black file

تحميل المجلة الاكترونية عدد 1090

بحث

السعودية شهرزاد فيصل... صوت مؤثر في مسيرة التمكين النسائي

شهرزاد فيصل

شهرزاد فيصل

شهرزاد فيصل

شهرزاد فيصل

شهرزاد فيصل هي واحدة من أبرز الوجوه السعودية في عالم ريادة الأعمال والإعلام، ورائدة في مجال العلاقات العامة والخدمات اللوجستية. استطاعت أن تبرز كصوت مؤثر في مسيرة التمكين النسائي، حيث تجمع بين الاقتصاد والإعلام بروح ريادية تُلهم الأجيال القادمة. فخورة بكونها سعودية، وتعتبر أن كل خطوة في رحلتها المهنية انعكاس لإيمانها العميق برؤية المملكة 2030 وبقدرة المرأة السعودية على أن تكون عنصر إلهام وصناعة تغيير.في هذا الحوار، نتعرف على محطات من مسيرتها الحافلة، ونستمع إلى تجربتها في التحول من مجال الجمال إلى ريادة الأعمال، وأثر رؤية المملكة 2030 في فتح آفاق جديدة للمرأة السعودية. كما تكشف عن رؤيتها لتمكين المرأة وتحقيق تطلعاتها في عالم متغير، وكيف تسهم اليوم في بناء المجتمع السعودي من خلال مشاريعها المبتكرة.


- شهرزاد فيصل من عالم الجمال إلى ريادة الأعمال؛ كيف كانت الرحلة؟

لم تكن الرحلة انتقالاً من مجال الجمال فحسب، بل كانت بدايةً من عالم الاقتصاد والبحوث الاقتصادية وصولًا إلى عالم ريادة الأعمال. فقد كان اختصاصي الجامعي في الاقتصاد، وعملت كباحثة اقتصادية لأعوام عدّة بعد التخرج في أكبر البنوك السعودية قبل أن أنضم إلى مؤسسة عائلية في مجال التجميل والأزياء حيث تولّيت إدارتها من منظور إداري وريادي. هذه التجربة مهّدت لي الطريق لتأسيس مشروعي الخاص، ثم التوسع لاحقًا إلى مجال الإعلام والتلفاز والبث المباشر وتأسيس منشآت في مجال التدريب و مجال العلاقات العامة. وعندما أسترجع محطات مسيرتي، أجد أن كل انتقال من مجال إلى آخر لم يكن مجرد تغيير مهني، بل كان محطة لنمو شخصيتي وتوسّع مداركي وتطوير مهاراتي.

- ماذا تعني اليوم في 2025 أن تكون المرأة السعودية رائدة أعمال؟

في ٢٠٢٥، أن تكون المرأة السعودية رائدة أعمال يعني أن تكون مسؤولة، جريئة، ومبادِرة. نحن لم نعد نبحث عن الفرص فحسب، بل نصنعها ونبتكرها ونشارك بها محلياً وعالمياً. ريادة الأعمال اليوم هي أداة لخدمة الوطن، لخلق وظائف، لابتكار حلول، ولرفع اسم السعودية على منصات الاقتصاد العالمية. بالنسبة إلي، ريادتي هي انعكاس لحب الوطن عبر العمل والإبداع.

- من خلال عملك مع رائدات الأعمال وحاضنات الأعمال؛ ما هي الصعوبات التي اختفت في السنوات الأخيرة بموازاة رؤية 2030؟

شهدنا في السنوات الأخيرة تغيّراً كبيراً بفضل رؤية 2030، انعكس بشكل مباشر على بيئة ريادة الأعمال في المملكة. هناك ثلاثة محاور رئيسية أرى فيها فرقًا واضحًا. أولاً، بيئة التمكين، إذ أصبح هناك منظومة متكاملة من حاضنات الأعمال، مسرّعات، ودعم حكومي وخاص، تُهيئ الطريق وتفتح الأبواب. ثانياً، التنافس الإيجابي بحيث باتت المنافسة أكثر صحية وإبداعية، وأصبح لكل مشروع بصمته الخاصة، ولم يعد السوق يستوعب النسخ المكررة. ثالثًا، الإبداع والإتقان. فقد أصبح رواد الأعمال السعوديون أكثر وعيًا بضرورة الابتكار والتجديد، وأكثر التزامًا بمستوى عالمي من الإتقان.

