Home Page

تماهي الطفل بالبطل التلفزيوني...

تربية الطفل / الأطفال, رعاية الطفل / الأطفال, الأم والطفل, طفل / أطفال, دور الأهل, بطل فيلم

12 يونيو 2012

«سبايدر مان، توماس، بارني وأصدقاؤه، روبن هود، بوكي مون...»، شخصيات تلفزيونية وسينمائية يحبها الأطفال ويريدون أحيانًا تقليدها في كل شيء أو شراء كل ما يتعلّق بها ليشعروا بأنها رفيقة يومياتهم.
ولكن إلى أي حد يمكن الأهل قبول تماهي طفلهم بهذه الشخصيات اللطيفة والقوية الخارقة التي في إمكانها القيام بالمستحيل؟ وإلى ماذا يشير تماهي الطفل بهذه الشخصيات؟
«
لها التقت الاختصاصية في علم نفس الطفل كالين عازار التي أجابت عن هذه الأسئلة وغيرها.
في البداية تؤكد عازار أن تماهي الطفل بشخصية بطل تلفزيوني أو سينمائي أمر صحّي وضروري، لأنه من خلالها يقوم بإسقاط كل ما يشعر به أو ما لا يستطيع القيام به، ولكن شرط ألا يتخطى التماهي حدود المعقول.
وقبل أن يلوم الأهل الطفل لشغفه بالشخصية عليهم أن يعرفوا السبب، ماذا يقدم هذا البطل للطفل وأي نوع من الإسقاطات.


- ما هي إيجابيات تماهي الطفل مع شخصية البطل «الكرتوني» التلفزيوني أو السينمائي؟
يمثل البطل التلفزيوني أو السينمائي أو القصصي مثل سوبر مان أو بارني بالنسبة إلى الطفل، الشخص الذي يقوم بأفعال لا يستطيع هو إنجازها، فهو يحقق رغباته مثلاً يتخلص من الأشرار، وينقذ الصديق الضعيف، ويسافر إلى بلاد بعيدة ويقوم بمغامرات.
إذًا البطل يحقق للطفل ما يتمنى تحقيقه أو لا يستطيع تحقيقه. وهذا جيد لأن هذه الشخصية تكون المتنفس بالنسبة إلى الطفل، خصوصًا إذا كان يعاني صعوبة ما. مثلا زارني في العيادة تلميذ يعاني صعاباً تعلمية كثيرة، وكان يتعرض لعقاب شديد في البيت وبشكل مستمر.
استعملت معه علاج قراءة القصص الأسطورية، وكان بطلها هيرميس الإغريقي، ومن خلال قراءة هذه القصة عرفت ماذا يعاني هذا الطفل، فكان البطل هو المتنفس الوحيد بالنسبة إليه.
وهذا إيجابي لأنه يساعده في تنمية شخصيته وتعزيز هويته. إذًا يعبر هذا البطل عن الإنفعالات المكبوتة عند الطفل الذي يعاني صعوبة.
أما الطفل العادي فهو نموذجه الموقت الذي يتماهى به، ولكن عندما يتخطى التماهي حدود المعقول على الأم أن تسأل نفسها، وتراقب طفلها أثناء مشاهدته ورد فعله متى يضحك ومتى يتأثر بعمل يؤديه هذا البطل الخارق، وهل يقلّده في كل شيء.

