مغربية في ماليزيا... زوجة ثانية تنقل تقاليد وعادات مختلفة عن مجتمعنا العربي

فرح جهمي 12 يناير 2021
خلال السنوات الأخيرة، تحوّل المئات من الشباب إلى نجوم حقيقيين من خلال صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتخطّى عدد متابعيهم الأرقام التي يحظى بها بعض الفنانين والنجوم العرب. وقد باتت هذه الظاهرة تنتشر بقوة مع الوقت، إذ يتجه العديد من الشابات والشبان في مختلف الدول العربية كما الأجنبية إلى إنشاء قنوات جديدة على "يوتيوب" بمحتوى متنوع وينقلون من خلالها جزءاً كبيراً من حياتهم الخاصة إلى آلاف المشاهدين.


وفي الوقت الحالي، أصبح الـ"يوتيوبرز" أكثر من هواة يعملون على تمضية الوقت في تصوير مقاطع فيديو لقصص متنوعة ونشرها لا للتسلية فقط، إنما للكسب المادي، إذ باتوا أشبه بموظفين ينقلون جزءاً من حياتهم الخاصة مقابل راتب شهري يتغيّر بحسب تفاعل المتابعين مع محتوى صفحاتهم وعدد المشتركين فيها. ومن ضمن هؤلاء، نجحت السيدة سهام بعدما أصبحت زوجة ثانية لشاب ماليزي في أن تكون من نجمات اليوتيوب بفضل قناتها المميّزة التي تنقل من خلالها تفاصيل حياتها المختلفة لناحية العادات والتقاليد في ماليزيا.

نقل تفاصيل من الحياة الشخصية والثقافة الماليزية

تعرفت الشابة المغربية سهام إلى زوجها المتزوج قبلها بسيدة ماليزية، عبر موقع "فيسبوك" وتواصلت بعدها مع "حبيبة" الزوجة الأولى وأولادها، وبعدما وجدت قبولاً منهم، وافقت على الزواج وتمت الخطوبة وأُقيم حفل الزفاف خلال شهرين فقط انتقلت بعدها للإقامة بشكل دائم في ماليزيا. وتحرص سهام على نقل نحو 80 في المئة من حياتها الشخصية على السوشيال ميديا، لا سيما إذا تعرّضت لأي حادثة يمكن من خلالها أن تنقل فائدة معينة أو تجربة لجميع متابعيها تنبّههم من الوقوع في مثلها. وتمتنع سهام تماماً عن مشاركة تفاصيل حياتها الخاصة مع زوجها، سواء اللحظات السعيدة أو المشاكل والنقاشات وسوء التفاهم بينها وبينه أو بينها وبين ضرّتها، وتفضل أن تبقى هذه التفاصيل سرّية وتتحفّظ على نشرها للمتابعين.

وأرجعت السيدة سهام سبب انتشار قناتها الى "الثقافة الماليزية المختلفة تماماً عنها في باقي الدول، سواء أعراسهم وأعيادهم ونمط حياتهم اليومي، كذلك طريقة أكلهم وملابسهم وغيرها من الأمور التي جعلت الناس يتابعون الصفحة بانبهار ودهشة كما حصل معي عند وصولي الى هذا البلد"، لافتةً الى أنها "تلقائية وعفوية ولا تعرف التصنّع والتمثيل، ما عزّز ثقة متابعيها بها وبالتالي وطّد العلاقة بينهما".


صعوبات العيش في ماليزيا ونصائح للفتيات

ونصحت سهام كل الفتيات المقبلات على الزواج من شبّان ماليزيين للاندماج السريع في المجتمع الماليزي بتعلّم لغتهم مهما كانت صعبة، لأن ذلك يساعدهنّ على تفادي الكثير من المشاكل، كما من الضروري أن يُتقنّ تحضير أكلات تختلف بنكهاتها عن نكهات طعامنا، والتأقلم أيضاً مع عاداتهم المختلفة عن عاداتنا، هذا بالإضافة الى احترام مبادئ المحيط الذي يعشن فيه وأن يلتزمن ثقافة البلد وتقاليده، وأن تشعر كلٌ منهن بأنها فعلاً فرد من أفراد المجتمع الماليزي.

أما عن الصعوبات التي قد تواجه أي امرأة عربية تنوي الانتقال للعيش في ماليزيا، فقالت سهام إن "الطقس الحار يعتبر مشكلة كبيرة للوافدين الجدد. كذلك المطبخ الماليزي، فنكهاته المتنوعة والغريبة والغنية بالتوابل يصعب تقبّلها من أهل مجتمعنا... في البداية تكون الأمور صعبة جداً، لكن مع الوقت يمكن تخطّيها والاعتياد عليها".

