نايلة تويني: أدرك جيداً أن نُقّادي كثر

مقابلة, ربيع كيروز, إليسا, دار النهار, نايلة تويني, جبران تويني, غسان تويني, محمد حسين فضل الله

01 مارس 2013

قد يكون التدرّج الصحافي في مؤسسة العائلة رفع قلمها إلى القمة لكن قدميها عادتا إلى الأرض. تتقدّم وإن نزلت إلى الشارع للمساءلة وكتابة تقرير لبرنامج «كلام نواعم». فهذا شغفها. قد تكون تبوأت مركزاً إدارياً في «النهار» ومتشحاً سياسياً بعد اغتيال والدها جبران تويني. لكنها الصحافية التي لا تريد الإمساك بقلم فاخر فقط. هل سنشعر بالفرق إن شعرت بالقرف السياسي؟

لا يزال مكتبها، مكتب والدها الشهيد جبران تويني كما هو مع لمسة طفولة. دراجة جبران الحفيد التي ركنها بأسلوب مؤثر جداً. هناك كان اللقاء.


- هل هذا جبران في الخارج؟
نعم. جبران مكتبي.

- لم يظهر إعلامياً بعد. هل يمكن أن ننشر له صورة في المقابلة؟
لا، لكن نشرت له صورة في جريدة «النهار» في عزاء جدي. سأسأل مالك.

- سُئلت لمَ ترشحت للانتخابات النيابية ولمَ تزوجت مدنياً. واليوم يتساءل المشاهد: «لمَ اختارت رئيسة مجلس الادارة، رئيسة التحرير في جريدة «النهار» والنائبة شاشة mbc وتحديداً برنامج «كلام نواعم»؟
فكّرت بالأمر ملياً. لم يكن قراراً تلقائياً بعد نهار أو نهارين. درست هذا العرض منذ الشتاء المنصرم. أدرك جيداً أن نقادي كثر وينتظرون أي تفصيل يبدر مني لإبداء آرائهم. فأنا بت في الواجهة بعد استشهاد والدي. ومهما فعلت سأكون محط الإنتقاد. فكرت كثيراً بهذه الإطلالة، وأكثر ما رغبت به من خلالها هو الإكتمال الإعلامي لا الظهور التلفزيوني. إن طرح علي سؤال : «من هي نايلة تويني»؟ سأجيب على فور : «صحافية». أحب أن أؤدي دور الصحافية التي تقف عند تفاصيل القضايا على أرض الحدث. دوري اليوم في الجريدة إدارياً من الناحية المالية والسياسية والإدارية ومتابعة التحرير والمانشيت اليومية. أكتب مقالتي لكنني لا يمكنني أن أمارس المهنة من أرض الحدث وإجراء المقابلات والتحقيقات. أكتمل مهنياً اليوم أكثر.  وبالطبع يمكن إيصال الرسالة عبر الشاشة بأسلوب مختلف... أن أُظهر بالصوت والصورة ما أريد تسليط الضوء عليه. أردت  أن أقدم القضايا بأسلوب مختلف. وفي كل مرة أختار قضية نسائية اجتماعية، كسجون النساء مثلاً. قابلت سجينات وأخريات أفرج عنهن وخرجن إلى الحياة مجدداً وقاربت حياتهن مع فريق عمل «كلام نواعم». ثم تكلمنا عن غياب التأهيل وشدّدنا على هذه القضية. لا اهتمام  بالسجينة بعد انتهاء فترة عقوبتها.

- كيف تنظرين إلى وجودك بين أربع إعلاميات من العالم العربي؟ 
أولاً، أوكتافيا نصر هي زميلة في جريدة «النهار» تكتب مقالة أسبوعية، أعرفها جيداً وكانت مقرّبة من جدّي غسان. الدكتورة فوزية هي أم حنون وموجودة ولها رأيها وكتاباتها، والسيدة منى أبو سليمان وجه معروف في العالم العربي وحتى رانيا. هن جميعاً وجوه معروفة ومحبوبة وكل منهن لها دورها وعملها. لم أشعر معهن بأنني في مكان غريب حتى بالتعامل مع فريق mbc والمنتج ربيع رمال. شعرت بأنني بين عائلتي، فريق واحد وروح واحدة مذ أول اتصال بيني وبين جو بو مخايل.

