احتفالات 'الحياة' باليوبيل الفضي

19 نوفمبر 2013

احتفلت الشقيقة «الحياة»، في أحد فنادق لندن، بيوبيلها الفضي، بحضور حشد من السياسيين والديبلوماسيين والإعلاميين العرب والأجانب، في مناسبة جدد فيها الناشر الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز التزامه الكامل بـ «الحياة» واعتزازه «بما أنجزته خلال هذه المسيرة الطويلة الشاقة من عمرها»، معلناً تعيين نجله الأمير فهد بن خالد نائباً للناشر.


وشبّه الأمير خالد، في كلمته أمام الحضور، «الحياة» بـ «عروس بلغت ربيعها الخامس والعشرين، فتيّة نضرة، تكبر كل يوم وليلة، تثبّت أقدامها، وتنشر حولها عبقاً من الثقافة والفكر، تتفانى خدمة لقرائها، تسعد لفرحهم وتحزن لهمهم».

وبعدما شكر الأمير خالد جميع من عملوا في «الحياة» وتعاقبوا على إدارة شؤونها، قال: «أؤكد ثقتي في العاملين كافة على اختلاف مواقعهم وأدوارهم، وأذكّرهم أن القراء ينتظرون منهم المزيد، المزيد من التحديث والإبداع، والتطوير والارتقاء، والتميّز في الأداء، والمزيد من العطاء».

وقال الناشر أيضاً: «في هذه الليلة المشهودة، يسعدني أن أعلن أنني أصدرت التعليمات بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن خالد بن سلطان، المحاضر في جامعة الملك سعود، كلية الإعلام، نائباً للناشر، آملاً أن يكون تعيينه وتعاونه مع مجلس إدارة دار «الحياة» والعاملين عليها، نقطة تحوّل إلى الأفضل: إبداعاً وتحسيناً وتطويراً، حتى يشعر القراء والباحثون بدماء جديدة تؤدي خدمة صحفية وإعلامية وإعلانية متميزة، هم يستحقونها.
لذا، فأنا أنتظر من سموه ومنهم التعاون الكامل مع تحديد النظرة المستقبلية، ومن ثم رسم الاستراتيجيات والسياسات في جميع المجالات: تحريراً ونشراً، توزيعاً وإعلاماً، إعلاناً وإدارة، ثم وضع الخطط اللازمة للتنفيذ. هذا ما أرجوه، وليكن التوفيق رائدهم، والنجاح سبيلهم، والتميّز هدفهم، والله الموفق».

ورد الأمير فهد بن خالد بكلمة قال فيها: «سيدي، وقدوتي، ووالدي العظيم، صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز،

أشكر لسموكم الكريم تشريفكم لي بأن أكون نائبكم، ولا أستطيع إلا أن أقول: سمعاً وطاعة.

وتابع: «أعدكم أن نكون على دربكم سائرين، ولنصائحكم منصتين، ولتوجيهاتكم منفّذين، ولأهدافكم، بإذن الله، محققين.

وأدعو الله أن أكون عند حسن ظنّكم، خادماً مطيعاً، وابناً باراً. وأن يجعلني، دوماً، فداء لكم. أطال الله عمركم سيدي، وجعلكم لنا، في حياتنا، ذخراً ونوراً».

وكان بين الحضور سفراء كل من السعودية الأمير محمد بن نواف، وفرنسا برنار ايمييه، ولبنان إنعام عسيران، والبحرين أليس سمعان، والجزائر عمار عبة، واليمن عبدالله الرضي، وتونس نبيل عمّار، وليبيا محمود الناكوع، وعدد من الديبلوماسيين والإعلاميين العرب والأجانب.

وخلال الاحتفال سلّم الأمير خالد بن سلطان هدايا تقديرية للسيدة روز شويري تقديراً للراحل أنطوان شويري. كما سلّم هدايا مماثلة لكل من بيار شويري، وجهاد الخازن، وجورج سمعان، وسليم نصار، وداود الشريان، ومطر الأحمدي، وباتريك سيل شفاه الله (تُرسل إليه)، وروبير جريديني، وهدية تقدير للزميل الراحل يوسف إبراهيم تسلمتها أرملته مي غلاييني، وهدية تقدير للعاملين في «الحياة» تسلمها غسان شربل. وتسلّم الأمير خالد هدية تقدير من العاملين في دار «الحياة»


اليوبيل الفضي لـ«الحياة»
خالد بن سلطان
الإثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٣

ألقى ناشر «الحياة» الامير خالد بن سلطان كلمة في الاحتفال الفضي، لمناسبة مرور 25 عاما، على اعادة اصدار الصحيفة من لندن. وفي ما يأتي نص الكلمة:

 

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

والْحَمْدُ للَّه رَبِّ الْعَالَمِين

والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِ المُرسَلين

 

أصحابَ السموِّ الأمراءَ

أصحابَ المعَالِي والسعادةِ

الضيوفَ الأفاضلَ

إخواني وأبنائي منسوبي دار «الحياة»

السلام عليكم ورحمة الله،

 

