عبير أبو سليمان: رؤية 2030 جعلتنا “نحلم ونحقق”

جدة - آمنة بدر الدين الحلبي 03 ديسمبر 2023

المرشدة السياحية والمدرّبة.. حين يكون العشق للوطن والانتماء الحقيقي إليه، يتحقق الازدهار بسواعد وطنية وحسّ وطني بعد أن أصبح الحلم حقيقة في وطن الإباء والشموخ الذي فتح مجالاته العلمية والثقافية والسياحية أمام المرأة السعودية لتحقق كل ما تصبو إليه من نجاح وطموح.


- ماذا عن مشروع “إعادة إحياء جدة التاريخية” الذي أعلن عنه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان؟

هذا المشروع بدأ في عام 2017 ضمن رؤية 2030 لأن الدولة مهتمة بالتاريخ والآثار المتفردة والحضارة العريقة، مما دفعها للحفاظ على جدّة التاريخية من خلال الترميم، فأطلقت مشروعاً ضخماً لأن الزائر يستطيع أن يرى الفارق ليس سنوياً فقط بل شهرياً.

- كيف تسير أمور الترميم وما هي معاييره؟

الترميم يتم بسرعة قياسية وبمعايير اليونسكو، لأن المنطقة مسجّلة كتراث عالمي في اليونسكو عام 2014.

- ما هي معايير التطوع بالنسبة الى جدّة التاريخية؟

أصبح التطوّع منظّماً، وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك “منصة هاوي” أحد برامج جودة الحياة، وكمرشدين أسّسنا “نادي الإرشاد السياحي” ويتم التطوّع للعمل في المنطقة سواء بجولات للجمعيات أو لكبار السنّ أو للمناسبات الوطنية، وهذا شرف كبير لنا جميعاً لنردّ لهذا الوطن الحبيب جزءاً بسيطاً من معروفه.

- بعد الانتهاء من الترميم، هل ستُصبح جدّة التاريخية مركزاً جاذباً للأعمال والمشاريع الثقافية ومقصداً لرواد الأعمال؟

جدّة التاريخية ليست مزاراً فقط، بل هي مركز سياحي عالمي، كما أنها مكان رائع للحياة والفن وتأسيس مشاريع مهمة للاستثمار، وستُفتتح في المركز بعض الغرف لاستضافة زوّار الشركات.

- احتلت عبير منصباً هو حكر على الرجال، كيف واجهت المجتمع في البداية؟

كان هذا في الماضي، لكن مع رؤية 2030 أصبحنا نعمل يداً بيد “نحلم ونحقق”، حتى أبناؤنا حين غزوا الفضاء عملوا يداً بيد تحت مظلة رؤية 2030 وعرّابها ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان.

- كيف ترين انطباع السيّاح عن جدّة التاريخية؟

عملتُ مع زملائي وزميلاتي لجعل السائح حين يصل الى المنطقة التاريخية لا يراها بعينيه، بل من خلال عيوننا كمواطنين فخورين بهذا المكان وهذا الإرث التاريخي العظيم وحضارته العريقة، علماً أن الترميمات التي تُقام فيه جعلت المنطقة مسرحاً للفعاليات على مدار العام وليس في المواسم.


- للتاريخ عبقه الخاص، كيف توصل عبير هذا العبق الى السيّاح؟

المكان جميل جداً ويعبق برائحة التاريخ، ومع قدوم الملك المؤسّس عبد العزيز (طيّب الله ثراه) عام 1925، مكث في بيت ناصيف التاريخي، والذي تتجلّى من خلاله البيوت وحكاياتها والرواشين وروايتها والأبواب وصريرها. وفي حديثي عن هذا الإرث الجميل، أنقل السائح الى حقبة تاريخية قديمة ليستشعر روعة المكان وتميّزه.

- تتكلّمين بلغات عدة، إلى أي حد خدمك ذلك؟

التحدّث بلغات أجنبية عدة مهم جداً للتواصل مع الآخرين، والأجمل من ذلك حين يسمع السائح عن الإرث الثقافي بلغته الأم، فلا يفقد ذاك الشرح معانيه الحقيقية أبداً. وإذا كنتُ أتحدّث اللغتين الفرنسية والإنكليزية إلى جانب العربية، فزملائي يتحدثون الإيطالية والإسبانية والألمانية والتركية والأوردو، وهذا يتيح للسائح أن يطلب المرشد الذي يناسبه.

- ما الذي يشدّ السائح الأجنبي إلى قلب جدّة التاريخية؟

الإعلام وضع ثقله لنقل هذا التراث الحضاري إلى كل أنحاء العالم بأريحية، إلى جانب وسائل التواصل الاجتماعي التي لعبت دوراً مهماً في تعريف العالم بجدّة التاريخية.

