جاد شويري: من لا يجد أن هيفاء وهبي جميلة لديه مشكلة

جاد شويري, لبنان, الغناء, السينما, ألبوم غنائي

08 ديسمبر 2013

حين رحل المطرب وديع الصافي، شعر بالأسى الكبير. لكنه يفتخر اليوم بأن عملاقاً كبيراً من الزمن الجميل اعتقد بموهبته واختاره ليصور له أغنيته المنفردة الوحيدة «يا بنتي».
حيوي ومرح، لكنه لم يعد يكترث بأن يظهر بهيئة «شاب لا بأس به». يقول إن رسالته الفنية تغيّرت، لكنه لا يزال متمسكاً بمقولة: «لا أهتم بما يقوله الناس عني، أنا فقط جاد». عبّر عنها أخيراً بأغنية We Don’t Care.


- هل وحده الإنسان المثير للمشاكل من يتعرّض للضرب؟
بالتأكيد لا. قد يكون ضحية العنف كما شهدنا في لبنان أخيراً، من قتل رولا على يد زوجها، إلى الشاب الذي تعرض لقطع عضوه الذكري ... حقوق الإنسان مهدورة في لبنان والعالم العربي.

- هل تعرّضت يوماً للضرب؟
لا أبداً. لقد ظهرت مشوّه الوجه نتيجة الضرب في أغنية We don’t careلإثارة فضول الجمهور، ولفت النظر إلى ظاهرة العنف بنظرة إيجابية.
لكن الأمر أخذ مجرى أكبر مما توقعناه وما يستحق الموضوع. يبدو أن الماكياج كان مقنعاً للغاية. لم أتعرّض يوماً للضرب كما أنني لم أقم بضرب أي إنسان.
وأجد أن العنف الكلامي قد يكون أقسى من العنف الجسدي وعنف اليدين والسلاح أحياناً. أردت عبر هذه الأغنية أن لا أشعر بالأسى تجاه نبذ الآخر لي ولا أكترث طالما أنني مقتنع بما أفعله. أناهض العنف القائم على الإختلاف وعدم قبول الآخر.


في العالم العربي مساران: انفتاح ونهضة ظلامية

- للمرة الأولى تتنازل عن إطلاق موقف مثير للجدل من خلال أزيائك وتسريحتك في أغنية مصوّرة ...
لم أعتمد في هذه الأغنية على إبراز شخصية الفنان «المهضوم» شكلياً، كذلك في كليب «عشها كده» نوعاً ما. رسالتي الفنية تغيرت واتخذت مساراً آخر ولم تعدْ تقتصر على أنني «شاب لا بأس به».
ففي العالم العربي اليوم مساران، انفتاح وتقبل الآخر واحترام حقوقه وفي المقابل نهضة ظلامية تريد أن تعيدنا إلى العصور الوسطى. إن طبّقنا الديموقراطية فنياً واجتماعياً سنكون بألف خير ونتقدّم.

- «الديموقراطية الفنية» عبارة مشكوك بأمرها أليس كذلك؟
لقد عانيت من محاولة إلغائي فنياً في البداية لأنني قدمت أعمالاً خارجة عن المألوف.

- لكنك تراجعت لاحقاً عن نهج فني اتبعته في البدايات؟
لم أتراجع بل نضجت وبت أرغب في مضمون جريء وليس صورة جريئة. أريد أن يفكر الشباب مثلي اليوم لا أن يرقصوا مثلي أو يلبسوا مثلي.

- ارتديت الشروال، هل هذا تأثير الفنان الراحل وديع الصافي عليك؟
ارتديت الشروال أكثر من مرة. رحم الله وديع الصافي. لقد صورت الأغنية الوحيدة التي غنى فيها منفرداً. أغنية «يا بنتي»، بعد أن كان يعتمد على المسرحيات والأفلام والمهرحانات غنائياً. أعتز بأن أكون النسمة الصغيرة في إعصار فن وديع الصافي. أشكره على الإضافة التي منحني إياها كمخرج بعدما تعرف علي عن قرب وأبدى إعجاباً بأعمالي المصوّرة.
لقد طلب مني أن أغني أمامه مرة لكنني خجلت وقلت له : «أكتفي أمامك بأن أكون مخرجاً». كان يحمل روح الفكاهة والإنسانية وحب الآخر.