أشكرُ لكم تشريفَكُم عُرْسَنا الصحافيَّ الليلةَ، احتفاءً باليوبيلِ الفضيِّ لعروسٍ بلغتْ ربيعَهَا الخامسَ والعشرينَ، فَتِيَّةً نَضِرَةً، تكبُرُ كلَّ يومٍ وليلةٍ، تُثَبِّتُ أقدامَهَا، وتنشُرُ حولَهَا عَبَقاً من الثقافةِ والفِكْرِ، تتفانَى خدمةً لقرّائِهَا، تسعَدُ لفرحِهِم، وتحزَن لِهَمِّهِم. إرضاءُ قرّائِهَا سعادةٌ لها ولكلِّ منسوبيهَا، تبذلُ كلَّ جَهْدِهَا لتطويرِ نَفْسِهَا. تُقدِّمُ المعرفةَ على أُسُسٍ علميةٍ صحيحةٍ، لتبليغِ رسالةٍ ساميةٍ، تحقيقاً لأهدافٍ نبيلةٍ، وترسيخاً لِقِيَمٍ عظيمةٍ، إِنَّهَا جريدةُ «الحياة»، فمرحباً بِكُمْ.

في خريفِ العام 1988، أُعيدَ إصدارُ «الحياة» مِنْ لندن، باستئجارِ رخصةِ مُزاولةِ نشَاطِهَا، وقد ظَلَّتْ عربيةَ التَّوجُّهِ والهَوِيَّةِ، منذُ أَسَّسَهَا كاملُ مُرُوَّة، الذي دفعَ حياتَهُ ثمناً لمواقِفِهِ الصريحةِ ومبادئِهِ القويمةِ. وبعد فترةٍ قصيرةٍ، عُدِّل وضعُ الاستئجارِ إلى شراءِ الرخصةِ، وإصدارِ تراخيصَ إعلاميةٍ جديدةٍ. وأصبحَ لـ «الحياة»، في المملكةِ، مكتبٌ إقليميٌّ تتبعُ له مكاتِبُهَا في دولِ الخليجِ، ويشاركُ فِي الموادّ التحريريةِ الدوليةِ.

لقد أُعيدَ إصدارُ «الحياة» في فترةٍ كانت تتجمعُ فيها نذرُ عواصفَ وتحولاتٍ. وكان على «الحياة» أَنْ تثبتَ وجودَهَا فِي خِضَمِّ سلسلةٍ لا تنتهِي من الأزماتِ السياسيةِ الكبرَى: غزوِ دولةِ الكويت وحربِ تحريرِهَا، سقوطِ جدارِ برلينَ وانهيارِ الاتحادِ السوفياتي وتَفَرُّدِ الولاياتِ المتحدةِ الأميركيَّةِ بقيادةِ العَالَمِ، وانفجارِ يوغوسلافيا بمعانِيهِ ومآسِيهِ وما تَبِعَهُ مِنْ حروبٍ عرقيةٍ في البلقانِ، وتطوراتِ القضيةِ الفلسطينيةِ بحروبِهَا ومفاوضاتِهَا، ثُمَ هجماتِ الحادي عشرَ من سبتمبر، وغزوِ أفغانستانَ والعراقِ. وفي الأعوامِ الثلاثةِ الأخيرةِ، اندلعَتْ فِي عدةِ دولٍ عربيةٍ فوضَى عارمةٌ وضياعٌ كاملٌ، هدمٌ ودمارٌ، أُطلق عليها ثوراتُ «الربيعِ العربيِّ»، فهل هُوَ حقّاً ربيعٌ أمْ خريفٌ عربيٌّ؟ وفِي موازاةِ تلكَ الأحداثِ الكُبْرَى، تمزقتْ دولٌ، وبرزتْ نزعاتٌ عِرقيةٌ عنيفة وطائفيةٌ متشددةُ، استهدفتْ دولَ العالمِ جميعَها.

كانت «الحياةُ» تُشاركُ في نقلِ هذه الأحداثِ، عبرَ مُراسلِيهَا ومُوفَدِيهَا. ولا أبالغُ إن قُلْتُ إنَّ «الحياةَ» سرعانَ ما حققت لنفسِهَا موقعاً ريادياً في الصحافةِ العربيةِ، مَرَدُّه تميزُهَا بدقةِ أخبارِهَا، وعمقِ فِكْرِ كتّابِها، وثراءِ محتوى مقالاتها. كلُّ ذلكَ بمزيجٍ بارعٍ من الحريةِ والمسؤوليةِ والمهنيةِ الصارمةِ، والالتزامِ الكاملِ بميثاقِ الشرفِ الصحفيِّ، الذي رَسم للعاملينَ قواعدَ العملِ، التي تليقُ بالجريدةِ والقائمينَ على شؤونها.


