سياحة مستدامة وصديقة للبيئة في جزر المالديف

جزر المالديف- جولي صليبا 28 سبتمبر 2019

لا شك في أن زيارة جزر المالديف حلم بالنسبة إلى الكثيرين، ويمكنني الجزم بأني كنت محظوظة جداً هذا الصيف إذ أتيحت لي فرصة تحقيق هذا الحلم ثلاث مرات متتالية.

فجزر المالديف هي المكان الأمثل لقضاء إجازة ممتعة تظل عالقة في الأذهان لسنوات طويلة، لا سيما وأن تلك الجزر تشتهر بمياهها الفيروزية، وشواطئها الرملية، ومنتجعاتها الصحية الفاخرة، وأهلها الطيبين، إضافة إلى المناخ الرائع الذي يأسر القلوب...

الدعوة هذه المرة جاءت من منتجعات Constance Hotels التي تملك فندقين على جزيرتين منفصلتين في جزر المالديف. وكانت التجربة في كلا الجزيرتين مذهلة وأكثر من رائعة...


تقع جزر المالديف جنوب شبه القارة الهندية، وهي عبارة عن سلسلة رائعة من الجزر في منطقة المحيط الهندي – بحر العرب، وتتكون من عدد من الجزر المرجانية، وتشتهر بكونها وجهة غوص عالمية المستوى مع مياه بلورية زرقاء تعجّ بمجموعة متنوعة من الحياة البحرية.

تعتبر جزر المالديف وجهة مثالية للاسترخاء بين مجموعة من المنتجعات الخاصة التي تغطى الشواطئ الرملية البيضاء بعيداً عن روتين الحياة اليومية المعتادة...

وصلت مع زملائي الصحافيين إلى مطار مالي الدولي صباحاً، وانتقلنا فوراً بالطائرة المائية إلى منتجع كونستانس هالافيلي. استغرقت الرحلة بالطائرة المائية قرابة الـ35 دقيقة، وكانت المشاهد التي رأيتها من النافذة تحبس الأنفاس... جزر صغيرة غنية بالأشجار الخضراء ومكسوة بالرمال البيضاء متناثرة هنا وهناك في محيط أزرق شاسع...

تجربة ركوب الطائرة المائية كانت فعلاً من أجمل التجارب التي عشتها في حياتي، بحيث رأيت كلّ الجزر المحيطة بالعاصمة ماليه من الأعلى. واكتشفت أن الحياة في هذه البقعة من الأرض هي فعلاً جنّة فيها كلّ عوامل الراحة والاستجمام النفسي والبصري، إذ يعيش المرء الأجواء الاستوائيّة على مقربةٍ من البحر، وسط الغابات الكثيفة.


نشاطات ترفيهية لا بدّ منها في المالديف

الغوص واستكشاف الشعاب المرجانية الرائعة

المشاركة في الرياضات المائية، مثل ركوب الأمواج والتزلج على الماء

استئجار قارب والذهاب في رحلة صيد

تناول الطعام المالديفي التقليدي اللذيذ


جزيرة هالافيلي Constance Halaveli

وصلنا إلى جزيرة هالافيلي حيث منتجع Constance Halaveli الذي يقدم لنزلائه عطلة فاخرة بكل معنى الكلمة. استقبلتنا الجميلة مارتينا وأرشدت كل واحد منا إلى الفيلا التي تم حجزها له.

طوال فترة إقامتي في الجزيرة، متِّعت نظري بمشاهد طبيعية أخّاذة اتّسمت بتنوّع مبهر بين أحضان المناخ الاستوائي. كما تنعّمت بأشعة الشمس الساطعة في سماء المالديف على مدار العام مع الشواطئ الرملية البيضاء الناعمة والمياه الفيروزية.

يعتبر منتجع كونستانس هالافيلي وجهة آسرة للاستمتاع بتجربة ملؤها الترف والرقيّ. يتّخذ هذا المنتجع شكل قارب "دوني" مالديفي تقليدي. ويستكنّ على البحيرة الرقراقة شمال أري أتول.

يضمّ الفندق 86 فيلا موزّعة على الجزيرة الصغيرة، حيث أنّ كلّاً من هذه الفلل مجهّزة بحوض سباحة خاصّ وترّاس أو شرفة توفّر إطلالات بانورامية خلّابة. تتربّع 57 من هذه الفلل فوق سطح الماء فيما تستكنّ الباقية على رمال الشاطئ، ما يجعلها مثالية للعائلات والأزواج على حدّ سواء.

