4 مصمّمات جعلن أناقة المرأة جزءاً من حقوقها

18 مارس 2021

حين يُحكى عن المرأة "صاحبة الإنجازات"، قلّما يؤتى على ذكر صانعات الأناقة. ينسى الكثيرون أن هؤلاء النساء رسمن المشهد النسائي العالمي بريشة مختلفة، بألوان هي الأكثر زهواً وإشراقاً. من كوكو شانيل Coco Chanel وستيلا ماكرتني Stella McCartney وصولاً إلى ريم عكرا وكارولينا هيريرا وأخريات، الكثير من الإبداعات رسمت للمرأة خطّ سيرٍ يوازي ذلك الذي اختارته ناشطات الحركات النسوية حول العالم. فأنامل مبدعات الموضة لم تقصّر في ما يتعلق بالمناداة بحق النساء في الظهور بأفضل حال. ولهذا من العدل بمكان أن نأتي على ذكر سيرهنّ وإن باقتضاب قد لا يفيهنّ حقّهن.


ستيلا ماكرتني

هي إحدى أيقونات عالم الموضة. وُلدت ستيلا ماكارتني في 13 كانون الأول (ديسمبر) من العام 1971 في لندن. كانت الولادة مبكرة ولم يعرف والداها، عضو البيتلز بول مكارتني ووالدتها المصوّرة الفوتوغرافية ليندا إيتسمان، أن مستقبلاً باهراً ينتظرها عند منعطف ما. فعالم الموضة جذبها إليه في سنّ مبكرة، حين كانت في الـ12 من عمرها، وعندما صمّمت أول سترة لها. 

وفي العام 1986، حين كانت في سنّ الـ15، شاركت في إصدار أولى مجموعات الخياطة الراقية الموقّعة من Christian Lacroix، وظهر طموحها بوضوح. ولهذا التحقت بمعهد St Martin College of Art & Design وتخرّجت في العام 1995. وأهداها والدها حينذاك أغنية Stella May Day حيث استعانت بعارضات أزياء شهيرات مثل ناعومي كامبل وياسمين لو بون وكيت موس. وهكذا انطلقت في عالم الأناقة الخاص بها. وبعد مرور عامين، أي في العام 1997، التحقت بدار Chloé كمديرة إبداعية. إلا أنها لم تنتظر لسنوات طويلة قبل أن تعلن إنشاء الدار التي تحمل اسمها في العام 2001. 

وفي العام 2003 افتتحت متاجرها في نيويورك ولندن ولوس أنجليس. وهكذا انتشرت علامتها في أكثر من 40 بلداً حول العالم. ومن خلالها تعاونت مع الكثير من علامات الموضة والجمال من أجل إنتاج إبداعات لا تنساها أيٌّ من محبّات الأناقة. وفي العام 2012 أصبحت المصمّمة الرسمية لفريق الألعاب الأولمبية البريطاني. 

واللافت أنها لطالما رفضت أن تستخدم الفرو الطبيعي في تصاميمها حيث استبدلته بالقطن الطبيعي. وفي العام 2003 تزوجت الناشر ألاسدشير ويليس وأنجبت منه أربعة أولاد هم: ميلر وبايلي وبيكيت روبرت لي وريلي. 

كوكو شانيل

هي المرأة الحديدية في عالم الأناقة. اسمها الحقيقي غابرييل بونور شانيل. وُلدت في العام 1883 ونشأت منذ عامها الـ12 في أحد المياتم. وهو ما ترك أثره في نفسها كما في مسيرتها. هذه المسيرة التي بدأت حين علّمتها عمّتها الخياطة وهي في الثامنة عشرة من سنيّ حياتها. 

انتقلت بعد هذا للعمل في ورشة قبل أن تصبح مغنية مقاهٍ منذ العام 1907. حينها باتت تُعرف باسم "كوكو". وحينها أيضاً التقت رجل حياتها إتيان بالسان الذي سار جنباً إلى جنب معها في أدغال المجتمع الكبير. وهو من أتاح لها التعرّف إلى أرتور كابيل، حبّ حياتها. ولم يتردّد الأخير في إقناعها بأن تنطلق في عالم صنع القبّعات، وفي العام 1910 ساعدها على افتتاح متجرها الواقع في 31 شارع كامبون.  


وبين العامين 1913 و1915 افتتحت متاجر أخرى في دوفيل وبياتريز، المدينتين اللتين لجأ إليهما أبناء الطبقة الراقية في أيام الحرب. وبات هؤلاء يُبدون إعجابهم الشديد بقبّعاتها. وهناك بدأت كوكو ترسم أول تصاميمها واختارت لأول إبداعاتها قماش الجورسي المخصّص حتى ذلك الوقت للملابس الداخلية. أرادت فعلاً أن تنقل المرأة إلى عالم آخر عصري ومختلف. ولهذا ابتكرت الفساتين ذات القصّات المستقيمة والسراويل التي كانت حتى ذلك الوقت حكراً على الرجال. 

ومع نهاية الحرب تطوّر عملها وضمّ نحو 300 عاملة. لكن الحزن بدأ يدخل إلى حياتها مع وفاة حبيبها كابيل في العام 1919. وفي العام 1921 أصبحت مالكة لمبنيين في شارع كامبون الشهير. ومن هناك أطلقت عطرها N°5. 

وفي العام 1926 رسمت مخطّط فستانها الأسود الشهير وأخرجت هذا اللون من سجن الحزن والحِداد إلى عالم الأناقة الرّحب حتى تحول إلى قطعة دارها الأيقونية. 

