'الحرب الإيرانية - العراقية'...

خطوط الموضة, السينما السورية, فيلم قصير, ممثلة, حاتم العراقي, سينما العربيّة, فقدان السيطرة, محمد الدراجي, صدام حسين, أرز طويل إيراني, غولشيفتي فاراهاني

28 ديسمبر 2012

سيرة ومسيرة ومصير مجهول، تشابك ورفض لواقع مفروض حتى الخروج من الإطار ومن ثم العودة إليه بشكل مباشر وغيره. وإن كان واقع الأولى نتيجة نظام قائم والثاني نظام سقط حتى الموت. هما متشابهان حتى الإبداع في الفن السابع.
واقع المقابر الاجتماعية والجماعية، قد يجعلنا نفقد السيطرة على الأمور ونتجاوز المحرمات وصورتنا أحياناً أو نمسك بزمام الأمور خدمة للإنسانية التي قد تكون دفنت ثم قتلت بعد تلاعب بثابتة «دفن بعد الموت».
الحوار مع الممثلة الإيرانية غولشيفتي فاراهاني الفائزة بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم Patience of Stone (المخرج الأفغاني الفرنسي عتيق رحيمي) في مهرجان أبو ظبي السينمائي.


الممثلة الإيرانية غولشيفتي فاراهاني

- من أنت اليوم غولشيفتي فاراهاني؟
من؟ أنا؟ أنا عبارة عن فقاعات وخلايا وجزئيات ورأي. أنا كائن ما بين هذه الهيئة الجسمانية والفكر الذي يشكلني. أنا مقدار من الترددات وبالطبع من لحم ودم.

- أي امرأة؟
بالطبع أنا امرأة ولكن في المرتبة الأولى أحاول أن أكون أنا بمعزل عن هويتي الجنسية كامرأة أو العائلية كزوجة.
أبحث عن هويتي كإنسان. هذا سؤال صعب وعميق لأن الحياة هي مسار بحث دائم لا ينتهي بالإجابة عن: من نحن؟ لا أملك الإجابة بعد.

- بلغتِ أخيراً العام الأخير من عشريناتك (29 عاماً). كيف تتأملين واقعك؟
لقد ولدت في إيران خلال الحرب الإيرانية- العراقية. تلك الفترة كانت صعبة جداً علينا كإيرانيين. الذكرى الأولى في حياتي كانت إدراك معنى الموت وما قد تخلّفه القنابل. لم أولد طفلة بل كائناً صغيراً تشغله أسئلة عن الموت.
أول ما تعلّمته في الحياة، الموت واحتمال أن أكون ميتة وجثة. أما عائلياً، فقد نشأت في عائلة فنية بامتياز ومناخ ثقافي حقيقي يؤمن بأن الفنان له أثر مميّز في مجتمعه وله المكانة الأرفع في التغيير. عائلتي ترى أن الفنان يحمل لواء تحديد مصير الإنسان.

- يبدو الحديث عن العائلة شيقاً...
والدي كاتب ومخرج مسرحي وممثل ووالدتي رسّامة. شقيقي موسيقي وشقيقتي ممثلة أيضاً. أنا سعيدة ومحظوظة كوني ولدت في هذه العائلة الرائعة التي منحتني كل ما أحتاجه، كل ما استطاعوا منحه.
أشعر بالامتنان حين أتحدث عنهم. دخلت معهد الموسيقى، أعزف على آلة البيانو. هذه هي حياتي.

- لو كنت معزوفة موسيقية...
سأكون معزوفة بُشرى. قطعة موسيقية مرحة متفائلة بمستقبل جميل، اختراع جديد فيه لمسة إبداع وحزن.

- هل ثمة غولشيفتي غيرك في إيران أو باريس؟
لا، لا وجود لهذا الإسم في الحياة بل اسم من تأليف والدي. غول هي «الزهرة» وشيفتي «حب مجنون»، أي أن غولشفتي يعني «مجنونة بحب الزهور» أو «زهرة مجنونة بالحب».