كما يوفّر المنتجع حوض سباحة رئيسياً مبهراً وثلاثة مطاعم تشمل مطعم "جاهز" JAHAZ الذي يقدّم أشهى المأكولات العالمية لوجبتيّ الإفطار والعشاء ، ومطعم جينغ JING المتخصّص في مطبخ "الفيوجين" (الأطباق الهجينة)، ومطعم MEERU حيث المأكولات البحرية الطازجة.

يمكن لنزلاء هذ المنتجع الحصول على الاسترخاء، أو الاستمتاع بجلسات التدليك في السبا، أو الذهاب في رحلات صيد السمك والغوص. ويُمكن المحافظة على الرشاقة من خلال ممارسة التمارين الرياضية بصورة منتظمة في مركز اللّياقة البدنية المجهز بشكل رائع.

ولا ننسى طبعاً الرحلات التدريبية للغوص في الشعاب المرجانية المجاورة، والرياضات المائية المجانية الأخرى، مثل الغطس والجولات على متن زوارق الكتاماران، وركوب الأمواج باللوح الشراعي والتجديف بالكاياك.

ولكل من يفضّل تمضية عطلة زاخرة بالهدوء والراحة، يقدّم "يو سبا" من كونستانس مجموعة واسعة من المساجات وعلاجات الوجه والعلاجات التي يمكن التنعّم بها في الهواء الطلق بالقرب من الشاطئ، مما يتيح للضيوف الاستمتاع بأقصى درجات الاسترخاء.

تراسل بريدي بالطريقة التقليدية

لفتتني في منتجع هالافيلي مبادرة بوست بوكس Post Box التي تقدّم للضيوف طريقة بسيطة، وإنّما ذات معاني عميقة، للتواصل مع أحبّائهم وإحياء تقليد إرسال البطاقات البريدية أثناء تمضية العطلات.

فبينما يستمتع الضيوف بالمناظر الخلّابة المطلّة على المحيط الهندي، يُمكنهم كتابة الرسائل البريدية وإرسال كلمات الحبّ إلى أصدقائهم وأفراد عائلاتهم. وتتولى مجموعة فنادق كونستانس شحن تلك البطاقات البريدية مجانًّا إلى كافّة البلدان حول العالم نيابةً عن ضيوفها.

هكذا، أصبح بإمكان الضيوف مشاركة أسعد لحظاتهم مع أعزّ الناس على قلوبهم، حتى لو كانوا يُقيمون على بُعد آلاف الأميال. ولا شكّ في أنّ صفاء وجمال الطبيعة المحيطة بالضيف تشكّل مصدرَ إلهام يدفعه لترجمة مشاعره إلى كلمات معبّرة جداً ونابعة من القلب.

جزيرة موفوشي Constance Moofushi

بعد تمضية يومين كاملين في جزيرة هالافيلي، انتقلنا إلى جزيرة موفوشي بواسطة زورق سريع أتاح لنا تأمل روعة المحيط الشاسع الذي لا حدود له.

وصلنا إلى منتجع كونستانس موفوشي الأنيق الواقع على جزيرة مبهرة في جنوب أري أتول. يعانق المنتجع الجمال الرائع، مع ما يتميز به من لخدمة استثنائية، وهي الغوص المفضل على مستوى العالم، مع توفر الحزمة الشاملة لكل شيء(All Inclusive)، والتي تجعل من العطلة في جزر المالديف ذكريات لا تُنسى .

تركيز على السياحة الصديقة للبيئة

كونستانس موفوشي Constance Moofushi هو جنّة للغطّاسين بفعل الثروة المائية الكبيرة الموجودة تحت المياه. فهناك، تولد الشعاب المرجانية الحيّة في أعماق المحيط لتسبح الأسماك على اختلاف ألوانها بينها بفرح. كما يضمّ منتجع كونستانس موفوشي أحد أبرز مراكز الغطس الحائزة على جوائز عالمية واسمه بلو ترايب. يقوم هذا المركز، بالإضافة إلى تنظيمه صفوفاً في الغطس لجميع المستويات ورحلاتٍ بحريّةٍ شيّقة، بحماية الطبيعة من خلال العديد من المشاريع، نذكر منها مشروع حماية أسماك المانتا، وحملات التوعية حول أهمية المحافظة على أسماك القرش وزراعة المرجان وإعادة تأهيل الموائل البحريّة، تحديداً في منزل موفوشي المطلّ على الأحياد المرجانيّة.

كما يعتبر منتجع كونستانس موفوشي رائداً في مجال السياحة الصديقة للبيئة وفي الإدارة المستدامة للأنظمة البيئيّة، وقد تجلّى ذلك في كونه أوّل منتجعٍ في المالديف يقوم بالتوقيع على مذكرة تفاهم مع شركة إدارة النفايات وايست مانجمنت كوربورايشن ليمتد في العام 2017. ومن المتوقع أن تنال منشآت فنادق ومنتجعات كونستانس شهادة غرين غلوب الممنوحة للمنشآت الصديقة للبيئة بفعل تعدّد مبادراتها الخضراء مثل حماية الطاقة والمياه، وإعادة التدوير، والتسميد، وحماية الثروة النباتيّة والحيوانيّة.

