عن القميص الأبيض الذي صمّمته تكريماً لكارل لاغرفيلد.. هذا ما قالته ديالا مكي

حوار: فاديا فهد 19 أكتوبر 2019

نعود الى ديالا مكّي، الإعلامية المثقّفة والمتمكّنة، في حوار حول الموضة واختيارها من بين ثلاث شخصيات عربيات لتصميم قميص أبيض تكريماً للمصمّم العالمي الراحل كارل لاغرفيلد، فتأسرنا بأجوبتها العميقة وأسلوبها الجريء وتصريحاتها القويّة حول المرأة والمهنة والموضة بشكل عام. جميلة هي ديالا من الداخل والخارج، جميلة واستثنائية في مجالها، وتستحقّ ان تُقرأ بإمعان في هذا الحوار الشيّق.


- أخبرينا عن اختيارك بين ثلاث شخصيات من الشرق الأوسط للمشاركة في تصميم القميص الأبيض الذي اشتهر فيه المصمّم كارل لاغرفيلد على طريقتك، في تحيّة له؟ 

إختياري من قبل العلامة التجارية كارل لاغرفيلد يأتي بعد أقل من عام على رحيل المصمم، وبعد سلسلة افلام وثاذقية قمنا بانتاجها عن دور الأزياء المختلفة التي عمل معها المبدع لاغرفيلد. والإختيار لي من أجمل المكافآت التي حصلت عليها من بعد أكثر من ١٥ عاما من العمل في عالم الأزياء و الموضة. وأجدني سعيدة باختياري الى جانب سيدة الأعمال إنجي شلهوب التي كانت الرائدة في الإستحواذ على ماركة شانيل وغيرها من الماركات العالمية في السبعينيات واستيرادها الى منطقة الخليج، والعارضة عفاف جنيفان التي استطاعت إثبات نفسها في الساحة العالمية في مجال العروض. اللفتة مهمّة لأنها تمنحني فرصة تقديم تحية تقدير وشكر لمصمّم عالمي ترك تاريخاً حافلاً ويعتبر من أكثر المصمّمين المخضرمين تأثيراً في الموضة.

- أيّ علاقة كانت تربطك بالمصمّم لاغرفيلد؟ وما حكاية قرط الأذن الذي أهداك إياه؟

كنت قد التقيت بالمصمم كارل في كواليس عرض فندي FENDI في ميلانو قبل ست سنوات، حين تمكنت من الحصول على سبق صحافي من دون أي موعد مسبق. وكان لاغرفيلد قدّر وجودي في الكواليس لساعات طويلة، آملةً مقابلته وإلقاء التحية عليه. وهكذا بدأت هذه العلاقة التي توثقت موسماً بعد آخر، وعرضاً بعد عرض، من عروض دار فندي FENDI الي عروض شانيل CHANEL، وحتى مشروع الوثائقي الأقرب الى قلبي والذي سمح لي بالتعرّف على شخصية هذا المدير الإبداعي المتواضعة والداعمة للمواهب الشابة من كلّ أنحاء العالم. وفي التفاصيل ان تلفزيون دبي كان قد حصل على حصريّة التواجد في كواليس أهم مشاريع دار شانيل CHANEL في المنطقة العربية، وذلك بعد موافقة الدار إنتاج وثائقي عن تاريخها وميراثها وأهمية اليد العاملة الحرفية في هذه العلامة التجارية التي يعود تاريخها الى عام ١٩٠٩. وكان ان تسنى لي تمضية يومين مع المصمّم لاغيرفيلد، رافقته خلالها في أبرز محطات تحضير عرض من عروض أزيائه الضخمة، من التجهيزات والتفاصيل الأصغر، وحتى اللحظات الأخيرة التي سبقت عرض مجموعة الكروز في دبي عام ٢٠١٥. لا شك في أن تجربة التواجد في كواليس شانيل هي من أجمل الذكريات المهنية التي أحتفظ بها حتى الآن، ربما لأنها احتفت بمنطقة الخليج من خلال رموز واضحة سيطرت على النمط العام للمجموعة. خلال العرض و أثناء وجودي في الصفوف الأمامية، سقط أمامي القرط الشهير المصنوع من حبات اللؤلؤ. ومعلوم أن اللؤلؤ يرمز إلى التجارة الأهم في تاريخ الإمارات العربية المتحدة، فاحتفظت به وسلمته الى المساعد الشخصي لكارل لاغيرفيلد بعد العرض. و ما كان من كارل إلا أن قالي لي: «إحتفظي بهذا القرط كتذكار مني لكِ!». وقد ضمّنت هذا القرط القميص الذي صمّمته تكريماً لكارل لاغرفيلد.