- هل أنت سعيدة في باريس حيث تقيمين؟
أنا سعيدة جداً في باريس، ولم أكن كذلك في العام الأول الذي نفيت فيه من إيران. أنا خارج الوطن منذ أربع سنوات لكن في أول سنتين كنت دائمة التنقّل قبل الاستقرار في باريس. وكنت أتكيّف مع قرار منعي من العودة إلى إيران.
شكّلت لي باريس المكان البديل الذي أوفي فيه قراراً في البداية لكنها الحضن الذي طوّقني اليوم. وجدت صعوبة في تكلّم الفرنسية في البداية لكن باريس باتت شيئاً فشيئاً مدينتي. أحب باريس.

- كيف تعيشين يوماً روتينياً في باريس؟
الروتين كلمة لا وجود لها في حياتي ومعجمي الخاص. لا روتين ولا نظام في حياتي. بالنسبة إليّ، الحياة هي ارتجال متواصل ومحاولة تكيّف مع التغيير ومع كل ما تحمله إليّ الظروف. لا أملك أي فكرة عمّا ينتظرني غداً.

- أين تقيمين في باريس وما هو مكانك المفضل في مدينة الأنوار؟
كنت أقيم في الدائرة السابعة وانتقلت إلى التاسعة أخيراً. أما مكاني المفضل فهو سريري ودار جان كلود كاريير ومختلاه (كاتب سيناريو مبدع والرئيس السابق ل»منظمة الدراسات السينمائية» أو «المؤسسة الأوروبية لفنون الصوت والصورة» La Fémis).

- هل لديك أي أيقونة فرنسية؟
لا. لا وجود لأي أيقونة في حياتي.

- ماذا عن علاقتك بعاصمة الموضة باريس؟
الموضة عالم جميل وممتع وألهو به كثيراً. لكنها ليست قضيتي في الحياة أو نقطة نقاش أتقن تفاصيلها. أشعر بالحماسة حين أرتدي ملابس فاخرة لجلسة تصويرية.

- كيف تصفين أسلوب أناقتك؟
أظن أن أناقتي Unisex صالحة للمرأة والرجل. لا أرتدي الأزياء الأنثوية. أنتقي دائماً السترات والمعاطف، تجذبني كثيراً.

- لدي سؤال ولك حرية الإجابة. لم تجرأت وظهرت عارية الجذع في شريط مصوّر وجلسة تصويرية فرنسية؟
لم أقرّر التموضع عارية (تقولها بوتيرة سريعة وكأن الجملة كلمة)، بل ظهرت مع مجموعة وجوه ضمن شريط فرنسي لمرشحين ومرشحات لجائزة «سيزار» César لأكثر ممثل أو ممثلة واعدة.

- لمَ وافقت على الفكرة؟
لأنني لم أعد مواطنة إيرانية. أنا مقيمة في باريس.

- ما كان موقف العائلة والمحيط من هذا الأمر؟
لم يكن قراراً خطّطت له لإدراج صورتي ضمن تحرّك أو مطلب سياسي وإن اتخذ الأمر هذا المنحى. ربما تسببت بمشكلة لكنها نابعة من حقيقة علاقتنا مع الدولة ونظرتها إلى المرأة. لو كنت رجلاً لما أحدثت كل هذه الضجة.

- ثمة اعتقاد شائع بأنك منعت من الدخول إلى إيران بسبب هذا الظهور؟
قطعاً. هذا غير صحيح. أنا ممنوعة من دخول إيران بسبب أدائي دوراً في فيلم من إنتاج أميركي، Body of Lies. أنا في المنفى منذ أربع سنوات فيما ظهرت عارية الجذع في شباط /فبراير المنصرم.

- هل يساورك ندم عابر تجاه مشاركتك في فيلم حرمك من العودة إلى إيران؟
لم أفكر في الأمر ولو لحظة واحدة.

