أعمال البيئة الشامية تقع في فخ التكرار!!

عباس النوري, بسام الملا, ميلاد يوسف, رشاد كوكش, رفيق سبيعي, أيمن رضا, مسلسل

15 سبتمبر 2009

رغم عمل الفنانين السوريين على نشر المعالم الشامية عبر أعمالهم إن كان في الشعر أو  الرسم أو التوثيق التاريخي وغيرها من الأعمال الفنية، فإن الدراما التلفزيونية السورية استطاعت وبجدارة أن تنشر الخصوصية الشامية إلى العالم العربي والعالمي... 

ومن أول الأعمال التي حققت صدى طيباً في هذا المجال، كان مسلسل «أيام شامية» الذي حمل توقيع المخرج بسام الملا، لتتوالى أعماله عن البيئة ذاتها من خلال مسلسل «الخوالي»، ومسلسل «ليالي الصالحية»، لينتهي به الأمر في مسلسل «باب الحارة» في أجزائه الثلاثة، وليكرس بذلك على أنه صاحب مشروع الأعمال الشامية في الدراما السورية.

وكان نجاح الجزء الأول من مسلسل «باب الحارة» وفي ما بعد الثاني دافعاً كبيراً لشركات الإنتاج لتدخل خط الأعمال الشامية كونها مطلوبة وتدر الربح الوفير، بما أنها مطلوبة عربياً وفضائياً، والأهم أنها أعمال مضمونة بمعنى أنها لا تحتاج إلى رقابة داخلية محلية، ولا رقابة عربية من المحطات، فهي أعمال شعبية فنتازية بعيدة عن أي تيار سياسي أو ديني وتصلح في أي زمان ومكان.

وهذا ما تم تجسيده هذا العام بإنتاج خمسة أعمال تتناول البيئة الشامية، ثلاثة منها تم عرضها على المحطات الفضائية، «باب الحارة» في جزئه الثالث، «بيت جدي»، «أهل الراية»، فيما عرض عملان آخران على محطات مشفرة هما «الحصرم الشامي» في جزئه الثاني»، و«أولاد القيمرية»، مما جعلهما خارج المنافسة حتى عرضهما على المحطات المفتوحة والحكم عليهما ضمن مجموعة الأعمال البيئية.

ولم يكن الإقبال على تلك الأعمال محصوراً بالمشاهدين أو بإرادة تجارية من الشركات الإنتاجية وتوجيه من المحطات العربية، بل أيضاً من نجوم الدراما السورية. فقد جسد أهم نجوم الدراما السورية. أدوار بطولة في تلك الأعمال الشامية، فجمال سليمان يدخل الحارة الشامية للمرة الأولى في مسلسل «أهل الراية»، وبسام كوسا في مسلسله «بيت جدي» بعد أن قتل بشخصية الإدعشري في مسلسل «باب الحارة» بجزئه الأول. وعباس النوري يتصدى لعملين شاميين، عمله الخاص الذي ساهم بكتابته «أولاد القيمرية» ويحكي فيها عن حارته التي عاش فيها، ومسلسل «الحصرم الشامي» الذي لعب دور البطولة فيه، فيما بقيت الساحة مفتوحة أمام الفنان سامر المصري ليكون البطل في الجزء الثالث من «باب الحارة». وهكذا فأعمال البيئة الشامية لهذا العام جاءت ببطولات لأهم نجوم الدراما السورية.

وبعد انتهاء عرض الأعمال، أحيلت تلك المسلسلات على التقويم ومنهم من فضل عملاً على آخر ومنهم من اختلطت عليهم الأحداث والمشاهد. وفي نظرة سريعة على هوية تلك الأعمال، نجد عوامل مشتركة بينها يبدو أنها السبب في هذا التشابه الذي طغى عليها...

فكاتب مسلسل «باب الحارة» مروان قاووق هو الذي كتب مسلسل بيت جدي لهذا العام وكلاهما يتناول البيئة الشامية ذاتها بمفرداتها.

ومخرج مسلسل «أهل الراية» المخرج علاء الدين كوكش هو المشرف على مسلسل «بيت جدي»، وسبق أن أخرج العام الماضي الجزء الأكبر من مسلسل «باب الحارة».

