينما في الخمسينيات، قدّم شقرا الأمل المتمثّل في براءة طفلة هي حفيدته الأولى... عن هذا العرض وشؤون المهنة وشجونها كان هذا الحوار القيّم.


- كيف تصف أسلوبك، أسلوب جورج شقرا المصمّم؟

سؤال جيّد كمدخلٍ للمقابلة. أسلوبي أنثوي راقٍ، ولا يعترف بالوقت Timeless.

- ما الذي حققته حتى اليوم؟

المصمّم فنان حالم يتغذّى من خياله وأفكاره المتجدّدة، ولا يكتفي أبداً بما حقّقه. رغم كلّ ما وصلتُ إليه، ما زلتُ أشعر أن لديّ أحلام كثيرة لم أحقّقها بعد.

- وما الحلم الذي لم تحقّقه بعد؟

الحلم لا ينتهي... خصوصاً في عالم الموضة والأزياء، حيث لا حدود يقف عندها المصمّم.

- هل تدفعك المنافسة لتحقيق المزيد؟

المنافسة الحقيقية تبدأ بمنافسة الذات. أتحدّى نفسي في كلّ مجموعة، وأنافسها كي تكون التصاميم التي أحضّرها اليوم أكثر تطوّراً ونضجاً من تلك التي صمّمتها في المواسم الماضية. هذه هي المنافسة الحقيقية.

- من هو منافس جورج شقرا؟

(يضحك ممازحاً) المنافس الأكبر لجورج شقرا، هو جورج شقرا!! في الواقع، كلّ شخص قادر أن يتجدّد ويطوّر عمله هو منافس لي. ولا يلفتني أبداً المصمّم الذي يكرّر نفسه... لا أضيّع وقتي في متابعة أعماله.

- نجمات كثيرات ارتدين تصاميم جورج شقرا، مَن مِنهنّ أوصلت روح دار جورج شقرا أكثر؟

كلّ نجمة ارتدت من تصاميم جورج شقرا أوصلت روح الدار وأسلوبها على طريقتها الخاصة. أنا من عشّاق السجادة الحمراء، وهي ما زالت منبراً عالمياً قويّاً للموضة والابتكارات الراقية.

- أخبرنا عن مجموعتك الراقية للخريف والشتاء المقبلين؟

مجموعتي الجديدة فيلم سينمائي من الخمسينيات، تختال فيه العارضات بفساتين راقية، أنيقة وفخمة. المجموعة غنيّة جداً بالتفاصيل الأنثوية الحالمة، وهي تذكّرنا بأيقونات هوليوود من أمثال أودري هيبورن وريتا هيوارث في العصر الذهبي للسينما.

- حملتَ حفيدتك ليلي وقدّمتها في ختام العرض، وكأنك تقدّم للحضور المستقبل في ابتسامة طفلة. هل هذا ما قصدته؟

هذا تماماً ما قصدته. يعيش المصمّم الحلم أسابيع وأشهراً، ويقدّمه على الخشبة في 15 دقيقة فقط! ثم يعود الى الواقع. والواقع اليوم مؤلم يرزح تحت وطأة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصراعات على أنواعها. قبل أن ينتهي الحلم في آخر العرض، سارعت الى تقديم رسالة أمل الى الحضور، الأمل المتمثّل في نظرة طفلة متفتّحة كبرعم زهرة، وهي لم تبلغ بعدُ الثمانية أشهر من عمرها. حملتُ حفيدتي في نهاية العرض كي أقدّم من خلالها الأمل بعفويّة. وقد وَصَلَت الرسالة، وأنا سعيد بذلك.

- نلاحظ في مجموعاتك المختلفة تطريزاً مدروساً، على حساب خيار الأقمشة المتجدّدة والقصّات المشغولة.

هذا صحيح، أسلوب جورج شقرا لا يعتمد على التطريز والمشغولات اليدويّة، بمقدار ما يعتمد على الأقمشة المميّزة والفريدة والقصّات المتجدّدة. بصمتي أتركها في أسلوبي الخاص في التعامل مع القماش الجديد وقصّته وتركيبته.

