العالِمة مهى زكريا يحيى الريامية: المستقبل الواعد يتطلّب بناء الإنسان

دبي–"لها" 30 ديسمبر 2022

حصلت العُمانية الدكتورة مهى زكريا يحيى الريامية على الدكتوراه في الأبحاث الطبيه من جامعة McGill في كندا، وتعمل حالياً أستاذة مساعِدة في قسم الكيمياء الحيوية بكلية الطب والعلوم الصحية في جامعة السلطان قابوس. حازت جائزة "لوريال-يونسكو" كأفضل عالِمة شابة عن أبحاثها المتقدّمة في مرض السكري. مهى زكريا يحيى الريامية في حوار.


- ما الذي قادك إلى دنيا العلوم؟

لطالما كان لدي اهتمام وشغف كبير بالعلوم. فأثناء دراستي للبكالوريوس، أجريت أول مشروع بحثي لي كجزء من المنهج وتدرّبت خلال الإجازات في مختبرات عدة في سلطنة عمان وكندا، مما زاد شغفي واهتمامي بهذا المجال. بعد ذلك، نلت من جامعه السلطان قابوس منحتين دراسيتين للحصول على درجتَي الماجستير والدكتوراه في الخارج. وأثناء متابعتيللدراسات العليافي كندا، تشرّفتبالعمل تحت إشراف علماء بارزين، وحصلت على فرصة الانضمام إلى فرقهم البحثية. كل هذه التجارب أثّرت فيّ وعززت شغفي بالعلوم وزوّدتني بالخلفية العلمية والمهارات اللازمة للعمل في مجال البحث العلمي.

اهتمامي بأبحاث مرض السكري بشكل عام بدأ أثناء دراستي للدكتوراه تحت إشراف البروفيسور المعروف كستانتين بوليكروناكس من جامعة (McGill University) في كندا. وأنا الآن أواصل العمل البحثي في المجال نفسه. خلال مسيرتي العلمية، حصلت على جوائز عدة طلابية وبحثية، وآخرها الجائزة الوطنية للبحث العلمي والابتكار في سلطنة عمان عام 2020من قطاع الابتكار في وزارة التعليم العالي والبحث والابتكار في سلطنه عمان. كما ساهمت في كتابة ونشر أوراق بحثية عدة وشاركت في عدد من المؤتمرات الدولية.

- حدّثينا عن الاكتشاف الذي كان سبب اختيارك من لجنة جوائز "لوريال-يونيسكو" كأفضل عالِمة شابة؟

حصلت على الجائزة نتيجة لنشاطي السابق والحالي في مجال الأبحاث ومشاركاتي في المؤتمرات البحثية المختلفة.

اهتمامي البحثي يتركز على مرض السكري، وبحثي في مرحلة الدكتوراه تمحور على دراسة ظاهرة - ربما تكون القطعة المفقودة من لغز أمراض المناعة الذاتية- هي وجود طفرات جينية في الخلايا التائية والتي نتوقع أن تعطي هذه الخلايا القدرة على مهاجمة خلايا الجسم في أمراض المناعة الذاتية. وقد وجدنا في هذه الدراسة أن الخلايا التائية من عينة مرضى السكري- النوع الأول تحمل طفرات في جينات ذات وظائف مناعية وتنظيمية لانقسام الخلية. وعلاوةً على ذلك، فقد لاحظنا أن بعض الطفرات تتكرر مؤثرةًفي الجينات نفسها في عدد من المرضى، وهذا يدعم دورها المحتمل في إحداث المرض. في هذه الدراسة توصلنا إلى وصف ظاهرة جديدة، قد تكون مساهمة في الإصابة بداء السكري من النوع الأول، وبصوره مماثلة كل أمراض المناعة الذاتية، مما يساهم في فهم مسبّبات هذه الأمراض من جهة وإمكانية تطوير علاجات جديده في المستقبل من جهة أخرى، من خلال استهداف الخلايا المسبّبة للمرض تحديداً. وتتطلب هذه الدراسة المزيد من الأبحاث والتجارب لإثبات هذه النظرية. وهذا ما أعمل عليه حالياً.

- ما هي الصعوبات التي واجهتك؟

مجال البحوث، مثل أي مجال آخر، له تحدياته. وأهدافي الأكاديمية والبحثية كبيرةوطموحاتي عالية، والتحدّي بالنسبة إليّ هو تحقيق كل هذه الأهداف والطموحات في الفترة الزمنية التي أستهدفها. لكننيأحصل على الدعم الذي أحتاج إليه من جامعة السلطان قابوس ومن زملائي في كلية الطب وقسم الكيمياء الحيوية، مما يساعدني في مسيرتي البحثية. وكذلك أحظى بدعم من مشرفي السابق في جامعة McGill University البروفيسور كستانتين بوليكروناكس.