الحضور الكرام

لم يكن طريقُ «الحياةِ» ممهَّداً أو مفروشاً بالورودِ، فالإرهابُ كانَ أبرزَ تحدياتِهَا، إذ هو يكرهُ النجاحَ ويمقتُ التقدمَ، لا يؤمنُ إلاَّ بالدمارِ والتَّخلفِ وسيلةً للحياةِ، عدوٌّ لنفسِهِ قبلَ أنْ يكونَ عدواً لِمنْ حولَهُ، لم تسلمْ منه دولةٌ، أو تنجُ منه أمةٌ أو شعبٌ، والأحداثُ مِنْ حولِنَا تُثبتُ سوءَ مبادئهِ الهدَّامةِ، وفسادَ أغراضِهِ الخسيسةِ، ففي نهايةِ العامِ 1996 وبداية العامِ 1997 مِنَ القرنِ الماضِي، استقبلتْ مكاتبُ «الحياةِ» فِي واشنطن ولندن وفي مبنَى الأممِ المتحدةِ في نيويورك عدةَ رسائلَ ملغومةٍ، ظَنّاً من الإرهابِ أن تلك الرسائل سوف تُوهِن مِنْ عزائِمِنَا، وتهدُّ من سواعِدِنَا وتوقِف مسيرتَنَا، فالكلمةُ الصادقةُ تحرقُه، وكشفُ أكاذيبِهِ يثيرهُ، وفضحُ مؤامراتِه يُبين خسَّتَهُ ونذالَتَهُ.

وكما تعوَّدْنا في «الحياة» ألاَّ نلقيَ التُّهمَ جُزافاً، أو نعلِّق أخطاءنَا على شماعةِ الآخرين، ولم نسبحْ مع تيارِ ما روَّجت له وسائلُ الإعلامِ الأخرى، بل تناولنا الموضوعَ في هدوءٍِ ورويةٍ، واتَّبَعْنَا التحليلَ العلميَّ، فلم نتهم إيرانَ أو العراقَ وقتَها، بل دافعتُ عنهما في مقالةٍ نُشِرت بعنوان «حياةٌ أو لا حياة»، واعترضتُ على سياسة الاحتواء المزدوج، التي كانت رائجةً وقتئذٍ. حتى إسرائيلَ لم نتَّهِمْهَا صراحةً، بل أبديتُ وجهةَ نظري واضحةً في ما تَفْعَلُهُ وما يجب عليها فِعْلُهُ. ومن ثَمَّ، ألقينا المسؤوليةَ على كلِّ إرهابٍ أو تطرفٍ أو عنفٍ يُوِجَّه إلى أي دولةٍ، أو يروِّعُ أيَّ شعبٍ، في أي زمان ومكان.

والحمدلله، زادنا اللهُ قوةً، ومضتْ رسالةُ «الحياةِ»، عروسِ ليلتِنَا، من دون وهنٍ أو ضعف، وازداد اهتمامُنا بحمايةِ القائمينَ على أمرها وتأمينهم. وكنتُ أردد دوماً الآية الكريمة: «وَيَمْكُرُون وَيَمْكُرُ اللهُ واللَّهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ». إذ إنهم أردوا بنا شرّاً فأثابنا اللَّهُ خيراً، ازداد توزيعُنا، وغمرنا عطفُ الدولِ والشعوبِ، وانهالتْ علينا رسائلُ المحبةِ والمؤازرةِ، وشهد بصدقيتنا الأعداءُ قبلَ الأصدقاءِ. وواجهْنا ذلك الإرهابَ الفكريَّ بمزيدٍ من حرية الرأي، واحترامِ الرأي الآخر، وفتحنا صدورَنا للذين يتحاورون بالكلمة والحُجَّة، وليس بالأسلحةِ والمتفجرات، وبذلنا مزيداً من الجَهْدِ إرضاءً لقرَّائنا، الذين ظلوا يساندوننا في السرَّاءِ والضرَّاء.

وكان إصدار «ميثاق شرفِ العملِ الصّحفيِّ» محطةً مهمةً في مسيرةِ «الحياةِ». فقد كان سَبْقاً لكثير من الدور الإعلامية، وقد صدّرناه بمقدمة تُختصرُ فيها موادُّه كلُّها، التي التزم بها العاملون جميعاً، قناعةً بأهميتِهِ، والتزاماً بِقِيَمِهِ ومهنيتِهِ. مقدمةٌ قلنا فيها نصّاً:

إن تشييدَ «دار صحفية»، يمثلُ، في الحقيقةِ، بدايةَ عقدٍ معنويٍّ وأدبيٍّ، بينها وبين القارئ. وصدورُ المطبوعةِ الصحفيةِ، يُعَدّ توقيعاً للعقد من جانبها. أمّا شراؤها، فهو توقيع للعقد من جانب القارئ. لذا، فعلى المطبوعة الصحفية، جريدة أو مجلة، أن تراعي شروط العقد العامة عند التجميع والتحرير والإصدار، وهي، على سبيل المثال وليس الحصر، أن تكون المادة الصحفية محلُّ العقد مشروعةً، غيرَ مخالفة للنظام العام والآداب، وأن تكون خاليةً من عيوب الإرادة، مثل الإكراه أو الغش أو التدليس.

