Taleedah Tamer سعودية من ملامح الصحراء وأحلام البحر

17 أيلول 2025

إطلالة كاملة من Gucci

إطلالات من Gucci

تاليدا تامر، عارضة الأزياء السعودية من أمّ إيطالية، تمثل جسراً ناعماً بين ثقافتين، ووجهاً عصرياً لصوتٍ نسائي سعودي جديد ينطلق بثقة نحو العالمية. بجمالها الهادئ، وحضورها المتألّق، وروحها المتواضعة، نجحت تاليدا في إثبات نفسها كأول عارضة أزياء سعودية على منصّات عروض الأزياء الراقية. في حديثها، تلمس شغفها الحقيقي، وتكتشف عمقاً فكرياً يعكس نضجاً فريداً لامرأة تشقّ طريقها في عالم تتطلب فيه الجرأة أن تكون على طبيعتك.

في هذا اللقاء، تأخذنا تاليدا في جولة عبر محطات شخصيّتها وتجربتها في عالم الموضة، بين الإنجازات، التحدّيات، والهوية التي لم تتخلَّ عنها يوماً.

مدير ابداعي ومنسق أزياء: Ahmed Rashwan

تصوير: Greg Adamski

مكياج: Ivan Kuz

شعر: Alireza Mousavi

موقع التصوير: Bicki Boss Studio

الديكور: Forma Furniture

- كيف وجدتِ أجواء وتجربة التصوير اليوم مع Gucci؟

كانت جلسة التصوير اليوم ممتعة جداً. لقد عملت مع أصدقاء، ولهذا لم أشعر وكأنني في عمل رسمي، بل أقرب إلى تجربة مليئة بالمرح والطاقة الإيجابية. أحببتُ الإطلالات التي اعتمدناها، وكذلك الرؤية الفنية التي تقف وراء هذا المشروع. باختصار، كانت تجربة شاملة من الفرح والإبداع.

- كيف تغيّرتِ منذ أول تجربة لكِ في عرض الأزياء وحتى الآن؟

لقد ازداد شعوري بالثقة في نفسي بشكل ملحوظ، وأصبحت أكثر هدوءاً وراحة مقارنةً ببداياتي. في البداية، كان التوتر رفيق كل تجربة، أما الآن فأشعر بأنني أكثر انسجاماً مع ذاتي ومع الأجواء من حولي.

- ما الشيء الذي اكتشفتِه عن نفسك من خلال هذه المهنة؟

اكتشفتُ أن اللطف والطيبة صفتان لا يمكن الاستغناء عنهما في أي بيئة عمل. هذه المهنة، رغم صعوبتها، جعلتني أوقن أن التعامل بالحُسنى يأتي قبل أي مهارة أو إنجاز.

- ما هي نقاط القوة التي تعتمدين عليها في مسيرتك، ونقاط الضعف التي تحاولين التغلّب عليها؟

من أبرز نقاط قوّتي، إيجابيتي في مواقع العمل، وروحي التعاونية، فأنا أحب العمل ضمن فريق وأؤمن بقوة الجماعة. أما عن نقاط الضعف، فأنا أقسو أحياناً على نفسي، وأشعر أنني بحاجة الى تعلّم كيف أكون أكثر صلابةً وتسامحاً مع ذاتي في بعض المواقف.

- مَن هي تاليدا خارج منصّات العرض؟ كيف تقضين وقتك بعيداً من الكاميرات والأضواء؟

أنا شخص عائلي جداً، لذلك أقضي الكثير من وقتي مع عائلتي التي تمثّل لي مصدر الأمان والدعم. كما أنني من عشّاق الفنون والأفلام، والموسيقى تأتي في مقدّم اهتماماتي. أحب أيضاً قضاء الوقت في أحضان الطبيعة، والانفراد بنفسي، خصوصاً أن عملي يتطلب الوجود الدائم بين الناس وفي أماكن مزدحمة. الراحة والسلام الذاتي هما ما أبحث عنه في وقت فراغي.

- متى شعرتِ بأن عرض الأزياء ليس مجرد مهنة، بل شغف ورسالة بالنسبة إليكِ؟

عندما بدأتُ العمل مع أشخاص شكّلوا مصدرَ إلهامٍ حقيقياً لي. هذا التفاعل ألهمني للعمل بجدّ ومثابرة كي أستمر في التعاون معهم. كما أن هذه المهنة فتحت لي آفاقاً واسعة للتعلّم والتجربة، وهو ما زاد من شغفي تجاهها.