- كيف تصفين دعم سمو ولي العهد محمد بن سلمان للمرأة في قطاعات الاستثمارات وريادة الأعمال في المملكة؟

بالنسبة إلي، دعم سمو ولي العهد للمرأة في الاستثمار وريادة الأعمال هو أعظم رسالة إيمان بقدراتنا. أشعر أن كل خطوة في مسيرتي المهنية هي ثمرة هذا الدعم، وثمرة رؤية تحتضن طموح المرأة السعودية وتفتح لها أبوابًا لم تكن متاحة من قبل. لم يكتفِ سيدنا سمو ولي العهد بتمكين المرأة السعودية – والشعب السعودي عمومًا – من الناحية اللوجستية والتنظيمية فقط، بل وضع لنا أهدافًا واضحة، وخلق لنا فرصًا عملية، ونشر وعيًا مجتمعيًا عميقًا بأهمية دور المرأة في الاقتصاد. لقد غرس فينا الأمل والثقة، وأشعرنا بقيمتنا كشركاء في تطوير الوطن.


- من خلال عملك التلفزيوني استخدمتِ عبارة Mompreneur؛ هل بات هذا المبدأ اليوم رائج في الوطن العربي؟

هذه العبارة من أحب العبارات إلى قلبي، ولكنها في الوقت نفسه من أصعبها. فهي تختصر رحلة مليئة بالتحديات والإنجازات، وتعني الأم رائدة الأعمال. وهي صفة تحمل بين طياتها معانٍ عميقة؛ إذ تعكس الجهد الكبير في الموازنة بين مسؤوليات الأمومة من جهة، ومتطلبات العمل والريادة من جهة أخرى، مع خلق إيقاع جديد يلبي الدورين معًا.

اليوم، في المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، أصبحت قوانين العمل أكثر وعيًا ومرونة لاحتياجات المرأة والأم العاملة، سواء من خلال إجازة الوضع أو ساعات الرضاعة أو غيرها من التسهيلات والميزات التي تُمكّنها من الاستمرار في مسيرتها المهنية دون أن تتخلى عن دورها كأم. كما أصبح هناك وعي اجتماعي أكبر تجاه أولويات الأم العاملة، وتقدير لدورها المزدوج.

- ما الذي يجعل المرأة رائدة أعمال ملهمة؟ ولنتحدث عن الوالدة وهي أيضاً رائدة أعمال؛ كيف استلهمت من تجربتها في سنوات التسعينيات؟

والدتي هي المثال الأول والأكبر للإلهام. كانت سيدة أعمال جريئة، عنيدة، وقوية في زمن لم يكن مألوفًا فيه أن تخوض المرأة غمار ريادة الأعمال. ومع ذلك، استطاعت أن تحقق بصمتها، وأن تنجح في بناء مشاريعها رغم التحديات الكثيرة التي واجهتها. علّمتني والدتي أن العمل والكفاح ليسا مجرد مهنة أو وظيفة، بل هما أسلوب حياة، وجزء أساسي من وجودنا وهويتنا. والإنجازات التي نصنعها هي التي تشكل شخصياتنا وتُعرّف من نحن في هذه الحياة. اليوم، أكثر ما أحمله معي من تجربتها هو الإصرار على القوة والجرأة، وتحدي المستحيل، وأن أجعل طموحاتي كبيرة بلا حدود. والدتي ألهمتني ألا أكون متواضعة في أحلامي المهنية، بل أن أسعى دائمًا لأكون الشخص الأقوى حضورًا في أي غرفة أدخلها، وأن أستثمر في تطوير نفسي باستمرار حتى أُثبت ذاتي وأحقق أثراً حقيقياً.

- ما هي نظرتك اليوم للمرأة المنخرطة في مجال الاستثمارات وريادة الأعمال؟ وهل ما زلنا نتحدث عن ثغرات إدارية في عملها؟

برأيي، لم يعد من الضروري تسليط الضوء على الفروقات بين الرجل والمرأة في مجال الاستثمار وريادة الأعمال، لأننا اليوم أمام فرص شبه متساوية، والمرأة السعودية أثبتت حضورها وكفاءتها. فهي أصبحت مُلِمّة ومدركة بتفاصيل عالم الاستثمار والريادة، وكثير من الشخصيات النسائية في المملكة برزن في مناصب قيادية ومشاريع نوعية تؤكد أن المرأة شريك حقيقي في التنمية الاقتصادية. أما في ما يخص التحديات والثغرات، فهي تتناقص بشكل ملحوظ مع تطور البيئة الداعمة لرواد ورائدات الأعمال. وإذا كان هناك تحدٍ قائم، فهو يتمثل في حجم الجهد المضاعف الذي تبذله المرأة لتوازن بين أدوارها المتعددة ومسؤولياتها المختلفة. ومع ذلك، أجد أن البيئة الحالية في المملكة تعمل بخطى ثابتة على تمكين المرأة، وتذليل هذه التحديات تدريجيًا حتى تتمكن من أداء أدوارها بأفضل صورة.

