الفنانة نجوى كرم: رفضت أن أبدو في صورة المُجاملة فأساير أو المتفلسفة فأنتقد بقسوة

مقابلة, نجوى كرم, علي جابر, شركات انتاج, قناة ام.بي.سي, لجنة تحكيم, عمرو أديب, برنامج الهواة, برنامج المواهب الشابة تلفزيوني

17 يناير 2011

- أنتِ أول فنانة عربية تشارك في برنامج للهواة إنطلاقاً من تجربتها الغنائية، بمعنى أن البرنامج ليس مختصاً بالغناء فقط بل يشمل كل أنواع المواهب. ماذا تقولين عن تجربتك فيه؟ وعلى أي أساس وافقتِ؟
مما لا شكّ فيه أني لم أوافق بسهولة على خوض هذه التجربة التي لا تُعتبر جديدة عليّ أنا فقط، بل على العالم العربي بأسره، لهذا لم يكن من السهل اتخاذ القرار. درست وضعي جيداً وفكرت في الأمر كثيراً، خصوصاً أني لا أريد أن أكون في موقع لجنة التحكيم. البرنامج سينتهي، بينما أنا سأستمرّ كمطربة. وبما أنه برنامح مختصّ بالمواهب، فكثيرون سيتقدمون للمشاركة، ومنهم من سيُقبل ومنهم من سيُرفض تأهّله إلى المراحل اللاحقة. أنا بطبعي لا أحبّ أن أزعّل أحداً، كما أني لا أحب قول «نعم» لأناس لا يملكون الموهبة فأبدو مُجاملة  وغير صادقة. أردت أن أكون صادقة مع نفسي أولاً، ومع كل شخص تقدّم للمشاركة في البرنامج. هؤلاء الأشخاص يُفترض أنهم سيمثلون يوماً ما جمهوراً معيناً في بلد ما، لهذا لا يجوز أن نخدعهم. هذا إضافة إلى أن مستوى البرنامج في مراحله النهائية عال جداً، لهذا لا نريد أن يظهر العرب بصورة أو مستوى أقلّ من الذين وصلوا إلى النهائيات في الدول الأخرى التي نفّذ فيها البرنامج. يجب أن يكون المستوى مميزاً.

- لماذا تتمّ المقارنة دائماً مع ما هو عالمي؟ هل هي عقدة؟
هي ليست عقدة، ولكن ما يُشكّل الفرق هو الدعم الإنتاجي في الخارج الذي غالباً ما يكون أعلى بكثير من الإنتاج في بلادنا، إضافة إلى الإنفتاح الذي يعطي الكلّ مساحة أكبر للتعبير عن الذات، كما أن المواهب ليست محدودة بما يمكن أن تقدمه شركة الإنتاج. تأتي شركة ما وتقول: «أنتِ حدودك متران ونصف، وسنعطيكِ على هذا الأساس». أما في الخارج فيقولون: «ما هي حدودك كي نعطيك». ليسوا أفضل منا في الخارج كي نقول إن العالمية هدفنا، ولكنهم دون شك تخطوا الحدود بما يسمح بتنمية المواهب، بينما توجد في عالمنا حواجز عديدة من منطلق عاداتنا وتقالدينا التي يصعُب تجاوزها.

- لكن عموماً، ألا تلاحظين أن شركات الإنتاج بمختلف أنواعها لا تهتم بالمواهب الناشئة؟
على العكس تماماً، حتى أنهم لكثرة ما دعموا المواهب الجديدة دمروا المواهب الكبيرة لصالح كل ما هو جديد. دمروا الكبار دون أن يحقق الجدد شيئاً، «وما طلع من أمرن شي».

- أنت تتحدثين عن مجال الغناء تحديداً، ولكن السؤال كان عن مختلف المواهب في كل المجالات!
«ليش وين عنّا مجال تاني أصلاً؟». هذا البرنامج فريد من نوعه لأنه أول برنامج يعرض مختلف أنواع المواهب، بينما لم يشهد أي برنامج آخر تحدياً مماثلاً، باستثناء ARABS' GOT TALENT.

