باريس عاصمة الموضة ومدينة الحب

جولي صليبا 03 يونيو 2021

باريس... تلك اللؤلؤة المتربعة في قلب فرنسا... مدينة الرومانسية والثقافة والفنون، ومركز العالم الحضاري. المدينة الساحرة التي خلبت عقول الناس على مرّ السنين. تشتهر باريس بألقاب عدة، فهي عاصمة الموضة، ومدينة الحب، ومدينة الأنوار، وعاصمة الثقافة والأعمال الفنية، ومدينة الفن بلا منازع... والسياحة في مدينة الأضواء لا تشبه السياحة في أي مكان آخر. فمجرد التجول في شوارعها بكل ما تحتويه من زخم فني وثقافي هو في حدّ ذاته تجربة رائعة لا يمكن خوضها في أي مكان آخر في العالم.


تقع العاصمة الفرنسية باريس على ضفاف نهر السين في منطقة إيل دو فرانس، ويبلغ عدد سكان المدينة وضواحيها حوالى 12 مليون نسمة، بينما يعيش في داخلها حوالى مليونين ونصف المليون نسمة. كما يزيد عدد زوّارها عن 33 مليون سائح سنوياً، وهي من أهم المراكز السياحية والاقتصادية في العالم.

قوس النصر

يقع قوس النصر غرب شارع الشانزليزيه، وتحديداً وسط ساحة شارل ديغول، وهو من أشهر الأماكن السياحية في باريس. يمتاز هذا المعلم بموقعه الفريد، إذ يعتبر ملتقى لاثني عشر طريقاً، وقد صمّمه المهندس المعماري شالغران. تم البدء ببنائه في عهد نابليون الذي أراد أن يُشيّد أثراً ليخلّد به انتصاراته وفتوحاته. وفي العام 1863، جرى تدشينه وكان شاهداً على أحداث وطنية عظيمة، مثل عودة رماد نابوليون الأول عام 1840، والسهرة الجنائزية التي تلت مراسم دفن فيكتور هوغو عام 1885، واستعراض قوات الحلفاء يوم 14 تموز/يوليو 1919 بعد انتصارها في الحرب العالمية الأولى.

يبلغ ارتفاع قوس النصر خمسين متراً تقريباً، وتزيّنه أسماء حوالى 660 من القادة والجنود الفرنسيين. وفي أسفله، يقبع قبر الجندي المجهول التذكاري، الذي يعود الى الحرب العالمية الأولى. يُذكر أن أمام القبر شعلة تتم إضاءتها يومياً عند السادسة والنصف مساء، وتُشرف على هذه المراسم منظّمة "الشعلة أسفل قوس النصر". أوصيكم بالصعود إلى أعلى قوس النصر للاستمتاع بالمشهد البانورامي البديع لمدينة باريس مع كل معالمها المهمة، ولا سيما جادة الشانزليزيه وبرج إيفل. لكن تبرز الحاجة إلى تسلّق 300 درجة تقريباً للوصول إلى أعلى المبنى، وليس هذا بالأمر السهل طبعاً. إلا أن المغامرة تستحق العناء.


شارع الشانزليزيه

شارع الشانزليزيه في باريس هو أحد أشهر الشوارع الفرنسية وأطولها وأرقاها وأفخمها. يبدأ هذا الشارع من ساحة الكونكورد، حيث المسلّة الفرعونية، وينتهي بقوس النصر، ويحوي الكثير من المحال التجارية العالمية، والمطاعم الراقية والمقاهي المتنوعة.

ولا ريب في أن هذا الشارع هو أحد أجمل شوارع العالم بسبب الحياة المتجددة فيه ليلاً ونهاراً، وحركة الناس التي لا تهدأ. وأكثر ما يلفت السائح في الشانزليزيه هو كثرة المباني القديمة والجميلة، المبنية على الطراز الأوروبي والمزيّنة بديكورات وزخارف جميلة يصل عمر بعضها إلى حوالى 400 عام.

ولا بد من اختبار متعة التسوّق من أشهر متاجر الماركات العالمية، والتلذّذ بالحلوى الفرنسية الشهيرة مع القهوة الفرنسية في أحد المقاهي الكثيرة المنتشرة في الشارع.