- كيف تعرّفين حضورك السينمائي اليوم ووفق أي معايير تختارين أدوارك؟
تصلح حياتي المهنية والشخصية اليوم أن تكون رهن شعار «ما قبل فيلم Body of Lies وما بعده».
هذا الفيلم غيّر حياتي، كان بمثابة المحرّم وما عليّ ألاّ أفعله. أنا أول ممثلة إيرانية تؤدي دوراً في فيلم أميركي بعد الثورة، وقد منعت من دخول إيران قبل العرض الأول.

- نادمة قليلاً على دور الممرضة «عايشة»؟
بالطبع لا. أنا من اخترت واقعي، اخترت أن أكون منفية ولست نادمة. سيبقى هذا الفيلم التجربة الهائلة والرائعة، التعاون مع المخرج ريدلي سكوت والتمثيل أمام ليوناردو دي كابريو الذي أعتبره ممثلا محترفاً وصديقاً مرحاً. أما بالنسبة إلى اختيار أدواري اليوم، فأدقق في السيناريو الذي لا بد أن تكون تفاصيله منسجمة مع مبادئي ونظرتي إلى الحياة وما أعتبره خطأ.
وبالتأكيد اسم المخرج والدور والقصة عامة عوامل تحدّد موقفي من أي عرض أتلقاه. لقد تعاونت مع مخرجين رائعين وأعتبر تجربتي مع المخرج الأفغاني الفرنسي عتيق رحيمي الأخيرة استثنائية.
السينما هي السينما في النهاية. وإن اختلفت الميزانيات الإنتاجية من أوروبا إلى هوليوود، إلاّ أنني أوحّد نظرتي إليها وصدق أدائي فيها مذ أقف في موقع التصوير.

- كيف توجزين تعاونك مع رحيمي في فيلم Patience of Stone؟
لقد اقتبس رحيمي هذا الفيلم عن روايته التي نالت جائزة «غونكور»، هو كتلة من الأحاسيس ومشاعر زوجة أفغانية تحرّر نفسها بالتعبير لزوجها «الجهادي» بعد دخوله في حالة غيبوبة نتيجة إصابته برصاصة في العنق. يصعب عليّ اختصاره وأفضل دعوة القارئ إلى مشاهدته.

- لو أردت اختيار فيلم إيراني يعني لك الكثير...
يصعب عليّ الاختيار. لكن إجابتي هي الفيلم الوثائقي The House is Black للشاعرة الإيرانية فروغ فرخزاد.
هو عمل استثنائي والتجربة الوحيدة للشاعرة. يعود هذا الفيلم إلى الستينات، وهو عن المكان الذي بني خصيصاً للمصابين بالجذام بمبادرة من فرح بهلوي. لقد اخترت هذا الفيلم دون تفكير.

- ولو أردت اختيار فيلم هوليوودي...
اختيار فيلم واحد أو كتاب واحد هو بمنتهى الصعوبة. أنا دائمة المشاهدة ولكن تلفتني كثيراً سينما غودار وفرانسوا تروفو وبروسون والموجة الفرنسية الجديدة.

- كيف تشتاقين إلى طهران؟
طهران هي الطرق العامة والحركة الثقافية والمعارض والمسارح. هي مكان خيالي لكن موجود بعمق. أشتاق إلى الأطباق الإيرانية والدفء الإيراني والاهتمام.
لست ممثلة مشهورة حيث أنا، بينما كنت نجمة في إيران. لست معروفة في الغرب أو الممثلة البارزة في باريس اليوم.

- ما الذي يجعلك ممثلة إيرانية اليوم؟
أنا ممثلة أولاً ولست امرأة إيرانية في أفلامي بل فنانة قادمة من إيران. تختلف الأدوار. والمكان الذي أتيت منه ليس سوى تفصيل غير مهم.

- هل تحتفظين بتقاليدك الإيرانية؟
أنا ضد التقاليد. أحاول أن أكون كياناً مستقلاً.