- لم اختاروا نايلة تويني؟
لا أدري.

- عبر منبر عربي قد توصلين رسالتك بصوت أعلى؟
نقل صوت المعاناة إلى المشاهد مختلف عن كتابتها في الجريدة. لم أفكر بالنزول إلى الشارع كسياسية، أو الدخول إلى سجن النساء . لن أكذب. لكن هذه التجربة دفعتني إلى ذلك. شعرت بأنها قضية يجب متابعتها.

- الصحافية التي بداخلك أكثر حرية من السياسية؟
بالطبع. بالتأكيد! أشعر بأن لا حدود في الصحافة ولا حواجز ولا أحد يعترض طريقك. تقولين ما تريدينه وتعبرين. أما سياسياً، أشعر بأنني مكبّلة ومتحفظة. لا يمكن أن ينجح السياسي اللبناني إن لم يكن موالياً إلى حزب أو تيار. لا دور للسياسي المستقل في لبنان. أشعر بالقرف من السياسة حين أنظر إلى الوضع اللبناني وصرخة الشعب وعذابه الذي ينطبق عليهم مقولة «عايشين من قلة الموت». لا دولة لا نظام، كل سياسي منشغل بمصالحه الضيقة، الانتصار على الآخر وانتقاده. ما من سياسي يعمل لمصلحة الوطن بل لنفسه أولاً. أخجل من هذا الواقع، هذه حقيقة جارحة. لم أنسجم مع الأجواء السياسية، علماً إنني دخلت إلى المجلس النيابي بهدف التغيير. وضعت أفكاري وطبعت برنامجاً طمحت إلى تطبيقه لكنني اكتشفت أن السياسيين يشغلهم الصراع والاستعراض التلفزيوني.

- أي أن عنصر الشباب لم يكن سمة التغيير في برلمان 2009؟
لم يكن ممكناً. رغم أن زملائي الشباب أدوا أدوارهم في البرلمان، لكن ضمن أحزابهم. هذا ما سهّل مهمتهم.

- شعرت بنفسك مكبّلة؟
نعم، ولا يمكن حصر الأمر بمثال محدّد... الزواج المدني الإختياري الذي اقترح في عهد الرئيس الراحل إلياس الهراوي، ما عساني أفعل بما فشل في طرحه رئيس جمهورية ؟ ما هو مصير قانون العنف ضد المرأة ؟ لم يتم التعامل معه كما يجب وانسجاماً مع هذا العصر الذي نعيشه.

- هل ستهجرين السياسة ؟
لم أقرر بعد، ونسبة بقائي واردة بنسبة 70 %. لا يزال الوقت مبكراً. أنا اليوم سيّدة قراري لكن في الوقت نفسه أنا مسؤولة عن مؤسسة وعائلة واسم ودم. أعيد التفكير في كل هذا على الدوام. أنا تلقائية وقد أغامر ولا أجد مشكلة في ذلك، لكن أفكر كثيراً أيضاً بعائلتي والأسماء الكبيرة التي أنتمي إليها في الجريدة والعائلة.

- بالعودة إلى البرنامج الذي تقدمين فقرة فيه. ماذا يوحي لك عنوان «كلام نواعم»؟
برنامج موجود وله دور. عنوان أنثوي وكل واحدة من النواعم تنتمي إلى منطقة ومجال وجاءت لتقدم خبرتها.

- إلى أي حد على المرأة أن تفضل من النواعم؟
تؤدي المرأة اليوم دور الرجل والمرأة. ترعى العائلة وتربي أطفالها وتذهب إلى وظيفتها. لست من رافعي شعار «حقوق المرأة المهدورة».