- لنتحدث قليلاً عن مجال عملك في التدريب واللوجستية؛ من أين أتتك الفكرة؟

في إحدى مراحل مسيرتي الريادية أسست مؤسسة The Facilitator، التي ركزت على تدريب الموظفين على إتقان خدمة العملاء، وخصوصاً في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة. جاءت الفكرة بعدما لاحظت وجود فجوة واضحة بين ما تحتاجه هذه المنشآت لتقديم خدمة راقية لعملائها، وبين المهارات الفعلية لدى موظفيها. لذلك عملت على إعداد مناهج تدريبية وملزمات عملية استهدفت تمكين الموظفات والكوادر السعودية التي كانت مليئة بالشغف، لكنها كانت بحاجة إلى صقل المهارات وتطوير أدواتها. كانت تلك المرحلة من أكثر المراحل التي أثرت في حياتي المهنية، لأنها وضعتني مباشرة في الميدان مع أصحاب المنشآت والموظفين، وعرّفتني بتفاصيل التحديات اليومية، وكيف يمكن للإدارة الواعية أن تحتضن كوادرها وتُمكّنها من النجاح. لكن اليوم، الوضع تغيّر بشكل كبير. لم تعد الحاجة لهذا الحجم من التدريب قائمة كما كانت سابقًا، لأن البيئة السعودية أصبحت مليئة ببرامج التمكين والدعم، سواء من الجهات الحكومية أو من القطاع الخاص. هذه المبادرات وفّرت للكوادر السعودية فرصًا متكاملة للتدريب والتطوير، ورفعت مستوى الوعي والاحترافية في خدمة العملاء وإدارة المنشآت، لدرجة أننا نرى اليوم الشباب والشابات السعوديين في مقدمة الصفوف، يقودون بأعلى مستويات الكفاءة.

- هل تحثين النساء اليوم على البحث عن المجالات المفقودة والأفكار المختلفة أو تقديم نسخ متقدمة ممّا هو موجود لضمان نجاح مشاريعهن؟

أدهشني الجيل الجديد من السعوديين والسعوديات بابتكاره وشغفه. فهم يبدعون في كل مجال جديد، ويسعون باستمرار للبحث عن أفكار غير مسبوقة وتقديم حلول مبتكرة منذ عمر صغير جدًا. وهذا وحده مصدر إلهام لنا جميعاً. ما يعجبني أن كثيرًا من الشباب والفتيات اليوم أصبحوا قدوة في الابتكار والتجديد، وتجرؤوا على التفكير خارج الصندوق وكسر حدود منطقة الراحة. ومن أجمل الظواهر التي لمستها مؤخرًا أن هناك صغارًا في السن دخلوا عالم ريادة الأعمال، وبدأوا مشاريعهم الخاصة في سن مبكرة، وفي الوقت نفسه واصلوا دراستهم. وهذا بلا شك يتطلب جهدًا مضاعفًا، لكنه دليل قوي على شغف وطموح الشباب السعودي، وهو أيضًا انعكاس لبيئة تحتضنهم وتُمكّنهم من النمو والإبداع. أما نصيحتي لرائدات ورواد الأعمال اليوم فهي أن تكون توقعاتهم واقعية لمسيرتهم. لأن طريق الريادة ليس مفروشًا بالورود؛ هو مليء بالدروس والتحديات والمطبات، بعضها مؤلم وبعضها محبط، لكن الفارق بين من ينجح ومن يتوقف هو القدرة على الصمود. النجاح الحقيقي لا يُقاس بالنجاح الأول، بل بالقدرة على الوقوف بعد كل سقوط، والاستمرارية .رغم الصعوبات. وهذا ما تعلمته من سنوات طويلة في العمل: أن المناعة الحقيقية للريادي أو الريادية لا تأتي من شهادة أو جامعة، بل من تجارب الحياة ذاتها.

- نحتفل اليوم باليوم الوطني وشعاره "عزنا بطبعنا"؛ كيف تصفين العزة بهويتك وطباع السعوديين؟

أنا اليوم بكل ما أنا عليه من قوة وطموح وسعادة وثقة بالنفس وأمل في المستقبل، يعود فضله إلى وطني وقيادتنا العظيمة. هوية السعودي اليوم تختصر في كلمات تحمل القوة، الشغف، المثابرة، الإلهام، وتحدي المستحيل.

أحتفل باليوم الوطني بمشاعر جياشة تجاه وطني الغالي، وبفخر كبير بما وصلنا إليه حتى الآن. ومع هذا الفخر، أشعر بمسؤولية متجددة كل عام: مسؤولية أن أقدّم الأفضل، وأن أحقق الأهداف، وأن أربي ابني ليكون مواطنًا خدومًا، داعمًا، ومبتكرًا لوطنه وأهله. بالنسبة لي، “عزّنا بطبعنا” ليست مجرد عبارة، بل هي حقيقة نعيشها ونُجسدها يوميًا من خلال إيماننا العميق بأن العزّة راسخة في هويتنا وطباعنا كسعوديين

المجلة الالكترونية

العدد 1090  |  تشرين الأول 2025

المجلة الالكترونية العدد 1090