مناظر خلابة وطعام شهي

تنعّمت مع زملائي الصحافيين بالاسترخاء تحت أشعة الشمس في الجزء المنعزل من الشاطئ حيث الرمال البيضاء الناعمة، قبل التوجه يومياً إلى مطعم “مانتا” لتناول الغداء وعيش تجربة طعام من نوع آخر. فقد كنا نتأمل الإطلالات الخيالية للمحيط الهندي ونتلذذ بأشهى الأطباق العالمية.

لا بدّ من جلسة سبا SPA

كلما سافرت إلى منطقة جديدة، خضعت لجلسة سبا فيها لتخفيف التعب وتشنج العضلات. إلا أن تجربة السبا في كونستانس موفوشي كانت فعلاً مختلفة، إذ أتيحت لي فرصة تأمل روعة المحيط الهندي والأسماك التي تسبح فيه وأنا مستلقية على أريكة التدليك، فيما تولت الاختصاصية التايلندية استعمال أرقى المستحضرات الطبيعية لتدليك عضلاتي، مما جعل جلسة السبا استثنائية بكل معنى الكلمة.

يوفر السبا في كونستانس موفوشي العديد من التقنيات التايلندية والهندية الأيورفيدية في جلسات التدليك، بالترافق مع استعمال أرقى المستحضرات الطبيعية التي تجعل من جلسة السبا استثنائية بكل معنى الكلمة.

تجربة الغوص في المحيط الهندي Snorkeling

تشتهر جزر المالديف، التي تأوي حوالي 1200 جزيرة استوائية في بحيراتٍ شفافة في المحيط الهندي، باحتضانها أكثر اختبارات الغوص روعة في العالم. ويتبع منتجعا كونستانس هالافيلي وكونستانس موفوشي نهج فلسفة مميزاً يقضي بالاستكشاف الحذر والتفاني في الحفاظ على الحياة البحرية.

اختبرنا تجربة الغوص في كلا المنتجعين مع بعض الاختصاصيين العاملين فيهما. انطلقنا في كل مرة في مركب صغير للوصول إلى مساحة غنية بالشعاب المرجانية والكائنات البحرية المنوعة.

نزلنا إلى مياه المحيط وبدأنا استكشاف عالم آخر في مياه المحيط. بحيرات ضحلة ومنحدرات عميقة غنية بالشعاب المرجانية الملونة المتناغمة مع السلاحف البحرية والأسماك في مشهد مذهل بكل معنى الكلمة. بالفعل، بدت الشعاب المرجانية كأنها حدائق طبيعية تحت الماء، وتحلّق فوقها أسراب من الأسماك الملونة.

كانت تجربتا الغوص التي عشتهما خلال هذه الرحلة بمثابة فرصة التمتّع بتناغم عناصر الطبيعة والشعور بقيمة الروابط الإنسانيّة التي تنمو وتتجدّد في الأماكن التي تغفو في حناياها جماليّات الطبيعة.

إلى اللقاء...

أربعة أيام كاملة أمضيتها في جزيرتيّ هالافيلي وموفوشي التابعتين لمجموعة كونستانس للفنادق والمنتجعات، لم أشعر خلالها أبداً بالملل، إذ كان الاكتشاف الدائم صديقي، والعشاء الرومنسي مسك ختام كل نهار ممتع.

شعرت في تلك الجزيرتين بأقصى درجات العناية والاهتمام في كل الخدمات المتوافرة، مع شغف واضح في الضيافة. وكان فريق العمل في كلا الجزيرتين ودوداً للغاية ويستبق كل احتياجاتنا ليتيح لنا الاستمتاع كيفما نشاء.

كانت لحظات الوداع مؤثرة إذ حرص بعض أفراد طاقم العمل على مرافقتنا إلى المنصة الخشبية التي سننتقل منها بواسطة الطائرة المائية إلى مطار مالي. وقفوا يلوّحون لنا بأيديهم، وتعاهدنا على أن نلتقي مجدداً يوماً ما.

معلومات مهمة عن جزر المالديف

الموقع الجغرافي: جنوب غرب سريلانكا والهند

المناخ: مداري حار على مدار السنة

اللغة: لغة الديفيهي للسكان المحليين، وإنما يتحدث الجميع اللغة الانكليزية بطلاقة

العملة: روفيا مالديفية، وإنما يمكن استعمال الدولار أو اليورو في المنتجعات

الدين: الدين الرسمي هو الإسلام