لماذا ترضين بزوج متزوج؟

الزواج, التقدم في السن, المرأة السعودية / نساء سعوديات, علم إجتماع, الرأي النفسي, عانس

24 نوفمبر 2013

تقل فرص ارتباط الفتاة من شاب مقبل على الزواج كلما تقدّمت في السن. هذا الاعتقاد سائد بين أفراد المجتمعات العربية بشكل عام، لذا تفرض بعض الأسر على بناتها قبول الزواج من رجل متزوج لتكون له الزوجة الثانية أو الثالثة، وآخرون يفضلون تزويج بناتهم من أرامل أو مطلقين. فالظروف التي تعيشها الفتاة تجعلها ترضخ لذلك، بسبب الكلمات التي تتكرر على مسامعها على أنها عانس وفاتها قطار الزواج، أو «ظل رجل ولا ظل حيطة»، مما يجعل الفتاة تقبل الزواج من رجل مرتبط حتى تنتهي من عذابها. فهل تقبل المرأة الارتباط برجل متزوج لتكون زوجة ثانية؟ «لها» طرحت السؤال على مجموعة من النساء والرجال في هذا التحقيق.



«أوافق على الزواج بشرط أن تكون زوجته الأولى على علم بالأمر لأن أي أمر يبدأ بالخفاء سينتهي بكارثة لإحدانا. وموافقتي مشروطة بأن تكون لي استقلاليتي، بأن تكون زوجته الأولى في مدينة وأنا في أخرى»، هذا ما تراه الصحافية السعودية أروى خشيفاتي التي أكدت أن جهل الزوجة الأولى بارتباط الزوج بأخرى يعتبر خيانة لها، فيجب أن يتحلى الرجل بالشجاعة ويعطي زوجته الأولى حرية الرأي في البقاء معه والموافقة على الأمر، أو انفصالها عنه. وتقول: «كما كان الرجل شجاعاً وقرر الارتباط بامرأة ثانية، فالأفضل أن تكون لديه الشجاعة في أخذ رأيها وإخبارها بالأمر، وليس فرض قراره عليها، فالزوجة لها مطلق الحرية في قبول الأمر أو رفضه».

وترى خشيفاتي أن الزوجة الثانية غالباً ما تكون منبوذة من الزوجة الأولى، وعادة  ما تلقب بـ«خطافة الرجالة». والفتاة دائماً تبحث في زواجها عن الاستقرار وليس المشاكل التي يمكن أن تنتج من كونها زوجة ثانية. فعلى كل فتاة توافق على أن تكون زوجة ثانية أن تضع شروطاً واضحة قبل الارتباط حتى لا تتأثر بالمشاكل التي يمكن أن تحصل مستقبلاً. وتقول: «في وقت المشاكل بين زوجات الرجل، يحاول الرجل كعادته أن يخرج بأقل الخسائر، وبنظره تكون أقل الخسائر تطليق المرأة الثانية، وبذلك تكون هي الضحية».
ومع أن خشيفاتي تقبل فكرة الزواج من رجل متزوج إلا أنها ترى أن المرأة لم تعد بحاجة إلى الرجل كما في السابق، فطموحها زاد منذ سنوات مضت، لأنها أصبحت متسلحة بتعليمها ووظيفتها، ولها كيان مستقل بذاتها، وتبحث عن زوج يقدر مكانتها ويدعمها ويساعدها في الوصول إلى أهدافها، أما في السابق فكان طموح الفتاة الزواج وتكوين أسرة.


«تجربة طلاق والدتي بسبب الزوجة الثانية سبّبت لديّ عقدة من الرجل المتزوج»

تختلف موظفة القطاع الخاص هتون العمري مع خشيفاتي في رأيها فترى أنها لا يمكن أن تبني سعادتها على تعاسة أي إنسانة أخرى لا حول لها ولا قوة: «لن أكرر مأساة والدتي وطلبها الطلاق من والدي بسبب زواجه من أخرى، فهذا الأمر سبب لي عقدة من الرجال المتزوجين. لا أؤيد هذا الموضوع ولا أقبل به بتاتاً، فبنظري هناك إنسانة ستصاب بالقهر وتدمر نفسيتها، وأخاف أن أكون إحدى نزوات هذا الزوج، وأخسر حياتي وأحمل لقب مطلقة، وأرفض مبدأ موافقتي معرفتها بالأمر، لأنني أرى أنني إنسانة لا ينقصني أي شي لأرتبط برجل متزوج من امرأة أخرى، فأنا ضد ارتباط الرجل بزوجة أخرى، وأود أن أكون الزوجة الأولى والأخيرة للرجل الذي سأتزوج به».