- ما هي فكرتك عن المرأة العربية؟
أنها المرأة الأكثر نفوذاً، نساء الشرق الأوسط هن أكثر السيدات اللواتي التقيتهن قوة وحضوراً.

- ما هي الرسالة التي تودين تشاطرها مع القارئ؟
ما زلت في مرحلة تلقي الرسائل.

- كثائرة؟
لست ثائرة بل أقوم بما أعتقده صواباً.

- نصيحة جمالية...
الحفاظ على الخصوصية شكلاً ومضموناً.

- ما هو مصدر الإلهام الذي يعزّز أداءك الفني؟
يمنحني الدور بحد ذاته الإلهام. لست أنا من أؤدي الدور بل العكس. الدور هو الذي يلعبني أو يؤديني.

- سوء الفهم الأكبر في حياتك...
أن يرسم البعض صورة خاطئة عني ولا تمت إليّ بصلة. لا تشبهني أبداً. هذا أسوأ الأمور.

- شخصية ملهمة...
بوذا، لأنه تحرّر من كل الملذات.

- آخر كتاب قرأته...
كتاب عن علم النفس، A New Earth للكاتب الألماني إيكارت توله (Eckhart Tolle).

- حياتك الزوجية مع الممثل الإيراني أمين مهداوي...
زوجي إيراني- مصري. أعيش حياة زوجة سابقة.

- هل طلبت الطلاق؟
لا. لا أعرف مصير زواجي بعد، لكنني لا أعيش مع زوجي. ولا يقلقني هذا الواقع. الحياة في تطوّر متواصل. لا أعلم مصير زواجي، ومن يكترث!


المخرج العراقي محمد الدراجي
قد تلتقي الصحافة بمخرج مُحرج في مهرجان سينمائي وقد تلتقي بالعراقي محمد الدراجي - الذي قدّم لغولشيفتي جائزة أفضل ممثلة بصفته عضو لجنة «آفاق جديدة» - ويكون هذا الحوار. في مجلس العموم البريطاني وتحت قبة البرلمان العراقي، حضر فيلمه «ابن بابل» الذي يفتح ملف المقابر الإجتماعية في العراق.
ويواصل اليوم تصوير الأفلام من العراق عن واقع وصفته والدته يوماً بتساؤل: «لِمَ تَصنع الأفلام نحن فيلم بحد ذاتنا؟».
تجربته الإخراجية الأولى من أصعب التجارب مع «ظروف التصوير خلال الحرب حيث القاعدة والحكومة الفاسدة وتهريب الفيلم الخام بسبب قوانين الأمم المتحدة وتحدي إقناع ممثلة بالخروج إلى الشارع رغم حظر التجوّل حتى اتهمت بالجنون».
لكنّ اعتقاداً عراقياً شعبياً كان يحفزه «ماكو حائط ما نفلْشه» (نكسره). يعشق السينما كـ»امرأة جميلة وكلغة اكتشاف النفس مع هذه الحياة وأسرارها الفلسفية». هذه تفاصيل جعلته يمضي قدماً حتى لو خطفته الميليشيات واعترضه الأميركيون.
فالمهم «هو تصوير الحلم لتحفيز الآخر على البقاء».

- «ماكو حائط ما يتفلش»؟
كل «الحيطان تتفلّش». لا مستحيل بوجود الإرادة وإن كانت العوائق في المرصاد.

- ما هي خطوة ما بعد «ابن بابل»؟
فيلم «ثلاثة أصوات تحت رمال بابل».

- بابل دائمة الوجود في عناوين أفلامك...
يكمل هذا الفيلم قصة «ابن بابل». وهو بمثابة ثلاثية عما حدث عامي 1991 و2003، هذه المرحلة المهمة في تاريخ العراق الحديث... حرب الخليج والإنتفاضة التي حصلت بعدها.
هي قصة ابراهم الإبن الذي فُقد في «إبن بابل»، مسيرته وكيف خرج من الكويت. هو عبارة عن وثائقي خيالي. دمجت الحقيقة والخيال.

