الفائزة بجائزة "لوريال-يونسكو للمرأة في العلوم": هذه نصيحتي للعالِمات الشابات!

دبي – "لها" 19 مارس 2022

حليمة النقبي عالمة من الإمارات العربية المتحدة، متخصّصة في مجال الهندسة الطبية الحيوية، وتحديداً في علم الجينوم والوراثة المناعي لدى الإنسان، وهو اختصاص يبحث في العلاقة بين جهاز المناعة والجينات الوراثية وقابلية التعرّض للأمراض المناعية والمُعدية. تخرجت حليمة في جامعة بيتسبرغ في الولايات المتحدة وحصلت على شهادة الماجستير، ثم التحقت ببرنامج الدكتوراه في الهندسة في جامعة خليفة، كما عملت مدرّسة مساعدة فيها. "لها" التقت بحليمة النقبي بعد فوزها بجائزة "لوريال-يونيسكو للمرأة في العلوم" L’Oréal-UNESCO For Women in Science وكان هذا الحوار.


- أخبرينا عن الاكتشاف الذي حققته وعلى أساسه استطعت الحصول على الجائزة؟

أطمح من خلال مشروعي إلى مجابهة التحديات التي تواجه التقنية الحالية للمطابقة النسيجية بين المتبرعين ومرضى زراعة الأعضاء من أجل تقليل الآثار الجانبية للزرع وتحسين نوعية الحياة ودعم خفض تكلفة الرعاية الصحية. فالتقنيات المتوافرة حالياً للمطابقة النسيجية تستخدم المعلومات الوراثية الخاصة بالشعوب الأخرى، بمن في ذلك الشعوب الأوروبية والآسيوية كمرجع لها في المطابقة والتي لا تمثّل مرجعاً دقيقاً للمرضى العرب. بالإضافة الى ذلك، وبينما تتوجّه مراكز العالم حالياً الى الطب الشخصي المبني على علم دقيق بالمورثات الجينية المرتبطة بالأمراض لمعالجتها أو لتفاديها قبل حدوثها، ستوفر البيانات الناتجة من هذا البحث مورداً جينومياً قيّماً في ما يتعلق بتحديد عوامل القابلية للأمراض المناعة الذاتية والأمراض المُعدية لدى العرب، وذلك من خلال توسيع مجموعة بيانات الجينوم لكي تعكس بدقة المجموعات العرقية في المنطقة وإنشاء مرجع رسمي لـ"مُعَقَّد التَّوافُق النَّسيجيّ الكبير". فعلى سبيل المثال، اكتشفنا علامات جينية خاصة بسكان دولة الإمارات تسبّب أمراضاً معينة موجودة في هذا الجزء من الجينوم مثل مرض السكري المناعي.

- ماذا تعني لك هذه الجائزة، وكيف ستحفّزك للسير قُدماً؟

على مدى السنوات العشرين الماضية، كرّمت جائزة "لوريال-يونيسكو" النساء العالِمات في كل أنحاء العالم، وكان لي الشرف أن أكون ضمن هذه النخبة من العالِمات الصاعدات لعام 2021. ستسلّط جائزة "لوريال-يونسكو للمرأة في العلوم" الضوء عليّ وعلى مشروعي البحثي، مما سيمكّنني من تعزيز رؤيتي المستقبلية في مجال الأبحاث الطبية، إلى جانب أنها ستتيح لي الفرصة لمشاركة قصّتي وطموحي بهدف إلهام الفتيات والباحثات الشابات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والتواصل مع مجتمع عالمي من المبتكِرات اللواتي يشاركنني الشغف نفسه نحو استخدام العلوم والتكنولوجيا لإحداث تغيير إيجابي في العالم.

- ما أبرز المصاعب التي تواجهها المرأة في عالم الاكتشافات العلمية؟

عالمياً، تمثّل النساء حوالى 33٪ من الباحثين في العالم، بينما تشغل ما يقارب 14٪ من الوظائف العلمية الأكاديمية. 

وأرى أن أهم التحديات التي تواجه المرأة في مجال البحث العلمي تبدأ من شخصية المرأة نفسها، وضرورة إيمانها بإمكانياتها وقدرتها على تحقيق أهدافها وبلوغ حلمها في مجال البحوث العلمية وتجنّب الشعور باليأس والإحباط في حال أتت النتائج بما لا ترجوه، فمجال الأبحاث يتطلب الكثير من الصبر والإصرار. وفي كل الأحوال، يتوجب علينا مضاعفة جهودنا لدعم المرأة وجعل الأوساط الأكاديمية مكان عمل أكثر ترحاباً وشمولية.

- كيف استطاعت المرأة الخليجية أن تثبت نفسها في المجال العلمي، وما هي الأثمان التي دفعتها لتحقيق ذلك؟

لربما كانت الأنماط والقوالب الفكرية السائدة في المجتمعات الخليجية بما هو مناسب وغير مناسب في عمل المرأة عاملاً أساسياً في منع النساء من التخصص في مجالات العلوم والتكنولوجيا على الرغم من اهتمامهن بها أو استعدادهن لدراسة تلك التخصّصات أو ممارسة الوظائف المرتبطة بها. ومع ذلك، تاريخنا غني بمساهمات الرائدات الخليجيات اللواتي كان لهنّ تأثير كبير في تنمية المجال العلمي وأظهرن أنه يمكننا الازدهار، مع الالتزام بقيمنا وتقاليدنا وهنّ يمثلن نماذج طموحة ويضعن بصمة قوية في مجتمعاتهن التي أثّرت في القرارات التي تتخذها المرأة الخليجية في ما يتعلق بمستقبلها المهني، والتي تتحدّى الأفكار النمطية البحتة. فخلال مدة زمنية قصيرة، استطاعت المرأة الخليجية أن تثبت نفسها كشريكة في مسيرة التنمية في القطاعات العلمية والأكاديمية وغيرها، فصار المجتمع متقبّلاً أكثر لفكرة وجود نساء عالِمات في مناصب قيادية.  

- ما هي نصيحتك للمرأة المتخرّجة حديثاً وتودّ خوض هذا المجال اليوم؟

رسالتي لكل شابّة تخرّجت حديثاً هي البدء بالتأمل الذاتي لاستلهام رسالتك في الحياة واتخاذ الإجراءات فوراً للوصول والارتقاء فوق الأصوات الداخلية الناقدة التي قد تهدم ثقتك بنفسك. فقد تكون لحظة الاستسلام آخر لحظة تفصلك عن الوصول الى طموحاتك، فالطريق لأي هدف عظيم يحتاج منك المثابرة. ويجب أن تضعي في الحسبان أن ليس هناك قمّة للعلم أو حدود، مما يجعل الأمر مشوّقاً أكثر، فرحلة التعلّم الذاتي من طريق القراءة والتفكير العميق في التساؤلات العلمية هي أثمن من أي شهادة جامعية. بالإضافة الى ذلك، تشير الأبحاث إلى أنه عندما ترى المرأة نساء أخريات في مناصب رفيعة، فإن ذلك يعزّز لديها الشعور بالقوة والانتماء لخوض مجالات العلوم. لذا، من المهم للعالِمات الشابات أن يبحثن عن نماذج مضيئة من خلال النساء القياديات في المجال أو التخصّص نفسه. فعلى سبيل المثال، لطالما كانت الباحثة الإماراتية الدكتورة حبيبة الصفار، رئيسة مركز العلوم الحيوية في جامعة خليفة، مصدر إلهامي لمتابعة جهودي في مجال الأبحاث الطبية.