المخرج هشام فتحي: مسلسل The Office يقدّم شكلاً جديداً عن المجتمع الوظيفي في المملكة بإطار كوميدي خاص

فرح جهمي 05 فبراير 2023

بعد النجاحات التي حققها في أعماله المصرية، تمكّن المخرج هشام فتحي من تقديم مسلسل The Office العالمي بنسخته السعودية من خلال مجموعة من الممثلين الشباب السعوديين، ونجح في تصدّر «التريند» على السوشيال ميديا، حيث يحظى المسلسل المعرّب باهتمام كبير من الجمهور الخليجي والعربي، الذين يتابعون يوميات أبطال العمل بدقة وينتظرون بشغف المواقف الكوميدية التي تحصل في ما بينهم.


ونجح المخرج المصري بمساعدة الكاتب عبدالله الظهران والعضو المنتدب لاستديوهات MBC زينب أبو السمح في اختيار الممثلين المناسبين لتقديم الشخصيات العالمية التي انتشرت مع النسخة البريطانية الأصلية وإعادة تقديمها قبل سنوات بنسخ عدة، منها الأميركية والفرنسية والهندية. وتمكّن بعدها من تحويل الفورمات الأجنبية إلى العربية مع التركيز على خصوصية المجتمع الخليجي والثقافة السعودية وتقديم العمل بقالب مميّز يتقبّله المشاهد العربي، لا سيما أن أغلبهم ليسوا غرباء عن أحداث المسلسل الشهير ونجاحه الكبير على مدار عقدين من الزمن. وبالعمل المنتظم والتفكير السليم، تمكّن من منح الشخصيات العالمية روحاً جديدة تناسب منطقة الخليج العربي مع التركيز على أحداث العمل الأصلي.

وترصد الأحداث قصة مكتب لبيع الورق في الرياض، يديره «مالك آل التويفي»، الشخصية التي يقدّمها النجم السعودي صالح أبو عمرة، وهو مدير نرجسي، فظّ والمصدر الرئيس للدراما، والذي يؤدي الى وضع نفسه والموظفين في مواقف محرجة، بسبب كلامه وتصرفاته الغريبة... وكل ذلك في إطار كوميدي اجتماعي. وفي موازاة هذه الشخصية، هناك الكثير من الموظفين الذين تختلف طبائعهم وصفاتهم في العمل، والتي تعتبر انعكاساً طبيعياً لأي شركة في العالم العربي.

كاستينغ خاص لجعل الشخصيات من لحم ودم

وتحدّث المخرج المصري في لقاء مع «لها» عن طريقته في اختيار النجوم لاستعادة شخصيات «المكتب»، قائلاً: «أعتقد دائماً أن أكثر من 50 في المئة من نجاح العمل يرتكز على الكاستنغ الخاص بالفيلم أو المسلسل، فذلك يكون مناسباً للشخصيات المكتوبة ويتمكن من تجسيدها لتصبح من لحم ودم»، وأضاف: «الكاستينغ الخاص بالمسلسل استغرق وقتاً طويلاً. دخلت إلى العمل وكانت استديوهات MBC قد بدأت حينها بوضع الخطوط العريضة لاختيار الممثلين المناسبين، ثم اخترتُ مع فريق العمل الأنسب للأدوار والشخصيات، لا سيما أن القصة عبارة عن فورمات محدّدة بأُطر لا يمكننا الابتعاد عن شكلها الأساسي. وأعتقد أننا نجحنا جداً في ذلك، خصوصاً أن في المملكة العربية السعودية جيلاً قادماً بقوة ولديه شغف رائع بالتمثيل. وفي المحصلة، الاختيار بدا موفّقاً رغم أنه كان في غاية الصعوبة، وكان لدينا اختيارات عدة لكل دور، لكن في النهاية وصلنا الى الشكل المناسب، وأنا شخصياً راضٍ عنه».


معايير تلامس وجدان الجمهور الخليجي والعربي

وعن الركائز والمعايير التي انطلق منها فريق العمل لنقل صورة تلامس وجدان الجمهور الخليجي والعربي، أوضح فتحي أن «الجزء الأول من المسألة يكمن في القدرة على نقل عمل ناطق باللغة الأجنبية إلى اللهجة السعودية أو المصرية أو غيرهما من اللهجات، فاختلاف اللغة نفسه يجعلك تشعر بإحساس مختلف حول العمل، لا سيما أن المسلسل ليس مدبلجاً، بل الناس هم الناطقون باللغة المحكية بحسب النسخة المقدَّمة».