- هذا ما كنا نقصده، بمعنى أن هناك شركات إنتاج للمطربين والممثلين ولكن لا توجد جهات ترعى مثلاً شباناً يرقصون الـ «هيب هوب» أو الـ «بريك دانس»؟
صحيح، وكل ما نشهده نتيجة مجهود فردي لأننا تقليديون. في هذا البرنامج مثلاً، كنا نتوقّع أن يكون العدد الأكبر من المشاركين لأناس يغنون، وهذا أمر تقليدي، أي من الطبيعي أن نفكر هكذا. لكن المفاجأة كانت أن العدد الأكبر كان في فئات الرقص على اختلاف أنواعه، وخصوصاً الـ «هيب هوب». وعندما لمسنا هذا الوضع الذي اعتبرناه غريباً علينا ولكنه يعبّر عن اهتمامات الجيل الجديد، حاولنا قدر المستطاع معايشته حلقة بعد حلقة. حتى أن حُكّمنا على المواهب، صرنا نحسّه ونشعر به أكثر.

- تقصدين أن حكمكم اختلف مثلاً من الحلقة الأولى وصولاً إلى السادسة والأخيرة في مرحلة التصفيات الأولى؟
لو تحدثنا مثلاً عن مستوى ما تقدّم في الـ «راب» أو الـ «هيب هوب»، كان من الضروري أن نقيسه بمستوى المواهب التي تقدمت في هذا البرنامج وما هو موجود لدينا. فإن قارنّا المستوى بما هو موجود في الخارج، سنظلم المشتركين بالتأكيد، لأننا في الأساس لم نقدّم لهؤلاء أي مثال يكون قدوة عربية في هذا المجال لنطلب منهم التمثّل بها، بينما كل الأمثلة الموجودة أمامنا وأمامهم هي عالمية. من جهة أخرى، قد يقول أي موهوب: «طالما أني موجود في الوطن العربي ولن أصل إلى العالمية، يجب أن يبقى هدفي أو طموحي محدوداً».

- لو كان البرنامج المعروض عليك مختصّاً بالمواهب الغنائية فقط، هل كنت لتوافقين؟
أهمية البرنامج تكمن في فكرته وليس في ما سنقدّم فيه. لا أغني أبداً في البرنامج، بمعنى أني لا أستهلك نفسي فيه ولا صوتي ولا أغنياتي. تخيّلي مثلاً أني سأقدّم جديداً على مدى 13 أسبوعاً... أستطيع تقديم أغنيات قديمة كلّ مرة، ولكني سأفقد حينها عُنصرَي التجديد والتنويع. كثرة الظهور على شاشة التلفزيون محرقة للفنان، أو بمعنى أصحّ سلاح ذو حدّين. ولكن لأنه برنامج جديد بكلّ ما فيه وافقت. كما أني تابعته في الدورات السابقة التي عُرضت في دول مختلفة، ولفتني كثيراً وشدّني وجذبني كي أتابعه. شعرت حقيقة مثلي مثل أي متلقٍ على الشاشة، برغبة في إبداء رأيي بشخص يتقدّم ليشاركنا موهبة لديه، وذلك بعيداً طبعاً عن المجاملات لأني فنانة وقد تكون لي مصلحة مع الجمهور كي يحبني، وأيضاً دون أن أكون قاسية وأتفلسف. الموضوع حساس جداً. قبل أن نبدأ التصوير وخلاله، كنت أراجع نفسي وأنتقد ذاتي لناحية أني لا أريد أن أكون مُجامِلة ولا مُتفلسفة. وشعرت بأني قادرة على إيصال فكرتي من خلال إحساسي كمتلقية لا أكثر ولا أقلّ.

- خلال متابعتنا للتصوير، شاهدناكِ في الكواليس متوترة كثيراً وخائفة ومترددة خصوصاً في الحلقة الأولى. هل اختلفت درجة التوتر على مدى الحلقات التي تلت؟
طبعاً، ولكن مسألة الخوف والتوتر ترافقني في كل إطلالة وليس في هذا البرنامج فقط. بمجرد أن أدخل كواليس أي استديو يبدأ التوتر. رهبة التلفزيون والإطلالة على الناس تبقى موجودة مهما كانت الإطلالات كثيرة وعلى مدى سنوات، لأن في ذلك مسؤولية اسمي وصورتي عند الناس وانطباعهم عني. وفي هذا البرنامج، كان من الطبيعي أن أتوتر أكثر من أي وقت لأني أتشوّق لمعرفة ماذا يمكن أن يكون  انطباع الناس عني، وهم لم يروني في هذا الشكل مسبقاً، بل يعرفون أني أغني. أتمنى أن يتقبلني الجمهور بالشكل الذي سأطلّ فيه، لأني لو كنت كأي شخص آخر أجلس أمام الشاشة وأُتابع، سأعطي رأيي في المشارك تماماً كما أعطيه خلال الحلقات.