وتستغرب العمري مبادرة بعض الزوجات بالخطبة لأزواجهن، ولكنها فسرت الأمر بأنه حالة من الملل لدى الزوجة، ويمكنها بتزويجه تخفيف المسؤوليات الملقاة على عاتقها، وبعضهن يخفن من الأمراض التي يمكن أن ينقلها زوجها لها ولأبنائها من العلاقات غير الشرعية التي يمكن أن تحصل، فتفضل الخيار الأضمن وتقبل بالزواج.


يسرا عمر: لا أقبل أن أكون محطّة عابرة في حياة رجل

يسرا عمر قالت: «لا أمانع الزواج من رجل متزوج، وأيضاً أوافق أن يكون زواجي بدون علم زوجته الأولى لفترة من الوقت حتى لا تؤثر على بداية حياتي معه، وأيضاً الشرع لم يفرض معرفة الزوجة الأولى بالأمر، لأن كل زوج يعرف عقلية زوجته ومدى تقبلها لمثل هذه الأمور. ولكن لا أقبل أن أكون محطة عابرة في حياة رجل أقبل الزواج به وأكون زوجته الثانية ويطلقني عند معرفتها بالأمر. ومررت بالسابق بتجربة ولم أكملها حين تقدّم لي رجل متزوج وطلب مني الارتباط دون علم زوجته، ولكنني وضعت شرط عدم تطليقه لي حين معرفتها، فذهب بلا رجعة، وأحمد الله أنني عرفت قبل إتمام الزواج أنني تجربة عابرة في حياته ونزوة».  وأضافت يسرا أن الشرع حلل تعدد الزوجات فلماذا ترفض أمراً شرّعه الله، مؤكدة أنها لن تمانع إذا طلب منها زوجها بعد مدة الارتباط بأخرى، ولكن بشرط أن يعاملها معاملة كريمة ولا يقصّر في واجباته ونفقاته ويعدل بينهما.


سارة حامد: قبولي الزواج من رجل على ذمته امرأة مشروط بوجود أسباب مقنعة

توافق سارة حامد على الزواج من رجل على ذمته امرأة أخرى «شرط وجود أسباب مقنعة كعدم الإنجاب أو المرض، ولكن إن كان السبب نزوة عابرة أو مجرد حب للتعدد» فلا تقبل أبداً، وتفضل أن تعلم الزوجة الأولى بقراره وأن تسمع موافقتها بنفسها، حتى لا تحدث بعد ذلك مشاكل لا حصر لها. وأضافت: «إذا أقنعني الرجل بأسباب عدم أخبار زوجته الأولى لا أعتبر ذلك خيانة لأنه يعلم ردة فعلها وكيفية تقبلها للأمر، ولكن زواجي لن يبقى سراً لمدة طويلة».


أم تركي: كان ينغّص عليّ سعادتي عدم استطاعته المبيت لديّ لعدم علم زوجته

«كادت رسالتي أن تهدم بيتي ولكن إمساك زوجي بزمام الأمور حال دون ذلك»، وتقول أم تركي وهي تروي في تفاصيل قصتها: «حضر رجل متزوج لخطبتي ولم أتردد في الموافقة عليه فلديه جميع المواصفات التي أحلم بها، ولم أتردد لأنه متزوج من أخرى، حتى شرطه بعدم علمها بالزواج لفترة قصيرة قبلته».
وقالت أم تركي: «استمر زواجي لمدة ستة أشهر، ولكن كان ينغص عليّ سعادتي عدم استطاعته المبيت لديّ لعدم علم زوجته. وبعد هذه المدة قررت توضيح الأمور والمطالبة بحقي، فأرسلت رسالة على جواله وقرأتها زوجته، وحين علمت بالخبر بدأت المشاكل، ولكن زوجي استطاع الإمساك بزمام الأمور، وحين طلبت منه الطلاق رفض، وأمهلني فترة من الوقت حتى أفكر وأقرر، ثم عدلت عن قراري وقبلت بالوضع الراهن حتى لا أخسر حياتي وسعادتي».


