مصمّمة المجوهرات عزة القبيسي... تبتكر قطعاً فنية تحاكي الفرد وتعكس شخصيته

فرح جهمي - بيروت 06 يناير 2024

قطع فنية مبتكَرة وتصاميم فريدة لا تشبه غيرها... إنها إبداعات الفنانة التشكيلية ومصمّمة المجوهرات عزة القبيسي، التي بدأت رحلتها في عالم صناعة المجوهرات بعد تخرجها في الجامعة بلندن وحصولها على شهادة البكالوريوس في آداب صياغة وتصميم المجوهرات لتنطلق بعدها في رحلة الإبداع والنجاح. وتحرص المصمّمة الإماراتية دائماً على التميّز من خلال تقديم قطع فنية بجودة عالية وبموديلات حصرية لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر.


تقول عزة: “عندما اخترتُ هذا الفن، لم أكن أضع أمامي فكرة تصميم المجوهرات العادية، بل كنت أطمح في تصميم قطع فنية يمكن ارتداؤها. وهدفي دائماً أن أعكس الثقافة الإماراتية وفكري الشخصي تجاه البيئة والهوية من خلال قطع المجوهرات الفنية التي أقدّمها”. وتضيف: “تجربتي لا تتحدّد فقط بتنفيذ قطع المجوهرات التي تُلبس، بل بالتحف الفنية ذات الأحجام الكبيرة. ولكن يبقى هدفي في الحالتين إذا كانت القطع الفنية صغيرة أم كبيرة، تفاعل الجسد مع هذه القطع وطريقة التعامل معها بأسلوب مختلف عن المفهوم التقليدي الذي اعتدنا عليه”.

أعمال فنية معاصرة تتميّز بالبساطة

وتلفت المصمّمة الخليجية إلى أن “أسلوبي في التصميم يتميّز بالبساطة وبقوة الخطوط التي أعمل عليها، فأنا أُدخل الحَرف العربي والكلمة العربية في التصاميم، ولكن أساس عملي في القطع والمجموعات الفنية يكمن في عنصرَي الغموض والرمزية”. وتضيف: “تصاميمي كلها مستوحاة من الثقافة والبيئة والهوية الإماراتية، والارتباط بين الماضي والحاضر والمستقبل، تطبيقاً لمقولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان التي تلعب دوراً كبيراً في طريقة تفكيري بأعمالي والتصاميم التي أقدّمها”. وتصف عزة أعمالها الفنية بأنها معاصرة وليست كلاسيكية”، و”لكن أنا أحب استخدام التقنيات القديمة في التصميم، لكن ليس بشكل حصري وكامل، بمعنى آخر أنا أحاول دائماً تطويع التقنية التي تناسب فكرتي أو الطرح الذي أعمل عليه”.


لإعطاء التصميم والفكر المحلّي الفرصة

وتوضح عزة القبيسي: “أرى أن غالبية أعمالي لا تعكس ذوق المرأة العربية، لأن الذوق مسألة متغيرة ومبنيّة على المعطيات والمخرجات التي يقدّمها الإعلام والمجتمع. أعمالي قائمة على قصص ومواضيع محدّدة، وبالتالي مَن يقتني مِن قطعي الفنية يكون قد ارتبط بالموضوع والقصة التي أطرحها من خلال القطعة”. وتضيف: “الكثير من القطع التي قدّمتها إلى الآن غيّرت مفهوم الذوق بشكل عام. وأعتقد أن كل مصمّمة أو مصمّم عربي يضع بصمته الخاصة وفكره على التصاميم، وإن كان الأغلب قد استخدم عناصر اللغة والخط والحَرف، ولكن دائماً حين يُعطى الفنان والمبدع والمصمّم الفرصة لوضع بصمته محلياً يكون لذلك أثر مضاعف على المجتمع، لذا كان تأثير أعمالي واضحاً محلياً وخليجياً، وبالتالي من المهم إعطاء التصميم والفكر المحلّي الفرصة كي ينضج ويخرج إلى الساحتين المحلية والعالمية”.

اقتني المجوهرات التي تحاكي ثقافتكِ وبيئتكِ

وتوجّه مصمّمة المجوهرات نصائح الى السيدات “باقتناء قطع من الأسماء المحلية المعروفة أو تلك التي بدأت تظهر في المنطقة وتشتهر، لأن من الضروري إعطاء المواهب الجديدة الفرصة والدعم”. وتلفت إلى أن “اختيار القطع الفنية من مصمّمين محليين يعطي الفرصة لمن يقتني هذه القطع بالاستثمار في قطع فنية مميّزة، لأن التصميم أو القطع المحلية دائماً تحاكي الفرد وتحاكي المنطقة، ومن الضروري دائماً الاعتزاز بالتاريخ والهوية وبغزارة العادات والتقاليد والأمور المرتبطة بثقافتنا في المنطقة العربية، وبالتالي من المهم أن ندعمها ونقدّمها للخارج لتصل الى العالمية. لذلك أنصح السيدات بالاستثمار في البحث عن قطع محلية وتجربة مصمّمين لهم بصمة موثوقة وواضحة”.

