مرح جبر... تبحث عن حبيبها الذي فقدته قبل عشرين عاماً

فيلم قصير, دراما سورية, دمشق, سينما العربيّة, دراما رمضان, مرح جبر, مسلسل سوري

20 سبتمبر 2010

سعت الفنانة مرح جبر منذ خطواتها الأولى إلى ترك بصمة راسخة متجذرة من خلال الأعمال التي شاركت فيها، فحقق0ت شهرتها في مختلف أرجاء العالم العربي مؤكدة موهبتها الأصيلة وقدرتها على التلون وفق الدور المُسند إليها، فشاركت في أعمال تاريخية وبدوية وكوميدية ومعاصرة، وأدت الشخصيات المتنوعة. ورغم ذلك ترى أن ما زال أمامها الكثير لتحققه من بحر الفن واسع. وانطلاقاً من هذا المفهوم سجلت مشاركتها الأولى في السينما السورية عبر فيلم من إنتاج القطاع الخاص وإخراج محمد عبد العزيز بعنوان «دمشق مع حبي» إضافة الى عدد من الأعمال الدرامية التلفزيونية المهمة... معها كان هذا اللقاء:

- بعد سجل حافل بالأعمال الدرامية المتميزة تشاركين للمرة الأولى في فيلم سينمائي هو «دمشق مع حبي»، فما الجديد في هذه التجربة؟ وما المحاور الأساسية للفيلم؟
إنها المرة الأولى التي أخوض فيها تجربة العمل في السينما، ويبدو أنه منذ سنتين تقريباً هناك العديد من التجارب السينمائية التي تبشر بالخير والحالة تتطور في الاتجاه السليم. وعندما عرض علي الفيلم وعرفت أن مخرجه هو محمد عبد العزيز وبعدما قرأت النص وأعجبت به، لم أتردد في المشاركة في الفيلم. فهو ناعم بسيط وسلس، قد يكون موضوعه من النوع القوي أو الثقيل كفكر ولكن هناك صورة جميلة وخفة في الطرح تعطيانه القدرة على جذب الناس من مختلف البيئات لمشاهدته فالسينما في النتيجة هي فكرة وصورة، ونص الفيلم يحوي مضموناً مهماً يتحدث عن عراقة دمشق وعن التعايش الجميل فيها كالتعايش بين الأديان. والفيلم مشغول بحس واقعي وفيه شيء من السحر، ولن تستطيع كشف كامل مفرداته وتفاصيله من المُشاهدة الأولى فكلما شاهدته ستكتشف فيه أموراً جديدة، ومن هنا تنبع جمالية السينما، أضف إلى ذلك أننا في أسرة العمل نتعامل بحب والجميع لديه رغبة في أن يخرج العمل الى النور بصورته الصحيحة لأنه يستحق أن يصل الى الناس.

- ما الشخصية التي تؤدينها في الفيلم؟
أجسد في الفيلم دور هالة التي تبحث عن حبيبها الذي فقدته قبل عشرين سنة، فنرى رحلة في مناطق عدة ونرصد أثر دمشق عبر مختلف الأحداث. 

- إلى أي مدى يمكننا القول إن الأفلام التي أنتجها القطاع الخاص في الفترة الأخيرة تؤسس لمرحلة جديدة في السينما السورية؟
 إنها المحاولات التي توصل إلى النجاح، فمن المهم أن نحاول ونبذل جهدنا لأنه في النهاية هذا هو الطريق لنطور في الفن، فقد عُرفت الدراما السورية وانتشرت ونتمنى أن تتطور الصناعة السينمائية لنصل بها عربياً وعالمياً، وبالتالي ما يُقدم هو محاولة للسير نحو الأمام.


البيئة الشامية

- قلت إن الفيلم يتحدث عن أصالة دمشق، فكيف تم تناول البيئة فيه وإلى أي مدى هي متطابقة أو متنافرة مع ما يُقدم على الشاشة الصغيرة؟
مما لا شك فيه أنك سترى دمشق بشكل مختلف في السينما، فرغم أن ما يُقدمه التلفزيون جميل فوجئت بطريقة تقديم السينما لدمشق ولعراقتها، فللسينما سحرها الخاص حتى أنها تدهشك في ما تُقدم لأنها ترى الأمور بعين أخرى.