إذاً هناك علاقة طردية ما بين الأعمال الثلاثة وهذا ما جعل التشابه والتكرار واضحين في تفاصيلها وأحداثها.

هذا بالإضافة إلى اشتراك مجموعة من الممثلين في الأعمال الثلاثة حتى أننا بتنا أمام إشكالية حقيقية، ومنهم الفنانة أناهيد فياض والفنان وائل شرف، وناجي جبر، وسليم كلاس، وهدى شعراوي، ووفيق الزعيم، ووفاء موصلي، وأيمن رضا، وغيرهم من الفنانين... حتى أن بعضهم قد جسد أدواراً متشابهة في العملين، مما أفقد كل عمل من تلك الأعمال خصوصيتها وألقها.

ومع إطلالة الأعمال الثلاثة على الشاشة، كان نصيب «باب الحارة» في البداية هو الأكبر من حيث المتابعة مستنداً إلى نجاح جزءيه الأول والثاني، لكن في ما بعد لفت مسلسل «أهل الراية» الأنظار إليه وإلى حكايته وأبطاله، فأصبح من أكثر تلك الأعمال متابعة، إضافة إلى مسلسل «بيت جدي» الذي كان الأكثر ابتعاداً عن تلك البيئة، وتناول حكاية خاصة كان من الممكن أن توسم لأي بيئة أخرى.

ومع هذا كله فقد نالت تلك الأعمال نصيبها من المشاهدة والمتابعة والنجاح رغم تكرر حكاياها وتعاقب الكتاب والمخرجين أنفسهم عليها، مما يعني أن هذا النوع من الدراما السورية هو نوع مطلوب ومحبوب. ولا ندري إن كان ذلك سيشجع المحطات الفضائية على طلب المزيد من تلك الأعمال في الموسم المقبل وبدل أن نشهد خمسة أعمال هذا العام يتضاعف العدد في العام المقبل ولتصبح الدراما السورية بالمجمل هي دراما البيئة الشامية.

قالوا عن أعمال البيئة الشامية:

الفنان عباس النوري: يجب إعادة النظر في أعمال البيئة الشامية...

الفنان عباس النوري الذي كان حاضراً هذا العام من خلال مسلسله الذي يتناول البيئة الشامية «أولاد القيمرية» الذي شارك في كتابته، وصف عمله على أنه عمل توثيقي لمرحلة محددة من مجتمع هذه الحارة الدمشقية العريقة، وأن أحداث العمل حقيقية من لحم ودم.

هذا بالإضافة إلى مشاركته في بطولة مسلسل «الحصرم الشامي» الذي تعرض لفترة محددة في الشام تناول فيها سياسة تلك الفترة والحياة الاجتماعية السائدة بحلوها ومرها. وفي حديثه عن أعمال البيئة الشامية، أوضح النوري أن تلك الأعمال كانت  حاضرة منذ بدايات الشاشة الفضية، حين بدأت على شكل أعمال كوميدية، لكن في ما بعد تطورت لتصبح أعمال البيئة الشامية في قالب درامي يلتصق أكثر بالحياة والناس. ومع انتشار تلك الأعمال وكثرتها يدعو النوري إلى إعادة النظر في تلك الأعمال وأن تتم قراءة الشام من خلال الأعمال الدرامية قراءة مثقفة، وأن تكون لتلك الأعمال مصداقيتها ومرجعية حقيقية لهذا التراث، وأن لا تقتصر الأحداث على لباس الشخصيات والخناجر التي يحملونها، وأن يتم الابتعاد عن كتابة حارات بعيدة عن أرض الواقع ولا وجود لها حقيقة، وأن لا تكرس أعمال البيئة الشامية لغرض الاستثمار التجاري فقط بل أن يتحمل القائمون على تلك الأعمال مسؤولية ما يقدم في تلك الدراما مهما كانت طبيعة العمل وما يتناوله من أحداث. وعن جماهيرية هذا النوع من الدراما، يرى النوري أن الشام بيئة محببة ومؤثرة، كما أن للشام ثقافة عريقة التي لها تأثيرها وحضورها الأخاذ الذي يشد المشاهد نحوه، وهذا ما تكرس عبر تلك الأعمال التي عرضت البيئة الشامية بكل تفاصيلها.

