رُشّح فيلمها إلى جائزة الأوسكار - وعد الخطيب: "الى سما" فيلم يحمل المأساة السورية الى العالم

حوار: فاديا فهد 29 يناير 2020

"إلى سما" للمخرجة السورية وعد الخطيب والمخرج البريطاني إدوارد واتس، و"الكهف" للمخرج السوري فراس فيّاض، فيلمان سوريان سيحملان المأساة السورية في شباط/فبراير المقبل إلى مسرح "دولبي" في هوليوود، بعد اختيارهما على القائمة المُختصرة لترشيحات جوائز "الأوسكار" عن فئة أفضل فيلم وثائقي. ويوثّق فيلم "إلى سما" تفاصيل المعاناة التي شهدتها مدينة حلب السورية، من خلال يوميات مخرجته وعد الخطيب كأمّ تحت الحصار والقصف. ويُعيد الفيلم تقديم مشهد الحرب في سوريا بعد نحو تسع سنوات على اندلاعها، مع كلّ ما تثيره من مشاعر خوف وهلع وتساؤلات حول المستقبل. وقد فاز الفيلم حتى الآن بعشرين جائزة بريطانية وعالمية، بينها أربع جوائز في مهرجان "بريطانيا للأفلام المستقلة"، وجائزة "العين الذهبية" في "مهرجان كان السينمائي"، وصار حديث الساعة في مجال صناعة الأفلام الوثائقية. في هذه المقابلة، تتحدّث الصحافية وعد الخطيب عن فيلمها الغالي على قلبها، والذي أهدته الى ابنتها سما.  


- رُشّح فيلمك "إلى سما" لنيل جائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم وثائقي، ما كان شعورك لحظة إعلان الترشيح؟ وهل كنت تتوقعين الفوز؟

أنا سعيدة جداً باختيار فيلمي "إلى سما" على القائمة المُختصرة لترشيحات جوائز "الأوسكار" عن فئة أفضل فيلم وثائقي. لن أدخل في التوقّعات. فيلمي نابع من القلب، وأتمنى أن يدخل قلوب أعضاء لجنة التحكيم.

- ما الرسالة التي يحملها الفيلم إلى العالم؟

فيلمي يحمل رسالة أمل ومحبّة وتعاضد اجتماعي وإنساني، في مواجهة الدمار والقتل والموت. إنها رسالة تؤكد أن حبّ الحياة أقوى من الموت. وهو يحمل المأساة السورية الى العالم، متمنياً أن تنهض سورية من كبوتها حرةً مستقلة جميلة كما كانت دائماً. 

- تسيرين على خطى نادين لبكي في فيلمها "كفرناحوم" الذي نال جوائز عدّة ورُشِّح أيضاً الى جائزة أوسكار، هل شاهدت فيلمها؟ وهل أثّر فيك؟

يشرّفني أن أسير على خطى المخرجة الكبيرة نادين لبكي، وقد شاهدت فيلمها "كفرناحوم" وأثر فيّ كثيراً. بغض النظر عن أن بطل الفيلم طفل سوري. نادين مدرسة في الإخراج نتعلّم منها جميعاً.

- استغرق تصوير فيلم "إلى سما" 500 ساعة تصويرية عبر السنوات الخمس التي عشتها كزوجة وأمّ في حلب تحت القصف، أخبرينا أكثر عن مسيرته؟

هذا صحيح، لقد استغرق تصوير فيلم "إلى سما" أكثر من 500 ساعة تصويرية ممتدّة لـ 5 سنوات. بدأت التصوير بهاتفي المحمول عام 2011 تاريخ انطلاق الثورة السورية، ثم طوّرت مهاراتي وأدواتي التصويرية على مدى السنوات الخمس اللاحقة. لقد كان الهدف من الفيلم إيصال صوتي كامرأة وزوجة وأمّ سورية، ونقل تجربتي في العيش جنباً إلى جنب الموت، بين دمعة وابتسامة، بين اليأس والأمل، بين الأسود والأبيض... وهي تجربة عاشها الشعب السوري في مناطق عدّة. لقد انتهت تلك المرحلة بتهجيري وعائلتي إلى تركيا، ومنها إلى لندن. لحظة وصولي الى تركيا، شعرت بمسؤولية تحويل هذه الساعات التصويرية الطويلة الى فيلم ينقل مأساة السوريين الى العالم. وهكذا كان. بدأت العمل على الفيلم سنة 2017 وقد استغرق التنقيح والمونتاج نحو سنتين، وساعدني فيه المخرج البريطاني إدوارد واتس. وأتمنى أن أكون قد حقّقت في عملي هذا الهدف الإنساني الكامن وراء هذا الفيلم.

