عازفة البيانو إيمان قستي: حققتُ حلمي بالوقوف على مسارح المملكة العربية السعودية

جدة - آمنة بدر الدين الحلبي 02 فبراير 2020
عزفتْ إيمان قستي فأطربت الأرواح والنفوس، ونسجت معزوفاتها على نول ذاتها الذي بنته بالوعي الفني، وطرّزت بموسيقاها أحلام الشباب. حين غازلت أناملها أصابع البيانو، أسمعت من به صمم، وأصغت الطبيعة لعزفها، وأنشدت البلابل صوت موسيقاها الجميلة، فأغمضت عينيها وسرحت إلى البعيد مع ذاتها لِتُطْرِبَ العاشقين، وتزرع السعادة في قلوب الحاضرين. ابنة العشرين ربيعاً نقشت بصمة في سماء الإبداع الموسيقي، حين وقفت على مسرحَي جدّة والرياض وقدّمت أروع المقطوعات الموسيقية خلال الحفلات التي نظّمتها هيئة الترفيه، فأعادت الى ذاكرة الحاضرين سمفونيات من الزمن الجميل، لأسماء عالمية كبيرة لا تزال مطبوعة على جدار الذاكرة. وحين مثّلت إيمان المملكة العربية السعودية في "منتدى دافوس" في سويسرا، أبهرت العالم بعزفها على أوتار القلوب. العازفة إيمان قستي في حوار.


- بدأتِ بعمر صغير العزف على الأورغ، لماذا انتقلتِ إلى البيانو؟

والدتي تملك موهبة العزف على الأورغ، فمهّدت لي الطريق بثقافتها الواسعة عن الموسيقى وشجّعتني للسير على خطاها، فبدأت العزف على آلة الأورغ، ثم تحوّلت إلى البيانو نظراً لإعجابي الشديد بموسيقى العازفين العالميين، أمثال شوبان وبتهوفن وموتزارت... فحلمتُ، وحقق والدي الحلم بتقديمه لي بيانو هديةً.

- ما الموسيقى التي كانت تلامس روحك؟

موسيقى العازف الفرنسي ريتشارد كلايدرمان، خصوصاً مقطوعته الموسيقية بعنوان A Comme Amour ، فهي هادئة لامست روحي، وأخذتني إلى عالم ساحر جعلني أبدأ بالعزف على البيانو وأنا في سنّ الخامسة عشرة.

- متى تشعرين بضرورة العزف على البيانو؟

القلب يحتوي على مشاعر وأحاسيس من الصعب التعبير عنها بالكلام، ويكتنز طاقة لا يمكن تفريغها إلا من خلال العزف الموسيقى، فأعبّر عما في داخلي من حزن أو فرح بالعزف على البيانو.

- أين كانت آخر مشاركتك الموسيقية؟

في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي من ضمن "موسم الرياض"، وكانت مشاركة رائعة، وشهد الحفل إقبالاً جماهيرياً كبيراً، حيث عزفتُ ألحان أغانٍ عربية وحوّلتها بلمساتي إلى موسيقى أجنبية جعلت الجمهور يسرح بأحاسيسه مع عزفي.

- ما هي الأغنيات العربية التي عزفتِ ألحانها؟

عزفتُ ألحان أغنيات: "كلمة حلوة وكلمتيْن" للفنانة داليدا، "قلبي ومفتاحه" للفنان فريد الأطرش، و"أهواك" لـ"العندليب الأسمر" عبدالحليم حافظ.

- أي شعور خالجك حين تلقيت دعوةً للمشاركة في موسم الرياض الترفيهي؟

هذه الدعوة مدعاة فخر لي، فمن خلالها حققت حلمي بالوقوف على مسارح وطني، وأنا سعيدة جداً بما وصلت إليه المملكة العربية السعودية من تطور في المجالات كافة. وسرّ سعادتي يكمن في إعطائي الفرصة للتعبير عن مشاعري وأحاسيسي من خلال دعم الجهات الخاصة والحكومية لي لإبراز موهبتي، والفضل في ذلك يعود لرؤية 2030 التي فتحت الأبواب أمام الفتيات السعوديات الموهوبات ليحققن أحلامهن التي طال انتظارها.

- شاركت في حفل الموسيقى الكلاسيكية في مركز الملك فهد الثقافي في الرياض بصحبة عازفة الكمان العالمية كلوي شوا، وعازف البيانو العالمي جوردن باك، صفي لنا شعورك وأنت تعزفين إلى جانب موسيقيين كبار؟

سعادتي لا توصف وأنا أعزف مع نجوم عالميين. لطالما حلمتُ بالوقوف معهم على نفس المسرح، وتحقق هذا الحلم، حيث ألهموني بعزفهم وفنّهم، وتركوا أثراً جميلاً في نفسي، وأغنوا ثقافتي الموسيقية، وفتحوا لي الطريق للوصول الى العالمية، علماً أن السعودية مليئة بالمواهب الفذّة التي تستطيع أن تعطي الجمال للآخرين من روحها الخلاّقة والمبدعة.