- أين أنت اليوم من مسلسلات البيئة الشامية التي غزت المحطات وباتت سمة لدراما رمضان؟
في السابق كان يقدّم عمل حول البيئة الشامية كل عدة سنوات، ولكن اليوم اختلفت الأمور وبات هناك سنوياً مسلسل يتناول هذه البيئة وهو تقليد جميل. وإن عُرِض علي المشاركة في عمل يدور في جو البيئة الشامية شرط أن يُقدم المختلف ويحقق التنوع فليس لدي مانع ، فينبغي أن يكون لكل عمل جوه المختلف وتميزه عن الآخر ومن هنا تنبع جمالية ما يُقَدم، لكنني في الفترة الحالية أصبّ جل اهتمامي على الأعمال التي أشارك فيها ولا أعرف إن كنت أستطيع المشاركة في عمل شامي. أضف إلى ذلك أن لدي فكرة حول عمل سيكون مختلفاً عما يتم تقديمه ضمن إطار البيئة الشامية وقد استكتبت لهذا المشروع الكاتب الأستاذ عثمان جحا، والنص حالياً في طور التحضير وقد يصبح جاهزاً العام المقبل.

- قلت في حوار سابق «قصّرت بحق نفسي عندما ابتعدت نسبياً عن الساحة الدرامية»، فما سبب هذا الابتعاد؟
لم أبتعد ولكني لم انتبه لأن المرحلة هي مرحلة الفضائيات وهي في حاجة الى عدد كبير من الأعمال، فلم تعد تكفي المشاركة في عمل أو اثنين في السنة لأنهما لن يظهرا وسط زحمة الأعمال المُقدمة. طالبني الناس بأعمال أكثر ولم انتبه لأن النوعية يمكن أن تبقى جيدة حتى وإن كان الكم أكبر خاصة مع وجود الخبرة، لذلك قررت هذا العام أن أقدم الكم إلى جانب النوع، أضف إلى ذلك الفيلم الذي أصوره. وبالتالي إن قلت إن هناك عودة لي بهذا الكم من الأعمال فالفيلم هو أفضل ما يضمن لي العودة القوية، فأنا أحب أن أقدم للجمهور عملاً يدفع به للذهاب إلى السينما، وهذا هو هدفنا من العمل. وإذا عرض الفيلم وحقق مردوداً فهذا سيؤدي الى تشجيع الجهات المنتجة على تحقيق أفلام أخرى.

السينما المصرية

- هل ستجذبك أضواء السينما المصرية أم أنك تفضلين الابتعاد عنها حالياً؟
بشكل عام أحاول درس خطواتي علما أنه ضمن هذا الإطار كان ينبغي وجود شركة تهتم بشؤون الفنان وترسم له خطواته وخططه المستقبلية. ولكن يبدو أن السوق عندنا لاتزال ضيقة على هذه الأمور. وبالنسبة الى العمل في مصر فأفضل بداية تحقيق النجاح في السينما السورية قبل أن أشارك في أعمال سينمائية عربية، فعندها أذهب للمشاركة وأنا أحمل في رصيدي عملاً سينمائياً ناجحاً وامتلك مخزوني الخاص. والأمر نفسه اتبعته في الدراما التلفزيونية، فبعدما نجحت في بلدي انطلقت للمشاركة في أعمال عربية، وبالتالي كي أشارك في عمل عربي يجب أن أكون معروفة محلياً بشكل جيد حتى أستطيع تحقيق شيء مهم خارج بلدي. وقد كان للسوريين خطوات نحو الأعمال العربية لتكون مشتركة، فضخامة العمل ليست في التقنيات فقط وإنما عبر الطاقات البشرية المشاركة فيه من أكثر من بلد، فعندها تحس بأنه ضخم. وأنا مقتنعة بأن أن العمل العربي ينبغي أن يكون مشتركاً، ومن الضروري أن تتطور هذه الفكرة ليكون هناك شركات ضخمة تقدم أعمالاً عربية كبيرة.

- تحدثت عن مدير أعمال للفنان يسيّر له أموره فإلى أي مدى تؤيدين هذه الفكرة ضمن آلية العمل الحالية في الإنتاج الدرامي؟
هو أمر مهم ويتبع لتقاليد العمل. وبما أن السينما والتلفزيون ثقافة غربية في الأساس ينبغي أن نسير وفق قوانين تلك الثقافة في هذه الأمور، وهم لديهم شركات تهتم بكل ما يتعلق بالفنان. ولكن عندنا ليس هناك تخصص في هذا المجال. وأرى أنه من الأمور السليمة أن يكون للفنان مدير أعمال أو شركة تنظم له أموره وعمله كي لا يكون هناك عشوائية، خاصة أن لدينا فنانين مهمين ولكنهم لا يعرفون قيمة أنفسهم.