وأضاف: «أما الجزء الثاني من المعايير التي اعتمدناها لنقل العمل بالنسخة السعودية فيتمثل بالدخول في المشاكل الحقيقية أو الخاصة بالمجتمع السعودي، والعلاقة ما بين المدير والموظفين داخل الشركة، وما بين الموظف والموظفة في شكل جديد للمجتمع الوظيفي في المملكة، إضافة إلى أننا نتناول ضمن أحداث المسلسل مواضيع حياتية أو نساير الوقت الحالي، سواء من مشاكل أو من مناسبات مثل شهر رمضان والأعياد أو العطلات الرسمية داخل البلد، كما نحافظ في الوقت نفسه على العادات والتقاليد لنوصل الدعابة والحسّ الكوميدي الفكاهي السعودي بسلاسة، بحيث يمكن المشاهد أن يجد نفسه فيه. وأعتقد أننا كنا نركّز على كل هذه النقاط ونضعها نصب أعيننا ونحن نحاول طوال الوقت وضع هذه الإضافات من دون أن نمسّ بالشكل العام للنسخة الأصلية من THE OFFICE، وبدون أن نؤثر في نظرة محبّي المسلسل والشكل المعتادين عليه، لأن العمل عبارة عن فورمات محدّدة بشخصيات مبنيّة على العلاقات في ما بينها، ونحن نحاول أن نطعّم هذا الإطار والشكل بالحس العربي السعودي».

وأردف المخرج المصري بالقول: «الصعوبات التي واجهتها لتقديم عمل عالمي معروف بنكهة سعودية تتمثل بقدرتنا في الحفاظ على الإطار العام الموجود في الفورمات الأجنبية، وفي الوقت نفسه بأن نتمكن من تطعيم هذه النسخة العالمية بالحس السعودي أو الخليجي أو العربي من دون أن يُحدث ذلك أي خلل في الشكل العام للعمل، كأن تتسبب الإضافات في تغيير المسلسل بشكل كامل فنجد أنفسنا أمام أحداث مختلفة عن «المكتب»، وفي هذه الحالة لسنا مضطرين من الأساس لأخذ النسخة الأجنبية وتطبيقها بالعربية. في الحقيقة، حرصنا على الإبقاء على هوية الشخصيات في المسلسل بالنسخة الأصلية كما هي وفقاً للإطار الكامل، ومن ثم بدأنا في إدخال الطعم السعودي والنكتة السعودية، والتي أرى أنها فكاهة قوية جداً، وقد نجحنا في الوصول إلى هذه التوليفة ضمن مجريات العمل».

الجديد الذي سيقدّمة «المكتب» بنسخته السعودية

أما عن الجديد الذي سيقدّمه «المكتب» بنسخته السعودية للمشاهد، فلفت فتحي إلى أن «هذه النسخة ستدفع المشاهد الذي لا يعرف المسلسل ولم يشاهد أياً من نسخه السابقة الى أن يراه الآن بنكهة سعودية عربية ويتفاعل معه. وأعتقد أن إمكانية جذب قطاع كبير من المشاهدين العرب لرؤية العمل المعروف عالمياً للمرة الأولى قد تثير حشريتهم لمشاهدة النسخة الأصلية منه».

وأضاف فتحي في حديثه عن الجديد الذي يقدّمه العمل قائلاً: «»المكتب» سيتيح أيضاً الفرصة للمشاهدين لرؤية المجتمع الوظيفي السعودي بشكل مختلف، وبالتالي رؤية شكل جديد من الضحك الخاص بـtheoffice ، وهو في الأساس مختلف قليلاً عن ذلك الموجود في الوطن العربي، والذي غالباً ما يكون قائماً على السخرية طوال الوقت، وعلى المواقف التي تحصل بين بيئة العمل، وهذا النوع من الكوميديا نفتقده في بيئتنا العربية، لذلك سيرى المشاهد في مجريات المسلسل هذا التغيير في الحس الكوميدي وستظهر ردود فعلهم مع الوقت».

هل سيتقبّل الجمهور الإضافات المختلفة عن النسخة الأجنبية؟

واختتم هشام فتحي حديثه بالقول: «في العادة لا أحب أن أتوقع ردّ فعل الجمهور على أي عمل أقدّمه، ولكن قد ينتقد بعض محبّي النسخة الأصلية من المسلسل الكوميدي العمل الجديد ولن يتقبّلوه أو يحبّوه... وأعتقد أنهم سيعترضون على الكثير من التفاصيل المضافة إلى الأحداث العالمية، وربما يعتبرون ما نقدّمه غير لائق، ولكن رغم كل ذلك لدي إحساس بأن هناك العديد من الإضافات القوية في النسخة السعودية والتي قد تتفوّق على النسخة الأجنبية. وأظن أن الجمهور سيرى العمل بعين مختلفة. وبكل تأكيد أنا أتمنى النجاح للمسلسل، لأن كل الممثلين وفريق العمل وفريق الإنتاج عملوا بإخلاص ومحبّة وتعبوا لإخراج عمل متقن يليق بالمشاهد العربي».