- ماذا عزفت حينذاك؟

عزفتُ مقطوعة موسيقية تحت عنوان Tears، وأخرى بعنوان Secret Garden.

- مثَّلت المملكة العربية السعودية في منتدى "دافوس" في سويسرا، أحد أكبر المنتديات الاقتصادية العالمية، ونافست كبار العازفين العالميين، كيف وصلت الى العالمية؟

مشاركتي في منتدى "دافوس" في غاية الأهمية، لكنني أطمح الى الأفضل عالمياً، وقد شعرت بفخر كبير لكوني فتاة سعودية تمثّل بلادها ثقافياً في دافوس، فتلك المشاركة أكدت أن المملكة العربية السعودية تشهد تطوراً ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً، وفي إمكان فتياتها أن يحققن إنجازات كبيرة ويمثلنها في الخارج خير تمثيل.

- من رشّحك لتلك المشاركة؟

بعد النجاح الذي حققته من خلال إحدى مشاركاتي في المملكة، رشّحتني جهات حكومية للمشاركة في منتدى "دافوس" حيث وضعت بصمة جميلة وكنت سفيرة للمملكة آنذاك.

- هل حققت أمنيتك بالوصول الى العالمية؟

أعتبر مشاركتي في منتدى "دافوس" الاقتصادي العالمي خطوة مهمة وجريئة في مسيرتي الفنية، لكن العالمية تحتاج الى مزيد من المثابرة، والخضوع لتدريبات مكثّفة.

- كيف تصفين تلك المشاركة على الصعيدين المحلي والدولي؟

كانت مشاركة رائعة على الصعيد المحلي إذ جاءت بدعم من الحكومة الرشيدة التي مهّدت لنا الطريق برؤية 2030. أما على الصعيد الدولي فقد أثبتت مشاركتي تلك للعالم جدارة الفتاة السعودية وتمكّنها من تمثيل بلادها أفضل تمثيل في الخارج، خصوصاً أنني التقيت خلالها بأشخاص يشغلون مراكز اجتماعية وسياسية مهمة.

- تعرّفت هناك إلى شخصيات عالمية لها نفوذها، بمَ أفادك هذا التعارف؟

أفادني كثيراً، فلم أكن أتوقع أن العزف على البيانو ممكن أن يوصلني الى أشخاص مهمّين عالمياً ولهم نفوذهم، فالتعرف الى هؤلاء هو شرف لي، والحوار معهم منحني ثقافات عالمية متعددة، وأكسبني الكثير من الخبرات الدولية، وأعطاني فسحة كبيرة للتعبير عن أحوال المملكة العربية السعودية وما آلت إليه من تطور كبير في كل المجالات بفضل خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ومن منبر "لها" أرفع لهما أسمى آيات الشكر والامتنان لرؤية 2030 التي قدّمت الدعم للمواهب السعودية، وفتحت أمامها الأبواب على مصراعيها.

- كيف تنظرين إلى تلك الرؤية؟

رؤية 2030 تقدّم كل الدعم لشبان وشابات المملكة العربية السعودية، وتعدهم بمستقبل زاهر إذ تجعلهم يسيرون بثقة وأمان ليحققوا ما يصبون إليه من أحلام وتطلعات.

- أين ترى إيمان نفسها في 2030؟

عازفة بيانو محترفة بنوتة أكاديمية، وأسعى لتأسيس معهد موسيقي خاص بي لتعليم الأجيال القادمة الثقافة الموسيقية وتاريخها للنهوض بهم في المملكة العربية السعودية.

- قدمت عدداً من المعزوفات الموسيقية العربية والعالمية، فما أهمها؟

قدمت "مجموعة إنسان" للفنان محمد عبده، و"قدّيش كان في ناس" و "يا سهر الليالي" للفنانة فيروز، و "Winter Sonata" و "Elegy of The Victims".

- هل تعزفين على البيانو بدون نوتة؟

ألّفت نوتتي الموسيقية، ومشيت وراء إحساسي، وترجمت الموسيقى للتعبير عن مشاعري في كل حفلاتي، وتدرّبت كثيراً بعد أن أنهيت دراستي الموسيقية من خلال النوتة.

- هل ما زلت تدرسين في قسم اللغة الإنكليزية؟

بدأت بدراسة الأدب الإنكليزي، ولكنني سرعان ما غيّرت الاختصاص وقررت دراسة الإدارة العامة في جامعة اليمامة.