- تتجرأ على الغناء لفريد الأطرش لكن ليس لوديع الصافي (قبل رحيله)؟
لم أتجرأ على الغناء أمام وديع الصافي مباشرة ...

- هل تجرأت على الغناء لفريد الأطرش لأنه راحل إذاً؟
(يضحك)، أغنية «حبينا» لفريد الأطرش خفيفة ولم أغنِ موالها. حزنت كثيراً على رحيل وديع الصافي، لم يتلقَ التكريم اللائق بقيمته الفنية. من المعيب أن نقارن ذلك بما أقامته فرنسا إحياء لذكرى إديث بياف بعد أعوام طويلة من رحيلها.
رغم أن عطاءات وديع الصافي الفنية الوطنية أكبر مما قدمته إديث بياف لفرنسا. وهي ليست فرنسية 100 في المئة.
ويبقى العزاء الوحيد أن كل لبنان يدرك جيداً ما منحه وديع الصافي للثقافة اللبنانية والتراث لحناً وكلاماً. لقد ابتكر الفن اللبناني البحت. كان صوتاً عظيماً.

- هل نشأت على صوت وديع الصافي؟
لم أكن أسمع موسيقى عربية، لكنني بالتأكيد على صلة بأعمال فيروز ووديع الصافي وصباح. من لا يحب الطبيعة والجبل يتبدّل لدى سماع صوت وديع الصافي، فأنا رجل مديني.
قد أنجذب إلى الموسيقى الغربية، والدليل أنني أصدرت أغنية باللغة الإنكليزية لكن أساطير مثل صباح وفيروز ووديع الصافي يبهرون العالم الغربي أيضاً.

- نعود إلى موضوع الديموقراطية والاعتراف بالآخر. هل شاركت في سن المراهقة بأي تظاهرة أو تحرّك طلابي؟
لا، فأنا تربيت في مدرسة عدد التلاميذ فيها قليل وكنت بعيداً عن هذه الأجواء. وعموماً، أنا ضد أن يشارك إنسان غير راشد في تحركات مطلبية وتظاهرات لأنه يكون أداة سياسية في هذه المرحلة.

- أين تخبئ ميولك السينمائية التي تتحدث عنها على الدوام؟
لست على عجلة من أمري للتعبير عن رؤيتي السينمائية. أركز حالياً على الجانب الغنائي، أفضّل أن أتمهّل لأصنع فيلماً يعبّر عن أفكاري. وأنا أدرس حالياً عرضاً لتصوير فيلم مغربي، إنتاج مشترك.

- ما هي فكرة الفيلم المغربي؟
الفكرة هي عن تحرّر الفتيات المغربيات وتنقل العقلية والشخصية مع تغيير المكان، فتيات تائهات بهويتهن.

- إلى متى ستنحصر ثقافتنا السينمائية في ما تنتجه مصر وهوليوود؟
أحب السينما الأوروبية، وأفلامي المفضلة منها. أتكلم كمتخصص في السينما ولا يمكن تجاهل أن السينما التجارية هي المصرية والهوليوودية لكثافة إنتاجها أيضاً. إن السيناريوهات الأولى التي تلقيتها كمخرج أو ممثل كانت من مصر.

- إلى أي سينما تطمح؟
أكرّر على الدوام أن ذوقي الغنائي الصاخب والإيقاعي يختلف عن ميولي السينمائي المليئة بالإحساس و«سينما المخرج» ذات الأبعاد والأسئلة المفتوحة ولذة التفكير لاحقاً بعد انتهاء الفيلم.