المخرج رشاد كوكش: لكل عمل شامي خصوصيته...

أما المخرج رشاد كوكش مخرج المسلسل الشامي «بيت جدي»، فيرى أن أعمال البيئة الشامية هي موضة كما كانت موضة الفنتازية التاريخية وبعدها جاءت موضة  الأعمال المعاصرة والآن نحن نعيش موضة البيئة الشامية في الدراما السورية.

وعن الأعمال التي تناولت البيئة الشامية لهذا العام، يقول إنها أعمال مختلفة ولكل منها خصوصية في تناول جانب من دمشق القديمة ببيئات تاريخية مختلفة، ونفى أن تكون تلك الأعمال مستنسخة أو متكررة بل هي أعمال متنوعة تدخل نطاق البيئة الواحدة دون أن تتشابه في مضمونها.

المخرج بسام الملا: النكهة المحلية سر نجاح العمل الشامي

وعن نجاح عمله «باب الحارة» وأعمال البيئة الشامية عموماً، يرى المخرج بسام الملا أن سر نجاح عمله هو الصدق والإيمان بما يقدمه، وكذلك الشكل الفني المناسب مما جعل العمل يخترق الحواجز ويصل إلى القلوب.

بالإضافة إلى النكهة المحلية التي أحبها الناس والتي تم التعبير عنها بأصالة، وتقديم هذه البيئة الجميلة بحب وأمانة. فقد أخذ الملا على عاتقه، وهو ابن دمشق، أن يقدم صورة المجتمع الدمشقي الحقيقية، وهذا ما جعل الناس تحب قيم الحارة الدمشقية ونماذجها وشخوصها.

الفنان رفيق سبيعي: الأعمال الشامية بضاعة رائجة

الفنان رفيق سبيعي الذي جسد دور البطولة والزعيم في مسلسل «الحصرم الشامي»، يرى في الأعمال الشامية أنها بضاعة رائجة كثر مقلدوها، وهي أعمال فرضتها شركات الإنتاج بعد أن لاقت إقبالاً من الجمهور، وبدأت هذه الأعمال بمسلسل أ«يام شامية» الذي استقطب جماهيرية كبيرة آنذاك ومن بعدها تتالت الأعمال التي تناولت البيئة ذاتها وبمفرداتها المختلفة.

الفنان أيمن رضا: غير راض عن الأعمال الشامية رغم عملي فيها

أما الفنان أيمن رضا الذي شارك هذا العام بعملين يتناولان البيئة الشامية، «باب الحارة»، و«أهل الراية»، فيؤكد أنه غير راض عن أي عمل شامي يتناول تاريخ دمشق من خلال الشوارب وخناقات النسوان وحكاياتهن، وأن عمله في تلك الأعمال لا يعني أنه راض عنها، وأن مشاركته فيها لا يعني أنه مسؤول عن هذه الأعمال بل هو معني بحدود دوره فقط.

وعن سبب عمله في تلك الأعمال، فذلك لأن إنتاج تلك الأعمال أصبح غزيراً بالإضافة إلى أنواع أخرى من الأعمال التي أصبحت منتشرة في الدراما السورية كالأعمال البدوية، وهذا ما يضطر الفنان لأن يشارك في تلك الأعمال وهذا النوع من المسلسلات الدرامية.

ميلاد يوسف: البساطة والواقعية سر نجاح العمل الشامي

بعد أن أصبح من نجوم الأعمال الشامية، يرى الفنان ميلاد يوسف أن نجاح العمل الذي يتناول البيئة الشامية وعلى وجه الخصوص «باب الحارة»، سببه ملامسته لواقع دمشق وما فيها من عادات وتقاليد بتنا نفتقدها في مجتمعاتنا، ورؤية واقعنا كما نريد أن يكون، خاصة وأن العمل يتناول تفاصيل اجتماعية لدمشق القديمة من علاقات حقيقية كانت موجودة، بالإضافة إلى ما اعتمده العمل من بساطة وواقعية جعلتاه يتميز عن غيره.