علم اجتماع: زواج الرجل من أخرى دون علم الزوجة الأولى يعتبر خيانة

أبدت الاختصاصية الاجتماعية والكاتبة الصحافية سوزان المشهدي رأيها في هذه المسألة قائلة: «أرى أنها ثقافة مجتمعية سائدة. بعض الأشخاص يتسترون خلف السنة المطهرة وهم يتناسون أنه أمر إلهي، فهناك إتاحة من الخالق عز وجل حيث مكّن الرجل من الارتباط بزوجة أخرى، وشجع عليه في ظروف معينة كعدم التفاهم بين الزوجين ووصول العلاقة إلى طريق مسدود وانعدام السعادة. ولكن لا يجوز أن يكون سلوكاً سائداً فقط للتباهي والتفاخر وجمع أكبر عدد من الزوجات والأطفال». وتضيف أن الإيجابية من تعدد الزوجات هي تكوين أسرة جديدة مستقرة وسعيدة لبعض الرجال وليس الجميع. أما عن السلبيات فيكون هناك احتمال ظلم للزوجة الأولى.

وعن الطريقة المثلى لأخبار الزوجة بقرار ارتباط زوجها بأخرى تقول: «عندما يكون هناك ضرورة ملحه للزواج من أخرى كمرض الزوجة وانعدام التفاهم وعدم الإنجاب مثلاً، يجب أن يتحاور الزوج مع زوجته بكل احترام ويخبرها بقراره بعد أن يؤكد لها أنه متمسك بها لأبعد الحدود، وأن زواجه لا يعني تركها، ويحاول أن يطمئنها ككتابة شيء مما يمتلكه لها وباسمها، ويطلب مساعدتها في اختيار الزوجة الجديدة. ولا ينسى مطلقاً أن زواجه من أخرى هو بمثابة جرح لكرامتها وعن طريقه وحده وعن طريق سلوكياته وعدله يندمل ويشفى. ولا أنصح بصدمتها وعلمها من الغير فهي خديعة لا تغتفر وصدمة ما بعدها صدمة ولا يبررها أي تفسير».
وأكدت المشهدي أن زواج الرجل من أخرى دون علم الزوجة الأولى يعتبر خيانة كبيرة، لأنه من حقها أن تختار إذا كانت تستطيع العيش مع نصف زوج أم لا.


علم نفس: الاتفاق بين الأطراف ضرورة لتفادي المشاكل والضغوط النفسية

أوضحت الاستشارية النفسية الدكتورة سارة الخضري أن قرار الزواج من امرأة أخرى ليس بالأمر السهل، ولا يتم إلا بموافقة جميع الأطراف  لتفادي المشاكل والضغوط النفسية بعد ذلك. فمن الظلم أن يبقى موضوع كهذا سراً لأن الحياة شراكة بين زوجين في كل شي، وهذا موضوع يخص ويمس المرأة بكل الأشكال. فرفضها أو تقبلها مهم جداً، لأنها إذا علمت متأخرة قد تكون صدمة كبيرة تسبب لها أمراضاً نفسيه وخيبه أمل كبيرة.

بالنسبة إلى الآثار السلبية تقول الخضري: «في حالة عدم الاتفاق على قرار مثل هذا، يحدث الكثير من المشاكل الزوجية لأن الزواج تم دون اتفاق الطرفين. أما الإيجابيات فتظهر إذا  كان هناك سبب وجيه للزواج بأخرى مثلاً عدم الإنجاب أو عند إخفاق الزوجة وتقصيرها في واجباتها الزوجية أو إصابتها بمرض شديد. أما بخصوص الأبناء وتأثرهم بمثل هذه القرارات فالآثار النفسية للأبناء تكمن في شعورهم بالغيرة، وخسارة حنان الوالد لابتعاده عنهم، وتفكك الأسرة وزيادة المشاكل بين الوالدين».
ونصحت خضري المرأة بأن تتخذ القرار بمنتهى العقلانية، وأن تكون لها حرية القرار بأن تبقى، أو تنفصل ولكل زوجه قدرتها وتحملها، وان تتذكر دائما أن لا تضر نفسها بيدها وتدمر نفسيتها من أجل أشخاص آخرين لأن لها حرية القرار.