- ما أبرز ما حفظته من مقابلاتك معه؟ هل من عبرة؟ 

كنت أظنّ ان أجمل ما أتذكره من كارل لاغيرفيلد، تفاصيل وأقوال من اللقاءات المختلفة التي أجريتها معه. لكنني اكتشفت في سلسلة الفيديوهات القصيرة التي أنتجتُها خلال الأسابيع التي تلت وفاته، ولقاءاتي مع المدراء الإبداعيين في الدور التي عمل فيها، شخصية كارل لاغيرفيلد المتواضعة والمحبّة والداعمة لمسيرة كلّ من هؤلاء، وإيمانه الكبير بتمكين المواهب الشابة التي اقتنع بها. وهذا نادر في مهنة الأزياء كما في كلّ المهن.

- كخبيرة موضة، كيف أثّر لاغرفيلد المصمّم في الساحة الإبداعية العالمية، وأيّ فراغ ترك غيابه الكبير؟  

عندما رحل المصمّم كارل لاغرفلد نعاه العالم، وهو ما يدلّ على أهمية الإرث الكبير الذي تركه المصمّم على الصعيدين الفني والإجتماعي. الظروف الذي نشأ فيها، والمناهل التي تشرّب منها، وبداياته الواعدة جعلت منه أسطورة لا يمكن أن تتكرّر. لم يكن كارل ظاهرة في صناعة الأزياء فحسب، بل تحوّل إلى أيقونة لثقافة البوب، فور تعيينه كمدير إبداعي في دار شانيلCHANEL في بداية السبعينيات، حين كانت الدار تعاني إقتصادياً، إذ انها لم تسطع أن تغطّي الخسائر التي رافقت رحيل المؤسسة كوكو شانيل. لقد تمكّن لاغرفيلد من إحياء الدار الأيقونية متبعاً إستراتيجية توسّع تتوجّه الى الجيل المعاصر، ومخلداً المصمّمة الفرنسية كوكو شانيل الى الأبد. الجدير بالذكر ان المصمّم الراحل تسلم هذا المنصب في الخمسين من عمره، لكنّ فكره تخطّى حدود المنصب الواحد وتعدّى ذلك الى التصميم لدور أخرى وتنفيذ مشاريع مختلفة في مجال الفنّ والكتابة والتصوير الفوتوغرافي والإخراج. وقد أبى أن يتوقّف عن العمل حتى وفاته التي وضعت نقطة على السطر لعقد من المدراء الإبداعيين اللذين تركوا إرثاً وتاريخاً خالداً في صفحات الموضة العالمية. كارل لاغرفيلد رجل ذات خيال جامح وفكر متحرر وهو يؤمن بأهمية الحفاظ على الميراث العريق لإمرأة غيّرت مفاهيم ومعتقدات متعارف عليها في تاريخ الموضة. نحن اليوم نتذكر كوكو شانيل بسبب نظرة لاغرفيلد الثاقبة التي تمكّنت من إعادة إحياء إرثها في ذهن الجيل الحديث.

