حياة الفهد: أرفض تجسيد مسيرتي الفنية في عمل درامي

حوار: محمود الرفاعي 04 مارس 2023

حازت الفنانة الكويتية القديرة حياة الفهد جائزة مهرجان Joy Awards الفخرية التكريمية عن مسيرتها الفنية التي استمرت لأكثر من 50 عاماً وأثرت بها الحياة الفنية في الكويت ودول الخليج والوطن العربي. في حوارها مع «لها»، تحدثت حياة الفهد عن تلك الجائزة وشعورها بعد الحصول عليها، وتكلّمت عن مشوارها الفني الطويل والصعوبات التي واجهتها خلاله لكونها من أهم الفنانات في تاريخ الفن العربي وقدّمت أعمالاً متنوعة في السينما والتلفزيون والمسرح والإذاعة، كما كشفت الفهد عن تفاصيل مسلسلها الجديد «قرة عينك» الذي من المقرر عرضه في موسم دراما رمضان لهذا العام، وسبب ابتعادها عن مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدةً أنها تحبّ الأعمال الكوميدية رغم قلّة الأدوار التي لعبتها في هذا المجال.


- كيف كان شعورك بعد أن مُنحت جائزة مهرجان Joy Awards التكريمية الفخرية في الرياض؟

شعور لا يوصف، فهذه الجائزة من أفضل وأهم الجوائز التي حصلت عليها في السنوات الأخيرة، لأنني تسلّمتها في بلدي الثاني السعودية وأمام عدد كبير من رموز الفن العربي والعالمي، وهنا لا بد من تقديم الشكر الى «أبو ناصر»، معالي المستشار تركي آل الشيخ على منحي هذه الجائزة، فالمسيرة الفنية كانت طويلة والجوائز التي نلتها خلالها تُشعرني بأن جهودي في العمل لم تذهب سدىً، فشكراً لكل شخص ساهم في نجاحي وإعلاء اسمي في الوطن العربي.


- كيف ترين مشوارك الفني الطويل؟

مررت بصعوبات كثيرة في مشواري الفني الطويل، بين لحظات حزينة ومُتعِبة، وأخرى سعيدة، لكنّ هذا المشوار توّج بعدد من الجوائز وشهادات التقدير من عدد من الدول الخليجية، وأُدين بالفضل الى الله سبحانه وتعالى الذي منحني مواهب عديدة ومختلفة منها التمثيل والتأليف وكتابة الشعر والخواطر وكتابة النصوص التلفزيونية وعمل مسرحي واحد، و3 أفلام درامية طويلة... ولا أنسى فضل والدتي وأستاذي الراحل صقر الرشود الذي علّمني كيف أخطو أولى خطواتي في المسرح وساعدني في الوقوف على خشبته، وكان عمري وقتها 13 عاماً، وأتذكر أنني يومها كنت خجولة جداً وخائفة، لكن وقوف أستاذي الى جاني بدّد هذا الخوف.

- هل من عمل خاص لا تزال مكانته محفوظة في قلبك؟

كل الأعمال التي قدّمتها قريبة إلى قلبي، ولكنْ هناك أعمال استلهمت فكرتها من واقع قريب منّي، كقصص نساء عايشت مسيرتهنّ، فأضفت إليها بعض الأحداث وغيّرت في أسماء الشخصيات لكي أتجنّب المباشرة.

- ما الجديد الذي ستقدّمه حياة الفهد لجمهورها في دراما رمضان 2023؟

لي أسلوبي الخاص في العمل، فأنا لست من الفنانات اللواتي يكتفين بقراءة أدوارهن في السيناريوات التي تُعرض عليهنّ، بل لا بد من أن أتسلّم نص العمل بالكامل وأقرأ دوري وأدوار كل الممثلين المشاركين فيه، وأعرف أسماءهم، ومن ثم أعطي موافقتي. نعمل حالياً على مسلسل «قرة عينك»، وقد انتهينا من مرحلة التحضير له، وبات جاهزاً للتصوير، وهو عمل جديد ومختلف، مأخوذ عن قصة واقعية حدثت في الولايات المتحدة الأميركية، لرجل حُكم عليه بالسجن سنين طويلة، لكن في النهاية تظهر براءته... ويشارك في بطولة المسلسل المقرر عرضه في موسم رمضان المقبل، عدد كبير من الفنانين الذين سيُعلن عنهم في أقرب وقت، وأتمنى أن ينال العمل إعجاب الجمهور.