- سيتولى شقيقك عطية مهمة الإنتاج مجدداً؟
نعم. لقد انتهينا من التصوير، ونحن في مرحلة المونتاج في بغداد. سيكون الفيلم جاهزاً في الشهر الرابع من العام المقبل.

- كيف تعرّف عن خلفيتك العائلية والسينمائية؟
نشأت في بيئة فقيرة جداً في بغداد. بيئة اجتماعية معدَمة نتيجة الضغط الممارس علينا من النظام السابق لأسباب سياسية ودينية... وشعرت بأن الفن هو الخلاص الوحيد من هذه البيئة. شاركت في أول مسرحية وأنا في سن السابعة، وكانت منسجمة مع «بروباغندا» الحرب ضد إيران.
أستاذي كان مصرياً، فالأساتذة العراقيون كانوا في الحرب العراقية الإيرانية. أديت في المسرحية دور «الخميني» الذي يقدم مفاتيح الجنّة إلى الجنود الإيرانيين. كنت طفلاً ولا أدرك رسالة هذه المسرحية. كنت معجباً بصدّام.

- كان يمثل لطفولتك نموذج البطل؟
كنت من أفضل الطلاب في المدرسة في كتابة درس الإنشاء. وكنت أتلقى الهدايا خصوصاً الأقلام. قدّسته حتى التأليه، كان بطل الحكاية.
كنت أقف يوم الإصطفاف نهار الخميس وأروي القصة بجمالية السرد أمام 500 طالب. بالنسبة إليّ، كان صدّام الأب والقائد رغم توجّهات المحيط التي تعارضني. لكنني كنت طفلاً يسعده أن يوكل إليه رفع العلم صباحاً.

- متى تغيّرت نظرتك إلى صدام حسين؟
كان والدي يكرهه وكذلك كل العائلة. وكان شقيقي الذي يكبرني والمتأثر بالتوجهات الماركسية يحاول توضيح الحقيقة لي على الدوام. أدركت الحقيقة في سن العاشرة حين شاهدت صوراً من المعارك.
كنت أنتظر الساعة السادسة لمشاهدة مغامرات Grendizer و«عدنان ولينا». لكن أخبار المعارك حالت دون ذلك لأكثر من ثلاثة أسابيع.
كرهت الدنيا حينها وكرهت صدّام. لم أعد أرى «عبّوس» في «عدنان ولينا» بل الجثث المتفحّمة.
في تلك الفترة أدركت أنني كنت مخدوعاً وفهمت الحقيقة. كما أننا كطلاب أمرنا أن نخرج ونهتف ضد معارضين وهاربين من الجيش سيقتلون في المكان الذي كنا نلعب فيه كرة القدم. أعدموهم أمام عيوننا.
كرهت صدام بعد هذا المشهد وحرماني من مشاهدة مغامرات Grendizer و«عدنان ولينا». وحصل الطلاق بيني وبين النظام السابق.

- كيف خططت لدراسة الفنون ولمستقبل بمثابة «الخلاص الوحيد من البيئة العراقية» آنذاك كما رأيت؟
دخلت إلى معهد الفنون الجميلة لدراسة الإخراج المسرحي في بغداد. ثم سافرت إلى هولندا لإنهاء شهادة البكالوريوس.
عملت هناك في التلفزيون الهولندي ثم انتقلت إلى مدينة ليدز البريطانية قرب مانشستر في الشمال الإنكليزي. أنهيت شهادتيْ الماجستير في إدارة التصوير والإخراج المسرحي. نشأت في بيئة فقيرة لكن عقولنا كانت متفتحة. كان حلمي واضحاً في العراق.
كانت مشاهداتي للسينما مقتصرة على أفلام مثل»الأرض» ليوسف شاهين و«المواطن مصري» لصلاح أبو سيف... لكن حين خرجت من العراق اكتشفت أن السينما ليست فقط أميركا والهند ومصر بل أيضاً ثمة سينما عالمية.
تأثرت بالسينما الإيطالية والإيرانية واللاتينو أميركية والروسية. لم أكن أملك هوية سينمائية فلا سينما عراقية آنذاك، لا أرشيف سينمائياً عراقياً أنطلق منه.