فالعلاقة بين الصحافي والقارئ، ليست عقداً أدبياً أو تجارياً فقط، بل هي حوار، له آدابه: حوار شريف مهذّب، حوار يتمسك بالأسس الأخلاقية والمبادئ الإنسانية. وشتّان ما بين حوار يرتكز على السباب والتجريح واتهامات الخيانة والعمالة، وبين حوار يرتكز على الاحترام المتبادَل، في الرأي والفكر والمعتقد، مهما تباينتِ الآراءُ أو اختلفتِ الأفكارُ.

إن رسالتنا، في صرحنا الإعلامي، هي رسالةٌ أخلاقية، إنسانية، علمية، ندعو من خلالها إلى حفظ النَّفْسِ والعرض والمال والعقل، نهتم بتحقيق رفاهية الإنسان، وندافع عن حقوقه، ونزوِّده بالمعرفة، وننقل إليه الخبرات، ليحيا حياةً فاضلة كريمة.

تلكُمْ فقراتٌ من ميثاق شرف العمل الصحفيّ، الذي كلّما حاولنا تطويرَه أو تحسينَه أو تعديلَه، وجدناه ما زال صالحاً، يَفِي بالغرضِ، ويواكبُ كلَّ وقتٍ وحين، لا ينتهكُ قانوناً، أو يغمط حقّاً، مختصراً، واضحاً لا لَبْسَ فيه.


الإخوة الحضور

لم تكن الرحلةُ سهلة، كما ذكرت، فقد مورست على المراسلين ضغوطٌ مختلفةٌ، بلغت حدَّ التهديدِ والسجنِ في بعض الحالات، لكنّ خَيارَ «الحياةِ» فَرَضَ نَفْسَهُ، وكان شديدَ الوضوح منذ البداية: نُفَضِّل أن نخسر سوقاً أو أكثر، ولا نقبلُ أن نخسر جزءاً، ولو قليلاً، من استقلالها.

رفضت «الحياةُ» أساليبَ الترغيبِ التي تتناقضُ ونهجَهَا، وكذلك رفضت أساليبَ الترهيبِ التي كانت شائعة حينذاك، واحتفظت بأهم ما يمكن أن تمتلكَه وسيلةٌ إعلاميةٌ، وهو ثقةُ القارئِ بصدقيتها ونزاهتها. فقد كانت «الحياة» دائماً ضد أسلوبِ التشهيرِ والمسِّ بالقِيَمِ الإنسانيةِ، والثوابت الدينية، وقواعد التعايش السلميِّ، كما أنها، في الوقت نفسه، ضد أساليبِ النفاقِ، وانتهاكِ أخلاقياتِ المهنةِ. لذا، باتت «الحياةُ» جزءاً من ذاكرة المنطقة، وشاهداً أميناً على ما عاشتْهُ وروتْهُ على صفحاتها. ومَن يتطلع إلى كتابة أحداث هذه المرحلة من تاريخ أمتنا، بخيرها وشرها، فسيجد في «الحياةِ» ما يُعِينُه على تصويبِ الرواياتِ، وتفسيرِ الأحداثِ.

وقد أنعمَ اللَّهُ على عروس الليلة بشقيقات يُؤْنِسْنَ وحدَتَهَا، ويشاركنها رحلتَها. منهن من نجحتْ ومنهن من لم يتحقق لها النجاحُ الذي كنَّا نبتغِيه، وأقصد بذلك مجلةَ «الوسطِ»، التي أوقفنا إصدارها بعد فترة من الوقت التزاماً بما عاهدنا به أنفُسَنا: أن نُحاسِبَ قبل أن نُحَاسَب، ونَنْتَقِدَ أنفسَنَا قبل أن نُنْتَقَد، نُراجِعَ قبل أن نُراجَعَ، نُعدِّلَ ونُصَحِّح قبْل أن يُفرضَ علينا التعديلُ أو التصحيحُ.

ولقد وَفَّقَنا الله، في العام 2001، إلى إصدار مجلة «لها»، مجلة نسائية، تُعَبِّر عن آراءِ «نصفِ المجتمعِ» اللاتي يَلِدْنَ النصفَ الآخرَ. مجلةٌ نافست بشرفٍ ما يمتلئ به السوق العربيُّ من مجلات مشابهة، فكان لها قصبُ السَّبْقِ والتفوق وتحقيق نجاحات: تحريرية وإعلانية، حتى غدتْ مجلةَ المرأةِ العربية وأسرتِهَا. وذلك بفضلٍ من الله، ثم بفضلِ جهودِ أسرة تحريرها، وعلى رأسها الأستاذ مطر الأحمدي، الذي سلّم رايِتَها إلى رئيسة التحرير الأستاذة هالة كوثراني، التي ننتظرُ منها التطويرَ والتحديثَ والإبداعَ، حتى تُضْحِيَ «لها» متفرِّدةً في تحريرها وإخراجها وإدارتها.

أمّا الشقيقة الثالثة فهي مجلة «ليالينا» السعودية، التي تمتلكُ دارُ «الحياةِ» خمسين في المئة من أسهمها، والتي صارت مجلةَ مناسباتِ كلِّ أسرةٍ وذاكرتَها، تُسجل مناسباتِها السعيدةَ، وتَنْشُر الفرحةَ وتَرْسِم البسمةَ، سجلاًّ اجتماعياً عائلياً تاريخياً، ومقصدَ كل عُرس.