- «القميص الأبيض هو أساس كل شيء... وكل شيء يأتي بعده»، كان لاغرفيلد يردّد؟ أراك من عاشقات القميص الأبيض... ماذا عنه؟ 

القميص الأبيض الأيقوني هو أكثر من مجرد أساسيات. بالنسبة الى دار شانيل، القميص الأبيض يدلّ الى توجّه فكري معيّن اتبعته المصمّمة المشاغبة والمثيرة للجدل والتي كانت تعشق الأناقة الرجالية. القميص الأبيض الأيقوني هو من القطع المستعارة من الملابس الرجالية، وهو دليل قوة وتحرّر في عصر قيّد حركة النساء. لقد جاءت كوكو شانيل بأفكارها السابقة لأوانها تطالب بعدم حدّ النساء بأفكار نمطية كانت سائدة في تلك الحقبة، داعيةً الى الديمقراطية في الأزياء، وعدم إظهار الجاه والغنى الذي كان يعكس تفوّق طبقات إجتماعية معينة. أجاب المصمّم الراحل كارل لاغرفيلد ردّاً على سؤال عن إختراع تمنى لو حمل إسمه، انه تمنّى لو حمل القميص الأبيض اسمه. هذا القميص الأبيض الذي نتحدث عنه اليوم، هو أكثر من مجرد مشروع عاطفي، إنه رسالة تقدير و شكر لروح هذا المصمّم المبدع. هناك شعور بالتحدّي يتزامن مع ارتداء هذه القطع الكلاسيكية التي لا تبرز مفاتن المرأة الجسدية… وهو أسلوب و نمط اتبعه كارل لاغرفيلد على الصعيد الشخصي.

- صمّمت مع دار «قزّي وأسطا» قميصاً أبيض كي ترتدينه خصّيصاً في احتفالية كارل لاغرفيلد التكريمية في باريس، وقد كان محور تصوير موضوع غلافنا اليوم. أخبرينا عن عملك هذا؟

قصّتي مع المصمّمين جورج قزّي وأسعد أسطا بدأت حين اتصلت بهما لعرض فكرة تنفيذي لتصميم القميص الأبيض الخاص بتكريم كارل لاغيرفيلد في مشغلهما في بيروت، فرحبا بالفكرة بشكل كبير. وأصرّيت على هذا التعاون مع قزي وأسطا تكريماً لفكر لاغرفيلد الذي لطالما دعم مصمّمين شباب، فأحسست بأنها مناسبة نادرة لإعطاء فرصة لمصمّمين موهوبين يستحقان الإضاءة عليهما في مشروع عالمي. و قد نفّذ الثنائي أفكاري في التصميم وترجموا فكرة «يد لاغرفيلد» في عمل يدوي حرفي عالي الجودة كرمز للمصمّم عندما قدّم لي القرط كتذكار. أما القميص الذي ارتديته في جلسة التصوير الخاصّة بمجلة «لها»، فاستوحى قزي و أسطا فكرته من أسلوب كارل لاغرفيلد، فنجد تفاصيل الطيّات على الأكمام والتي هي من أقدم  التوجّهات الباريسية.

بالعودة إلى إصراري على التعاون مع مصمّمين عرب في مشروع شخصي يتعدّى التنفيذ فحسب، فأنا اعتبره رسالة في غاية الأهمية أحببت أن أوجّهها في الوقت الحاضر، ومفادها ان التعاون مع شباب موهوبين في أي مجال، ينتج عنه نتائج مبهرة تشرّف عالمنا العربي.

- هل يمكن أن نرى ديالا مصمّّّمة أزياء أو صاحبة دار أزياء تحمل توقيعها في الموضة؟

من خلال مشروع القميص الأبيض، كانت لي فرصة ممارسة منصب المديرة الإبداعية لدار أزياء. لذا أفضّل ترك مهنة التصميم الفعلي لأصحاب المهنة المحترفين، حيث أن التصميم يتطلّب معرفة تقنيّة وخبرة في مراحل التنفيذ الفعلية للمجموعة، من الرسم وحتى اللمسة الأخيرة قبل العرض. قوة الإدارة الإبداعية هي في تمكين اليد العملة المحترفة وحثّ الجيل الجديد على هذا القطاع من خلال توفير فرص عمل منصفة له، مع اتّباع استراتيجيات في عالم الأعمال تساهم في النجاح التجاري لأي علامة تجارية.

