Home Page

عسر القراءة والفهم لدى الأطفال

تربية الطفل / الأطفال, تقويم النطق, سلمى سعد, الأعراض, التشخيص, عسر القراءة

11 يونيو 2009

ينتظر الأهل لحظة دخول طفلهم إلى المدرسة بفارغ الصبر. فتبدأ مراحل تعلّمه وتقدّمه الدراسي خطوةً خطوة فيشعرون بالفخر في كل مرة يتعلّم شيئاً جديداً مهما كان بسيطاً. أحياناً يخذل الطفل أهله وقد تكون المشكلة مجرد ضعف في الاستيعاب لديه يمكن التغلّب عليه بالمثابرة. لكن ماذا إذا لم تكن المشكلة في القدرة على الاستيعاب بل في حالة عسر القراءة والفهم Dyslexia. الحالتان متشابهتان وقد يخطئ الأهل أحياناً مما يسبب تأخيراً في التشخيص. لكن في الواقع استمرار الضعف الدراسي في أمور معينة في القراءة وعدم القدرة على التمييز بين الأحرف، فترة طويلة يدعو إلى الشك مما يدعو إلى استشارة اختصاصي لتحديد المشكلة. الاختصاصية اللبنانية في تقويم النطق سلمى سعد تحدثت تفصيلاً عن حالة Dyslexia وأعراضها وطرق معالجتها وكيفية التعامل مع الطفل الذي يعانيها، خصوصاً أنه يحتاج إلى معاملة خاصة دقيقة.

- ما هي حالة الDyslexia أو عسر القراءة والفهم؟
هي حالة تعثّر القراءة والكتابة عند الطفل وتظهر بدرجات مختلفة. مع الإشارة إلى انه في التشخيص، من الضروري ألا يكون الطفل يعاني تخلفاً عقلياً أو مشكلات صحية أو مشكلات في السمع.

- ما الأعراض التي تدعو للشك باحتمال إصابة الطفل بالDyslexia؟
تظهر أولى الأعراض في الصف الأول ابتدائي حيث يبدأ الطفل بتعلّم الكتابة وقراءة الأحرف، أي في سن الست سنوات أو سبع سنوات. عندها يجد الطفل الذي يعاني هذه الحالة مشكلة في التمييز ما بين الأحرف المتشابهة سمعياً بحيث يجد صعوبة في القراءة والكتابة. علماً انه عندما يبدأ الطفل القراءة قد يحفظ بصرياً، لكنه لا يعرف تهجئة كلمات جديدة كونه يقلب الأحرف. إذا استمرت هذه المشكلة فترة طويلة في الصف، فيما يصبح وضع باقي الأطفال طبيعياً، فتكون هناك مشكلة واضحة.

- هل يسهل التشخيص في هذه الحالة، خصوصاً أنه قد يفكر الأهل أن المشكلة في قدرات الطفل؟
يصعب تشخيص الDyslexia في مرحلة مبكرة، بل في حال تأخر الطفل في القراءة والكتابة، يجب انتظار سنتين لأنه قد يتحسن خلال أشهر وتكون المشكلة في ضعف قدراته فقط. قد تظهر مؤشرات أولى للمشكلة في سن الست سنوات، لكنها تظهر فعلياً بعد سنتين. لذلك يتم التشخيص الفعلي في سن السبع أو الثماني سنوات.

- كيف يكون تعليم الطفل الذي يعاني Dyslexia ؟
يختلف الأمر بحسب درجة الDyslexia وما إذا كانت قوية أو خفيفة. قد يقرأ الطفل الذي يعاني هذه المشكلة بسهولة تامة، لكن يحتاج إلى الوقت ليهجئ الكلمات. لكن إذا كان الطفل يعاني خللاً في القراءة، فهذا يؤثر في مستواه الدراسي. وبقدر ما نبدأ العمل معه في مرحلة مبكرة يتحسّن بشكل أفضل وبسرعة أكبر.

- هل يصل الطفل الذي يعاني المشكلة إلى مرحلة يصبح فيها قادراً على القراءة والكتابة كأي طفل عادي ويصل إلى مراحل متقدّمة في التعليم؟
في كل الحالات قد تستمر المشكلة وقد تفشل كل الوسائل في معالجتها. وأحياناً حتى إذا تحسّنت قدرة الطفل على القراءة قد تبقى المشكلة في الكتابة موجودة. لكن تجدر الإشارة إلى أن الطفل الذي يعاني عسر القراءة والفهم يمكن أن يتمتع بمستوى ذكاء مرتفع. من هنا أهمية تشخيص حالته بالشكل المناسب للعمل على نقاط القوة لديه.

- كيف يمكن تقويم درجة الDyslexia؟  عندما يحضر الطفل، يجب تقويم حالته من خلال اختبارات الإملاء والقراءة والفهم لتحديد درجة الDyslexia لديه. كما أن الأعراض تعتبر مؤشراً.