- هل شعرت بأنك ظلمت أحد المشتركين؟
أبداً على العكس، فهناك أشخاص تعاطفت معهم وطلبت أن يحظوا بفرصة ثانية خصوصاً من كانوا يحملون قضايا وطنية أو يعبّرون عن حالات اجتماعية معينة أو عاطفية. واليوم بعد أن أنهينا تصوير الحلقات الست من مرحلة التصفيات الأولى، سنختار المواهب القوية جداً والتي تستحق فعلاً الوصول إلى النهائيات، أي المواهب الخارقة.

- تشاركين في لجنة التحكيم إلى جانب الإعلامي عمرو أديب وعلي جابر الذي يأتي أيضاً من خلفية إعلامية وتلفزيونية. كيف كان يتم التنسيق بينكم وأنتم الثلاثة تخوضون هذه التجربة للمرة الأولى؟
لم يكن هناك أي تنسيق. نحن الثلاثة كنا عفويين بكل ما للكلمة من معنى. كنا ندخل مباشرة إلى التصوير، والمشاركون يمرّون أمامنا ليقدموا مواهبهم، فيأتي دور كل واحد منا ليقوّم. وهذا أكبر دليل على أن البرنامج صادق ونحن ننقل هذا الصدق للناس لأنهم سيرون مسألة اختلاف الآراء في شكل واضح، وكيف أن أحدنا يتردد أو يتراجع عن قراره، وهل سيتمكن أحدنا من التأثير على قرار الآخر أم لا... قرار كل واحد منا نابع من رأيه وشخصيته ومن الطبيعي أن تختلف الأذواق وبالتالي النظرة تجاه كل مشترك.

- تجادلتم كثيراً؟
بالتأكيد. وهذه قمّة الصدق. أحياناً كنا نتفّق وفي أحيان أخرى نتجادل بحدّة وهذا ما سيلحظه الجمهور من خلال التعليقات.

- رأيناك غضبت وزعلت بسبب أن بعض المشاركين الذين لفتوا انتباهك لم يتمكنوا من الوصول إلى المرحلة الثانية، أي أُعجبت بهم ولكنهم لم يحظوا بتصويت عمرو وعلي؟
صحيح، وقد حصل ذلك أكثر من مرة، خصوصاً مع مشارك أردني يعزف على آلة الكمان. رغم صغر سنّه يملك تقنيات كبيرة جداً في العزف. شعرت بموهبته وكنت أريده أن يُكمل، ولكن عمرو وعلي صوّتا له سلباً، فحزنت دون شك.

- كنتِ متحمّسة جداً خلال التصوير ولاحظت أنك عندما تُعجبين بمشارك معين، تستديرين نحو الجمهور في القاعة لإثارة حماستهم في محاولة للتأثير على رأي عمرو أو علي؟
كلّ هذا كان نابعاً من إحساسي، ولديّ نسبة إيجابية مهمة في مسألة تعاملي مع الهواة. عندما أشاهد مشاركاً ما لديه موهبة، أشعر مسبقاً إلى أين يمكن أن يصل. وإن لمست مثلاً تردداً لديه أو خوفاً رغم امتلاكه الموهبة، لا بدّ أن أساعده وأمنحه فرصة أخرى. إن كنا نحن نتردد، فكيف بالحري هؤلاء الذين لا خبرة لديهم أو لم يطلّوا مرة على شاشة التلفزيون! أذكر أن شاباً تقدّم ليغني، لكن غناءه كان كارثياً إلى درجة أني استدرت وكنت أقول في نفسي: «من تراه أقنعه بأن يأتي كي يغني»، كما أني كنت أضحك من تعليقات عمرو علي... ولكنه فاجأني عندما عندما تابع الغناء في شكل سليم وجميل أيضاً إلى درجة أني اعتقدت أن شخصاً آخر يتابع الغناء مكانه. فاستدرت ثانية لأكتشف أن الشخص هو نفسه ولكن بصوت وأداء مختلفين... وهذا يعني أنه كان خائفاً جداً عندما بدأ الغناء. شخص مثل هذا، لا بدّ لي أن أعطيه فرصة ثانية خصوصاً أن صوته يدخل القلب سريعاً. أعرف أني أكون صادقة مع نفسي عندما أقوّم من خلال الإحساس وليس من خلال العلامات.