- كيف تختارين المواضيع التي تطرحينها في برنامج «كلام نواعم»؟
لم أختر الحديث عن سجن الرجال بل النساء. كثر الحديث عن سجن الرجال أخيراً. لكن في سجن النساء امرأة منسية محرومة من رؤية عائلتها بشكل كاف. ثمة امرأة خرجت من السجن بعد 15 عاماً من الاحتجاز ووجدت صعوبة في احتضان أولادها الذين شعروا بأنها غريبة عنهم. كما أن لا نظام فصل بين محكومات وغير محكومات. كما دخلت المخيمات الفلسطينية في عدد من المناطق اللبنانية لمقاربة مستقبل الشاب الفلسطيني الذي لا يجد وظيفة تليق باختصاصه وتحصيله العلمي. لم أدخل مخيماً فلسطينياً في حياتي، حيث انعدام ظروف العيش الكريم، لا ينعم الفلسطيني بأدناها.

- كيف واجهت إدانة مقالتك «العبء الفلسطيني مجدداً» ؟
دخولي المخيمات دليل كافٍ لدحض تهمة العنصرية وعدم اكتراثي بالجانب الإنساني. كتبت مخاوفي غير العنصرية بل الوطنية.

- هل يمكن أن تطرحي قضية الزواج المدني في لبنان؟
لم أفكر في الأمر.

- هل هو «محرّم اجتماعي» على شاشة mbc؟
بالنسبة إلي لا.

- هل ثمة «خطوط حمراء» لا يمكن أن تتعدّيها في هذا البرنامج؟
وضعت أفكاري ووضعوا أفكارهم بانسجام وتنسيق وعفوية. قد أطرح ملف حق المرأة اللبنانية في منح جنسيتها إلى طفلها من زوج أجنبي.

- هو ملف حسّاس جداً لتشابكه مع القضية الفلسطينية...
كل المواضيع الحياتية حسّاسة. ليست المسألة فقط طرح موضوع أو البحث عن حلول بِعصا سحرية بل طروحات يمكن أن تغيّر الواقع وتساهم في تعديله. كدرس ملفات منح جنسية أو البحث في الضوابط القانونية لتنظيم عمليات التخصيب (In vitro) وإدمان المخدرات. قد يتخطى الملف النطاق المحلي أحياناً.

- هل عدت سنوات إلى الوراء وتحديداً فترة التدريب حين كنت طالبة؟
نعم، أيام التدريب والعمل على الأرض. هو الأسلوب الأمثل لإيصال الفكرة. وهذا هو المجال الذي أحبه.

- لم ابتعدت إعلامياً؟
لا أجدها حاجة ضرورية أن أطل يومياً عبر الشاشات.

- لكننا شاهدنا زميلك النائب سامي الجميل موجوداً...
كان قراري ألا أطل وأكرر الوعود نفسها. ما هي جدوى الحديث؟ لم أكن أملك قوة التغيير بصراحة إن كان البعض يملكها. أتطلع إلى ما يحدث في البرلمان ونزاعات الخطابات أمام الشاشة وهم في الحقيقة أصدقاء بعيداً عن الكاميرا ويسايرون بعضهم. ورغم ذلك يملأون قلوب المواطنين كرهاً بأسلوب طرح آرائهم. لم أشأ أن أكون سياسية إضافية تثقل رأس المواطن برأيها. لم تسمح لي المرحلة وأوضاع سورية والمنطقة. ثمة حالة قرف فعلاً.

- كيف تصفين علاقتك مع الكاميرا في هذه التجربة الجديدة؟
ألفتها على مراحل، أتقبل أي ملاحظة ستكون لصالح الإطلالة خصوصاً أنني اعتدت أن أحل ضيفة أمام الكاميرا. هناك فرق كبير.

- هل أنت راضية عن مظهرك على الشاشة؟
لا أحكم على إطلالتي أو أي صورة التقطها، كما أنني نادراً ما أعيد مشاهدة مقابلة أجريت معي. لست مغترّة بصورتي أو أعجب بها حيناً ولا ترضيني أحياناً أخرى. لا أعلق على هذه التفاصيل.