- تشكّل السياحة الجزء الأكبر من الاقتصاد الوطني وتحقق عائدات كبيرة من الإنتاج المحلي، ما دور وزارة السياحة في ذلك؟

السياحة صناعة عريقة في المملكة العربية السعودية، لذلك صنعت وزارة السياحة أفلاماً وثائقية عن المملكة، وحين يشاهد السائح هذه الأفلام يتأكد مما إذا كانت حقيقية أم “فوتوشوب”، وعندما يرى الواقع تظهر له حقيقة المملكة بكل أبعادها.

- ما أهمية رؤية 2030 في دخول الكثير من النساء السعوديات إلى المجال السياحي؟

رؤية 2030 فتحت كل الأبواب أمام المرأة السعودية لتقدّم ما عندها من أفكار وابتكارات في كل المجالات وليس في المجال السياحي فحسب، ولتحقيق الرؤية يجب أن نعمل يداً بيد، وها هي المرأة اليوم تعمل في المجال السياحي وأثبتت وجودها حتى امتطت صهوة الفضاء.


- بين الأمس واليوم، كيف تقرأ عبير الاهتمام بالتراث؟

التراث شغل حيّزاً كبيراً في رؤية 2030 لأننا أصبحنا في عهد جديد وقوي، يولي اهتمامه للمناطق التاريخية حتى تم تسجيلها في اليونسكو للحفاظ عليها وترميمها، وخصّصت الدولة ميزانية ضخمة للاهتمام بكل مناطق المملكة التاريخية.

- كُرّمتِ من وزارة الخارجية السعودية على مشاركتك في ندوة “دور المرأة السعودية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي من خلال الرؤية السعودية 2030” والتي عُقدت في مقر منظمة اليونيسكو في العاصمة الفرنسية باريس... ماذا يعني لكِ التكريم؟

التكريم كان مفاجأة كبيرة لي، ولم أكن أحلم بأن أتحدّث يوماً في اليونيسكو عن دور المرأة السعودية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي من خلال رؤية 2030، لكن حدث ما كنت أتوقعه وجعل أحلامي كبيرة. قمت بواجبي على أكمل وجه، وأرى التكريم أجمل حدث في حياتي حيث ترك أثراً جميلاً في نفسي.

- ألم ينتبك الخوف حين تحدثتِ في اليونيسكو أمام العالم؟

لا، لم أخَف لأنني ابنة الديبلوماسي جميل أبو سليمان رحمه الله، والذي رسّخ عشق الوطن في ذاكرتي، وعلّمني كيف أتحدّث عن وطني وأُبرز صورته الحقيقية للعالم، كون الصحافة الغربية ظلمتنا كثيراً حين وضعت وطننا في علبة مُغلقة، وحصرت نساء هذا الوطن في إطار واحد لا صوت لهنّ ولا صورة، ولا حتى فكر يعجُّ بالثقافة والإبداع.

- ما كانت أحلامك حين بدأت العمل في 2011 كمرشدة سياحية في قلب جدّة التاريخية؟

كان حلمي السعي لتسجيل جدّة كموقع تراث عالمي في اليونيسكو، وبالفعل تحقق الحلم وذُكر اسمي مع زميلي الدكتور زياد أعظم، حيث أسّسنا معاً “قلب جدة” وتم ذكرنا في اليونيسكو والذي كنت أحلم بضم جدّة التاريخية إليه، وحين تحقق الحلم صار طموحي أكبر.


- ماذا تقول السيدة عبير ابنة الديبلوماسي جميل أبو سليمان رحمه الله في اليوم الوطني للمرأة السعودية؟

كل عام ووطننا الحبيب بألف خير وكل امرأة سعودية بخير، أوجّه لها كل الحب وأقول أنت شخصية متعددة المواهب وتفكّرين خارج الصندوق باستمرار وتبدعين، امتطيت صهوة الفضاء لتكبر أحلامك، وتعانق السماء.

- الفكر يعجّ بالعطاء... من أين لك هذا؟

حين بلغت التاسعة من عمري، بدأت دراستي خارج المملكة لكون والدي مستشاراً ثقافياً، فحصلت على الثانوية العامة من المدرسة الفرنسية في تونس، ورحتُ أتنقل من دولة إلى دولة في التعليم، مما جعلني أتواصل مع مختلف الجنسيات بكل يُسر وسهولة.

- لماذا سعيت للماجستير الثانية في إدارة الأعمال MBA؟

حصلت على الماجستير الثانية في إدارة الأعمال عام 2014 حين شعرت أن مسيرتي الجديدة تغيّرت من المجال التعليمي إلى المجال السياحي، للدراسة في مجال يساعدني في تلك المرحلة الانتقالية بعدما أصبح لدينا اليوم العديد من كليات السياحة.