- تميل الى الأسود والأبيض، ما سرّك مع هذين اللونين؟

قوّتي تكمن في المزج بين الأسود والأبيض، أعشقهما وأُجيد تركيبهما معاً بأسلوب أنيق وفخم ومتجدّد. كلّ تصميم بالأسود والأبيض يعبّر عنّي بقوّة، وتتجلّى فيه بصمة جورج شقرا بأجمل حللها.

- هل لمست لدى ابنتك جينيفر رغبة في إكمال المسيرة التي بدأتَها في دار جورج شقرا؟

أتمنى أن يكون لابنتي جينيفر الشغف والطموح كي تكمل المسيرة. تصميم الأزياء ليس مهنة متوارثة، بل شغف يحرّك المصمّم من الداخل ويجعله يتبع حلمه الى أبعد الحدود. بصمة ابنتي نلمسها في هذه المجموعة في الخيط الرابط بين التصاميم المختلفة، وسرد الحكاية الكامنة وراء المجموعة. لا شكّ في ان جينيفر أدخلت روحاً جديدة وشابّة الى الدار، فكان هذا الحوار القيّم والمثمر بين الأفكار الجامحة والخبرة المخضرمة، وهذا بحدّ ذاته مصدر غنى.

- هل ما زالت للخياطة الراقية الهالة نفسها، في عصر السرعة والأزمات الاقتصادية والموضة المتبدّلة؟

الخياطة الراقية هي فنّ قائم بحدّ ذاته. وبريق الفنّ لا يخبو أبداً ولا ينال منه الزمن. كلّ قطعة من قطع المجموعة الراقية، هي قطعة فنّية قائمة بحدّ ذاتها لا تتكرّر. وإن تكرّرت فلن تحمل التفاصيل ذاتها. في أرشيفي فساتين راقية عدّة لا تتكرّر من حيث القماش والقصّة والتطريز والمشغولات التي تزيّنها. ما زالت الخياطة الراقية مبهرة، وما زالت نخبة النساء يتهافتن لاقتناء فستان راقٍ يخطف الأنظار في مناسبة خاصّة أو عامّة.

- من هي الزبونة التي تدقّ باب مشغلك من أجل فستان راقٍ؟

هي امرأة تعشق خط هذه الدار، وتسعى الى أناقة تشبه أسلوب جورج شقرا. امرأة تعشق الرقيّ والأناقة غير المرتبطة بالوقت.

- ما هو تحديدك للأناقة؟

يختلف تحديدي للأناقة بين سيدة وأخرى. بعض النساء أنيقات في بساطتهنّ، وبعضهنّ أنيقات بـ"عجقة" الأكسسوارات والمجوهرات التي ينسّقنها معاً. شخصية المرأة تفرض أسلوب الأناقة الذي يليق بها. الأناقة موضوع نسبي يختلف باختلاف شخصية المرأة نفسها.

- المستقبل بالنسبة إليك: خياطة راقية أم جاهزة؟

الاثنتان تكمّلان بعضهما البعض. الخياطة الراقية هي هوية الدار وخصوصيتها، والجاهزة هي انتشارها الأوسع.

- هل لك أن تصف يوماً كاملاً في حياتك؟

أستفيق عند السادسة والنصف صباحاً، وأجلس الى نفسي مع فنجان قهوة. بعدها أتصفّح "الفايسبوك" و"الإنستغرام" لأرى كلّ الجديد، ثمّ أتوجّه الى عملي. أكون في المشغل عند الثامنة والنصف، فنهاري العملي يبدأ باكراً، ويستمرّ حتى المساء، يتخلّله غداء وقيلولة صغيرة. أما الليل فمخصّص للسينما والسهرات العائلية والأصدقاء.

- ما هي الهواية التي تُلهمك؟

الفنون على أنواعها. أحبّ السينما والرسم والموسيقى. وأعشق السفر لأنه مصدر غنى.

- كلمة أخيرة للمرأة العربية...

هي امرأة معطاء لعائلتها ومجتمعها، ومؤثرة جداً ومثقّفة جداً جداً. هي كريمة ومُحبّة. لها أسلوبها الخاص في كلّ شيء، وشخصيتها المميّزة والجذابة. غنيّة من الداخل، وهو ما يشوّقني للتعرّف إليها أكثر.


شاهدوا الفيديو الخاص المصوَّر في مشاغل جورج شقرا الراقية على موقع "لها" www.lahamag.com