أمّا الرابعة، فهي نشرة «الوسيلة» الأسبوعية، تمتلكها دار الحياة بنسبة خمسين في المئة، تغطي تسع مناطق، ويبلغُ عددُ الموزَّعِ من نُسَخِهَا ما يقارب مليون نسخة أسبوعية، لا يَسْتَغْنِي عنها الكبيرُ أو الصغيرُ، التاجرُ أو المستهلكُ، البائعُ أو المشترِي. تُنشَر فيها إعلاناتٌ من كلِّ حدبٍ وصوبٍ، وفي شتَّى مناحي الحياة، للأفراد والسلع والخدمات، للقطاعَيْن الخاصِّ والعامِّ، للأجهزة الحكومية والأعمال الخاصة. حقّاً إنَّها وسيلةٌ تجاريةٌ مهمةٌ، أرى ضرورةَ الاهتمامِ بها وتطويرِهَا، لأنها تُيِسِّرُ تبادلَ الخدماتِ بأنواعها المختلفة، بَيْعاً وشِرَاءً وتَدَاوُلاً.

أظلت هذه المطبوعات دارٌ سميناها «دارَ الحياةِ»، تيمناً بعروس الليلة، ووفقنا الله إلى مجلس إدارة برئاسة العميد الطيّار الركن عايض الجعيد. رجالٌ وضعوا مصلحةَ الدّارِ نُصبَ أعيُنِهِم، وعاهدوا الله على تنفيذ ما حددناه من سياسات واستراتيجيات في رسائلنا إلى رئيس التحرير وقتئذ، في 24 نوفمبر 1990، وفي الثالث من أبريل 1993، والتي لا تزال صالحة، من وجهة نظري، حتى الآن، فزاد التوزيعُ، وباتت «الحياةُ» تُطْبَع في سبعِ دولٍ وتسعِ مُدنٍ، وتقلصت الخسائرُ وبدأنا نقترب من نقطةِ السواءِ، وذلك كلّه بمهنيةِ مجلس الإدارةِ: الفنية والإدارية، متحلِّين بأمانةِ الكلمةِ، وشرفِ المسؤولية، ووازعٍ من الضمير الحيِّ.


الإخوة الحضور

أجدُ لزاماً عليَّ أن أذكُرَ عواملَ النجاحِ التي ساعدتْ عروسَ الليلةِ لتبقَى متألقةً في سماءِ الإعلامِ، ومتميزةً في العملِ الصحافيِّ الناجحِ.

أولاً: إن اختيارنا للعاملين في دارِ «الحياةِ» لم يكنْ قائماً على أساس: الجنسية أو الدين أو العرق أو الطائفة، بَلْ كان المعيارُ هو المهنيةُ الصحافيةُ، والجدارةُ الخُلُقيةُ، وحبُّ العملِ والتفانِي في سبيلِهِ.

ثانياً: لم يكنْ لـ «الحياة» أن تنجح من دون رؤساءَ تحريرٍ أَكفْاء، تاريخُهُم المهنيُّ يشهدُ لهم، سمعتُهُم بيضاءُ من غيرِ سوءٍ، مهنيتُهُم واضحةٌ في أقوالِهم وأفعالِهم، في كتاباتِهم وتحليلاتِهم، في حواراتِهم وتعليقاتِهم، قُوَّتُهُم في إخلاصِهِم لعملِهم وجَهْدِهم، فكان تَمَيُّزُ «الحياة» الذي لا ينكره أحد. وأخص بالذكر الأستاذ جهاد الخازن، الذي أخذَ على عاتِقِهِ مَعِي جَهْدَ إعادةِ الحياةِ إلى «الحياةِ»، وظلّ يُثريها بعمودِهِ المتنوعِ «عيونٌ وآذانٌ»، البليغِ المختصرِ، مُوْصِلاً المعلومةَ في رشاقةٍ وخفةِ ظلٍّ. وكذلك نخص بالذكر الأستاذَ جورج سمعان والأستاذَ غسّان شربل، المشهودَ لهما بالعِلْمِ والخُلُقِ، وبالثقافةِ وبذلِ الجهدِ. رؤساءُ تحريرٍ حققوا الرِّيَادة لجريدةِ «الحياةِ».

ثالثاً: استقطبت «الحياةُ» أسماء بارزةً، فقد نَشَرَ في صفحاتها الأساتذةُ قسطنطين زريق ونزار قباني وغازي القصيبي وإدوارد سعيد ومصطفى الفقي، وكذلك كتّابُ المقالاتِ وأصحابُ الأعمدة الأساتذةُ داود الشريان وعبدالعزيز السويد وخالد الدخيل وباتريك سيل وسليم نصّار وغسان سلامة وعرفان نظام الدين، ورندة تقي الدين وراغدة درغام وبدرة البشر، وآخرون لا يقلون قِيمَةً وقامةً. كما حفلت «الحياةُ» بمقالاتٍ لرؤساءَ دولٍ ورؤساءَ حكوماتٍ ووزراءَ وأمناءَ عامين للأممِ المتحدةِ. وكانت الديناميكيةُ أساسَ عملِهَا، فقد أجرت «الحياةُ» مئاتِ الحواراتِ مع ملوكٍ ورؤساءَ دولٍ وسياسيين، ونَشَرَتْ مذكراتِ شخصياتٍ مهمةٍ أدّت أدواراً في مراحلَ حاسمةٍ في التاريخِ القديمِ والحديثِ.