وعدّدت سهام بعض الأمور الضرورية التي يجب على كل شابة عربية التنبّه إليها، وفي مقدّمها "الحجاب" الذي يُعدّ من الأساسيات في المجتمع الماليزي، وهناك بعض الأمور الغريبة والبعيدة عن واقع معظم مجتمعاتنا العربية، إذ يُمنع على المرأة مناداة زوجها باسمه أمام أسرته أو في الأماكن العامة، فهذا التصرف معيب وينمّ عن قلّة الأدب والاحترام. كذلك يُمنع على المرأة أن تتمادى في التصرف مع زوجها بين الناس، حتى لو بالسلام، وعليها أيضاً أن تمسك بيده وتضعها على جبينها دائماً.


التشابه والاختلاف بين المجتمعين العربي والماليزي

أما عن أوجه الشبه والاختلاف بين المجتمعَين العربي والماليزي، فقالت سهام: "من خلال تجربتي، أؤكد أن هناك اختلافاً كبيراً جداً بين الثقافتين العربية والماليزية يتمثل بشكل أساسي بلغة النقاش والحوار بين طرفين، فهو دائماً هادئ جداً مهما كانت المشكلة كبيرة بينهما. ثقافة الحوار بين الناس مميّزة جداً، ودائماً هناك توازن في الكلام ونقاش حضاري، وهو عكس ما يحصل في أغلب الدول العربية، حيث إن لغة الحوار شبه معدومة، وغالباً ما يتحوّل أي حوار إلى صراخ ينتهي بمشكل، ويسعى كل طرف الى السيطرة على الآخر بنبرة صوته العالية".

وأوضحت سهام أن "أوجه الشبه كثيرة بين المجتمعَين، في مقدّمها حُسن الضيافة والكرم، كما أن الشعب الماليزي يتميّز بالبساطة والطيبة والمسارعة الى مساعدة المحتاجين بشتى الطرق كما هو الحال عند المواطنين العرب".

الغيرة والحب وحياة الزوجة الثانية

وأكدت سهام أنها تعرّضت للكثير من الانتقادات والتعليقات السلبية "التي تضمنت الشتم والسبّ لي ولعائلتي بسبب مقاطع الفيديو الإيجابية عن الزوجة الثانية أو الزواج من رجل متزوج، واتُّهمت بتحريض الأزواج على تعدّد الزوجات، وباختطاف زوج ضرّتي منها، إلّا أن هذه التعليقات المليئة بالشتم والكلام الجارح والإهانات لا تؤثر فيّ لأنها تعبّر عن الشخص نفسه، فهو حقود وعديم الأخلاق، في حين أرحّب بالتعليق السلبي البنّاء وآخذه في الاعتبار".

وعن علاقتها بضرّتها، أوضحت سهام أن "الغيرة من "حبيبة" موجودة دائماً ولكنها طبيعية وعادية كالعلاقة بين أي امرأتين ولكنها لا تصل إلى حدّ المشاكل. ونحن الآن مثل صديقتين، نقوم بكل الأمور معاً، ونذهب للتسوّق مع بعض، ونعيش كأننا عائلة واحدة"، مشيرةً إلى أن ضرّتها الماليزية رافقتها في زيارتها الى بلدها المغرب وعاشت العادات والتقاليد المغربية، ومن ضمنها الحمّام المغربي وتحضير الأطباق المتنوعة والتجوّل في الأسواق.


المغتربة وتربية أطفالها على التقاليد العربية

وفي ما يتعلق بتربيتها لطفليها "صوفيا" و"سفيان"، أكدت سهام أنها لا تفرّط باللغة العربية، وهي لذلك تتحدّث معهما في المنزل باللهجة المغربية، كما أنهما يجيدان التحدّث باللغة الإنكليزية بفضل والدهما الذي يحدّثهما بها في المنزل، بينما يتعلمان اللغة الماليزية في المدرسة، وأضافت: "يجب ان أكون مغربية في بيتي ومع ولديّ، لذلك أتحدث بالعربية وأحضّر الطعام المغربي دائماً، وأحافظ دائماً على روح ورائحة بلدي".

وأطلقت سهام أخيراً عبر قناتها على "يوتيوب" مشروعها الشخصي وحقّقت حلمها في ماليزيا من خلال إصدار مجموعة من الأزياء التي تحمل اسمها، حيث أطلقت سلسلة "الحجاب" باسم Sihamhijab الذي يجمع التصميمين المغربي والماليزي بألوان وأقمشة وموديلات متنوعة تناسب مختلف الأعمار.

وتسعى "اليوتيوبر" المغربية بطريقتها البسيطة إلى نقل عادات وتقاليد بلدها للمشاهدين الماليزيين وتحظى هذه الخطوة بتفاعل كبير من الجمهورين الماليزي والمغربي على حدّ سواء، وتعمل على تطوير هذا الأمر من خلال تصوير مقاطع واقعية من حفلات الحنّة والأعراس والأسواق والمنتوجات المغربية بهدف نقلها نظراً لاختلافها الكبير عن الثقافة الماليزية.