نساء عربيات مبدعات واجهن وتفوّقن وأصبحن ملهمات

فرح جهمي - فرنسا 15 مارس 2021

بالعزيمة والإصرار، تزداد نجاحات النساء العربيات عاماً بعد عام وفي كل مناحي الحياة، ويتمكّن مع الوقت من تخطّي الصعاب والعقبات التي فرضها عليهنّ المجتمع الذكوري. وشهدت الأعوام العشرة الأخيرة نجاحات باهرة ومتميّزة لعدد كبير من النساء في مختلف الدول العربية، وتمكّن من تسجيل أسمائهن بالخط العريض واقتحام مجالات كانت محظورة عليهنّ من قبل. في اليوم العالمي للمرأة الموافق فيه 8 آذار (مارس) من كل عام، نجح القسم الأكبر من النساء العربيات في ثتبيت فكرة أنهنّ أساس المجتمع، ليس فقط في إدارة شؤون منازلهن ورعاية أولادهن والاهتمام بأزواجهن، إنما أيضاً في التمتع بهويَّاتٍ ثقافية وتعليمية مختلفة، سمحت لهنّ بمنافسة الرجال والتفوّق عليهم لناحية الإدارة الناجحة بالعمل في مجالات عدة.


خطة مميّزة من سيدة سودانية لتوليد الكهرباء

حققت النساء العربيات في السنوات الأخيرة إنجازات مميّزة ونجاحات غير مسبوقة في كل المجالات، ومن بينهنّ الدكتورة غادة كدودة التي باتت من أهم النساء في السودان والوطن العربي من خلال الخطّة الفريدة التي اعتمدتها لتعليم النساء في مناطق بلادها النائية ومساعدتهنّ لتوليد الكهرباء بأنفسهن من خلال استخدام الطاقة الشمسية البديلة، وذلك عبر تدريبهنّ ليصبحن مهندسات فاعلات وقادرات على مساعدة المجتمع والدولة. وبفضل الجهود التي بذلتها المهندسة غادة اعتبرتها منظمة اليونيسيف واحدة من النساء المبتكِرات، من خلال إدارتها لمؤسسة "مجتمع المعرفة السوداني" الذي يعطي النساء فرصةً للتعلّم، ويتيح المجال للباحثين الشباب للتفاعل بحريّة والتواصل مع العلماء داخل البلاد وخارجها.


سيدة أعمال إماراتية من أهم الوجوه الملهمة للنجاح

باتت سيدة الأعمال الإماراتية رجاء عيسى القرق من أهم الوجوه الملهمة للنجاح والإدارة، ليس فقط في دول الخليج العربي إنما في منطقة الشرق الأوسط ككل، ما دفعها إلى إصدار كتاب تحفيزي لباقي السيدات عن مسيرتها الذاتية والمراحل التي مرّت بها للوصول الى قدراتها الفذة في الإدارة. وجاء ذلك بعد نجاحها المثالي في إدارة إحدى المجموعات الاقتصادية العائلية العملاقة التي تُعرف بـ"مجموعة عيسى صالح القرق"، وتضمّ 27 شركة تابعة تعمل في قطاعاتٍ متعددةٍ، منها التجزئة والإنشاءات والمعادن والمسابك. وإلى جانب ذلك، ترأس القرق مجلس سيدات أعمال دبي، وتعمل على تحسين دور المرأة الإماراتية في ريادة الأعمال، وتشغل عضوية مجلس إدارة عدد من المؤسسات، منها: غرفة التجارة والصناعة في دبي وبنك (HSBC). وقد احتلت القرق المرتبة 84 في قائمة "فوربس" العالمية لأقوى 100 امرأة في العالم العام الماضي.


أول سيدة ترأس قطاعاً مصرفياً في السعودية

وفي مجال إدارة الأعمال، تفوّقت الخبيرة المصرفية رانيا نشار على الكثير من الرجال المنافسين لها، لتكون أول امرأة سعودية ترأس قطاعاً مصرفياً في المملكة، وتصل إلى منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة "سامبا" المالية، وقد استمرت في تقديم الأفضل لناحية الإدارة والتنسيق إلى أن استقالت من عملها عام 2020، ومع ذلك احتلت رانيا نشار حينذاك المركز 97 عالمياً ضمن قائمة "فوربس" لأكثر النساء تأثيراً في العالم.