- «سعادة النائبة»، ماذا أضاف لك هذا اللقب؟
المسؤولية وثقة من عايشتهم طوال ثلاثة أشهر، مدة الحملة الإنتخابية. قد أكون مقصّرة في حق المواطن لكن ذلك ليس بإرادتي. حاولت تطبيق برنامجي الإنتخابي، فأنا لست النائب اللبناني الذي يقتصر دوره على تقديم واجب العزاء والتهنئة والتعبئة. لست كذلك. مفهوم النائب اللبناني لا يمثلني. تركيبة لبنان السياسية صعبة، كما أن عدم انتمائي إلى حزب بعينه يحدّ من قدرتي على التغيير.

- كيف ستستمرين؟
أحاول الإضاءة على قصص صغيرة متعلقة بشؤون المرأة بالتعاون مع بعض الجمعيات، كما حاولت النائبة جيلبيرت زوين حين رفعت إجازة الأمومة 21 يوماً إضافياً. لن أذكر تفاصيل تجنباً للتعليقات والمحاسبة إذا لم ننجح في الوصول إلى حل سريع. أشعر بحاجة المواطن إلى التنفس. وفي الوقت نفسه، لا يمكنني أن أكون نائبة تهنئة، لقد أديت هذا الدور قبل الانتخابات مضطرة.

- ما هي مشكلة لبنان الأولى التي تحضر في بالك فوراً الآن؟
الامتثال للخارج وأنانية السياسيين.

- بات لديك اليوم ثلاثة منابر، «النهار» والبرلمان وmbc. كيف سيختلف طرح القضايا؟ أي من المنابر أقوى؟
«النهار» كمؤسسة للإعلام المكتوب وقناة mbc كإعلام مرئي ومسموع تكمل إحداهما الأخرى مع تفاصيل الاختلاف. لم تُرسم لي خطوط محددة في «إم بي سي»، لكنني أحترم الفريق الموجود. أما «النهار» فهي مدرستي ومنزلي وعائلتي وما أسسه الصحافيون والأسماء الكبيرة من الكتاب. ثمة تفاصيل نحرص عليها تجنباً للفتنة وصوناً للمبادئ أيضاً. أتفهم الحرص لدى الوسيلتين على احترام المبادئ ودرء الفتنة.  الإنثتان توصلان قضية ورسالة تحرّك مجتمعاً. لكن بالتأكيد أعود في «إم بي سي» إلى إدارة المحطة وهنا في الجريدة أنا وفريق التحرير نناقش ونقرر.

- لم تذكري البرلمان؟
حيّدت السياسة (تضحك).

- لا إنماء متوازناً في السياسة. هل ستحرصين على بسط مقاربتك للقضايا على كامل الأراضي اللبنانية؟
هذا ما أطمح إليه، أن أدخل كل المناطق اللبنانية حسب القضية. هذا ما لم أحققه كنائبة خصوصاً مع إقفال البرلمان.

- هل تملكين جرأة التنقل بين الشمال والجنوب؟
نعم. ولست الإنسانة المهووسة بالتفاصيل الأمنية.

- هل تشعرين أحياناً بأنك تتعايشين مع واقع مفروض عليك؟
هذا واقعي. لقد ذكرتني زوجة والدي سهام أخيراً بما كنت أردده على مسمع والدي: «إن رحلت أريد أن أكون معك». كنت أصر على أن أستقل السيارة معه، وأن أكون برفقته في لحظة الإغتيال لئلا أعاني من فقدانه لاحقاً وأعيش مرحلة ما بعد الاغتيال. لكنه كان يصرّ على أن أقود سيارتي من المكتب ونلتقي في المنزل. كانت سهام تنظر إلى شقيقتيّ التوأمين وتقول أن لا بد أن يبقى منا أحد على قيد الحياة. وكنت أسعى إلى ما كانت تخشاه. هذا واقع لا يمكن أن يحسد عليه أحد خصوصاً أنني كنت في الثالثة والعشرين من عمري. وضعت في الواجهة والمعترك وسط أهل السياسة. كنت صحافية متدرّبة وأعيش حلاوة المرحلة.