رابعاً: تبنَّتْ جريدةُ «الحياةِ» مفهومَ النشرِ الإلكترونيِّ وواكبتْ ثورةَ المعلوماتِ، إذِ استطاعتْ توظيفَ الإمكاناتِ: البشريةِ والماليةِ، ضمنَ فريقِ عملٍ يتميزُ بالجديةِ في الأداءِ، والإبداعِ والابتكارِ، ووفقَ خُططٍ مدروسةٍ، للتوسعِ في الوسائلِ الإعلاميةِ، وربطِهَا بآليةٍ تضمنُ الوصولَ الى إعلامٍ متعددٍ يحققُ أهدافَهُ:

السياسيةَ والاقتصاديةَ والاجتماعيةَ والإعلاميةَ. لقد أُسِّسَت وحدةُ النشرِ الإلكترونيِّ كوحدةِ عملٍ مستقلةٍ: إدارياً ومالياً وتحريرياً، بهدف الوصولِ إلى غرفةِ أخبارٍ موحَّدةٍ خلالَ فترةِ ثلاثِ سنواتٍ، تنتهي بنهاية العام 2015، تتولَّى تأمينَ المحتوى والمضمونِ لوسائطَ دار «الحياةِ» من مطبوعاتٍ وقنواتٍ رقميةٍ. وقد سُمح لهذه الوحدةِ بإعادةِ نشرِ جميعِ محتوَى مطبوعاتِ دارِ «الحياةِ» الورقيةِ على القنوات الرقميةِ الخاصةِ بالدَّارِ كافةً.

خامساً: شهدت «الحياةُ» ولادةَ طبعَتِها السعودية، التي تَصْدُر يومياً في ثلاث نُسَخٍ، تُلْقِي الضَّوْءَ على مسائلَ وقضايا تُعنَى بالشؤونِ المحلية، فضلاً عن المحتوَى العربيِّ والدوليِّ، لتيسرَ للقرَّاء مواكبةَ التطوراتِ: الخارجيةِ والداخليةِ في آنٍ واحدٍ، ضمنَ طبعةٍ أنيقةِ المظهرِ، ثَرِيَّةِ المادةِ والمحتوَى. وقد تولَّى رئاسةَ هذه الطبعةِ الأستاذُ جميلُ الذيابِي، ونَفّذَ خُطَّتَهَا المعتمدةَ وحَقَّقَ أهدافَهَا بمهنيةٍ عاليةٍ.

سادساً: لم تنسَ «الحياةُ» المخلصين من أبنائها القائمينَ على شؤونِها، فقد تأسَّس صندوقٌ تعاونيٌّ منذُ أكثرَ من عشرِ سنواتٍ، بدأ بمبلغ خمسمائةِ ألفِ دولار، لدعم منسوبي الدَّارِ وذَوِيهِمْ ومساندتِهِم في السرَّاءِ والضرَّاءِ، وتلبيةً للاحتياجاتِ الشخصيةِ المُلِحَّةِ، ولتغطيةِ ما يفوقُ تغطيةَ التأمينِ الصحيِّ من نفقاتٍ، وفقَ نظامٍ وإجراءاتٍ واضحةٍ، يُصرف بموجَبِهَا الدعمُ الماليُّ المطلوبُ، عرفاناً بجهدهِمِ وإخلاصِهِم، وتفانِيهِم في عملِهِم.

سابعاً: لم تُوَجَّه إلى «الحياةِ» أيُّ تُهمةٍ أو شُبهةٍ بالعمل لمصلحة جهةٍ، أو الانحيازِ أو الضُّلوعِ في الترويجِ لفكرٍ متطرفٍ أو منحرفٍ، أو الدعوةِ إلى سياساتٍ عِرقيةٍ أو كراهيةٍ مذهبيةٍ، ما زادها صدقيةً واحتراماً لدى قارئِها.

قبل أن أختتمَ كلمتي، أود أن أُعيدِ تأكيدَ التزامِي الكاملِ بـ «الحياةِ»، واعتزازي بما أنْجزَتْه وما أَنْجَزْتُه معها خلالَ هذه المسيرةِ الطويلةِ الشَّاقةِ من عمرِهَا. وأكرر شكرِي لجميع من عملوا في «الحياةِ»، وتعاقبوا على إدارة شؤونها في جميع المجالاتِ. أشكرُ لهم كلَّ جَهْدٍ بذلوه، وكلَّ عملٍ مُتْقَنٍ أَدَّوه. كما أؤكدُ وأجددُ ثقتي في العاملينَ كافةً على اختلافِ مواقعِهِم وأدوارِهِم. وأذكِّرُهُم أن القرّاء ينتظرون منهم المزيدَ، المزيدَ من التحديثِ والإبداعِ، والتطويرِ والارتقاءِ والتميزِ في الأداءِ، والمزيدَ من العطاءِ.