يعتبر شارع الشانزليزيه مهماً كثيراً بالنسبة إلى الشعب الفرنسي إذ تُقام فيه الاحتفالات الشعبية في المناسبات والأعياد المختلفة. ويحتشد فيه الفرنسيون في المناسبات المختلفة الطارئة، كما حصل بعد فوز المنتخب الفرنسي في بطولة كأس العالم.

يُذكر أن هذا الشارع يشهد أيضاً أحداث العيد الوطني الفرنسي والعرض العسكري المرافق، حيث تعبره الدبّابات والعربات المدرّعة وتمر فوقه أسراب الطائرات في 14 تموز/يوليو من كل عام.


برج إيفل

يقع برج إيفل قرب نهر السين. بدأت الأعمال فيه عام 1887 واستمرت لأكثر من سنتين على يد المهندس الفرنسي غوستاف إيفل و 50 آخرين من المهندسين المساعدين. تم افتتاحه عام 1889 بالتزامن مع الذكرى المئوية للثورة الفرنسية. يبلغ ارتفاعه 324 متراً، ويحتوي على ثلاث طبقات و704 درجات حتى الطابق الثاني. كما أنه مصنوع بالكامل من الحديد، وبقي البناء الأكثر ارتفاعاً في العالم لما يقرب من 41 عاماً.

أصبح هذا الصرح رمزاً للعاصمة الفرنسية، ومن المعالم التاريخية المُدرجة على قائمة التراث العالمي للأونيسكو منذ العام 1991، جنباً إلى جنب معالم أثرية أخرى في باريس.

عند الصعود إلى الطابق الأول من البرج، يمكن التعرّف على تاريخه من خلال اللوحات المعلّقة، والاستمتاع بالمنظر الرائع للمدينة من خلال الزجاج الذي يغطي الأرضية، فيخال السائح نفسه وكأنه يطير فوق مدينة باريس.

وفي الطابق الثاني، يمكن السائح رؤية باريس بشكل أفضل، ومن خلال التليسكوبات المُثبتة، يستطيع رؤية متحف اللوفر والقصر الكبير وكاتدرائية نوتردام باريس وغيرها بوضوح تام.

أما الطابق الثالث من البرج فهو الأروع على الإطلاق، ويقع على ارتفاع 276 متراً بحيث يوفر منظراً رائعاً لمدينة باريس ومعالمها عن الضوضاء.

بعد التقاط الصور التذكارية قرب برج إيفل، لا بدّ من الانتقال إلى ضفاف نهر السين والقيام برحلة على متن أحد القوارب السياحية (BATEAUX MOUCHES). تستمرّ الرحلة قرابة الساعة الواحدة، ويتعرّف السائح خلالها على أهم المعالم الأثرية، ولا سيما جسر الملك ألكسندر الثالث، ومبنى وزارة الخارجية الفرنسية (QUAI D’ORSAY)، ومبنى مجلس النواب، وكاتدرائية NOTRE DAME DE PARIS التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الثالث عشر، وهي من أكبر الكاتدرائيات في فرنسا بأبراجها العالية وهندستها الفريدة.

ميدان الكونكورد

ميدان الكونكورد من أكبر ساحات باريس. تقع هذه الساحة في آخر شارع الشانزليزيه من طرفه الشرقي، وتحوي مسلّة مصرية ضخمة أهداها الخديوي إسماعيل إلى لويس فيليب عام 1831.

الميدان صمّمه جايمس موت عام 1755، وكان اسمه في الأصل ميدان لويس الخامس عشر (Place Louis XV) ويرتفع فيه تمثال له. لكن بعد اندلاع الثورة وتحوّل فرنسا إلى جمهورية، نُقل التمثال وأُطلق على الميدان اسم "ميدان الثورة" (Place de la Révolution) وأُعدم فيه لويس السادس عشر في 21 كانون الثاني/ يناير 1793.

يعتبر ميدان الكونكورد اليوم قلب العاصمة الفرنسيّة النابض، فهو يضمّ العديد من المحال التجارية إلى جانب المطاعم والمقاهي ومتاجر التّذكارات.