- ما الذي لفتك في السينما اللبنانية أخيراً؟
فيلما نادين لبكي «كارميل» وليال راجحة «حبة لولو» تغيب عنهما الفلسفة والتعقيد ويتضمنان رسالة في الوقت نفسه. بينما مستوى أفلام بهيج حجيح مستوى آخر من العمق.

- بعد أن تعاونت مع الفنانتين نوال الزغبي وديانا حداد توقعنا أن تواصل خطواتك الإخراجية مع أسماء من الصف الأول؟
هناك المزيد من التعاون مع أسماء من الصف الأول. صورت أغنية «تأمر أمر» للفنانة ريم التي تمّ تحوير مشاهدها وتحليل إيحاءاتها بأسلوب خاطئ. هي مشروع نجمة حقيقية.

- هل تحرص على أن يشكل عملك الإخراجي للأغنية المصورة إضافة معنوية أم مادية؟
معنوية فنية ومادية، فالإخراج مهنتي في النهاية. والأهم هو اختيار الأنسب.

- ما هي أعلى إضافة مادية تلقيتها؟
من أغنية مصوّرة لم تُعرض، وكان بند الجزاء دفع قيمة الكليب نتيجة خطأ المنتج والفنانة. كذلك أغنية «قلبي وفي» لديانا حداد، فقد سافرنا خصيصاً إلى لندن لتصوير بعض مشاهده.

- هل كان كليب ديانا حداد أكثر كلفة من أغنية «غريبة هالدني» لنوال الزغبي؟
لا، كلفتهما واحدة تقريباً، وتبدو ضخامة الإنتاج في كل منهما بأسلوب مختلف. ولا أجد مشكلة في أن أتعاون مع مواهب مبتدئة. بت أحسن الاختيار.

- ألم تكن في السابق؟
لم أكن أعمل مستقلاً بل مع شركة إنتاج لا أرفض لها طلباً. وكنت مقتنعاً بما قدمته حينها وتلقيت الدعم الكبير من شركة «ميلودي». أنا أكثر حرية اليوم وبإمكاني حتى الغناء بالأفغاني.


لمْ تحقق «سي السيد» لتامر حسني وسنوب دوغ إلاّ أصداء عربية

- لم قررت الغناء باللغة الإنكليزية مجدداً؟
لأنني أشعر بقدرة أكبر على التعبير لحناً وكلاماً. السهل الممتنع في التعبير العفوي مألوف أكثر باللغة الإنكليزية، البعض وجد أن كلمات «كسرتلي السيارة» ثقيلة على السمع.

- لكن هذه الأغنية نجحت؟
نعم، رغم أنها لا تعتبر فناً للبعض كونها تتضمن لغة الشارع.

- ماذا عن الأغنية الجديدة؟
هي قيد التطوير مع الموزع اللبناني جيمي حداد. بقيت شهراً كاملاً في نيويورك لإصدار أغنية Funky Arabs مع أهم منتج. واكتشفت أن أي منتج قد يكترث لأمر فنان غير منتشر ليكسب ليرتين لقاء أغنية «على السريع». فلم لا نتعاون مع موهوبين لبنانيين وعرب يفهمون جيداً ما نقوم به ونغنيه؟


عمرو دياب مدرسة ولا منافس له في مصر

- ألا يحتاج الأمر قليلاً من الصبر للوصول إلى العالمية كما فعل تامر حسني الذي صدرت له أخيراً أغنية «سي السيّد» مع «سنوب دوغ»؟
إنها تجربة مهضومة لكن لم تحقق «سي السيد» لتامر حسني وسنوب دوغ إلاّ أصداء عربية. هل حققت أصداء غير عربية؟ أريد إجابة على هذا السؤال. ليت الفنان العربي ينجح في نشر تعاونه مع فنان عالمي خارج العالم العربي.

- هل هو حبّ من طرف واحد؟
قد يكون حباً من طرف واحد. ورغم ذلك تامر حسني جريء كونه فكّر في نشر موسيقى البوب بهذا الأسلوب. وهذه ليست المرة الأولى، فسبق أن قدم دويتو في الفنان شاغي.


