زياد الرحباني يُغني في القاهرة

زياد الرحباني, محمد منير, عمر خيرت , فيروز, شركة روتانا, حفلة موسيقية, فرقة وسط البلد, هاني عادل, مهرجان القاهرة الدولي لموسيقى الجاز, لوز حجازي, منال سمعان, عمرو صلاح, كارلو فينت, يحيى خليل, فتحي سلامة

23 مارس 2010

لم تستطع «قاعة النهر» بساقية عبد المنعم الصاوي استيعاب الأعداد الكبيرة من الجماهير التي جاءت لحضور حفل الفنان زياد الرحباني في افتتاح الدورة الثانية لـ«مهرجان القاهرة الدولي لموسيقى الجاز»، فاضطر البعض للوقوف بعيداً عن المسرح والاكتفاء بالاستماع للموسيقى والأغاني عن بُعد. لكنهم لم يتمكنوا من الاستمرار على هذا الحال كثيراً. وفي النصف الثاني من الحفل بدأ الجمهور الذي لم يجد له مكاناً، بالانسحاب من شدة الزحام. ورغم الانتقادات التي طالت أزمة المكان، لكن الحفل حقق نجاحاً كبيراً، فقد استقبل الحضور زياد الرحباني بعاصفة من التصفيق.


استجاب زياد لهتاف الجمهور له بالغناء عندما أخذوا يرددون أكثر من مرة «غنّ يا زياد»، وغنى الرحباني مع المطربة السورية منال سمعان ومطرب فريق وسط البلد هاني عادل، وقدم في الحفل مجموعة كبيرة من أعماله الموسيقية منها «هدوء نسبي» و«العقل زينة» و«الأفضل إنك تحتشمي»، و«معلومات مش أكيدة» و«الخريف» و«روح خبر عني». وفي نهاية الحفل كرّم رئيس المهرجان عمرو صلاح الفنان زياد رحباني ومنحه تميمة المهرجان، وشكر الرحباني الجمهور على ترحيبهم الشديد به.
هذه الزيارة هي الأولى للرحباني الى القاهرة حيث كرمه مهرجان «القاهرة لموسيقى الجاز»، الى جانب الموسيقار عمر خيرت والإسباني كارلو فينت، قد شاركت في المهرجان ٨ دول عربية وأجنبية منها أميركا واليابان وألمانيا، وهولندا وفرنسا وإسبانيا. وكانت إدارة المهرجان قد أقامت مؤتمراً لزياد رد فيه على سؤال حول غيابه عن مصر، وهل لذلك علاقة بمواقفه السياسية فقال: لا توجد أي أسباب سياسية وراء عدم حضوري إلى مصر. وأسال نفسي كثيراً لماذا فوّت كل هذا العمر من دون أن أزور هذا البلد، والحقيقة أنه لم يكن هناك عرض مناسب، فآخر عرض تلقيته أنا وفيروز كان عام ١٩٩٨ واقتربنا كثيراً من الحضور، ولكن لم نصل الى صيغة نهائية للتنظيم، ومن بعدها لم نتلق أية عروض. وحول انطباعه عن مصر، قال: في كل دقيقة أشعر بأنني اكتشف جزءاً جديداً من مصر، وانطباعي بشكل عام إيجابي جداً.
وحول علاقته بفيروز وإقناعها بالغناء من ألحانه قال: فيروز أخذت وقتاً كبيراً للتفكير في الغناء من ألحاني، فبعض الألحان قدمتها لها، وظلت تفكر فيها خمس وست سنوات قبل أن تقرر تسجيلها، ويكفي أن أذكر لكم أن لحن أغنية «أمن لي بيت»، التي غنتها لطيفة العام الماضي، كان من المفروض أن تغنيه فيروز عام ١٩٨٦، ولكنها ظلت تسمع اللحن من ٨٦ حتى الآن، وبعد أن سمعته بصوت لطيفة أعجبها كثيراً، وسألتني لماذا لم نسجله بصوتي.

أغانٍ سبقت عصرها
ورداً على سؤال عن اختياره موسيقى الجاز قال زياد: لم نختر الجاز كموسيقى لنا، وكل ما حدث عام ١٩٨٥ أننا قدمنا حفلاً أثناء الحرب بمسرح الجامعة الأميركية في بيروت، ووضع على لافتات الدعاية حفل جاز شرقي وهذا خطأ كبير؛ لأننا وقتها لم نكن نعلم أنه لا يوجد شيء اسمه جاز شرقي، فالجاز هو كل شيء يخرج من الشعوب ويستطيع أن يشكل شيئاً مشتركاً بينها، ومن بعد هذا الحفل كل ما نقدمه يقال عنه خطأ إنه جاز، حتى الألحان العتيقة التي قدمناها وصفوها بأنها موسيقى الجاز.
وحول تأثره بموسيقى الرحابنة قال: إنه تأثر كثيراً بهم كما تأثر بسيد درويش والموسيقى المصرية، وقال: إن عظمة الرحابنة أنهم قدموا أغاني سبقت عصرها مثل أغنية «نحن والقمر جيران»، و«بعدك على بالي»، وغيرها من الأغاني التي لم تكن بها آلة شرقية واحدة، ولكنهم نجحوا بصوت فيروز في صياغة الربع تون الذي يميز موسيقانا الشرقية دون استخدام الطبلة؛ لأن كل أغانينا الآن هي طبلة فقط.
وحول ما يُطلق عليه الحملة الشعبية لمنح زياد رحباني الجنسية المصرية قال: هذه شائعة فكيف تُمنح الجنسية لشخص يصل للقاهرة للمرة الأولى؟ ولا بد أن أقول: إنني رحباني النسب ومصري الثقافة، فقد تربيت على قصص مصرية، واكتسبت منها روح الفكاهة، وتعلمت الموسيقى المصرية وتأثرت بها كثيراً.
وحول الأغاني السياسية قال: إنه كلما تتدهور الأحداث والأمور وأحوال الأوطان تجد التجارب السياسية رواجاً، وتكون أكثر تأثيراً.

فيروز وعروض مرفوضة
بسؤاله عن بعض أسماء الموسيقيين المصريين أمثال يحيى خليل وفتحي سلامة، ومحمد منير قال: هذه الأسماء قديمة في عالم «الجاز»، لكن للأسف إنتاجها لا يصل إلى بيروت بسبب شركة «روتانا» التي تُسيطر على عالم الموسيقى والغناء، وتفرض على الجمهور سماع المطربين الذين تعاقدوا معها، وإن كان محمد منير أكثرهم وصولاً إلى بيروت عبر الفضائيات، ولكنني أعتقد أن تجربتي مختلفة كثيراً عن تجارب موسيقى الجاز في مصر.
وحول شعوره بالتكريم في مهرجان الجاز قال: لا أستطيع أن أصف شعوري، ولكن الوجود المكثف من الصحافة والإعلام تكريم بحد ذاته، ليس حباً في وسائل الإعلام، ولكن لأنها تفسح لي المجال وتزيل الحاجز بيني وبين الناس، وتسمح لي بأن اتصل بهم وأتفاعل معهم.
وفي سؤال أخير حول مشاريعه المقبلة للسيدة فيروز كشف زياد رحباني أنه انتهى بالفعل من إعداد أسطوانة كاملة تجمعه بفيروز، وجارٍ حالياً الاتفاق مع إحدى الشركات على توزيعها، وأضاف: تلقينا عروضاً كثيرة لإنتاج هذه الأسطوانة، ولكن فيروز أصرّت على إنتاجها بنفسها لأن كل العروض الإنتاجية كانت من أشخاص لا نرغب في التعاون معهم.