- كيف يتم العمل على معالجة وضعه؟
يجب العمل على طريقته في القراءة، علماً أن الاختصاصي يتعامل مع الطفل في هذه الحالة بطريقة مختلفة عن طريقة المعلّمة في الصف. ونعلّم الطفل بطريقتنا الخاصة كيف يقرأ الأحرف ويتعلّمها بطريقة مختلفة عن تلك التي تعتمدها المعلّمة في المدرسة. من الضروري أن نعرف نقاط ضعفه حتى نتمكن من العمل عليها بطرق مختلفة بحسب الحالة.

- ما المدة التي تتطلبها مرحلة معالجة حالة الDyslexia؟
  تعتبر مرحلة العلاج طويلة قد تمتد لسنتين أو ثلاث أو خمس، ولا يمكن تحديدها من البداية. لكن يمكن وقف العلاج لفترة حتى يرتاح الطفل ثم نعود إليه بعد فترة. وفي كل الحالات من المهم تغيير الاختصاصية التي تهتم بتعليمه لأن هذا أفضل له ولها.

- إلى أي مرحلة يمكن الاستمرار في معالجة الطفل ومرافقته؟
تعتبر المراهقة المرحلة التي تصل فيها الجهود لمعالجة حالة الDyslexia إلى حدّها الأقصى لأن الطفل يكون قد أعطى اكثر ما عنده، وكذلك بالنسبة إلى الاختصاصي.

- هل تكون المشكلة لدى الطفل الذي يعاني عسر القراءة والفهم في القدرة على الفهم؟
الضعف لدى الطفل الذي يعاني الDyslexia تكون في الذاكرة السمعية وفي القدرة على التمييز بين الأحرف. أما كل ما هو بصري فيعتبر نقطة قوة لديه مما يتطلب العمل عليها  حتى يتحسّن.

- ما مدى تأثير حالة الطفل هذه على نفسيته؟
من الناحية النفسية يشعر الطفل في هذه الحالة بضعفه في الدراسة وبالفشل مما يؤثر سلباً في نفسيته وعلى ثقته بنفسه.  كما أن طريقة التعامل معه تلعب دوراً مهماً في ذلك. لذلك، بقدر ما تظهر مؤشرات عسر القراءة والفهم بشكل مبكر أكثر، وبقدر ما يتم تقويم حالة الطفل بشكل مبكر تتحسن حالته بشكل أفضل. وبهذه الطريقة لا يكون قد ضاع الوقت دون أن يستفيد الطفل بشيء. علماً أنه قد يصل الطفل الذي يعاني عسر القراءة والفهم إلى مراحل متقدمة في العلم وإلى الجامعة إذا أعطيت له الفرصة لكي يتقدّم.

علم النفس

تحدثت الاختصاصية في علم النفس إليان بيسون عن أثر عسر القراءة والفهم على نفسية الطفل مشيرةً إلى أن المشكلة تكمن في أنه تمر سنوات غالباً قبل أن يكتشف الأهل أن طفلهم يعاني حالة Dyslexia . وفي هذه الفترة يُسمع الأهل الطفل كلاماً قاسياً يتعلّق بقلّة كفاءته وفشله وضعفه مما يحطّمه. كما أن فشله الدراسي يفقده ثقته بنفسه ويشعره بالعجز.

وعن طريقة التعامل مع الطفل في هذه الحالة، ضمن استراتيجية علاجه، تشير سعد إلى أنه يتم التعامل معه بحسب سنّه ليفهم أنه يوجد أطفال آخرون بمثل وضعه ويعانون المشكلة نفسها. كما يتم العمل على تقوية ثقته بنفسه. وتشدد بيسون على أهمية دعم الأهل لأن العلاج يتطلب الكثير من الصبر والمثابرة خلال سنوات. مع الإشارة إلى أنه يجب ألا يُطلب من الطفل أموراً يعجز عن القيام بها لأنها تزعزع ثقته بنفسه. «من الضروري التعاون بين الاختصاصي والأهل والمدرسة للوصول إلى نتيجة. ويعتبر الصبر ضرورياً لتحقيق الهدف. من الطبيعي أن يمر الطفل بفترات من الاكتئاب والحزن كون مشكلته تتطلب منه المزيد من الجهد والتعب حتى يتمكن من مجاراة من هم في سنه في الدراسة، مما يسبب له التوتر. لكن من الضروري أن يعرف أن الجهد مطلوب منه وأنه قادر على تحقيق نتيجة».

وتشير بيسون إلى وجود نوعين من الأطفال الذين يعانون  Dyslexia: أولئك الذين يرفضون القيام بجهد لتتحسن حالتهم وأولئك  الذين يشعرون باليأس بسبب عجزهم. لذلك لا بد من التشديد على أهمية التوضيح للطفل أنه قادر على تحقيق الأفضل وانه من الطبيعي أن يتعب بسبب كثرة التركيز. علماً أنه غالباً ما يتأخر اكتشاف المشكلة لأن الأهل يعتقدون أن طفلهم يعاني ضعفاً في القدرة على الاستيعاب. وبحسب بيسون، من المهم اكتشاف المشكلة وتشخيصها في أسرع وقت لأن التأخير يزيدها صعوبةً.