الرأي الديني: على الفتاة أن تقبل بأن تكون زوجة ثانية بدلاً من ألا تتزوج

يحدثنا الشيخ الدكتور أحمد المعبي عضو المحكمين ويقول: «الإسلام أباح التعدد، لقوله تعالى: «فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع»، ويجب على الزوجة أن تطبق أحكام الله تعالى. فحين يكون العدل والمساواة بين الزوجات فليس هناك مانع، وكان الرسول يفضل السيدة عائشة على زوجاته، وكان يقول عليه الصلاة والسلام «هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك»، «ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم»، ولكن الرسول عليه السلام كان يعدل بين نسائه بجميع الأمور بالنفقة والابتسامة»

وأوضح المعبي أنه إذا تقدّم رجل للفتاة حتى لو كان متزوجاً، وارتضت دينه وخلقه فلتقبل، قائلا:«أنصح كل فتاة أن تكون زوجة ثانية بدلاً من أن لا تتزوج أبداً، لتتمكن من الإنجاب وتكوين أسرة وتربية أطفالها، قبل أن يفوتها ذلك». وتحدث عن شروط إخبار الزوجة الأولى بإقدام زوجها على الزواج من أخرى مبيناً أنه  يختلف من حالة إلى أخرى ومن شخصية إلى أخرى ، فهناك العصبية والهادئة والمتزنة والمتأنية، وهناك من تقبل بذلك وتفضل الصراحة بينها وبين زوجها حتى لا يخفي عليها أمراً ما، وأخرى ترضخ لظروف تمر بها أو لتربية أبنائها، وأخريات يهدمن بيوتهن. فليس، مؤكداً أنه لا يوجد في الشرع شرط ضرورة إعلام الزوجة بالزواج الثاني.

ويرى المعبي أنه من الأفضل أن يتزوج الرجل ويخرج من منزله طاهراً وتحفظه الملائكة، بدلاً من الخروج من أماكن يوجد فيها السفاح لرفض زوجته ارتباطه بأخرى، ولا يعتبر زواج الرجل من أخرى بدون علم الأولى خيانة، لأنه أقدم على أمر أحله الله ورسوله.
وبين المعبي أن للتعدد فوائد كثيرة منها أنه يزيد الشوق بين الزوجين، ويزيد الاهتمام وحسن العشرة بينهما، ولابد أن تكون الزوجة الأولى سيدة الموقف في تقبّلها زواج زوجها.


الرأي القانوني: لا يحكم القاضي للزوجة بالطلاق بسبب ارتباط زوجها بأخرى  

المحامي والمستشار القانوني أحمد المالكي يقول إن مسألة التعدد أو الزواج بامرأة ثانية وقبول الزوجة الأولى بالوضع الجديد مسألة شخصية وتعود إلى طبيعة المرأة وقناعتها ورضاها. فهناك نساء لا يمكنهن أن يعشن ويتحملن مشاركة امرأة أخرى، وأخريات تجبرهن ظروف الحياة على الموافقة بسبب الجحيم الذي يعشنه داخل منازل أسرهن، مما يجعلهن يوافقن على الفكرة.
ومن الناحية القانونية أوضح أن بعض القضاة لا يقبلون بأن يكون سبب الطلاق هو زواج الرجل من إمرأة ثانية لأنهم لا يعتبرونه سبباً للفسخ.

وأشار إلى أنه لا يمكن للمرأة أن تضع شروطاً على زوجها إذا ارتبط بأخرى، ولكن هناك اتفاقات بين الزوجين، بأن تطلب المرأة زيادة نفقة أو المبيت وأمور أخرى تجعلها توافق على الوضع الجديد. ولا يجوز شرعاً للزوجة الأولى أن تمتنع عن زوجها أو تفرض شرطاً عليه بالإنفاق دون إعطائه حقوقه كاملة، أما إذا حصل اتفاق بينهما فلا مانع من ذلك، وهذا ما يسمى في علم النفس الطلاق العاطفي.

CREDITS

تصوير : محمد يحيى