لماذا انحسرت ظاهرة البرامج الحوارية الغنائية لصالح نجوم المسلسلات؟

تلفزيون الآن, الغناء, طوني خليفة, أعمال رمضانية, ميرهان, نضال الأحمدية, برنامج حواري تلفزيوني, التكاليف, نجوم الفن, مسلسل, مسلسل تركي, مسلسل سوري, ميشال قزي, وسام بريدي

17 أغسطس 2010

بعدما كان أشهر نجوم الغناء في الوطن العربي يسيطرون على شاشات التلفزة طيلة أيام شهر رمضان المبارك من خلال إطلالاتهم في برامج حوارية وفنية منوّعة،انحسرت هذه الظاهرة تدريجياً في السنوات الأخيرة لتعطي مساحة أكبر وأبرز لنجوم التمثيل من مختلف الدول العربية. وبات واضحاً أن «المسلسل» بشكل عام طغى على «البرنامج الحواري الفنّي» واحتلّ مكانه، وانحسرت حظوظ المطربين لصالح حظوظ الممثلين. وبعدما كنا نتابع سنوياً نيشان وهالة سرحان وغيرهما في رمضان من خلال استضافتهم لأشهر نجوم الغناء، نرى هذا العام عدداً أقل بكثير من البرامج الحوارية، ومنها برنامج طوني خليفة على شاشة «القاهرة والناس» بعنوان «بلسان معارضيك»، وبرنامج نضال الأحمدية أيضاً على شاشة «القاهرة والناس» بعنوان «مع نضال الأحمدية»، ووسام بريدي للمرة الأولى على شاشة «ام تي في» بعنوان «بالهوا سوا». أما أسباب هذا الواقع الجديد فهي طبعاً كثيرة وعديدة، وسنحاول تسليط الضوء عليها في هذا التقرير:


 1-
 إنتشار المحطات الفضائية وتكاثر عددها في شكل مخيف، ولّد حُكماً فورة في الإنتاج الدرامي التلفزيوني. إذ أصبح عدد المسلسلات المصوّر سنوياً خصيصاً لشهر رمضان، قادراً على تغطية المحطات الفضائية وتلبية حاجاتها وملء هوائها على مدى عام كامل وليس فقط لشهر واحد. أما لماذا التركيز على أهم المسلسلات لعرضها في شهر رمضان، فهو طبعاً بسبب ارتفاع نسبة المشاهدة في هذا الشهر.

2 - دخول «المسلسل السوري» على خطّ المنافسة القوية مع «المسلسل المصري» منذ ثلاث أو أربع سنوات تقريباً، خلّف بدوره زيادة واضحة في عدد المسلسلات المصوّرة سنوياً لرمضان، وليس فقط بسبب كثرة عدد الفضائيات. ثم برزت ظاهرة أخرى سارت على خطّ واحد مع موضوع المنافسة بين المسلسل المصري والمسلسل السوري، هي ظاهرة تبادل النجوم. بمعنى أن المسلسل المصري صار يستقطب نجوماً سوريين في أدوار مصرية، وبالعكس. إلى جانب طبعاً بروز مسلسلات سُميّت عربية، ويجتمع من خلالها نجوم التمثيل من مختلف الدول، فلا يكون المسلسل سورياً ولا مصرياً ولا لبنانياً، بل عربياً.

3 - بروز «المسلسل التركي» المُدبلج أيضاً على خطّ المنافسة وتحقيقه نجاحاً مدوياً في كل الدول العربية.

4 - بسبب المنافسة القوية بين مختلف أنواع هذه المسلسلات، حقق «المسلسل» في شكل عام نقلة نوعية في أمور عدّة، أهمها الإنتاج السخي. بمعنى أن «المسلسل» صار أكثر غنى من ذي قبل من خلال التنويع في مواقع التصوير واستقطاب أبرز النجوم والمخرجين وكتاب السيناريو ومصممي الديكورات والخ. ما جعل «المسلسل» العربي يحتلّ مراتب متقدمة في التطوّر والتطوير، وجعله أكثر شهرة وأكثر إتقاناً في التنفيذ، بالتالي أكثر مشاهدة وإقبالاً من جانب الجمهور في السنوات الأخيرة، إلى درجة أن «المسلسل» صار محط انتظار وترقّب من قبل النقاد والناس في كل عام خلال شهر رمضان.

5 - فورة المسلسلات وكل هذه الأسباب مُجتمعة، فرضت إيقاعاً مختلفاً على «الشاشة الرمضانية»، وكأن لا مساحات إضافية بعد اليوم للبرامج الحوارية، بل للمسلسلات. لأن «المسلسل» «مضمون» وسيحقق النجاح في كل الحالات، بينما البرنامج الحواري انحسرت حظوظه مع الوقت لأن تكاليفه باهظة جداً وقد لا يحقق نسبة المشاهدة نفسها.

6 - أما عن أسباب ارتفاع تكاليف البرامج الحوارية فهي أولاً وأخيراً ارتفاع الأجور التي يتقاضاها النجوم في برامج مماثلة. قلائل جداً هم من يطلّون من دون مقابل، بينما أغلب النجوم يرفضون الظهور مجاناً ويطلبون أجوراً تتخطّى الستين ألفاً والسبعين ألف دولار أميركي لحلقة واحدة. فإن كان الإنتاج ضعيفاً وغير قادر على دفع أجور مماثلة لنجوم الصفّ الأول، صار لزاماً على المحاورين أن يستضيفوا نجوماً بدرجات أقلّ. المنتجون كانوا يدفعون في السابق مبالغ كبيرة ومرتفعة للفنانين في رمضان، لكن البرامج كانت تحقق نتائج مضمونة. أما اليوم، وأمام الزخم الكبير للمسلسلات، توقفوا عن الدفع أو قللوا ما كانوا يدفعونه، وهذا ما فرض الواقع الجديد.