- هل كان جميلاً التورّط في الصحافة السياسية؟
كنت مجبرة على التورط في الصحافة السياسية في «النهار» و»المانشيت» والصفحات السياسية. وهذه مسألة في منتهى الصعوبة في لبنان. كنت أسمع من جدي ووالدي على الدوام أن رئيس تحرير الجريدة السابق الأستاذ فرنسوا عقل كان يمسك المسطرة ويعطي لكل قسم المساحة ذاتها مع مراعاة عدم الانحيار إلى فريق معين على امتداد الوطن ... ولو أننا اليوم لنا خط معين وقناعات شهداء قدموا دمهم في الجريدة، نحن ننادي بالحرية والإستقلال في لبنان والوطن العربي. هذه كانت رسالة جبران تويني الجد. لا يمكن إلاّ أن ندافع عن شهدائنا وألاّ نكون ضد أنفسنا وفي الوقت نفسه نحرص على التوازنات السياسية في البلد. وفي حقيقة الأمر فريقا 8 و14 آذار موجودان في المانشيت. أخبار 8 آذار وأي سبق صحافي منهم أو قضية غير مستثناة في المانشيت، نحرص على الاعتدال في هذا الجانب. فثمة جمهور وقراء لـ «النهار» من مختلف الإنتماءات. وهذه ورطة في حد ذاتها. هو واقع صعب، لقد خسرت والدي وألقيت على عاتقي مسؤوليات كبيرة، اجتماعية وسياسية في لبنان وخارجه خصوصاً أن للجريدة علاقات خارج حدود الوطن.

- هل خفّف وجود الشريك الزوج الإعلامي مالك مكتبي من وطأة هذه المسؤوليات؟
لا تأثير لزواجي على حجم المسؤوليات، لكن بات اليوم في حياتي سند، رجل إلى جانبي ينصحني ويحميني. فأنا كنت «بلا سقف» تقريباً بعدما خسرت الأب ثم الجد.

- الحياة في لبنان في غياب ذكور العائلة... 
يزعجني انتقاد البعض غير الصريح. يطرح المجتمع استفهاماً حول جدارة المرأة وجدارتي. لقد فرضت نفسي بعدما فرض الواقع نفسه على حياتي. لقد رمتني الحياة في مكان وكنت مجبرة على التعلم بسرعة قصوى. من ناحية أخرى، هناك من يفاجَأ باهتمامي الكامل بابني، ما من مساعدة تعاونني على تربيته. هو معي طوال الوقت حتى في أسفاري المهنية. إبني هو الأولوية في حياتي.

- أي كاتبة سياسية أنتِ اليوم؟ هل اختلفت من 2005 حتى اليوم؟
لا لم أختلف بل أحداث البلد والتطورات. نضجت وبت أكثر هدوءاً لكن مبادئي لم تتغير.

- هل تكتبين يومياتك؟
لا. لا يستهويني هذا الأمر.

- أمومتك جعلتك أكثر صلابة أم حساسية؟
أكثر حساسية. لم أكن أخشى الموت في السابق وكنت أعتبره سبيلاً للقاء الأحبة. بالتأكيد لا أرتعب من الموت وأعيش معه ومع الذين رحلوا وأصلي لهم، لكن أتمنى أن أبقى قوية لأربي ابني حتى يكبر. أخاف على طفلي من أن يعيش واقع شقيقتيّ التوأمين اللتين كبرتا دون والد. لا أزال الابنة الصلبة لكنني أكثر حساسية.

- «صاروا تلاتين»؟
نعم. كبرت لكن لم أشعر بالفرق حين تخطيت الثلاثين. فأنا لم أعش عشريناتي. واجهت الموت والمسؤولية ودراما الحياة في هذا العمر. لم أعش حياة أي صبية في العشرينات من عمرها. ولا أخاف من التقدم في السن أو الشعر الأبيض بل أقلق من مسألة الصحة فقط.