ولأنها أصبحت في المرحلة الفاصلة بين الحربين العالميتين صديقةً للكثير من الفنانين، تولّت تصميم ملابس الأعمال الفنية. وهذا قبل أن تُطلق في العام 1932 خطّ المجوهرات الفاخرة الخاص بها.  

ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، أقفلت كوكو أبواب دارها من أجل الاهتمام بالعطور حصراً. وبعدها انتقلت إلى سويسرا ولم تعُد إلى باريس إلا في العام 1945 وكانت في الـ71 من عمرها. ومن مكان إقامتها في فندق "ريتز"، أطلقت المزيد من إبداعاتها وأبرزها تايور التويد. ووسط أجواء العمل الحماسية توفّيت كوكو شانيل في العام 1971 عن 87 عاماً. 

ريم عكرا 

ليس في إمكان أيٍّ من عاشقات عالم الموضة أن تتناسى اسم ريم عكرا. فهي توقّع الكثير من إطلالات النجمات في المناسبات والمهرجانات الكبرى. أما بداياتها فكانت في العام 1960 في بيروت. في هذه المدينة الحافلة بالتناقضات، تابعت دراستها في مجال إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية ونشأت في أسرة علمية أكاديمية بامتياز. وفي هذه الأثناء انضمت إلى نادي الأزياء، وفي العام 1982، عام تخرّجها، أقامت أول عروضها وحققت نجاحاً لم تكن تتوقّعه. 

لكن الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان حالت دون انطلاقتها. فقد هاجرت مع أسرتها إلى الولايات المتحدة الأميركية في العام 1983. وفي نيويورك قرّرت متابعة دراستها في معهد الأزياء والتكنولوجيا الذي جلس على مقاعده مصمّمون عالميون كبار مثل كالفن كلاين ومايكل كورس. وانتهت رحلتها الأكاديمية الأميركية في العام 1986. وبعد هذا انتقلت إلى باريس حيث تخرّجت في مدرسة التصميم العليا للفنون والآداب. وتسارعت وتيرة حياتها المهنية فتولّت في سن الـ25 الإشراف على مشروع ضخم بين هونغ كونغ وتايوان. 


إلا أنها قررت بعد هذا السّير على خطّها الخاص وعادت أدراجها إلى نيويورك. هناك عملت في تصميم الديكور لمدة 3 سنوات. كان هذا قبل أن تصمّم فستان زفاف إحدى صديقاتها في العام 1997 والذي شكّل محطة أساسية في رحلة شهرتها. 

وتابعت ريم المسير حتى وصلت إلى المنصّات وقدّمت أول عروضها في العام 1999 وانطلقت لتصبح عضواً في مجلس الزفاف في الولايات المتحدة. 

 وهكذا باتت لمستها تُعرف من بين آلاف اللمسات في عالم الأناقة. ولهذا صارت تشغل العديد من المناصب في عالم الموضة، ومنها عضو مجلس إدارة "مجلس دبي للتصميم والأزياء" والمديرة التنفيذية لدار عكرا للأزياء. كما شاركت كعضو لجنة تحكيم في برنامج "فاشن ستار". 

كارولينا هيريرا

نشأت ماريا كارولينا جوزيفينا باكانينس إي نينو التي أطلق عليها الكثيرون لقب "امرأة الموضة الحديدية" في أسرة تنتمي الى المؤسسة العسكرية حيث كان والدها ضابطاً في سلاح الجو الفنزويلي. إلا أن هذا لم يؤثر في طبيعتها الأنثوية حيث بدأت منذ صغرها تهتم بعالم الموضة والعطور. وفي سن الـ25 بدأت العمل مع فرع Emilio Pucci في بلدها. وحينها تعرّفت إلى رينالدو هيريرا الذي أصبح زوجها في العام 1968 وحملت شهرته.  


وفي سنوات السبعينيات بدأت تتعرّف إلى علّية القوم من كاراكاس إلى نيويورك وكان وموناكو وكابري. وباتت تجذب أنظار الكثيرات لتصبح من النساء الأكثر أناقةً في العالم. وفي تلك المرحلة، كان عليها الاستماع إلى نصائح قدّمتها لها بعض السيدات مثل ديانا فريلاند لتدخل إلى عالم الموضة في العام 1980. كانت خطوتها الأولى ناجحة حيث قدّمت 24 فستاناً في مانهاتن. إلا أنها سرعان ما انتقلت في العام التالي إلى نيويورك حيث أسّست الدار التي تحمل اسمها. وهكذا أصبحت توقّع بدلات السموكينغ والتايورات ومعاطف الصوف وغيرها. وبات من المعروف أن أسلوبها يتخطّى الزمن، ويتّسم بالكثير من البساطة والأناقة في الوقت نفسه.  ومنذ العام 1982 بدأت تحظى بإعجاب الصحافة المتخصّصة كما الزبائن من أصحاب الثروات، وكانت منهم جاكلين كينيدي أوناسيس، والتي وقّعت إطلالاتها لمدة 12 عاماً حتى وفاتها في العام 1994.  وفي العام 1988 افتتحت خط فساتين العرائس، كما أطلقت مجموعة عطورها الخاصة بالنساء قبل أن تتبعها بأخرى للرجال في العام 1991. ومنذ العام 1995 انتقلت إدارة الدار التي اشترتها مجموعة Puig إلى ابنتيها كارولينا أدريانا وباتيرسيا هيريرا. وفي العام 2000 افتتحت العلامة أول متاجرها في جادة ماديسون في نيويورك، ثم افتتحت خط الأحذية والأكسسوارات الجاهزة. وكان على محبّيها الانتظار حتى العام 2009 لإطلاق مجموعة الأطفال، وحتى العام 2011 لافتتاح متجرها الأول في عاصمة الأناقة العالمية باريس.