- ما هو أول عرض أزياء ترك أثراً خاصاً فيكِ؟

أول عرض لي ترك أثره الخاص كان في "أسبوع الموضة الراقية" في باريس مع المصمّم الإيطالي Antonio Grimaldi. كنت صغيرة في السنّ وشديدة التوتر. ما زلت أذكر كيف كانت أرضية المنصة زلِقة جداً، وكان كل تركيزي منصبّاً على الحفاظ على توازني. لكن بعد العرض، شعرت باندفاع قوي وطاقة حماسية دفعتني إلى الاستمرار والعمل بجدّ أكبر.

- كيف استطعتِ أن تتركي بصمة عالمية في مجال الموضة كأول عارضة أزياء سعودية؟

الفضل في ذلك يعود الى الدعم الكبير الذي تلقيته من أبناء وطني. لقد خضتُ التجربة بشجاعة رغم صغر سنّي، وتمسّكت بأسلوبي الخاص، وهذا ما لامس الناس وأثّر فيهم. شعرت أن الوقت كان مناسباً لصناعة الموضة السعودية كي تتفتح، وأنا ممتنة جداً لهذه الفرصة الرائعة.

- كيف تستخدمين شهرتك للتأثير الإيجابي وإيصال رسائل تتعلق بهويتك وثقافتك؟

أسعى دائماً لأن أكون على طبيعتي، وما يراه الناس مني هو حقيقتي. أعتقد أن مجرد الحضور والتمثيل الصادق يُحدثان تأثيراً كبيراً. آمل أن أكون قد تمكنت من أُظهر جانباً آخر من المرأة السعودية، وأن أُسلّط الضوء على ثقافتنا وهوّيتنا بأسلوب إيجابي.

التحديات والمصاعب

- ما أكثر لحظة شعرتِ فيها أنكِ قد تستسلمين؟ وكيف تخطّيتِها؟

مرت عليّ لحظات صعبة كثيرة، وفي بعض الأحيان كان من الصعب عدم أخذ الأمور بشكل شخصي. لكنني تعلّمت أن ما يحدث لا يعكس حقيقتي بالضرورة، وأدركتُ أنه يجب عدم السماح لأي ظرف بأن يوقفني. كان لدعم عائلتي، وخصوصاً والدتي، الأثر الأكبر في تجاوزي لتلك الأوقات. كانت دائماً بجانبي، ترفع من معنوياتي وتساندني عندما أشعر بالوحدة، ولا يمكنني أن أشكرها بما يكفي على ما قدّمته لي.

- كيف تتعاملين مع المنافسة الشديدة في هذا المجال؟

لا أركز على المنافسة. لي مساري الخاص الذي أعمل عليه، وإذا شعرت بأي شيء، فهو دافع لمزيد من الاجتهاد والعمل.

- هل تمكنتِ من بناء صداقات حقيقية في عالم الموضة؟ مَن هم أقرب الأشخاص إليكِ في هذا الوسط؟

أشعر أنني محظوظة جداً، فقد وصلت إلى مرحلة تمكّنت فيها من بناء علاقات حقيقية. تعرّفت إلى أشخاص رائعين، وتشاركنا في مشاريع عدة، من بينهم فريق العمل في جلسة التصوير الحالية، والذي أشعر تجاهه بالحب والتقدير. نحن نرفع من معنويات بعضنا البعض وندفع أنفسنا نحو الأفضل، وهو شعور جميل جداً.

- ما هي القيم التي ترفضين التنازل عنها مهما كانت المغريات في هذه الصناعة؟

إذا كان هناك شيء لا أؤيده في حياتي اليومية، فلن أؤيده في عملي. ورغم أن العارضة ليس لها دائماً القرار الأخير في تفاصيل جلسات التصوير، لكن إذا شعرت بأن شيئاً ما يحمل رسالة خاطئة أو لا يتماشى مع قيمي، فإنني أتمسك بموقفي بكل وضوح.

- كيف ساهمت بيئتك السعودية في تشكيل شخصيتك واختياراتك المهنية؟

كان لنشأتي في جدّة أثر كبير في تكوين شخصيتي، فهي متجذّرة في هويتي. العائلة تشكل عنصراً أساسياً في حياتي، وهذه قيمة راسخة في ثقافتنا. كما أن إيماني ومعتقداتي، رغم أنها شخصية وخاصة، قد تعزّزت من خلال التجارب الجميلة التي عشتها في السعودية. أشعر بأن هذه البيئة منحتني منظوراً خاصاً، وقوّت ثقتي وإيماني بذاتي.