- كيف يمكن أن نصف جبران مكتبي؟
لقد غيّر حياتي منذ ثلاث سنوات تقريباً. لقد ولد في نيسان/أبريل. شعرت بأن عليّ أن أمنح دوري كأم الكثير قبل دخوله المدرسة. شعرت بالحالة التي تنتاب كل أم عاملة ولا تملك الوقت الكافي للإهتمام بأطفالها. أدخل الفرحة إلى حياتي بعد كل الخسارة التي عرفتها. هو بمثابة هدية وهبة من الله. هو صغير لكنه مصدر قوتي وابتسامتي وصديقي. اقرأ له القصص ونشاهد التلفزيون معاً.

- هل تبدّلت نظرتك إلى إجازة الأمومة؟
نعم، وبتّ أتساءل : «لم لا نسير على خطى السويد في هذا الجانب»؟ إجازة الأمومة هناك تقارب العام. قد أطرح هذا الملف في برنامج «كلام نواعم» خصوصاً أن التمديد الذي طرأ ليس كافياً.

- هل تتنقلين بحرية في بيروت؟
لا. أتفهم جيداً من يقترب مني بكل محبة. لكنني أحب أن أحافظ على خصوصيتي وعالمي الذي لا يخترقه أحد. أشعر بالسعادة حين لا يتعرف علي أحد في الشارع.

- هل تتقصدين ذلك؟
هذا ما أفعله طوال الوقت. أخرج مرتدية الجينز وأربط شعري طوال الوقت، وقد ينجح الأمر أكثر حين لا أكون برفقة مالك.

- كيف يقوّم زوجك الإعلامي مالك مكتبي حضورك التلفزيوني ؟
يعلّق على أسلوبي السريع في الكلام، أنا متهمة بذلك. في البداية كانت لديه بعض التخوفات لكنها تبدّدت لاحقاً. هو معجب بإطلالاتي وأستشيره في بعض التفاصيل.

- هل العكس صحيح؟
بالتأكيد، برنامج «أحمر بالخط العريض» صعب ودقيق، يقدم أسبوعياً حالات اجتماعية ولا مكان ل»المحرمات الإجتماعية» فيه. يلمس مالك مدى تأثيره على المشاهد في الشارع حين يستوقفه المارة أو حتى في أي مطعم يدخله ويناقشونه في التفاصيل. لقد شكل هذا البرنامج ظاهرة لناحية جرأته الإجتماعية.


غسان تويني الجد الذي أدى دور الأب

- ما لا تستطيعين القيام به كونك نايلة تويني؟
لست الإنسانة الإجتماعية كثيرة الإختلاط التي تعتبر نموذجاً في لبنان. يزعجني الأمر. لا أشعر بالراحة في الأماكن العامة المخصصة للأطفال حيث لا ألتقي الأمهات بل المربيات. أفتقد الأماكن التي تصلح لاصطحاب ابني إليها الموجودة في فرنسا وغيرها، رغم طبيعة لبنان الجميلة. لبنان ليس وطناً للأطفال.

- أي فراغ ترك جدّك غسان تويني؟
فراغ كبير. لا يمكن أن يأتي رجل بحجم غسان تويني فكراً ورصانة وفلسفة وكمدرسة صحافية وكسياسي وديبلوماسي والجد ثم الجد الذي أدّى دور الأب. ولا أقول ذلك لأنه جدّي. لم يترك فراغاً في حياتي فقط بل في الجريدة. أشعر بوجوده كل يوم.

- بمَ تشبهينه؟
ليتني أستطيع أو حتى أتعلم منه بنسبة 1 %.

- ما هي أخطاؤك التي يمكن أن تعترفي بها؟
قد لا يكون خطأ... هو التأخر في إطلاق موقع إلكتروني شامل ضمن الجريدة على مدار الساعة. أركز جيداً على تطوير هذا الموقع مواكبة للقارئ العربي واللبناني الذي بات يتجه أكثر إلى القراءة الإلكترونية. ربما اقترفت الكثير من الأخطاء في المعترك السياسي، وأحدها لم أتعلم أن أكون مثل السياسيين في لبنان لأنجح بمفهومهم. قدمت برنامجاً انتخابياً وللأسف لم أستطع تطبيقه.