وفِي هذه الليلةِ المشهودةِ، يُسْعِدُنِي أَنْ أُعلنَ أنني أصدرتُ التعليماتِ بتعيينِ الابنِ صاحبِ السموِّ الملكيِّ الأميرِ فَهْدِ بن خالدِ بن سلطان، المحاضرِ في جامعةِ الملكِ سعودٍ، كليةِ الإعلامِ، نائباً للناشرِ، آملاً في أَنْ يكونَ تعيينُهُ وتعاونُهُ معَ مجلسِ إدارةِ دارِ «الحياةِ» والعاملينَ عليها، نقطةَ تحولٍ إلى الأفضلِ: إبداعاً وتحسيناً وتطويراً، حَتَّى يشعرَ القرَّاءُ والباحثونَ بدماءٍ جديدةٍ تؤدِّي خدمة صحفيةً وإعلاميةً وإعلانيةً متميزةً هُمْ يستحقونَهَا. لذا، فأنا أنتظرُ مِنْ سُمُوّهِ ومِنْهُمُ التعاونَ الكاملَ، مع تحديدِ النظرةِ المستقبليةِ، ومن ثمّ رَسْمِ الاستراتيجياتِ والسياساتِ فِي جميعِ المجالاتِ: تحريراً ونشراً، توزيعاً وإعلاماً، إعلاناً وإدارة، ثم وَضْع الخطط اللازمة للتنفيذ. هذا ما أرجوه. وَلْيَكُنِ التوفيقُ رائِدَهُمْ، والنجاحُ سبيلَهُم، والتميزُ هدفَهُمْ. والله الموفِّق.

والسلام عليكم ورحمة الله.


كلمة صاحب السموّ الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز

في الاحتفال باليوبيل الفضي لجريدة «الحياة»
لندن، 16 نوفمبر 2013

 

 ندوة «الحياة صحيفة في عالم يتغير»
لندن - «الحياة»
الإثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٣

ندوة «الحياة صحيفة في عالم يتغير»


أقامت «الحياة» صباح أول من أمس السبت، بمناسبة الاحتفالات بمرور 25 سنة على إعادة إصدارها، ندوة حاشدة بعنوان «الحياة في عالم متغيّر» تحدث فيها نخبة من الكتّاب والمفكرين عن التغيير الذي أدخلته «الحياة» على عالم الصحافة العربية في صدورها الثاني في لندن عام 1988.
كما تناول المتحدثون أبرز ميزات «الحياة» وقوّموا مسيرتها التي وضعتها في مصاف الصحف العالمية الكبرى وجعلت منها «مصدر ثقة» للقراء والباحثين وصانعي السياسات.

افتتح رئيس تحرير «الحياة» الأستاذ غسان شربل الندوة بالترحيب بالحاضرين، وعلى رأسهم الناشر الأمير خالد بن سلطان ونجله الأمير فهد بن خالد.
وقدّمت رئيسة تحرير «لها» هالة كوثراني للجلسة الصباحية الأولى التي تحدث خلالها البروفسور فواز جرجس، المحاضر في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة لندن ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط فيها، الذي لفت إلى أن «الحياة لم تقع في الخطأ القاتل وهو إسقاط الرأي على المعلومة»، بل «حافظت وما زالت تحافظ على الفصل بين الرأي وبين الخبر الموضوعي».

وزاد أن هذا التميّز في مجال صدقية الخبر اقترن أيضاً بنجاح «الحياة» في تكوين شبكة مراسلين في معظم العواصم العالمية والعربية الأساسية، وهو أمر لم يكن متوافراً آنذاك سوى لقلة من الصحف العالمية الكبرى مثل «نيويورك تايمز» و «واشنطن بوست» و «لوس أنجليس تايمز».

وبعدما أشار إلى أن «الحياة» كانت من أوائل الصحف التي دخلت مجال النشر الإلكتروني، تحدث عن صفحات الرأي فيها قائلاً إنها «نسخة مصغرة عن التعددية الثقافية والأيديولوجية في العالم العربي» وإنها «لم تستبعد أي رأي» ما سمح بإيجاد «حيّز من هامش الحرية» لم يكن متاحاً في وسائل الإعلام الأخرى.

كما أشار إلى أن «الحياة» أثبتت أنها «لا تتحدث بلغة الحداثة بل هي تؤمن حقاً بالحداثة»، لافتاً إلى أنها لم «تتخندق في أيديولوجيات معينة» بل كانت منفتحة على أصحاب الآراء المختلفة، كما أنها «لا تستهين بذكاء القارئ القادر على التمييز بين الصالح والطالح».