- ما الرسالة التي ترغبين في إيصالها الى المرأة السعودية الشابّة التي تحلم برسم مسار مهني خاص بها؟

أقول لها: انطلقي! لديك كل ما تحتاجين إليه، فقط شاركيه مع العالم. المرأة السعودية تتميز بالطيبة والدعم والقوة، ولدينا الكثير لنقدّمه كمجتمع. وهذا هو الوقت المثالي لفعل ذلك.

- في اليوم الوطني، ما الذي تودّين قوله عن حبّك للسعودية وعن تطوّرها وانفتاحها؟

أكنّ حبّاً عميقاً لوطني، وأشعر بالامتنان لكل ما منحني إياه من فرص وتجارب شكّلت شخصيتي ومسيرتي. أشعر بسعادة وفخر كبيرين وأنا أرى الاتجاه الذي تسير فيه المملكة اليوم. هذا التقدّم الملحوظ والانفتاح الثقافي الملهم يبعث في نفسي الأمل ويعزّز شعوري بالانتماء. نعيش لحظة تاريخية جميلة تتيح لنا أن نُظهر للعالم مَن نحن، وأن نُبرز جمال السعودية وتفرّدها بتراثها وثقافتها وروحها المتجدّدة.

- ما هو المشروع أو التعاون الذي تعتبرينه نقطة فاصلة في حياتك المهنية؟

أول جلسة تصوير غلاف مجلة أجنبية في روما كانت لحظة محورية ومهمة جداً في مسيرتي المهنية. كنت في السابعة عشرة من عمري، وما زلت طالبة في المرحلة الثانوية بجدّة، وكنت من أوائل السعوديات اللواتي ظهرن على غلاف مجلة عالمية. في ذلك الوقت، لم أكن أدرك حجم ما حدث، لكنه فتح أمامي أبواباً واسعة لم أكن أتخيّلها. كانت بداية لانطلاقة نحو تجارب غنية ومؤثّرة، ما زلت أستمد منها الإلهام حتى اليوم.

- هل هناك حملة أو عرض أو جلسة تصوير أثّرت فيكِ إنسانياً قبل أن تؤثر في جمهورك؟

نعم، في كل مرة أتمكن فيها من تسليط الضوء على المواهب والفن السعودي، أشعر بإحساس عميق بالرضا والإنجاز. من أكثر اللحظات التي مسّتني إنسانياً، كوني من أوائل مَن صوّروا في نيوم، أو عندما مشيت على منصة CR أمام 25 ألف شخص ممثلةً السعودية، أو حين حصلت على جائزة "أفضل عارضة أزياء سعودية" في حفل جوائز الموضة السعودية هذا العام، وكذلك ظهوري على أغلفة مجلات عالمية. لكن ما يترك الأثر الأكبر في نفسي هو العمل مع مواهب سعودية، من مصمّمين ومصوّرين وفنانين. هذه اللحظات تمنحني شعوراً بأنني أساهم بشكل ما في تمثيل بلدي وإبراز جماله.

- ما هي المشاريع التي تعملين عليها ويمكن أن نتوقعها منك قريباً؟

أخطّط لقضاء وقت أطول في العمل هذا العام بنيويورك، وهذا أمر يثير حماستي بشدة. أشعر أنني على أعتاب عالم جديد تماماً، فيه الكثير مما يمكنني تعلّمه واكتشافه. لا أطيق انتظار اللحظة التي أشارككم فيها ما سينتج من هذه التجربة الجديدة، فهي بداية فصل جديد في رحلتي المهنية.

- هل تفكرين في التوسع في مجالات أخرى مثل تصميم الأزياء أو ريادة الأعمال؟

أفكر كثيراً في الجوانب الإبداعية لهذا المجال، لأنها أكثر ما يثير شغفي. التمثيل، على وجه الخصوص، يجذبني كثيراً وأشعر أنه قد يكون مصدراً حقيقياً للفرح والتحرّر العاطفي بالنسبة إليّ. أرغب في استكشاف هذا المجال والتعلّم عنه أكثر. حتى وإن لم يكن ذلك في إطار مهني مباشر، فأنا على يقين بأنه سيُضيف قيمة إلى حياتي. أجد فيه متعة حقيقية وراحة نفسية، لذلك مَن يدري ما الذي قد تحمله الأيام؟ حالياً، هو شغف شخصي أتابعه بلهفة وفضول.