- ما دور الأهل في تعزيز قدرة الطفل على التمييز بين الواقع والخيال خصوصًا أن بعض الأعمال التي يقوم بها البطل خارقة؟
من الصعب أن يفهم الطفل بين الثالثة والسادسة الفرق بين الواقع وصور الخيال العلمي وحده، فهناك تشوّش، وقد يتلقى المشاهد المرعبة أو الخارقة على أنها أحداث حقيقية مما يسبب له توترًا، لأنه لا يكون قادرًا بعد على التعبير عن مشاعره بشكل واضح.
فيما الطفل بدءًا من السادسة وحتى العاشرة يمكنه التمييز بين الخيال والواقع، ويبدأ فهم معنى المشاهد الخيالية، لذا يعلّق عليها أثناء المشاهدة، وأحيانًا يحاول تقليد بعض الحركات التي تتضمنها المشاهد كي يثبت أنه فهم معنى المشهد، لذا فإن تصرفاً معيناً قد يصبح خطرًا إذا كان الطفل يشاهد فيلمًا يعرض مشاهد خطرة، أما الطفل الذي تعدت سنه العاشرة فتكون له حرية مشاهدة الفيلم من دون رقابة أهله، لذا فهو لديه ميل إلى مشاهدة ما لا يناسب سنه، وبالتالي فإن بعض الأطفال يكونون غير قادرين على التحكم في المشاهد العنيفة. لذا من واجبات الأهل شرح الأمور للطفل وتحفيزه على التمييز بين ما يمكن القيام به وما لا يمكن.

- متى يصبح التماهي خطرًا؟ وما دور الأهل؟
عندما يصر الطفل على تقليده خصوصًا عندما يتعلّق الأمر بالقيام بأمور خطرة مثل القفز من الشرفة أو الطيران... لذا كما ذكرت سابقًا على الأم أن تكون موجودة أثناء مشاهدة ابنها لبرنامجه المحبب خصوصًا إذا كانت الشخصية محور البرنامج تقوم بأعمال خارقة، وعليها أن تشرح له الفرق بين الواقع والخيال.
المهم أن يحفز الأهل الطفل على التفكير بطريقة منطقية مثلاً عندما يكون الأب جالساً مع ابنه يشاهدان فيلمًا فيه الكثير من المغامرات والبطولات الخارقة، يمكن الأب أن يعلّق وفي الوقت نفسه يضحك على المشهد ويقول: «هذا ليس صحيحًا! تخيّل أنت إذا قفزت من الكنبة ألن تؤلمك رجلك، أو ألن يتمزق سروالك؟ هذا أمر مضحك وغير واقعي».
هكذا نجعل الطفل يفكر من دون أن يجرب بل يرتكز على الأمور البسيطة التي تحدث معه في أيامه العادية.

- متى يخف تماهي الطفل بشخصية البطل التلفزيونية أو السينمائية؟
عمومًا يتقلص تماهي الطفل بالشخصية التلفزيونية بعد السابعة، أما إذا تعدّى السابعة ولا يزال متماهيًا مع الشخصية البطولية بشكل لافت، وعندما لا يصبح لديه مرجع آخرى سوى هذه الشخصية، وتتحوّل إلى هوس، أي يتكلم مثلها ويتصرف مثلها ويريد الحصول على كل ما يعكس هذه الشخصية من ملابس، قرطاسية وسواها... أي كل أمور حياته اليومية متعلّقة إلى حد كبير بهذه الشخصية. فهنا يجب وضع علامة استفهام، وعلى الأهل طلب مساعدة اختصاصي.

- ولكن أحيانًا كثيرة يكون البطل شخصية عادية لا تقوم بأعمال خطرة؟
صحيح، «دورا» مثلاً لديها مغامرات تعرف الطفل إلى معنى الخريطة الجغرافية ويرافقها في بحثها عن شيء ما وتعلمه مفاهيم مثل المساحة والاتجاهات والزمن والوقت... وهذه المغامرات التي تقوم بها «دورا» تجعل حياته تتكامل مع هذه البطلة التي تدعوه لاكتشاف أمور جديدة لا يستطيع هو القيام بها.

- من المعلوم أن الشركات المنتجة لهذه المسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية، تتسابق في تصنيع الملابس والقرطاسية والألعاب الخاصة بالشخصيات الكرتونية، مما يدفع الأهل إلى شرائها نزولاً عند رغبة الطفل. هل يجوز أن ينصاع الأهل لهذه الرغبة؟
بالفعل قد تستغل هذه الشركات شغف الطفل وحتى المراهق بتصنيع الملابس والألعاب الخاصة بالشخصية المحببة لديه، ومن الطبيعي أن يطلب من أهله أن يحصل على كل ما يتعلق بها، فهو يحب أن يكون لديه حقيبة القطار توماس وتيشرت توماس، ويشعر بأن هذه الشخصية ترافقه في يومياته وإن كان لا يشاهدها على الشاشة.
ومن المقبول أن يشتري الأهل لطفلهم هذه الأمور شرط ألا تكون بصورة دائمة بحيث تصبح هذه الشخصية محور حياته وموجودة في كل شؤونه، بل يجب أن يكون في حدود المكافأة أو الهدية خصوصًا أن أسعار بعض منتجاتها باهظة.