متحف اللوفر

لا يمكن زيارة باريس من دون التوجّه إلى متحف قصر اللوفر الذي يُعتبر أحد أشهر وأهم المتاحف الفنية العالمية. بنى الملك فيليب أوغست هذا المتحف عام 1190 كقلعة حصينة، لصدّ الهجمات المباغتة للأعداء أثناء فترات غيابه في حملاته الصليبية. وتم استخدام القلعة مقراً لحكام فرنسا حتى فترة حكم الملك لويس الرابع عشر الذي انتقل منه إلى قصر فرساي عام 1672.

افتُتح متحف اللوفر لأول مرة عام 1793، وكان وقتها يضم 537 قطعة أثرية فقط. وينقسم متحف اللوفر حالياً إلى 8 أقسام رئيسة. وفي العام 1989، افتُتح الهرم الزجاجي الشهير الذي يعتبر مدخل متحف اللوفر الرسمي. يشتمل المتحف حالياً على ما يزيد عن 35 ألف قطعة فنية يعود تاريخ معظمها الى العصور الوسطى. ومن بين أكثر محتويات المتحف شهرةً، نجد أعمال مايكل أنجلو وفينوس ميلو، ناهيك عن لوحة الموناليزا ذات الشهرة العالمية للفنان ليوناردو دافنشي.


متحف أورساي

يحتوي متحف أورساي على مجموعة شهيرة وواسعة من أعمال الفن الانطباعي، وهو نقطة جذب مهمة بالنسبة إلى محبّي الفنون بصفة عامة.

يمتدّ المتحف على مساحة شاسعة، ويمثل تجمعاً نموذجياً لعمل سادة المدرسة الانطباعية في الرسم من الفنانين المشاهير مثل ديغاس، مانيت، مونيه، ورينوار. كما يعرض المتحف أعمالاً للفنانين من مرحلة ما بعد الانطباعية مثل بونارد، سيزان، فان غوغ، ذي بوينتيليستس (سيورات، سيغناك)؛ وأعمالاً للفنانين البوهيميين مثل: تولوز لوتريك.

ولعلّ أكثر ما يلفت الانتباه في متحف أورساي هو أعمال كلود مونيه الممثَّلة بعدد من أشهر لوحات الفنان العظيم مثل لوحات "غار سانت لازار"، و"غداء على العشب"، و"كرة رينوار في مولان دو لا غاليت" التي رُسمت في مونمارتر.

لا شك في أن هذا المتحف هو أفضل مكان في باريس للحصول على لمحة عامة عن تاريخ الفن الانطباعي، ما بين فرشاة لطيفة وساحرة من مونيه تصوّر البرية، إلى المشاهد الملونة الرائعة من أعمال بول غوغان.

متحف بيكاسو

تعدّ متاحف الفنان العالمي بيكاسو من أشهر المتاحف الفنية في العالم، وتحتضن مدينة باريس ثاني أكبر متحف للفنان بيكاسو في العالم وهو متحف بيكاسو Picasso Museum Paris.

تم افتتاح متحف بيكاسو عام 1985 ولكن المبنى الذي يقيم فيه المتحف نفسه يعود إلى القرن السابع عشر. ويعرض متحف بيكاسو نحو خمسة آلاف لوحة من أشهر وأندر أعمال الفنان الأسباني بيكاسو. ولعل أشهر تلك اللوحات هي صورته الخاصة ولوحة لا سيليستينا ولوحة الرجل مع الجيتار ولوحة النساء في أفينيون ومعظم تلك اللوحات تحمل سمة الفن التكعيبي الذي اشتهر به بيكاسو.

كما يضم المتحف قسماً للمنحوتات، وفيه حوالي 250 قطعة فنية بعضها من السيراميك. ولعلّ أشهر هذه المنحوتات منحوتة السيدة في الحديقة ومنحوتة رأس الثور ومنحوتة مربية الماعز.

ولا ننسى طبعاً قسم النقوش والمطبوعات وهي من أكثر الأعمال الموجودة في المتحف حيث يصل عددها إلى 3500 عمل فني، وقد استخدم بيكاسو العديد من الأدوات لابتكارها، ومنها الفحم والأقلام والحبر والباستيل وألوان الماء.


معلومات مهمة عن باريس

الموقع الجغرافي: على ضفاف نهر السين في الجزء الشمالي من فرنسا

المناخ: معتدل ورطب نسبياً

العملة: يورو

فارق التوقيت بين باريس والإمارات: ثلاث ساعات.