- ما هي العلامة التي تضعينها لنفسك على ما قدّمته في هذا البرنامج؟
(تضحك) لا أستطيع أن أضع علامة إلاّ بعدما يصبح البرنامج على الشاشة وأرى تفاعل الناس مع ما قدمت وأعرف إن كانوا احبوني أم لا، حينها يمكن أن أحكم. عندما أقف على المسرح لا أستطيع تقويم نفسي، بل أقوم بذلك عندما أشاهد نفسي على الشاشة، لأني بذلك أقوّم «نجوى كرم» كما يقوّمها الجمهور ولا أقوّم نفسي، أي كأني أحكم على شخص آخر وليس عليّ أنا.

- هل تمّكنت من التأثير على أحكام عمرو وعلي؟
ليس كثيراُ، ربما حصل ذلك مع علي أما عمرو فهو غالباً ما يكون متمسكاً برأيه، وهما أيضاً حاولا التأثير على حُكمي، وطبعاً لكلّ منا رأيه انطلاقاً من خبرته. اختيار أعضاء لجنة التحكيم لم يكن عبثياً، وأنا حقيقة أهنئ القيّمين على البرنامج على هذا الاختيار. أهم ما في البرنامج هو اختلاف الشخصيات، لكن تخيّلي مثلاً لو اننا في كلّ مرة أعطينا الرأي ذاته بعد وشوشات يمكن أن تدور بيننا! لم نتشاور أبداً، وأنا بالمناسبة سعيدة جداً بالتعرف عن قرب على كلّ من عمرو وعلي، كما أني سعيدة جداً بالتعامل مع محطة «ام بي سي» وصرت أشعر أني واحدة من فريق عملها.

- لفت انتباهنا أن مشاركات من مصر غنيّن لكِ، وهذا نادراً ما يحصل؟
(تبتسم) سعدت بهنّ كثيراً، وأذكر أن إحداهنّ غنّت «إيدك» وصوتها جميل جداً وأدّت الأغنية في شكل صحيح. لكن عندما قدّمت أغنية طربية بدا صوتها رائعاً وظهرت اللمعة الموجودة فيه.

- هل تعتقدين أن من سيفوز بلقب البرنامج سيكون من فئة الغناء؟
كلا لا أعتقد ذلك، طبعاً لا نستطيع الحكم منذ الآن أو الجزم ولكن هذا ما أحسّه.

- استغربتِ بداية من كمّ الأشخاص الذين تقدّموا لرقص الـ «هيب هوب» وقلتِ إن نظرتك إلى العالم العربي تغيّرت؟
صحيح، وأقصد نظرتي المستقبلية. بالفعل تغيّرت النظرة بعد هذا البرنامج، وكنت أعتقد أننا نعيش في مرحلة ركود فني بانتظار موهبة خارقة في الغناء تخلط الأوراق من جديد. ولكن اتضّح ان هذا غير صحيح، واكتشفت أن عالمنا العربي مقبل أكثر وأكثر على الغرب. نحن نعيش عصر الإنترنت والـ «فايس بوك» والـ «يوتيوب» وكل هذا آت إلينا من الغرب، وما كنا نعتبره خيالاً قبل سنوات قليلة، أصبح واقعاً اليوم. توجّهات الناس اختلفت، والـ «هيب هوب» هو وسيلة للتعبير عن الذات، لهذا شاهدنا كمّاً كبيراً من الناس الذين رقصوا الـ «هيب هوب» لأننا في العالم العربي نعاني نوعاً من الكبت.

- كثر أيضاً غنّوا الـ «راب» باللغة العربية. هل تعتقدين أنه الخط الغنائي اجديد الذي سيقبل عليه الجمهور؟
أنا أول فنانة عربية غنّت «راب» وذلك من خلال أغنية «عاشقة»، كما أني أول واحدة غنّت «سوينغ» من خلال «أوعا تكون زعلت» القريبة من أسلوب الـ «هيب هوب». رفضها الناس حينها رفضاً قاطعاً وانتقدوني عليها كثيراً، ولكن لو سمعت هاتين الأغنيتين اليوم ستجدينهما معاصرتين وكأنهما نُفّذتا هذه السنة وليس قبل عشر سنوات.

- ماذا عن الجدل الذي دار بينك وبين عمرو أديب حول فيروز وأم كلثوم؟
(تضحك) هو يعرف أني أحب السيدة أم كلثوم كثيراً، وهو أيضاً يحب السيدة فيروز. كان يتحمّس كثيراً عندما نأتي على ذكر أم كلثوم أو عندما يمرّ شيء يخصّها، وكان يقول: «نفسي ييجي حدّ ويغني لأم كلثوم».  لهذا كنت أقول له إني أيضاً أعشق أم كلثوم ولكن السيدة فيروز موجودة وأنا أيضاً أرغب في أن يغني لها المشاركون.