- علمنا أن ثمّة مشاهد عنيفة اضطررتِ والمخرج واتس إلى حذفها، ماذا عنها؟

صحيح، لقد اضطررنا الى حذف مشاهد عنيفة عدة تضمّنها التصوير، لكننا حافظنا على التوازن بين مشاهد الموت والحياة، كي تصل الرسالة الإنسانية والمعاناة من دون أن ينفر المشاهد من حجم الموت الذي في الفيلم. أتمنى لو كان بإمكاني أن أُجمّل الفيلم أكثر، من دون أن أخفّف من ألم التجربة التي عشتها في حلب. ما نشاهده في الفيلم هو قصّة انتهت قبل ثلاث سنوات، لكنها تشبه أيضاً قصصاً كثيرة عاشها ويعيشها السوريون اليوم.

- ما كان رد فعل ابنتك سما عندما شاهدت الفيلم؟

عمر ابنتي سما أربع سنوات، وهي لم تشاهد الفيلم بعد، بل شاهدت الإعلان الترويجي الخاص بالفيلم. وقد صدمني رد فعلها على الإعلان. الواقع أننا مررنا بفترة عاطفية صعبة بعد خروجنا من حلب، وكانت سما تعاني من كوابيس مستمرة، وهو ما جعلني أُبعدها عن تفاصيل عملي على الفيلم. أتمنى أن تشاهد الفيلم عندما تكبر أكثر، وتعطيني رأيها الحقيقي فيه.

- أبطال الفيلم حقيقيون، هل تأثّروا لدى مشاهدة الفيلم؟

أبطال الفيلم حقيقيون وهم: زوجي الطبيب في مستشفى حلب، والممرّضون والأطباء الزملاء والمرضى. لقد كانت ردود فعلهم بالنسبة إليّ مفرحة بعدما عبّروا لي عن سعادتهم بوصول معاناتهم في فيلم إلى العالم. وقد وصلتني أيضاً رسائل عدة من سوريين لا أعرفهم شاهدوا الفيلم وتأثروا به، أتذكّرها اليوم وأتأثر كثيراً وأنا فخورة بردود الفعل هذه.

- تستمتعين بنجاحك وفوزك بجوائز عالمية، هل من غصّة تنغّص فرحتك هذه؟

أنا سعيدة جداً بنجاح الفيلم عالمياً. وقد أنشأت ما يُعرف بـ "أكشن فور سما"، وهي مبادرة تحاول أن توظّف نجاح الفيلم كي تضيء على مأساة الشعب السوري المستمرة ومعاناتهم مع القصف والتهجير والقتل والدمار. وفي الوقت نفسه، أشتاق الى حلب، المدينة التي أحبّ.

- ما هو الفيلم التالي الذي تحضّرينه؟

فيلمي التالي ليس واضح المعالم بعد، لكنه وثائقيّ يتناول أيضاً المأساة السورية إنما من منظار آخر. وأتمنى أن ينال النجاح الذي ناله فيلم "الى سما".

- من هي وعد الخطيب، وكيف تحدد أهواءها السينمائية؟

أنا امرأة سورية خرجت من رحم مأساة وطنها. أؤمن بالحرية. تحدّيت الظروف الصعبة وبدأت من الصفر في عملي التصويري والإخراجي، وأتمنى أن أقدّم أعمالاً أخرى مؤثّرة في المجتمع الدولي، انطلاقاً من الحياة التي عشتها.

- ماذا عن أحلامك المهنية؟

حلمي أن أتابع مسيرتي في صناعة الأفلام التي تحمل رسائل إنسانية قويّة وتلفت إلى قضايا المظلومين والمقهورين.