وتضيف: “أعتقد أن فتح حوار مع المصمّم يعطي المرأة فرصةً للتعرّف إليه عن قرب وبشكل أفضل، ومعرفة ما إذا كان يصمّم ببُعد فني وبهدف التأثير في عالم التصميم أم للتسلية فقط. وبالتالي من المهم أن تقتني المرأة قطعاً من مصمّمين مبدعين ستكون لهم بصمة مهمة في السنوات المقبلة، وهناك الكثير من الأسماء القوية والمهمة في الوطن العربي، وهناك أيضاً جيل جديد صاعد من المصمّمين الذين يمتلكون الموهبة ويُعدّ اقتناء إحدى قطعهم من الاستثمارات المهمة لأيٍّ كان”.

وتشير القبيسي إلى أن “الاستثمار في قطع المجوهرات لا يكون بالكمّ أو الحجم، بل بالبُعد الإنساني، حيث يشعر الإنسان بوجود ارتباطٍ مع القطعة التي يختارها وانعكاسٍ لشخصيته في القطعة نفسها. بمعنى آخر، موضة شراء طقم من حلق وإسورة وخاتم بالتصميم نفسه قد انتهت، بل باتت السيدة تختار ما يؤمّن لها المتعة الشخصية، ويناسب أسلوبها في الحياة”.


العناصر الزخرفية تطغى على موضة المجوهرات

وعن الأحجار المفضّلة لقطعها الفنية، تقول عزة القبيسي: “أحب كل الأحجار بشكل عام، ولكن أميل الى الأوبال والتنزانيت والألماس، فهي من الأحجار المفضّلة عندي، وكمعادن أرغب بالفضة والذهب”.

أما عن موضة المجوهرات السائدة في الوطن العربي حالياً، فتقول: “تطغى العناصر الزخرفية والتصاميم المستوحاة من الزخارف والعناصر المعمارية الإسلامية على أغلب التصاميم من أهم الماركات المحلية والعالمية، فهي مرغوبة والطلب متزايد عليها، لأن أشكالها معروفة والعين معتادة على رؤيتها”.

السوشيال ميديا تخدم المواهب الجديدة

وتلفت عزة القبيسي إلى أن “السوشيال ميديا قدّمت خدمة كبيرة للعديد من “البراندات” الجديدة خلال السنوات الماضية، وفرضت وجودها على الساحة. ولكن من المهم ألاّ يرتبط الشاري بما يقدَّم له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل عليه البحث عن خلفية الماركة وتاريخها، واكتشاف التقنيات والمواد المستخدمة في التصاميم”. وتضيف: “لفت انتباهي في الفترة الأخيرة ظهور فئات لم تكن موجودة في السابق، فإلى جانب المجوهرات الذهبية التي تُعرف بأنها fine jewellery بات لدينا مجوهرات أخرى بالتصاميم نفسها، ولكن بخامات في متناول الجميع مثل الفضّة. وهناك أيضاً قسم الإكسسوارات الذي أصبح مجالاً واسعاً جداً ومطلوباً، وكذلك الأمر بالنسبة الى ما يُعرف بالـBeats work، وبالتالي من الطبيعي أن يكون هناك مجموعات تجارية من ماركات محلية، لكن دائماً الـfine jewelry هو عالم مختلف تماماً عن عالم المجوهرات السائدة في الفترة الأخيرة والتي باتت في متناول الجميع، فالفارق شاسع بين العالمين”.

وعن مشاريعها المستقبلية، تقول عزة القبيسي: “تعاونت أخيراً مع دار “بولغري”، من خلال معرض Serpenti 75th، الذي شاركت فيه بقطعة فنية تحاكي الشخص عبر التفاعل بينه وبين القطعة نفسها. ولدي أيضاً أعمال أخرى ستُعرض قريباً، ولكن ما أركّز عليه أكثر في تجربتي الفنية هو التواصل مع المجتمع من خلال ورش تعليمية أعطي بواسطتها الفرصة للموهوبين ولمحبّي عالم تصميم المجوهرات في التعبير عن أفكارهم وأنفسهم من خلال الحفر والصَبّ. إضافة إلى جائزة “إبداع” في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وهي من أبرز فعاليات معرض المجوهرات والساعات التي أطلقتُ فكرتها”.