- هل من تمييز في المجالات العلمية بين الرجل والمرأة؟

يتوجه العالم الى تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة اجتماعياً واقتصادياً وعلمياً.وهناك مبادرات عالمية وأخرى إقليمية في هذا الصدد. ومن خلال النظر إلى الوضعفي بلدي سلطنة عمان، فإن الحكومة تعمل ضمن توجهات واضحة أهمها عدم التمييز بين الذكور والإناث في مختلف المجالات، وإتاحة فرص التعليم بكل مراحله وتخصّصاته للجنسين على قدم المساواة، بل وخُصّصت منذ سنوات منح دراسية إضافية للنساء، كما تلتزم الدولة بعدالة التوظيف وتعتمد التوظيف للجنسين من خلال المنافسة وعلى أساس الجدارة والكفاءة. بل إن الدولة تبنّت في العقود الماضية وضمن خططها التنموية هدف رفع مستوى مشاركة المرأة العمانية في سوق العمل وتشجيعها ودعمها للتعليم والعمل والمساهمة في التنمية فيكل المجالات، ومنها مجال العلوم. وهناك عدد كبير من النساء العمانيات العاملات في العلوم والبحوث ممن لهن إنجازات وإسهامات بارزة في هذا المجال وحصلن أيضاً على العديد من الجوائز الدولية والإقليمية، مثل جائزة "لوريال-يونسكو" للمرأة في مجال العلوم قبلي.

- ما هو القانون المُجحف بحق المرأة الذي تتمنّين أن يتغير في عالمنا العربي؟

يوضح تقرير "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2022" الصادر عن البنك الدولي، أن نحو 2.4 مليار امرأة في سنّ العمل لا تُتاح لهن فرص اقتصادية متساوية، وأن 178 بلداً تضع حواجز قانونية تحول دون مشاركة المرأة الاقتصادية الكاملة. وفي 86 بلداً، هناك شكل من أشكال القيود على عمل المرأة، كما أن هناك 95 بلداً لا تكفل للنساءالمساواة في الأجر عن العمل متساوي القيمة، الأمر الذي نتمنى أن يُصحّح مستقبلاً. أما في بلدي سلطنة عمان، فإن التشريعات تكفل للمرأة الحقوق المتساوية مع الرجل حيث ينصّ النظام الأساسي للدولة على المساواة بين الرجل والمرأة في كل المجالات، وأنالتعليم حق مضمون للجنسين. أيضاً، يتضمن النظام أحكاماً تضمن حق المرأة في العملمساواةً مع الرجل، وحقها في تولّي الوظائف العامة على أساس المساواة.

- أي عالم تريدين لأطفالك أن يرثوا من بعدك، خصوصاً البنات؟

المستقبل الواعد يتطلّب بناء الإنسان والاهتمام به ووضعه في رأس قائمة أولويات الدول.شخصياً، أطمح في مستقبل واعد للجيل الجديد يرتكز على الإبداع وتشجيع المهارات المختلفة والتعليم المستمر والتطوير الذاتي، وأتطلع للمساهمة في بناء هذا المستقبل في وطني من خلال عملي الأكاديمي والبحثي ومساهماتي المجتمعية داخلنطاق الجامعة.

وهناك قناعة اليوم بأنّ الطفرة التكنولوجية ستغيّر حياة الأجيال القادمة، وأن تطويرالمنظومة التعليمية والتدريبية بما يواكب التوجّه التكنولوجي الحديث سيساهم في تأهيلجيل من المتخصّصين والعلماء في مختلف مجالات العلوم، وسيخلق جيلاً من المبتكرين والمبدعين.من هنا تهتم دول العالم قاطبة، وخصوصاً المتقدّمة منها بالمستقبل وتستعدّ له. وفي بلدي سلطنة عمان، دشّنت مبادرات عدة لتحديد مهارات المستقبل، والتي تواكب التطورات الاقتصادية والثورة الصناعية، وهي تشمل: القدرات اللغوية، المهارات التطبيقية المرتبطة بالإبداع والابتكار، التفكير الناقد،التواصل الفاعل، والعمل الجماعي وغيرها، إضافة إلى المهارات التقنية الخاصة بالتعامل مع البيانات، والوسائط الإعلامية. واليوم، نعمل جميعاً ونتعاون لبناء مهارات المستقبل من خلال مواقعنا المختلفة.