- وهل المسلسل هو العمل الوحيد الذي تحضّرين له حالياً؟

أقرأ حالياً عدداً من العروض الفنية وأدرسها لاختيار الأنسب بينها، كما سأشارك في فيلم مع محمد المنصوري، لكن لا يمكنني التحدث عنه إلا بعد الانتهاء من كتابته.

- ما هي المعوقات التي تواجهك خلال التصوير؟

في الماضي لم أكن أواجه أي صعوبات، بحيث كنت أنعم بصحة جيدة وأسعد بالتمثيل، لكن اليوم أجد صعوبة في العمل خارج البلاد نظراً لظروفي الصحية، كما أنني لا أحب الابتعاد عن أولادي وأحفادي.

- ما الرسالة التي تودّين تقديمها من خلال أدواركِ؟

القضية التي تشغلني حالياً هي «رعاية الطفل»، لأننا نعيش في زمن رديء، انشغل فيه الأهالي عن أطفالهم بسبب العمل أو انتشار مواقع التواصل الاجتماعي... لقد أهملوا أطفالهم لدرجة أنهم لا يعرفون متطلباتهم وأولوياتهم، هذا بالإضافة إلى المدارس التي باتت غير آمنة، وانتشار المخدرات بشكل مرعب وتعاطيها بلا رقيب أو حسيب... هذا النوع من القضايا يستحق الالتفات إليه.

- عملتِ في السينما والتلفزيون والمسرح... لكن أي مجال هو الأقرب الى قلبك؟

أميل إلى المسرح وأعشقه، لكن مع تقدّمي في السنّ بات العمل في المسرح صعباً، كما أن الجمهور الكويتي لم يعُد يرغب بمشاهدة المسرح، وخصوصاً المسرح التجاري ذا المستوى الهابط، والذي أصبح اليوم منتشراً بكثرة.

- هل لهذا السبب ذكرت من قبل أن العمل الفني يجب أن يتضمن رسالة؟

الفن يحمل رسائل كثيرة، منها هادفة وموجّهة، وأخرى إنسانية لقضايا ربما الكثير من الجمهور لا يعرف عنها شيئاً، فحين نتناول قضية «ذوي الهمم» نجد أن كثراً في المجتمع لا يعرفون شيئاً عن معاناتهم وما يواجه أسرهم، أو نناقش قضية المرأة المطلّقة والمصاعب التي تواجهها في حياتها، لنلفت نظر المجتمع إلى معاناة هذه المرأة واقتراح الحلول لمعالجة مشكلاتها... أيضاً الأعمال الكوميدية تتضمن رسائل هادفة، لكن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت مصدراً لنشر السموم والأفكار السلبية، خاصة الرسائل الموجّهة ممن يُطلقون على أنفسهم «أنفلونسر»، وأوحوا للبنات بأعمال بلا هدف، وتدعو لهدم البيوت... علماً أن بناتٍ كثيرات دمّرن حياتهن بسبب اقتدائهنّ بهؤلاء.

- هل لهذه الأسباب لا تميلين الى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي؟

مواقع التواصل أصبحت منبراً لأيّ كان للتحدّث عن الأمور بشكل سلبي، وأنا لا أحب متابعة السلبيات والموضوعات غير اللائقة واللامفهومة... لذا لا أميل إلى السوشيال ميديا، كما أنه ليس لديَّ وقت للاطلاع عليها، ولي حساب رسمي واحد على «إنستغرام».


- بعد مشوار فني حافل بالأدوار المتنوعة، ما الشخصية التي تتمنين تجسيدها؟

خلال مشواري الفني الطويل، قدّمت كل الشخصيات ومختلف الأنماط، وأكثر الشخصيات التي أحبّها وجسّدتها؛ الزوجة، الأم، الأخت، الجدّة، كما قدّمت أعمالاً درامية، حزينة وكوميدية، ولذلك ما من دور معيّن أتمنى تجسيده، لكنني أميل إلى الأدوار الإنسانية، وأحب أن أعيش هذه اللحظات في العمل الدرامي.