«البولدوزيرات» هيفاء وهبي ونانسي عجرم وإليسا سِرْن على خطى نوال الزغبي

- هل تامر حسني هو خليفة عمرو دياب؟
قد يكون رأيي مرتبطاً بطفولتي، لكن لا منافس لعمرو دياب في مصر. عمرو دياب مدرسة بموسيقاه وأسلوب ظهوره وأناقته وصورته بشكل عام.
هو أكثر نجم بوب يحرص على فنه وصورته بالتساوي. ولا يمكن أن ننسى راغب علامة أيضاً. ومن جهة أخرى في عالم النساء، «البولدوزيرات» هيفاء وهبي ونانسي عجرم وإليسا اللواتي سرْن على خطى نوال الزغبي.

- بولدوزيرات؟! لقد أهنت أنوثتهن؟
لنقل قنابل.

- انتهينا من الحرب ...
أعاصير! وأنا سعيد بعودة سميرة سعيد أيضاً. فهي ليست من الفنانات اللواتي يؤدين أي أغنية بل تتحقق من الموسيقى والتفاصيل الفنية الرائجة.

- هل أعجبك ألبوم عمرو دياب «الليلة»؟
لقد حقق إنجازاً وسط الخمول السائد في العالم العربي، وشكل ألبومه هزة فنية.

- كمخرج، هل تجد أن عمرو دياب كرّر نفسه في أغنيته المصورة الأخيرة؟
توجّه التهمة نفسها لإليسا على صعيد الموسيقى. حين يقدم الفنان صيغة ناجحة هل يعدّلها؟ هل يجازف ويعتمد صيغة أخرى؟

- تقول إن ثمة أفلاماً غير هادفة. ماذا عن الأغاني المصورة؟
ثمة أغانٍ مصورة وكأن آلات تصنعها، ويكفي أن تكون الفنانة مرتدية فستاناً جميلاً.

- لأي موقف تقول I don’t care؟
للقواعد التي لا ترضي اقتناعاتي، ولموقف يسلبني حقي في أن أقرر من أريد أن أكون. ولمن يحاول قمع مرحلة ما بعد الربيع العربي.


ما الفرق

- ما الفرق بين أجمل وجه على الطبيعة وأجمل وجه على الشاشة؟
والدتي أجمل وجه، وهيفاء وهبي أجمل فنانة على الشاشة. يضحكني من يقول إن الجمال مسألة نسبية، جمال هيفاء وهبي يفرض نفسه. من لا يجد أنها جميلة لديه مشكلة.

- ما الفرق بين «تعبت منك»لإليسا (المخرج سليم الترك) و»إنت إيه» لنانسي عجرم (نادين لبكي)، بكاء في غرفة الإستحمام؟
أفضل كليب إليسا «تعبت منك» على «أسعد وحدة». أناقة إليسا تمنح الكليب قيمة إضافية، تشبه نفسها كفنانة في أعمالها المصوّرة. بينما نانسي لديها قدرة عفوية على الإندماج بالدور. لكن إليسا لا تتخلى عن شخصيتها أبداً كنجمة، ولا تدخل في لعبة التمثيل.

- ما الفرق بين نادين لبكي وأنجي جمال إخراجياً؟
لم تعد نادين لبكي مخرجة أغانٍ مصورة فقط والمخرجتان. لديهما إحساس أنثوي في رؤيتهما الإخراجية. قد تكون كليبات نادين راسخة كونها برزت خلال نهضة صناعة الفيديو كليب العربي، لكن أنجي واحدة من المخرجات اللواتي جئن بعدها وقدمن أعمالاً مميزة جداً.

- ما الفرق بين تصوير أغنية لوديع الصافي ولأي فنان آخر؟
قال لي الراحل: «أنت تتعاون الآن مع التاريخ». لقد حسدني كثر وأنا أقدم واجب العزاء في رحيله. لا أظن أنني سأصور أغنية لقيمة كبيرة بحجمه مجدداً.