- قلت إنك وضعت في الواجهة نتيجة واقعك. وثمة من شكك من جدارتك في إدارة حياتك الجديدة. لكنك اليوم تتقدمين خطوة خطوة من منبر محلي إلى آخر عربي .
«النهار» ليست مجرد جريدة بل مؤسسة وجزء من تراث لبنان. ارتبطت بها أحداث كبيرة. هي اليوم في تطور دائم على صعيد التكنولوجيا. لقد عدّلنا تصميمها عام 2011. نحاول التغيير والتعديل وزيادة الملاحق وإضافة نوافذ جديدة. أظن أنني كنت مؤهلة للعمل في هذه الجريدة وأن أكون على خطى والدي وجدي. وتلقيت فرصة «كلام نواعم». ربما رأى القيمون على هذا البرنامج فيّ الشخص المناسب لأداء هذا الدور كصحافية. كل يوم صحافي هو يوم إضافي من التعلم والتطور.

- لو كنت رجلاً ما الامتياز الذي كنت ستستغلينه جيداً؟
مجرد أن أكون رجلاً ستتغيّر نظرة المجتمع إلي، سأحظى بموقع آخر. ولا يشكل لي الأمر أية مشكلة لأستغل امتيازاً.

- لقد عرفنا نايلة تويني الإبنة الثائرة ثم الزوجة التي التزمت منزلها ومكتبها في «النهار». هذه الصورة الشائعة. ما الذي تقوله الحقيقة؟
أنا الثائرة التي التزمت الصمت. ما جدوى ظهوري الإعلامي وتعريض نفسي للخطر؟ قد أقتل في أي لحظة... لقد خسرت والدي في النهاية رغم أن ذلك كان بمثابة الحلم له، أن يستشهد. دمه اليوم مزروع في الأرض. لمَ أهدي دمي لهؤلاء؟ لقد تغيّرت، وجدت نفسي في الحفاظ على هذه المؤسسة والتراث والأسماء الكبيرة فيها التي لا تنحصر بوالدي وجدي، والحفاظ على عائلتي ومنزلي. لا يمكن إلاّ أن أكون وفية لأحلام جبران. هي مسألة اقتناع وليست مجرد ارتباط بمبادئ والد.

- هل أنت محبطة من عدم تطبيق برنامجك الإنتخابي «48 نعم» (عمر جبران تويني يوم اغتياله)؟
الإحباط موجود. أنا إنسانة محبطة في هذا البلد كأي مواطن. أنتمي إلى فريق المواطن المحبط اليوم بنسبة 60 أو 70 %. أفكر بدم والدي وحبي لجريدتي وبمستقبل ابني في هذا البلد.

- هل تتوقعينه صحافياً؟
قد يتأثر بي وبوالده. لكن لا أتمنى له أن يمتهن الصحافة.

- السياسة؟
إطلاقاً.

- ماذا تقولين لشقيقتك ميشيل؟
أن نبقى متكاتفتين وتتوخى الحذر وتتعلم من الكبار والكنز الموجود في «النهار».

- أي واقع تغاضيت عنه اليوم وأدرت له ظهرك؟
لم يعد يهزّني كلام البعض بل يضحكني.

- الثورات العربية وعدم اكتمالها...
حققت تغييراً ولا يمكن إلاّ أن ننحني أمام الثوار.

- لمَ لمْ تكتمل الثورات في العالم العربي؟
لأنهم لا يمنحون الشباب دوراً. توقعنا أن يكون الحكم نتيجة الثورة. أتطلع إلى مصر بأسى بعد كل الحماسة التي راودتني في مرحلة الثورة.

- يقول شاتوبريان ما من ثورة تكتمل في غياب الأخلاق والأفكار...
كانت الثورة في مصر شبه منظمة. هي مسألة: ما الذي يريده الغرب أولاً؟ لقد أصبح العالم شديد الارتباط وكأن ثمة أزراراً معينة في كل بلد.

