كورونا - دراسة تكشف تغيرات طويلة الأمد في الدم

02 يوليو 2021

تمكّن باحثون في مركز "ماكس بلانك" للفيزياء والطب في إرلانجن بألمانيا، من إظهار أن "كوفيد - 19" يغير بشكل كبير حجم وصلابة خلايا الدم الحمراء والبيضاء، لفترة تمتد أحياناً لأشهر، وذلك باستخدام طريقة مبتكرة تسمى "القياس الخلوي للتشوّه في الوقت الفعلي"، أو ما يُعرف اختصاراً بـ(RT-DC).

وكشفت الدلائل الجديدة أن البصمة الدائمة لـ "كوفيد-19" قد تكون بسبب أثر الفيروس في دم الناس، ما يؤدي إلى تغييرات دائمة في خلايا الدم التي لا تزال واضحة بعد أشهر عدة من تشخيص العدوى.

ويوضح عالم الفيزياء الحيوية جوخن غوك، من معهد ماكس بلانك لعلوم الضوء في ألمانيا: "تمكّنا من اكتشاف تغيرات واضحة وطويلة الأمد في الخلايا، أثناء العدوى الحادّة وحتى بعد ذلك".

وفي دراسة جديدة، قام غوك وزملاؤه من الباحثين بتحليل دم المرضى باستخدام نظام طُوّر داخلياّ، يُسمّى قياس التشوّه في الوقت الفعلي (RT-DC)، وهو قادر على تحليل مئات خلايا الدم بسرعة في الثانية، واكتشاف ما إذا كانت ستظهر تغييرات غير طبيعية في حجمها وهيكلها.

وتساعد هذه النتائج في تفسير سبب استمرار شكوى بعض الأشخاص المصابين من الأعراض بعد فترة طويلة من الإصابة بـ"كوفيد - 19". ويعاني بعض المرضى من الآثار طويلة المدى للعدوى الشديدة بالفيروس، حيث يستمر شعورهم بعد 6 أشهر أو أكثر من التعافي بضيق التنفس والتعب والصداع، ولا تزال هذه الحالة التي تُسمّى بـ"متلازمة ما بعد كوفيد - 19"، غير مفهومة بشكل كامل.

وما هو واضح، أنه أثناء مسار المرض غالباً ما تتعطّل الدورة الدموية، ويمكن أن تحدث انسدادات خطِرة فيها، ويصبح نقل الأوكسجين عبرها محدوداً، وهذه كلها ظواهر تلعب فيها خلايا الدم وخصائصها الفيزيائية دوراً رئيسياً.

وقام فريق العلماء، بقياس الحالة الميكانيكية لخلايا الدم الحمراء والبيضاء، للتحقيق في هذا الجانب، وتمكّنوا من اكتشاف تغيرات واضحة وطويلة الأمد في الخلايا، سواء أثناء العدوى الحادّة أو حتى بعد ذلك، ونشروا نتائج ما توصلوا إليه في دورية "بيوفيزيكال جورنال". كذلك استخدموا طريقة مطوّرة ذاتياً تُسمى "القياس الخلوي للتشوّه في الوقت الفعلي" والتي تم الاعتراف بها أخيراً من خلال جائزة "الوادي الطبي" المرموقة، لتحليل خلايا الدم، وفي هذه الطريقة، يرسل الباحثون خلايا الدم عبر قناة ضيقة بسرعة عالية، ليتم في هذه العملية شد الكريات البيضاء وكريات الدم الحمراء، وتسجل كاميرا عالية السرعة كلاً منها من خلال مجهر، ويحدّد البرنامج المخصّص أنواع الخلايا الموجودة، ومدى حجمها وتشوّهها، ويمكن تحليل ما يصل إلى 1000 خلية دم في الثانية.

وهذه التكنولوجيا حديثة نسبياً، لكن يمكن أن تقطع شوطاً طويلاً في استكشاف ما لا يزال مجهولاً في علم "كوفيد-19": كيف يمكن فيروس كورونا أن يؤثر في الدم على المستوى الخلوي؟

ويمكن أن تساعد هذه الطريقة كنظام إنذار مبكر لاكتشاف الأوبئة المستقبلية بواسطة فيروسات غير معروفة.

وقام العلماء بفحص أكثر من 4 ملايين خلية دم من 17 مريضاً مصاباً بمرض شديد من "كوفيد - 19"، ومن 14 شخصاً تعافوا، و24 شخصاً سليماً كمجموعة مقارنة. ووجدوا أن حجم وتشوّه خلايا الدم الحمراء للمرضى المصابين بهذا المرض ينحرفان بشدة عن هذين الخاصين بالأشخاص الأصحاء، ويشير هذا إلى تلف هذه الخلايا ويمكن أن يفسر زيادة خطر انسداد الأوعية الدموية والانسداد في الرئتين. بالإضافة إلى ذلك، قد يتأثر إمداد الأوكسجين، وهو من المهام الرئيسة لكريات الدم الحمراء، لدى الأشخاص المصابين.

وكانت الخلايا الليمفاوية (نوع واحد من خلايا الدم البيضاء المسؤولة عن الدفاع المناعي المكتسب) بدورها أكثر ليونةً بشكل ملحوظ في مرضى "كوفيد - 19"، مما يشير عادةً إلى تفاعل مناعي قوي، وقدّم الباحثون ملاحظات مماثلة لـ"الخلايا الحبيبية المتعادلة"، وهي مجموعة أخرى من خلايا الدم البيضاء تشارك في الاستجابة المناعية الفطرية، حتى إن هذه الخلايا ظلت متغيرة بشكل جذري بعد سبعة أشهر من الإصابة الحادّة.

نقلاً عن "العربية.نت"