قاضية مغربية تكرّس حياتها لمحاربة الإتجار بالبشر

ومن النساء الرائدات أيضاً، القاضية المغربية أمينة أفروخي التي كرّست حياتها ومهنتها للتصدي لجريمة الإتجار بالبشر ومساعدة المتأثّرين بها. وتركّز القاضية الشهيرة في عملها على قضايا العنف الأسري ضدّ النساء، وتسعى لإيجاد حلّ لمشكلة الأطفال المشرّدين في العالم.

وتشغل أفروخي منصب رئيسة قطب النيابة العامة المتخصّصة والتعاون القضائي في رئاسة النيابة العامة منذ عام 2017، بعد استقلال السلطة القضائية. كما أنها أول امرأة أفريقية وعربية ترأس فريق العمل المعني بمكافحة الإتجار بالبشر التابع لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لتكون من أبرز النساء العربيات اللواتي اتّخذن من قضية حسّاسة وآفة خطيرة في المجتمعات مساراً ثابتاً لمكافحتها والدفاع عن حقوق النساء والأطفال.


سوريّة تستخدم الذكاء الاصطناعي لإنقاذ المرضى

برعت مهندسة الكمبيوتر السوريّة نور شاكر في مجال العلوم بعد تأثّرها بصعوبات اللجوء إلى أوروبا هرباً من الحرب، وتألّمها لمعاناة والدتها من سرطان الرئة لفترة طويلة، حيث استخدمت شغفها في متابعة دراسة الذكاء الاصطناعي ودخلت منه إلى عالم الدواء والعلاج، وابتكرت تقنيات رائدة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتسريع عملية تصنيع الأدوية الجديدة في مصانع وشركات الأدوية في العالم لمساعدة أكبر عدد من المرضى. وحققت نور نجاحاً باهراً باختراعها هذا في أوروبا، وحظي باهتمام شركات دواء عالمية، كما وضعتها جامعة MIT الأميركية على قائمة "مبتكرين تحت سنّ الـ35".


ابتكار نباتات مقاوِمة للفيروسات المُميتة

بفضل دراستها المتميّزة وعشقها لعالم النباتات، باتت السيدة صفاء قمري من أكثر النساء إلهاماً وتأثيراً في العام 2020، حيث استغلت اختصاصها في علم الفيروسات النباتية لإنقاذ المحاصيل الزراعية في المناطق الجافّة من الفيروسات المميتة. وبفضل مجهودها وقدراتها، نجحت صفاء في التوصّل إلى أنواع جديدة من النباتات المقاوِمة للفيروسات وحماية البذور الأصيلة. تقيم قمري حالياً في لبنان، وتقسّم وقتها بين بحوث علم الفيروسات النباتية ورئاسة "المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافّة (إيكاردا)". ويتمحور عملها على ضمان أن تكون البذور صحيّة وخالية من الأمراض وتتوافق مع المعايير الدولية المعمول بها لحماية النباتات.


ورغم كل النجاحات التي حققتها المرأة وتفوّقها في مختلف المجالات، تستمر الجهود التي تبذلها الجمعيات والمؤسسات المدنية لتحقيق المساواة بين الجنسين في كل الدول العربية، وعدم إهمال نصف المجتمع، خاصة أن الكثير من السيدات العربيات يعانين من مشكلة التحقير في المجتمع وعدم المساواة مع الرجل رغم المطالبات المستمرة لحلّ هذه المعضلة وتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة وعلى كل الصعد. وتُعدّ ظاهرة التمييز ضد النساء وتحقيرهن أمراً شائعاً، ليس فقط في دول الشرق إنما أيضاً في بعض دول الغرب، لكن الفارق يكمن في القوانين الغربية التي تحفظ حقوق المرأة، بخلاف بلداننا العربية بحيث لا تزال المرأة تحمل على كاهلها عبء المجتمع الذكوري والنهج القَبَلي المعقّد والمُثقل بالقيود والسلاسل التي تكبّلها وتجعلها عاجزة أحياناً.