- قابلت عدداً كبيراً من المصمّّّمين والمبدعين، هل لكِ أن تعدّدي بعضاً منهم وتخبرينا أيّ أثر ترك فيك؟

 هذا سؤال في غاية الصعوبة …أنظر اليوم إلى كارل لاغرفيلد الراحل والذي كان الدافع الكبر في مسيرتي المهنية. جورجيو أرماني المصمّم ورجل الأعمال الذي لا يزال يتابع كلّ تفاصيل مشاريعه الكثيرة، وهو في العقد الثامن من العمر… بيار باولو بيشولي الذي حاورته أخيراً في باريس، هو شخصية رائعة… ماريا غراتزيا كيوري التي تنظر بعين ثاقبة الى مستقبل النساء، محافظة على إرث الماضي… شخصيات كثيرة تشدّني وما زلت أطمع في إنتاج عدد أكبر من الأفلام الوثائقية التي تسجّل تجاربها الملهمة.

- أيّ عاصمة موضة تلهمك أكثر، هذا الموسم وكلّ موسم؟ 

أعشق باريس وأزورها كلّما سنحت لي الفرصة. وقد زرت فيها أهم مشاغل الحرفيين الفرنسيين الذين ما زالوا يحافظون على الحرف اليدوية القديمة والنادرة. كذلك أحبّ نيويورك وأنهل من فنونها ومعارضها. لكن المدينة التي تلهمني في عالم الموضة، هي ميلانو حيث الجو العام لأسبوع الموضة ملهم للغاية، من أناقة الشارع، الى العروض وإبراز حرفة الأزياء والتغنّي بالحرفية العالية للمنتجات الإيطالية. كل هذا يجعل من تجربة ميلانو كل موسم، الأغنى. وهنا لا بدّ ان أشير الى ان عملي لا ينحصر بأسابيع الموضة ومشاغل دور الأزياء فحسب، بل يطاول مشاغل المجوهرات والساعات الثمينة والمهرجانات الكبيرة ووجهات السياحة والتسوق، هذا بالإضافة للملحق الجمالي الذي حدّد وجهات مختلفة من عالم صناعة العطور والمنتجات التي تعنى بالبشرة و الماكياج.

- من هو المصمّم أو المصمّمة التي تستلهمين مسيرتها، إذا قررت خوض تجربة التصميم؟

 ليس بالإمكان تجاهل العوامل الخارجية والظروف الإقتصادية والاجتماعية والسياسية التي كوّنت شخصيات المدراء الإبداعيين الذين يخلدون اليوم في كتب التاريخ. المناخ الإجتماعي العام في عصرنا الحالي لا يشبه ايّاً من العقود السابقة. ولكني وإن كان لا بدّ أن أذكر قصّة ملهمة للنساء اللواتي يقرأن مجلتكم الكريمة، أستلهم قصّة المصمّمة الأميركية كارولينا هيرير التي قررت خوض تجربة التصميم في العقد الرابع من عمرها، وهي مرحلة متأخرة لتأسيس  علامة تجارية، الامر الذي يشكل حافزاً لي ولغيري من النساء اللواتي لا يتقيّدن بنمطيات إجتماعية مفروضة عليهنّ.

 عن صحافة الموضة

- أيّ أثر يمكن أن تتركه صحافة الموضة في عالمنا اليوم؟

لطالما عبرّت من خلال الأفلام الوثائقية التي أُنتجها لتلفزيون دبي، عن مدى علاقة مصمّمي الأزياء عبر العقود بالمجتمعات التي احتضنتهم والأزمنة التي عاشوا فيها. فنّ الأزياء مثل الموسيقى والرسم و السينما و سائر الفنون هو وسيلة تعبير عن الواقع. لذلك فإن مسؤولية الصحافة الجادّة والمتخصّصة كبيرة في توجيه المجتمع والذوق العام الذي يتبع ما يُقدَّم له. لطالما كانت الموضة وليدة نزاعات إجتماعية و سياسية، لذا لا يجب أن نحصر أهمية هذا النوع من الصحافة بمجرد الحديث عن الصيحات الجديدة… ليكون الصحافي ناجحاً في هذا النوع من العمل، عليه أن يكون ملمّاً بتاريخ الموضة والتقنيات التي يعتمدها المصممون، والوضع الاجتماعي كي يتمكّن من نشر التوعية.  