- هل يختلف مفهوم الشخصية البطولية بين البنت والصبي؟
لا، ولكن البنت تلجأ عادة إلى الشخصية الأنثوية مثل «هللو كيتي» أو «بوكاهونتاس»، ولكن المبادئ التي يقوم عليها التماهي هي نفسها وإن اختلفت في الصورة.


مراحل تماهي الطفل بالشخصيات التلفزيونية

في الطفولة المبكرة
في الشهر الثامن عشر تندمج الصور مع الأفكار، وهذه مرحلة بداية الألعاب الرمزية. فالصور التي يتلقّاها الطفل في هذه السن من الشاشة يجب أن تكون شبيهة بالذي يعرفه.
مثلا في برنامج، Teletubies المواقف التي تتعرّض لها شخصيات هذا البرنامج تتكرر وتتنوع بطريقة لطيفة وتشبه ما يعرفه الطفل، ولكن في الوقت نفسه توحي إلى المشاهد الصغير مركّبات ذهنية جديدة، تساهم في تكوين شخصيته.

حوالى السن الثالثة
تندمج الصورة مع عبارة «مثل هذا»، وبالتالي يتميّز الحوار وتظهر التناقضات، وكذلك التصنّع، وتكون الأفلام قصيرة جدًا وبالتالي يجب أن تترجم الحالات المعروفة بالنسبة إليه من خلال أبطال يكونون من سنه أو من خلال شخصيات متمثّلة بحيوانات أليفة.

بين الثالثة والرابعة
بداية المرحلة الرمزية، وعبارة «مثل هذا» تدخل اللعبة، فمثلاً يمكن أن يتحوّل صندوق إلى سيارة، فالتفكير هنا يُترجم بتفسيرات ذاتية جدًا وبلمسة سحرية.
فالشاشة تقدّم مجتمعًا حيوانيًا مؤنسنًا أفراده يتكلمون ولديهم حياة اجتماعية، ومثل الطفل لهم أم وأب وأصدقاء وأشقاء... وهذا التأنسن يساعد الطفل في تفريغ مشاعره المتناقضة التي يكنها لأهله.
وهذه أيضًا السن التي يمكن فيها لمشاهد الخيال العلمي والخوارق أن تسبب كوابيس للطفل وهذا يتطلب مساندة أهله له.

قبل السابعة سن العقل
ينتظم تفكير الطفل بطريقة موضوعية، ومن ثم تتجانس الكلمات والصور، مما يسهل تعلّم أمور جديدة، فمن خلال حفظ أو تكرار مشهد « سبق ورأيته» أي أنه يتوقّع الأمور التي تلي المشهد، وهذا يساهم في تطور تفكيره وإثرائه.
وعلى الشاشة يقدّر الطفل ويحب المسلسلات التي يلتقي فيها أبطاله المفضلون وتصبح لديه سعادة في تجميع صور لهم.

مرحلة الكمون
( بين الخامسة والمراهقة) يحب الطفل قصص الأبطال الذين يحترمون الآخرون، والذي يقاتلون من أجل الخير مثل روبن هود أو سامسام ويبدأ الطفل باللعب على الكلمات أو روح الفكاهة. في الأفلام أو السلسة التفزيونية يبتهج عندما تأخذه إلى عالم خارج يومياته، إلى أماكن بعيدة حيث أبطال القصة مثل بوكاهونتاس أو مولن يعيشون مغامرات فريدة من نوعها، تظهر المشاعر الكبيرة والعميقة، مثل العدالة، والحب والسعادة... فالأوضاع المعروضة يمكن أن تكون رمزية.