التنظير الشعاعي الدوري أفضل السُبل للوقاية منه... سرطان القولون لا يقهره إلا الكشف المبكر

08 أبريل 2021

يعتبر سرطان القولون أحد أبرز الأورام المسبِّبة للموت. وهو السبب الثاني الأكثر شيوعاً للوفيات بين الرجال، ويزداد احتمال الإصابة به بعد عمر الخمسين، علماً أنه يصيب أيضاً الأشخاص الأصغر سنّاً.


لكن المؤسف أن هناك الكثير من الأفكار الخاطئة بشأن سرطان القولون. فالرجال يعتقدون أن هذا النوع من السرطان يصيب الكبار في السنّ فقط، فيما ترى النساء أنه يصيب الرجال وحدهم. لكن الحقيقة أن هذا المرض يصيب الرجال والنساء والصغار والكبار على حد سواء. غير أنه يمكن التقليل من مأسوية هذا الوضع، إذ يمكن المصاب بسرطان القولون والمستقيم الشفاء منه في حال اکتشافه في مراحله الأولى. وإذا ازداد عدد الأشخاص الخاضعين للتنظير الشعاعي Screening الدوري بهدف کشف الأورام الصغيرة، يقول الخبراء إن أعداد الوفيات قد تنخفض بنسبة 50 إلى 75 في المئة في الواقع. علماً أن معظمنا يرفض إجراء فحص شامل للقولون عند طبيب اختصاصی، لاعتقادنا بأننا على خير ما يرام. لكن حين تبدأ الأعراض بالظهور، يكون الأوان قد فات للمعالجة، ويمتد السرطان إلى جدار المعدة أو الكبد، ويصبح الموت وشيكاً.

نشوء المرض

إذا أردتِ فعلاً حماية نفسكِ والمحيطين بكِ من سرطان القولون والمستقيم، يجدر بكِ التعرّف أكثر على هذا المرض. فمعظم أنواع سرطان القولون تظهر على شكل أورام مخاطية polyps ، أي كتل عنقودية بالغة الصِّغر تنمو على الجهة الداخلية للمعي الغليظ، وتكون غالباً حميدة، لكن أحياناً تتضخّم بعض الخلايا على نحو تدريجي وتتحول إلى أورام. ينجم حوالى 25 في المئة من هذه الأورام الخبيثة عن استعداد وراثي موجود منذ الولادة. وفي الحالات الأخرى، تتلف الجينات الطبيعية مع التقدّم في العمر أو بسبب التعرّض للمواد السامة التي تحتشد في القولون. وأخيراً، نجح الباحثون في التعرّف على الجينات المسؤولة عن نوعين على الأقل من سرطان القولون الوراثي، والتي تسبّب نمو الأورام السرطانية عند الأشخاص في سنّ الثلاثين والأربعين. غير أنه يصعُب تحديد الأجسام المحتوية على هذه الجينات، خصوصاً أنها تختبئ خلف الجينات الطبيعية.

لكن ماذا لو استطعنا فعلاً الحؤول دون نمو هذه الأورام المخاطية؟ لقد كشفت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين يتناولون الأسبيرين بانتظام هم أقل عُرضةً للإصابة بسرطان القولون والمستقيم، بحيث تبين أن الأسبيرين يُنتج أنزيم 2 COX الموجود في 90 في المئة من الأورام، والمسؤول عن 50 في المئة من التشوّهات في المعي الغليظ. وهكذا يمكن وقف إنتاج هذا الأنزيم أن يحول دون تضخّم السرطان أو حتى حدوثه في الأساس. علماً أن الخلايا الطبيعية تُنتج أنزيم 2 COX بشكل منتظم، ما قد يسبّب أحياناً مشكلات أخرى مثل النزف الداخلي.

ويمكن معالجة سرطان القولون من طريق الجراحة، فهي بالغة الفاعلية في القضاء على الأورام الصغيرة. أما الأورام الكبيرة أو الأكثر عدوانيةً فتتطلب عادةً من المريض الخضوع للعلاج الكيماوي.

التشخيص

لعل أفضل وسيلة لمحاربة سرطان القولون اليوم هي كشفه مبكراً، وبالتالي الخضوع لتنظير شعاعی دوري. فإذا لاحظتِ نزفاً من المستقيم، أو عانيتِ إمساكاً شديداً، أو تشنّجاً في المعدة، راجعي طبيبكِ على الفور واطلبي منه فحص القولون. وفي الحالات الطبيعية، يجدر بكِ الشروع في التنظير الشعاعي بدءاً من عمر الخمسين، الثلاثين أو الأربعين في حال وجود تاريخ عائلي لهذا المرض. لا تنتظري طويلاً، بل توجّهي بنفسك إلى الطبيب واطلبي منه الخضوع للتنظير، خصوصاً أن الأدلة تتزايد يوماً بعد يوم حول ارتباط سرطان الرحم والمبيضين بسرطان القولون من الناحية الوراثية.

وهناك ثلاثة أنواع مختلفة من تنظير القولون، وترتبط الطريقة التي تختارينها بمستوى الخطر الذي تودّين العيش معه. فإذا اخترتِ الطريقة الأساسية، تأكدي من خضوعك لاختبار البراز، الذي يرتكز على البحث عن الدم المخفي فيه، والتنظير السينيSigmoidoscopy الذي يقضي بإدخال أنبوب مضاء في الثلث السفلي من القولون. عليكِ تكرار اختبار البراز كل عام، والتنظير السيني مرةً كل خمس سنوات، بافتراض أنه لم يطرأ أي تغيير على التاريخ الصحي للعائلة أو حتى على مستوى الأعراض.

وإذا لم تُعجبك هذه الطريقة، يتوافر أمامك خياران آخران يجبرانك على أخذ حقنة الباريوم الشرجية قبل 4 ساعات من موعد الاختبار. فهذه الحقنة تغلّف المرض داخل الأمعاء بصباغ معدني وتضخّ الهواء في القولون، ثم تُلتقط صورة بالأشعة السينية للمعي الغليظ، ما يتيح للطبيب معاينة محيط معظم الأورام الشاذّة. يجب تلقّي هذه الحقنة مرة كل خمس إلى ۱۰ سنوات، على افتراض أن القولون سليم.

ويحاول العلماء اليوم تطوير تقنية التنظير الالكتروني للقولون، بحيث تنتفي الحاجة الى إدخال أي جهاز طبي في القولون، وذلك من خلال اعتماد التصوير الطبقي المحوري للأمعاء للحصول على صورة ثلاثية الأبعاد تظهر على الكومبيوتر. غير أن هذه التكنولوجيا لم تُثبَت دقّتها بعد.

سُبل الوقاية

وللوقاية من سرطان القولون، يبقى الأهم أن تُجري بعض التعديلات في أسلوب عيشك، كأن تحرصي على تناول خمس حصص على الأقل من الفاكهة والخضار كل يوم، لأن المركّبات الطبيعية الموجودة فيها تساهم في خفض ضغط الدم وحماية القلب. وإذا لم تفلحي في ذلك، تناولي المكمّلات الغذائية التي تحتوي على حمض الفوليك، فهذا الفيتامين يخفّض خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 75 في المئة. ولا تنسي أهمية التمارين الرياضية، إذ تبين أن يمارسون الركض هم أقل عرضةً للإصابة بسرطان القولون.