- عزفت على مسرح السفارة الألمانية ومسرح السفارة الأميركية، ما الفارق بين جمهورَي هذين البلدين؟

الجمهور الألماني كان أكثر تجاوباً من الجمهور الأميركي مع مقطوعاتي الموسيقية، وهذا يعود الى ثقافة البلد الغنية بالموسيقى الجميلة التي تعود الى آلاف السنين، والموسيقيين الكبار من أمثال بيتهوفن. كما أن التبادل الثقافي بين ألمانيا والسعودية دلالة على عمق العلاقات الثنائية بين البلدين. وإذا تحدّثنا في العموم، فأوروبا هي التي جمعت عازفي البيانو الذين تركوا إرثاً ثقافياً رائعاً.

- رؤية 2030 أتاحت فرصاً فنية مهمة للمواهب السعودية، فما رأيك؟

رؤية 2030 جعلت المملكة تسير بخطى واثقة وسريعة نحو التطور الثقافي والعلمي والاقتصادي، لتكون بين مصاف الأمم المتقدمة، مما يدل على رؤية صائبة من حكومة رشيدة تتطلع الى بناء مستقبل الشباب وإعطائهم الفرص في كل المجالات الإبداعية، ليخطوا خطوة نوعية في طريق أحلامهم.

- تسعى هيئة الترفيه لإبراز المواهب السعودية، كيف تنظرين الى جهودها؟

الهيئة العامة للترفيه تعمل بدأب لإبراز المواهب الشبابية، ووضعهم في المكان الذي يليق بهم، وهذا يدعو الى الفخر والشموخ، وما علينا إلاّ أن نواصل العمل ونكثّف التدريبات لنكون الأفضل دائماً.

- أيّهما تحبّين أكثر: موزارت أم شوبان؟

أحب العازف موزارت، لكن أعشق شوبان بكل الرومانسية التي يعزف بها، لأنه يمتلك مشاعر يستطيع إيصالها الى المتلقي بسرعة، فأي لحن لشوبان يلامس روحي، ويؤثر في مشاعري، ويمنحني الأمان والاستقرار.

- اشتهر بيتهوفن بـ"سمفونياته التسع"، هل تسمعين مقطوعاته الموسيقية؟

بيتهوفن هو ملهمي من خلال قصته المؤلمة، لكن إعاقته لم تمنعه من تأليف موسيقاه الخاصة، حتى ترك للأجيال اللاحقة إرثاً عظيماً وإبداعاً خالداً. لذا فحين أسمع مقطوعاته الموسيقية تجيش في نفسي المشاعر وأستمر في تعلّم العزف. لقد ترك بيتهوفن أثراً كبيراً في حياتي.

- هل تعزفين للفنان موزارت؟

أعزف "Symphony No. 40" لأنها المقطوعة الموسيقية الأكثر شهرةً لموزارت، وتنال إعجاب المستمعين حول العالم، وقد غنّت فيروز هذا اللحن في أغنية "يا أنا". والأعمال الموسيقية التي أنجزها موزارت في طفولته كانت باهرة، والتي أنجزها في سنّ النضج كانت أكثر إبهاراً.

- ما هي أحلامك في عالم الموسيقى؟

أحلم باستكمال دراستي للموسيقى، وأن أفتتح معهداً لتعليم الأجيال القادمة وتثقيفها في المجال الموسيقي، كما أطمح للوصول الى مستوى عالٍ في الموسيقى والعزف على مسارح عالمية.

- متى ستبدأ إيمان بالتأليف الموسيقي الواسع؟

بدأت فعلاً التأليف الموسيقي، ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، وما عليّ إلا الاستلهام والاجتهاد لتحقيق ما أصبو إليه.

- ممّنْ تستلهمين العزف؟

أستلهم من مواقف تعبُر روحي فتدفعني للعزف على البيانو.

- من هواية الكتابة، ماذا تسطرين في أناملك؟

أحاول رصد أحاسيسي أثناء الكتابة، وكل ما أشعر به في حياتي، وأحياناً أصيغ لحناً مما سطّرته أناملي في الكتابة.

- ما الذي تحب إيمان سماعه لتجعل أحاسيسها متقدة؟

صوت الفنان تامر حسني، فهو يلامس روحي.

- هل تميلين إلى الموسيقى الرومانسية؟

أميل إلى الموسيقى الحزينة.

- ماذا تقولين للفتاة السعودية؟

اكتشفي ما بداخلك، فالمجال أمامك مفتوح، عبّري عن مشاعرك، وانطلقي لتحققي أحلامك.