- ماذا عن العمل البدوي؟ لماذا لم نعد نراكِ فيه؟
إذا قدمت عملاً ونجح فلن تستطيع أن تلغيه بعمل آخر يكون أجمل منه، فالنجاح يكون للعمل الأول وتحتاج الى فترة كي تقدم عملاً آخراً من اللون الدرامي نفسه يتقبله والناس ويلقى النجاح، وهذا ما يجعلني أنتقل الى نوع آخر من الأعمال. فعندما شاركت في مسلسل «جواهر» انتقلت بعده إلى لون مختلف لأن الجمهور لن يتقبل عملاً آخراً لي ضمن الإطار البدوي ذاته.


رومانسية الدراما التركية

- سبق أن أعلنت موقفاًُ إيجابياً من المسلسلات التركية المدبلجة. فما ميزة هذه الأعمال؟
قدمت هذه الأعمال  قصصاً رومانسية حقيقية نابضة بالحياة كدنا أن ننساها، تناولت فيها حياة الشباب واليافعين، وقد دخلت الأعمال التركية المُدبلجة بيوتنا وأحببناها حتى أنها رفعت سقف الرقابة. 

- هل غياب الرومانسية عن أعمالنا في اتجاه تقديم الحياة وألمها هو ما روّج للتركي؟
لنقدم فن الحياة، وليعرف الإنسان كيف يعيش وكيف يحب ويعبر عن مشاعره.

- ما محاور الشخصية التي تؤدينها في «قيود عائلية»؟
أجسد في العمل دور أم لديها ولدان، ابنتها الكبرى تغار من أخيها الصغير فتتدلل كثيراً وتتمارض. ويظهر المسلسل كيف تحاول هذه الأم التعامل مع المشكلة. وبشكل عام يتناول المسلسل مشكلات الأطفال، وقد كتب النص بطريقة مدروسة وفيه جهد واضح من جانب يارا صبري وريما فليحان إذ يتعامل مع نفسية الطفل بدقة، ويطرح مجموعة من المشكلات كالغيرة بين الإخوة وما الذي يمكن القيام به إن شعر الطفل بتعب على الصعيد النفسي.

- كيف يمكن للدراما الحقيقية أن تصل إلى الناس؟
اذا كانت حقيقية ستصل وحدها.

- ما الجديد في مسلسل «رجال مطلوبون»؟
العمل يتناول مواضيع مهمة في المجتمع ولكن بأسلوب خفيف وساخر. وتدور أحداث العمل في مدينة تضم أشخاصاً من جنسيات مختلفة ومن دول عربية وأجنبية يعيشون كلهم وفق قوانين هذه المدينة. وعادة عندما تكون خارج بلدك تتصرف بطريقة مختلفة وتعيش وفق قوانين البلد الذي أنت فيه، فتصبح علاقاتك مختلفة وتشعر بحرية أكبر وتعيش بأفكارك وطموحاتك، فتختار ما يناسبك وتتصرف على أساسه.

- ما المحور الأساسي لدورك فيه؟
أجسد دور سيدة بلغت السابعة والثلاثين من العمر ناجحة في عملها ولديها شركة، ترى الوقت يمضي بسرعة وعليها أن تنجب أولاداً فتحاول إقناع خطيبها ولكنه غير مستعجل ولا يريد الزواج الآن كما لا يريد أن ينجب أطفالاً بسرعة. فتتركه رغم حبها له لأنها تريد الزواج وأن يكون لديها ولد، فتفتش عن طريقة لتنجب طفلاً مما يدفع بها الى القيام بأمور لا تفعلها في بلدها كأن تفتش عن عريس أو تحاول دفع المال لتتزوج وتحقق طموحها.

- انطلاقاً من هذه التجربة كيف تتوقعين تقبل الجمهور لمسلسل طويل (90 حلقة)؟
يحوي المسلسل الكثير من الأحداث والقصص الممتعة والمسلية، كما أنه يحكي عن علاقات متجددة. 


مسلسل "الخبز الحرام"

- ما الخطوط والصراعات التي ستشهدها شخصيتك في مسلسل «الخبز الحرام»؟ 
«الخبز الحرام» من إخراج تامر اسحق، وأجسد فيه شخصية سهام التي تستغل الفتيات لمآربها الشخصية ومصالحها المادية. وهي تعمل لدى رجل سيطر عليها وحرق لها يدها عندما حاولت في أحد الأيام الهرب منه. وتقوم سهام بأعمال غير شرعية  فتوفر له فتيات ليتم تسفير هن إلى مناطق أخرى، وبذلك باتت كأنها تريد الانتقام مما حدث معها سابقاً ليحدث مع فتيات أخريات... وبشكل عام يمكن القول إن العمل يتناول حكايا هؤلاء الذين يعملون في إطار الكسب الحرام فيقومون بأعمال غير أخلاقية وغير مشروعة ليحققوا مكاسب مالية. وكان المخرج جريئاً في تقديم الشخصيات المختلفة.