- البعض يقول ان الفكر السياسي الثاقب يصنع العالم، والبعض الآخر يعتبر ان التاريخ يصنعه المبدعون. أنتِ مع أيّة مقولة، ولماذا؟  

لطالما ارتبطت الأحداث المهمْة عبر التاريخ بشخصيات مبدعة  وفنيّة تماماً مثل إرتباطها بالملوك والرؤساء والسياسيين. الفنون الجميلة كانت تعتبر السلاح القوي ذات التأثير الإجتماعي والسياسي الأكبر، والتاريخ يشهد على ذلك. واكبت الموضة تبدّل المجتمعات عبر التاريخ: فكان الدينم مواكباً للديمقراطية والطبقة العاملة، والتويد مرافقاً للمساواة بين الجنسين، كذلك البذلات النسائية مع ايف سان لوران، وجاء «ذا نيو لوك» مع كرستيان ديور كردة فعل معاكسة للتقشّف الذي تركته الحرب العالمية الثانية. هذه أمثلة قليلة تدل على أن التاريخ يكتبه المبدعون بتأثير سياسي وإجتماعي مباشر.

- أيّ رسالة تحملين كشخصية إعلامية لها وزنها في عالم الموضة عربياً وإعلامياً؟

ما أقوله دائما لنفسي وما يجعلني أمضي في عملي بمهنية عالية وعناية بأدقّ التفاصيل، وبالحماسة نفسها، هو أملي بالتأثير الإيجابي في نفوس مشاهديّ ومتابعيّ. أهم رسالة أود توجيهها في يومنا هذا هي الدعوة الى العودة الى الأخلاقيات والتحلي بالقيم العملية التي هي أساس لأي توجّه عملي. نجد العديد من الؤسسات الإعلامية والشركات المتخصّصة بالعلاقات العامة تعيش حالة منافسة شرسة في عالمنا العربي… لا شك في ان العوائق التي تواجهنا على الصعيد الإقتصادي الذي يتأثر بشكل مباشر بتغيّر جذري في كيفية إستهلاكنا للمحتوى يجب أن يدفعنا إلى إتجاه مغاير في تقديم هذا المحتوى، ولكن من دون التخلّى عن أخلاقيات العمل العالية.

- ماذا ينتظرنا في الموسم الجديد من برنامجك؟

لا أرتاح و لا يرتاح فريق عملي في كلّ موسم، قبل أن نعدّ الأفضل والأكثر فرادة، مع السعي الدائم الى التجديد و الإضاءة على هذا العالم الساحر الذي يحمل في طياته قصصاً و عبراً لا نهاية لها. ونحن نتداول المعلومة من زواياها المتعدّدة، ونبثّها على منصات إعلامية مختلفة من التلفزيون (تلفزيون دبي) الى المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي وعلى قنوات طيران الإمارات، بالاضافة الى تعاوننا مع «ذا إنسايدر» بنسخته العربية.

- كشخصية مؤثّرة في عالم الموضة، كيف تنظرين اليوم الى ظاهرة الانستغرام وعلاقتها الوثيقة بالترويج للأزياء والماكياج؟

لا شك في أن كل عقد من الزمن، يشهد تجدداً في وسائل التواصل والإعلام. يسجّل الإنستغرام حالياً متابعة عالية وسيطرة شبه كاملة فيما يختصّ في الترويج للسلع المختلفة، وليس فقط للأزياء والماكياج،.  لكنني أدعو مجدداً الى الإلتزام بالأخلاقيات واعتبار الإنستغرام وسيلة ممكن أن تسهّل على دور الأزياء و غيرها من القطاعات الوصول الى شريحة محدّدة من المتابعين والتنبّه الى أهمية الرسائل الموجّهة وأثرها في الشابّات .

