"عرب في كوكب اليابان"... أردنية تنقل مع طفليها المعلومات الصحيحة لمساعدة العرب

فرح جهمي 30 أبريل 2023

بعد الصعوبات التي عانتها خلال إجراء المعاملات والأوراق الرسمية وسبل استخدام الخرائط والمواصلات، قرّرت الأردنية فاطمة عناني الانضمام إلى عالم الـ«يوتيوب» من خلال قناة «عرب في كوكب اليابان» لتوثيق تجربتها ومدّ العرب القادمين إلى اليابان بالمعلومات الصحيحة لتجنيبهم الوقوع في المشاكل التي واجهتها هي وتعليمهم طرق تخطّيها ومعالجتها بالأطر القانونية ووفقاً للإجراءات المسموحة.


بعد زواجها من شاب أردني يقيم في اليابان، إنتقلت الشابة الاردنية فاطمة عناني إلى بلاده وحاولت تعلم لغتهم وتقاليدهم وعاداتهم الغريبة عن بلادنا العربية وتتميّز مقاطع فاطمة بالهدوء وبنقل المعلومة بسلاسة من خلال الاستعانة بابنيها علي ونوح اللذين حصلا على الملامح الآسيوية اللطيفة، لأن والدهما صالح أبو عودة من أصول أردنية من معان من عشيرة آل خطاب، والأم أردنية من عائلة عناني آل كريشان، ولكن والدة الأم من الفيليبين ووالدة الأب من اليابان، فأضفى هذا التنوع الثقافي والمجتمعي غنىً على المحتوى.


وتقول فاطمة عناني: “كل من يقرر المجيء الى اليابان للإقامة فيها، يُحضّر نفسه مُسبقاً ويحاول تعلّم اللغة، ولكن من خلال تجربتي اكتشفت أنني لم أكن جاهزة بما فيه الكفاية، لأن معرفتي باللغة اليابانية كانت لا تتعدّى الواحد في المئة، خاصة أنها لغة صعبة ومتشعّبة، إضافة إلى أن اليابانيين متمسّكون جداً بلغتهم ونادراً ما يتكلم أحدهم أي لغة ثانية، وهذا يصعّب كثيراً عملية التواصل”.

وتمكّنت فاطمة من نقل كل ما يتعلق باليابان بدون إقحام متابعيها بتفاصيل حياتها اليومية والشخصية، بل كانت تركّز هي وزوجها على تقديم المعلومات التي تفيد العرب، لا سيما أن الاختلافات بين الثقافتين العربية واليابانية كثيرة، ولا بدّ لكل من ينوي الإقامة في اليابان الاطّلاع عليها ومعرفتها كي لا ينزعج ويشعر بالإحراج. وتوضح السيدة الأردنية أن “التعامل بين الناس يختلف كثيراً بين المجتمعَين الياباني والعربي، وأن العديد من الأمور ليست بالسلاسة الموجودة عند العرب، ففي اليابان يحتاج أبسط الأمور إلى التخطيط المُسبق بسبب انشغالهم الدائم بالعمل وتركيزهم على حياتهم العملية”.

وتضيف: “بالنسبة إليّ، لم أواجه صعوبات كبيرة في هذا الخصوص، لأن والدة زوجي اليابانية مطّلعة على العديد من الثقافات وقد تنقلت بين عدد من الدول، وباتت تتقبّل اختلاف الثقافات ووجهات النظر والتقاليد المختلفة عنها، فكانت متفهّمة للاختلاف بين الثقافتين، علماً أن الكثير من صديقاتي العربيات يعانين بسبب هذه الاختلافات، ولكن هذا ليس تعميماً، لأن اليابان بدأت تنفتح على باقي الثقافات وزاد تقبّلهم للآخر المختلف عنهم”.


وتستطرد فاطمة بالقول إنه “إلى جانب الاختلاف في التفكير والثقافة، يواجه العربي صعوبة إضافية تتمثل بالطعام المختلف تماماً عن الأكلات العربية الدسمة والمليئة بالبهارات والمنكّهات، في حين أن الأكل الياباني يعتمد بالدرجة الأولى على المأكولات البحرية والخضروات التي يتم طهوها من دون إضافات. كما يعاني العربي صعوبة أخرى، وهي قلّة اختلاط اليابانيين اجتماعياً بسبب التزامهم الجاد بالعمل، فهم يفضّلون العزلة ويلتقون عادةً في الأماكن العامة والمقاهي والحدائق، ونادراً ما يتزاورون في المنازل، وهذا اختلاف كبير عن عاداتنا العربية. الجميع في اليابان يركّزون على أعمالهم ويفكّرون بالمستقبل والحياة المادية بعيداً من التواصل الاجتماعي، وهذه معاناة حقيقية بالنسبة الى العربي وحياته الاجتماعية، لذا فعلى من يريد العيش في اليابان أن يتأقلم مع الوضع السائد هناك، وأن يكون تفكيره مرناً لأن الاندماج لن يكون سهلاً عليه”. وبالنسبة الى طرق الاندماج في المجتمع الياباني، تؤكد عناني أن “تعلّم اللغة هو الأهم، ويمكن تحقيق ذلك بالتعلّم وبمتابعة الكارتون والبرامج اليابانية المختلفة، ومن الضروري الاطّلاع على الثقافة اليابانية والتعرّف على عادات المجتمع وتقاليده، لأن ذلك يسهّل عملية الاندماج فتصبح الأمور مألوفة، خاصة أن اليابانيين لن يفرضوا عليكم أي شيء باستثناء القوانين”، وتضيف: “على المرأة العربية في اليابان أن تكون ملمّة بالأساسيات وضروريات الحياة، لأن الإقامة في هذا البلد تتطلب إنجاز الكثير من المعاملات الرسمية، وعليها أن تكون مستعدّة لكل التحدّيات وأن تعي أنها وحدها المسؤولة عن تفاصيل حياتها الزوجية وأولادها بسبب انشغال زوجها الدائم في العمل”.

وتوضح فاطمة أن “طفليّ يتحدثان اللغة العربية بطلاقة بسبب إصراري أنا وزوجي على استخدامها كلغة وحيدة في المنزل، إضافة إلى زياراتي المتكررة إلى الأردن بحيث أصرّ على تواصلهما الدائم مع أفراد عائلتي وأن يشاهدا التلفزيون العربي، كما أقرأ لهما القصص العربية يومياً، ولكنهما في بعض الأحيان يواجهان التنمّر في الدول العربية بسبب ملامحهما الآسيوية، فهما خُلاسيان، لا سيما أن أغلب الناس يقيّمون الشخص من خلال الشكل، وهو ما يؤذي طفلَيّ نفسياً بسبب الكلمات الجارحة والحركات التي يتعرّضان لها من جانب البعض، ولكنني شرحت لهما الأمر وأخبرتهما بأنهما مختلفان عن الآخرين لأنهما يتحدّران من عرقين مختلفين، وكلّما كبُرا في العمر تمكّنا من تخطي الأمر بسهولة”.


وفي الختام، تشير السيدة فاطمة عناني إلى أن “الشعب الياباني يستحق عن جدارة لقب “كوكب اليابان” لمجموعة من الأسباب من بينها الأمانة والالتزام الشديد بالعمل واحترام الوقت والمواعيد، فهم ملتزمون لدرجة الإخلاص، وأحياناً يكون التزامهم على حساب أنفسهم وعلاقاتهم الاجتماعية والأسرية، فهم فعلاً متفرّدون بهذا الشيء واستحقّوا تعبير “كوكب” لأنهم مختلفون عن باقي شعوب العالم”.