- ما الدافع وراء قبولك دور «شرير»؟
هناك شخصيات قد تحبها ولكنها مؤذية في حقيقة أمرها. وهذه الفكرة المهمة أحاول تمريرها من خلال العمل، فينبغي أن ينتبه الناس لمن قد يستغلونهم. وأرى أنه من واجب الفنان إلقاء الضوء على المشكلات التي بدأت تتكاثر بشكل أو بآخر. وعموماً ما يهمني في الدور أن أقدمه من لحم ودم، فسهام تملك حقداً دفيناً تجاه الفتيات اللواتي تأتي بهن فتجعلهن يعشن ما سبق أن عاشته دون أن يشعرن بذلك. وقد وجدت أن من يدخل عالم الجريمة من الصعب عليه العودة منه، فأنت هنا تتعامل مع مجرمين ومنظمة متخصصة في تجارة الرقيق. فحتى عندما ظنت سهام انه يمكنها الانسحاب تعرضت للتشويه.


الجرأة

- متى تلامس الجرأة في العمل الدرامي الواقع حقيقة وتغوص إلى عمقه، ومتى تصبح مفتعلة هدفها تجاري ترويجي ليس إلا؟
العمل الجريء هو الذي يقول الحقيقة، فهناك كاتب يكتب كيف ينبغي أن تكون الحياة بينما هناك كاتب يُقدم الحياة عبر نصه دون أن يتدخل فيها، وهناك كاتب آخر يتدخل ويحدد الشخصيات ويجعل غير حرة في الحركة وبما تريده وتحلم وتطمح اليه. وأفضّل في عملي أن أذهب مع الشخصيات إلى طموحاتها وأحلامها لأنها ليست كلها مثل بعضها.

- كيف ينبغي أن تتعامل الدراما مع الواقع؟ هل من مهماتها تقديمه كما هو أم عليها إجراء عمليات التجميل له؟
الكاتب الجيد هو الذي يقدم شخصيات موجودة في الحياة، وينبغي أن تعتمد على الدراسة النفسية للإنسان. فالنفس البشرية لها مراحل في التعامل معها وفق ظروفها، وبالتالي ينبغي أن يأتي النص نتيجة دراسة، فعلى سبيل المثال القاتل محكوم عليه أن يبقى هارباً خلال حياته كلها. وبالتالي ينبغي أن توضع الشخصيات بشكل مدروس وليس بشكل عشوائي، ففي النهاية الأحداث المُقدمة في العمل ينبغي ألا تكون مفبركة وإنما من صلب الحياة.

- سبق ان قدمت أعمالاً كوميدية ولكن انقطعت عن هذا اللون الدرامي، لماذا؟ أهو شح الأعمال أم أنها كانت مرحلة وولت؟
العمل الجدي هو الأهم، إنما هناك فنانون قدموا للكوميديا أعمالاً متميزة ورافقتنا أعمالهم على مدى سنوات، كما هو الحال مع الفنان الكبير ياسر العظمة الذي قدم عبر «مرايا» هموم الناس بطريقة ساخرة، وسبق أن عملت معه في مرحلة من مراحل عملي، وعندها كان هناك اهتمام بالعمل الكوميدي.

- هناك من يرى أن الكوميديا دراما من الدرجة الثانية. فكيف ترينها أنت؟
هي ليست دراما من الدرجة الثانية ولكن هناك مرحلة رفاهية في الحياة كان فيها العمل الكوميدي هو الأنسب وأتت مع مرحلة الانهيار الاقتصادي. فالدراما تتأثر بالحياة الاجتماعية، فعندما يكون هناك رفاهية تذهب الأعمال في اتجاه الفنتازيا والكوميديا، ووقت الحروب تذهب في اتجاه الأعمال التي تتناول المقاومة والاحتلال... وهكذا.


بين الإعلان والكليب

- ما رأيك في تجربة مشاركة الفنانات في تصوير الإعلان أو الفيديو كليب؟ وما شروط الخوض في هذه التجربة؟
هي مراحل، وعلى الفنان أن يضع لنفسه استراتيجية عمل في كل مرحلة يمر فيها، فالمسألة ليست ضد أو مع المشاركة في تصوير إعلان وإنما هناك ظروف تلعب دورها في الموافقة أو عدمها.

- إلى أي مدى يكون الفنان معنياً بالعمل الإنساني والهم العام في المجتمع؟
إنه معني بذلك لأن الناس يحبونه. أنا لم أشارك على العلن في مثل هذه النشاطات ولكني قمت بزيارات لأطفال ومرضى دون الإعلان عنها.