ثم تحدثت الدكتورة فوزية البشر، الكاتبة والروائية السعودية وصاحبة زاوية «ربما» في «الحياة»، عن تجربتها كصحافية امرأة - وتجربة جيلها - في المملكة العربية السعودية، وقالت إن جيلها تفتح وعيه في ثمانينات القرن الماضي في فترة كانت ما زالت تتميز بقيود على ما يُسمح بدخوله إلى سوق المملكة (مثل كتب عبير ونجيب محفوظ وغادة السمان ونزار قباني).
ولفتت إلى محظورات مماثلة في الإعلام المقروء والمسموع الذي كان يقدّم الكلام الرسمي ويصوّر الأوضاع دائماً على أن «كل شيء بخير».

وتابعت أنها بدأت عملها في القسم النسائي في صحيفة «الرياض» وتعلمت كتابة الريبورتاج على الطريقة اليابانية التي تقوم على «المحاكاة والتقليد».
وتابعت: «لم يكن أحد يعرف أن مكتب النساء في الصحيفة يبعد نحو 10 كيلومترات عن مكتب الرجال، وأن الرجل الوحيد الذي كانت النساء على تواصل معه كان السائق آدم الذي يأخذ مواد الصحافيات إلى مقر الرجال».
وروت أن الصحافيات طلبن في إحدى المرات من رئيس تحرير «الرياض» أن يسمح لهن بالمجيء للإطلاع على طريقة التعامل مع المواد التي يكتبنها وكيف تتم طباعة الجريدة «فرحب بالفكرة». لكنها أضافت أنها وزميلاتها زرن المقر فوجدن رئيس التحرير قد أخلاه من الرجال فلم يشاهدن سوى الأجهزة التي تُستخدم لطباعة الجريدة.

وتابعت أن صحيفة «الحياة» كان يُنظر إليها في تلك الفترة على أنها صحيفة للمثقفين و «رأيناها متعالية» كونها لم تهتم كثيراً بالشأن المحلي. وزادت أن هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 «هزت الجدران» و «وجدنا أنفسنا في عالم صاخب متغيّر» في مواجهة «رأي عام محلي متشدد».
لكنها زادت أن هذه الهجمات سمحت بظهور تيار من المثقفين في وسائل الإعلام في مواجهة التيار المتشدد في السعودية، و «بدأنا ندرك أن الصحافة قادرة على المساهمة في التغيير»، لافتة إلى أن «الحياة» كانت آنذاك من الذين «احتضنوا التغيير واهتمت بإنشاء مكتب للنساء وسمحت لهن بشراكة حقيقية مع الرجال». وتابعت «اكتشفنا أن الحياة تسابق في احتضان آراء جريئة وطرح شجاع». وقالت: «كنا نعتبر الحياة مدرسة. كنا من قرائها، وصرنا الآن من كتابها».

وفي الجلسة الثانية من الندوة، تحدث الكاتب والسياسي المصري الدكتور مصطفى الفقي، وهو أحد كتّاب المقالات في «الحياة»، قائلاً إن قيمة صحيفة «الحياة» اتسمت بالتنوع الواضح في الجغرافيا والآراء المتنوعة التي تنشرها. ولفت إلى أن «الحياة» ليست مدينة في نجاحها لقطر عربي دون آخر.
كما أشار إلى «حضور الفكر على الخبر الهزيل» في صفحاتها، خاتماً بأن «لا شك في أن الحياة ستواصل مسارها المهني الموضوعي».

أما الدكتور خالد الدخيل، الأستاذ الجامعي والكاتب في «الحياة»، فأشار، من جهته، إلى أن إعادة إطلاق «الحياة» عام 1988 جاءت في خضم مرحلة مزدحمة بالأحداث. وقال إن عام 1988 كان عام انتهاء الحرب الإيرانية - العراقية وبعده بسنة بدأ تصدع المعسكر الشرقي ثم حصل غزو الكويت.

فـ ملأت فراغاً»، إذ إنها منذ انطلاقتها الثانية لم تكن صحيفة محلية بل غطت الأحداث العربية والدولية خصوصاً ما يعني العالم العربي.

وقال إن رؤية «الحياة» ليبيرالية ثقافية، وبها هامش من حرية الرأي والاستقلالية.

كما تحدث عن فكرة الارتباط بين العائلة والصحيفة، مشيراً إلى أن الأمير خالد عضو في العائلة الحاكمة في السعودية، لكن «ليس دقيقاً - بل يمكنني القول إنه ليس صحيحاً - أن الأمير خالد (بشرائه الحياة) جزء من مشروع العائلة الحاكمة».
وللدلالة على ذلك نقل الدكتور الدخيل عن الأمير خالد قوله في كتابه «مقاتل من الصحراء» إنه كان يشعر منذ زمن طويل بأن الصحافة العربية متخلّفة عن الصحافة في الغرب وإنه كان يتمنى أن يتمكن من أن يلعب دوراً في تحسين أداء الصحافة العربية فجاءته الفرصة عام 1988 عندما وافق على تمويل إعادة إطلاق «الحياة». وقال إن الهدف كان إطلاق صحيفة في مصاف مثيلاتها في الغرب وتتميز بخط تحريري مستقل ومهني وبتغطية واسعة.