- تميلين أكثر فأكثر الى البساطة في الإطلالة والماكياج، هل وراء ذلك رسالة ما؟

لطالما كنت من محبات الأناقة البسيطة، و إعتمادي الماكياج الخفيف هو ما أشعر بأنه يليق بي أكثر… هذا بالإضافة الى انني وصلت إلى مرحلة من حياتي أشعر فيها براحة نفسيّة مع عدم التقيد بقواعد لطالما فُرضت على النساء في مجال الصحافة والإعلام والتلفزيون. في هذا التصوير لمجلة «لها» لم أتخلَ فقط عن المكياج، بل أيضاً لم أخشَ من إظهار آثار التعب والإرهاق… أجدني متصالحة مع ذاتي بشكل كبير في هذه المرحلة بالذات من حياتي.

- تعودين الى مقاعد الدراسة، أخبرينا كيف وجدت الوقت لذلك؟ وما الهدف من عودتك؟

لم أتوقف يوماً عن التعلّم والبحث، إنها طبيعتي الباحثة دوما عن أصل المواضيع. لذا جاء قرار متابعة دراستي و تحديداً شهادة «الماسترز في القيادة والتجديد في الإعلام الحديث» في الجامعة الأميركية في دبي قراراً طبيعياً لمساري المهني. أما تنظيم الوقت فهو عامل أساسي يمكنّني من مزاولة عملي المتطلّب، وإضافة جدول الدراسة إليه. وما أطمح إليه من هذه الشهادة، هو التواصل مع متخصّصين عالميين و توسيع آفاق معرفتي العملية.

- عمر العمل في التلفزيون قصير، ما الذي تخطّطينه لمرحلة ما بعد برنامجك؟

هذا العمر الإفتراضي الذي نتحدث عنه، يحدّ من قوة المرأة و قيمتها بشكل عام… المرأة ليست مقيدة بعمر، أو شكل و لم يكتب على جبينها تاريخ إنتهاء صلاحيتها… هذا النمط من التفكير يثير سخطي وغضبي… نساء كثيرات مثل انا وينتور واوبرا و غيرهن من الشخصيات البارزة لا يزلن في قمة عطاءاتهنّ وتألّقهنّ الإجتماعي. رحلت فرانكا سوزاني، رئيسة تحرير مجلة فوغ الإيطالية سابقاً، في وقت لم تتوقف فيه عن العمل حتى في مراحل مرضها الأصعب. وما زالت كايت موس و ناومي كامبل من أبرز العارضات العالميات، بالرغم من تقدمهنّ بالعمر… المصمّمة الأميركية كارولينا هيريرا بدأت التصميم في عمر الأربعين… وهناك أمثلة كثيرة ملهمة في هذا المجال. على الصعيد الشخصي، برنامجي يركّز على المحتوى الذي أكتبه و أقوم بإعداده و إنتاجه للتلفزيون والمنصّات الأخرى التي تحدثت عنها… أحب أن أتوجه في المرحلة المقبلة إلى تجارب تمثيلية والتركيز على الكتابة و الاستثمار في نفسي على الصعيد التعليمي. 

- ماذا عن الزواج والعائلة؟ أيّ موقع لهما في حساباتك؟

لا حسابات لهذه المواضيع في الوقت الحاضر.

- إذا طلبتُ إليك أن تضعي عنواناً لكتاب حياتك، ماذا تختارين؟

Mad as a Hatter ما أقصده بهذا العنوان هو كونه «محط كلام» يعود الى القرن الثامن عشر، وقد أطلق على مصمّمي القبّعات الذين كانوا يعانون بشكل صحّي من آثار المعادن في المشاغل، ثم استخدمت هذه العبارة مجازيا للحديث عن شخصيات في عالم الموضة خرجت عن الإطار الإبداعي المعتاد. 

- كلمة أخيرة لقاراءتك في «لها».

أشكر القارءات على محبتهنّ، وأشكر أيضاً أسرة مجلة «لها» التي ظهرت على غلافها منذ ١٥ عاماُ، و تابعت أسرة المجلة مسيرتي عبر هذه السنين وصولا الى قصّة القميص الأبيض الذي أتحدث عن تفاصيله حصريا لمجلة «لها» في هذا العدد.