- لماذا ترفضين تجسيد سيرتك الذاتية في عمل فني أو أدبي؟

طلب مني الكثيرون نشر كتب عن سيرتي الذاتية، لكنني رفضت، لأن في حياة كل إنسان خطوطاً يحرص على ألاّ يعرف أحد عنها شيئاً، ولكي تتجسّد قصة حياتي يجب أن أكون صادقة في كل التفاصيل، لكننا في النهاية نعيش في مجتمع شرقي لا يحبّذ مثل هذه الأمور.

- قلتِ إن الفنان الكويتي لم يعُد موضع تقدير في الوطن العربي، لماذا؟

لم أقُل إن الفنان الكويتي لم يعُد محل تقدير في المجمل، لكن كان الأمر يتعلّق بوزارة الإعلام الكويتية حينذاك، بحيث مرّت علينا أوقات كانت فيها الأبواب مغلقة في وجه الفنان الكويتي بسبب قلّة الإنتاج أو ضعف الميزانية، لكن الآن تغيّرت الصورة، إذ أصبح لدينا وزيرٌ للإعلام يتفهّم مشكلات الفنانين، ويأخذ بيدهم.

- هل تميل حياة الفهد في بعض الأحيان الى الأدوار الكوميدية؟

الكوميديا ليست هدفي الأول، وإن كنت أشتاق أحياناً إلى دور كوميدي، لكنني أعشق الأعمال الدرامية والتراجيدية والتراثية، التي تكون أجواؤها مشابهة للريف المصري من حيث الأماكن والبيوت والعادات.

- هل تفكّرين في تقديم عمل درامي خارج حدود بلدك؟

كل أعمالي يشارك فيها فنانون عرب من جنسيات مختلفة، وعلى سبيل المثال من مصر الفنانة هبة الدرّي، وعبير الجندي وهي من أفضل الممثلات المصريات في الكويت، كما أن هناك فنانين من إيران يجيدون اللهجة الكويتية في أعمالي، وأتمنى أن يكون هناك عمل فني عربي مشترك يتناول قضايانا المصيرية، ويسلّط الضوء على مررنا به من ظروف وغزوات وحروب.

- مسيرتك الفنية ليس فيها أعمال سينمائية جديدة، ما السبب؟

أنا أكثر فنانة خليجية قدّمت أفلاماً سينمائية، فلديَّ ثلاثة أفلام طويلة، كما كُرّمت عن فيلم «بس يا بحر» الذي حصل على تسع جوائز عالمية، وفيلم «نجد» الذي نال جوائز عدة في السعودية.

- ما تقييمك للإنتاج السينمائي العربي؟

السينما العربية تأثرت سلباً بالأزمات الاقتصادية، كما تعاني ندرة في المؤلفين الموهوبين، فهناك قلّة في الأعمال وصعوبة في الاختيار، فلا أرى أعمالاً ذات مستوى عالٍ.

- ماذا عن الدراما الخليجية؟

الدراما الخليجية تعاني ركوداً وندرة في النصوص، ولا ننظر حالياً الى الفن نظرة احترام وتقدير بسبب عمليات التجميل التي يخضع لها الممثلون والممثلات، وأدت الى محو ملامح وجوههم الطبيعية، فعلى الفنان ألاّ يخضع للتجميل، لأن كل مرحلة من مراحل عمره يحتاج إليها الفن، كما أن الحروب في الدول الأوروبية أثّرت في الدول العربية والخليجية.

- ما الشائعة التي تغضبك كثيراً؟

في البداية كنت أستشيط غضباً من الشائعات، خاصة تلك المرتبطة بالوفاة، وأتذكّر موقفاً حدث معي، فلم أكن موجودة في المنزل وهاتفي الخاص كان مغلقاً، وانتشرت شائعة وفاتي، وحاولت بناتي الوصول إليّ للاطمئنان عليَّ، وعندما فتحت الهاتف قرأت رسائل كثيرة حول وفاتي، وتكرّر الأمر مع أكثر من فنان، وهو ما يثير الغضب الشديد، لأن هناك أشخاصاً يترصّدون الفنان ويتصيّدون أخطاءه.