- هل هذا ما جعل منك أسيراً سينمائياً لتصوير البيئة العراقية وواقعها؟
لست أسيراً للبيئة العراقية بل أنا جزء منها. لست مجبراً على تصوير العراق في كل أفلامي لكنني مخرج خارج من شوارع بغداد ومن الأحياء العراقية، من هذه العوالم.
أتلقى الكثير من العروض لإخراج أفلام في أوروبا والوطن العربي لكنني أرفض هذا الأمر. نحن بحاجة لصناعة أفلام عراقية. أنا أسير لفكرة تأسيس سينما عراقية.

- هل من أسماء عراقية غيرك تسير على الخطى نفسها؟
نعم عُدي رشيد الذي يصوّر في بغداد أيضاً، وشوكت أمين في أربيل.

- كيف تقوّم أفلام هوليوود التي تصوّر قصصاً على أرض العراق؟ وهل يمكن إبداء رأي في فيلم كاثرين بيغلو The Hurt Locker؟
تدور قصة هذا الفيلم عن جنود أميركيين في الحرب العراقية، لكنه صوّر في عمان. لقد أهدتني المنتجة فضلات الفيلم الخام لأدرّب فلسطينيين وأردنيين وعراقيين خلال دورة في عمان.
الأفلام التي تصنع في أميركا عن العراق هي طبعا وغالباً من وجهة نظر أميركية، إلا إذا حضرت فيها الشخصية العربية المؤثرة.
كمخرج عراقي، أحرص على إبراز وجهة النظر العراقية. ولهذا يجب أن نكثر من صناعة الأفلام العراقية برؤية جديدة وفكر متفتّح بعيداً عن التقولب في نقل الحقيقة.

- ما هي رؤيتك الإخراجية في الفيلم الأخير؟
فيلم «ثلاثة أصوات تحت رمال بابل» معقّد وفيه ثلاث شخصيات حقيقية وروائية خيالية، أتابع خطوط رحلتهم ورحلتي أنا كمخرج. أنا موجود في الفيلم كشخصية صورة وصوتاً.

- ماذا عن فيلم «محطة القطار» الذي تحدثت عنه سابقاً؟
سأصور هذا الفيلم العام المقبل. هو ببساطة عن المهلة التي تحتاجها الروح لتصعد إلى السماء. 90 ثانية بعد إقدام شابة عراقية على تفجير نفسها في محطة القطار في بغداد، ما يتسبب بقتل 28 شخصاً معها. ماذا يدور في مخيّلتها.
الفيلم هو عن رحلة هذه العراقية النادمة من الموت حتى صعود الروح إلى السماء. وهي قصة حقيقية حصلت في العراق عام 2007، يبدأ الفيلم بمشهد فتاة تركض ولا يعرف من حولها أنها ستفجّر نفسها.

- هل بطلة هذا الفيلم وجه معروف؟
لا، لأنني أعتقد أن ثمة فناناً في داخل كل إنسان، ودوري كمخرج أن أحفّز هذا الفنان أياً كان الشخص مهندساً أو طبيباً أو أميّاً. بمجرّد أن يدخل أي إنسان إلى مكان جميل سيقول: «الله» تلقائياً لأن المخاطبة تمت مع الفنان الذي بداخله.
للممثلين المحترفين سينماهم. أما أنا فأقدم سينما قريبة جداً من المشاهد والواقع، لكي يصدّق المشاهد أن من أدت دور «حياة» هي فعلاً امرأة اسمها حياة.