- صفي لنا يوماً روتينياً في حياتك؟
أستيقظ مع جبران. أهتم بمنزلي بنفسي فعملي في الجريدة يبدأ ظهراً. أنا زوجة تقليدية، أعد الطعام وقد اشتريت كتاب طبخ «أناهيد» أخيراً.  أطهو ما يحبه جبران، كوسا وبازيلا وكل الوجبات التي تقدم مع الأرز. أما الباستا فمن اختصاص مالك. 

- يتكلم جبران العربية وهذا نادر...
أفتخر بذلك. يجب أن أتواصل معه بالعربية وهذا لا يعني أنه لا يتكلم الفرنسية والإنكليزية.

- كيف تصفين علاقتك بمواقع التواصل الإجتماعي؟
لا تزال علاقتي بالورقة والقلم قوية. لي حساب على موقع «تويتر» لكنني أستخدمه كمصدر للأخبار، أتبع الجرائد والمجلات والإخباريات، «العربية» و«الجزيرة» و«النيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» وLe Figaro ... كذلك الموضة عبر Elle وGala الفرنسية وBaby Center الخاص بالأطفال.


السيد محمد حسين فضل الله: «علّمني جبران تويني أن أثور وغسان تويني أن أفكّر»

- التذكّر هو شكل من أشكال اللقاء. من تستمتعين بلقائه ومن تهربين من لقائه إن تذكرته؟
حياتي كلها أناس غادروا. هذه حياتي. أعيش مع الذكريات. حتى جدتي نادية التي رحلت وأنا في أشهري الثمانية الأولى ألتقيها عبر قراءة كتبها وكتاب مذكراتها وأشعارها رغم أنني لا أهوى الشعر. أقرأها بأسلوب مختلف اليوم. كذلك كتاب جدي غسان الذي أهداني إياه «سر المهنة وأسرار أخرى». أعتبره اليوم كنزاً، ولم أكن أرغب في قراءته في السابق.  يوم رحيل والدي قال المرجع السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله: «علّمني جبران تويني أن أثور وغسان تويني أن أفكّر». والدي هو الثورة والشباب والعفوية وجدي هو المفكّر ورجل الدولة الذي يدرس الأمور جيداً والرجل الرصين والهادئ. هو مدرسة بحد ذاتها حيث كان في الطابق التاسع من الجريدة في منطقة الحمرا يتقرر رئيس ويسقط رئيس.

- من هو الصحافي السياسي الأبرز اليوم؟
لا يمكن أن أسمي صحافياً بعينه، سمير عطالله (الشرق الأوسط) وطلال سلمان (السفير) والصحافي المخبر إميل خوري والمرجع سركيس نعوم والقلم نبيل بو منصف ...

- كيف تلقفت خبر فصل شبكة «سي إن إن» زميلتك في الجريدة و«كلام نواعم» أوكتافيا نصر التي كانت تعدّ من كبار محرّريها بعدما أبدت إعجابها بالسيّد فضل الله عبر موقع «تويتر»؟
انتفضت على هذا الخبر، فهو غير مقبول ويتعارض مع حرية الإعلام. بدأت أوكتافيا معنا في الجريدة حين أطلقنا التصميم الجديد. رغبنا في تقديم أسماء جديدة إلى القارئ، كمازن حايك وفيليب سكاف وأوكتافيا... وهذا منح الجريدة رونقاً شبابياً وأسلوباً جديداً في الكتابة مختلفاً عن الكتابة الكلاسيكية الموجودة.  


5 أسرار صغيرة

  • الفنان المفضل ... وائل كفوري وماجدة الرومي وإليسا خصوصاً أغنية «أسعد وحده».
  • أغنية أحبها كثيراً... أغنية Parler à mon père للفنانة الكندية سيلين ديون.
  • مصمم الأزياء المفضل ... المصمّم اللبناني ربيع كيروز خصوصاً أنه صمّم فستان زفافي. أحب تصاميم ريم عكرا وزهير مراد وPrada وBurberry.
  • كتاب بين يدّي ... كتاب Les désorientés للأديب اللبناني أمين معلوف.
  • تتعطرين كامرأة شرقية أو باريسية ... عطري Eau de Shalimarمن Guerlain.