أول كاتبة امرأة تفوز بالبوكر العربية

المملكة العربية السعودية, المرأة السعودية / نساء سعوديات, نجيب محفوظ, كاتبة, رابطة خريجي برامج وزارة الخارجية الاميركية, رواية / قصة, جائزة بوكر العربية, رجاء عالم

11 أبريل 2011


مرة
أخرى كانت المملكة العربية السعودية على موعد مع أبرز جائزة أدبية عربية، عندما فازت الكاتبة السعودية رجاء عالم بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) للعام الحالي عن روايتها 'طوق الحمام' مناصفة مع الكاتب المغربي محمد الأشعري صاحب 'القوس والفراشة'، لتصبح بذلك أول كاتبة امرأة تفوز بالبوكر العربية، بعدما كان الكاتب السعودي عبده خال أول كاتب خليجي يفوز بها في العام الماضي عن روايته 'ترمي بشرر'.


رغم اعتراض كثير من كتاب ومثقفين سعوديين على لجوء لجنة جائزة 'البوكر' إلى المناصفة، لا ترى رجاء عالم عيبا في ذلك، أو انتقاصاً من التقدير الذي حازته بالفوز، 'فالتقدير لا يقسم'. بينما ترى أن فوز امرأة لأول مرة بالجائزة جاء بمثابة دليل على أن 'القدرة على التغيير والتأثير ليست قاصرة على الرجل، فالمرأة أيضاً أكدت في الفترة الأخيرة على قدرتها الكبير على المشاركة والتأثير في حياتها ومجتمعها'.
وترى عالم أنها محظوظة لانتمائها إلى هذه البقعة المقدسة من العالم، مكة المكرمة حيث ولدت وتعيش. وهي دائماً محور العمل، ونقطة التقاء روايات رجاء عالم، وليس فقط 'طوق الحمام' التي تتحدث فيها الكاتبة عن مكة القديمة التي عرفتها وتكحلت عيناها ببيوتها العتيقة وجبالها الشامخة، في مواجهة طغيان الحداثة. تقول: 'بالنسبة إليّ أهل مكة هم الحمام الذي يحوم حول الحرم، وتلك الفسيفساء البشرية هي الطوق الذي يحيط بهم، بينما أقف من بعيد، من شرفة منزل جدي القديم لأرقب هذا المشهد بانبهار'.

ورغم حضور مكة القوي في أعمالها ترى أول امرأة عربية تفوز بالبوكر أن تحديد المكان لا يعني المحلية مطلقاً، بعد أن أصبح العالم كله منفتحاً على كل الحضارات، وصار الإنسان كونيا. وتقول: 'عندما أكتب أحاول أن أعثر على أطرافي في هذا العالم، والتي أشعر أنها تتوزع بين الكائنات والبشر. وبالنسبة إليّ التصوف ما هو إلا هاجس أن أعثر على اللانهاية، وأعبر من الموت إلى حياة جديدة'.


نخبوية
أيضاً ترفض رجاء عالم الفكر السائد حول سطوة الفكر السلفي على العقل والفكر السعوديين، 'فالكاتب عندما يكتب يصبح في مواجهة ذاته فقط، لا رقيب عليه، وإذا ما كان هناك رقيب، فهو من المبدع نفسه. وبالنسبة إليّ عندما أكتب لا أفكر في هذا الأمر، وليس هناك في عالمي ما يسمى الرقيب ولا أعرفه، رغم أنني ولدت في عائلة منحدرة من علماء متصوفة، وأطلق علي جدي لقب العالم لأنه كان رجل علم، ووالدي كان يحفظ القرآن الكريم والشعر'.

ورداً على آراء وصفت رواياتها بالنخبوية، أشارت صاحبة 'الخاتم'، التي تستعد مع شقيقتها الفنانة شادية عالم لتمثيل المملكة العربية السعودية في بينالي البندقية هذا العام، إلى أن أعمالها لا تحمل تركيبة معقدة، بل هي مجريات الحياة اليومية. وأضافت: 'ربما تكون كتاباتي عن مكة مفاجأة لمن سيقرأها. وعمومًا كتبي لا يقرأها العامة بل تبحث عنها فئة معينة ممن يؤمنون بأن الكتابة هي فعل التنقيب في الذات.
ولكن من الصعب التكهن إذا ما كانت روايتي ستلقى المزيد من الرواج في المستقبل وبعد فوزي بالجائزة أم لا، خاصة في ظل ابتعاد الأجيال الجديدة عن اللغة العربية، ولكن لديّ اقتناع بأن كل لوحة في الرواية تتحدث عن جذور لنا، سيتمّ اكتشافها في يوم من الأيام'.


مأزق المناصفة
من جانب آخر؛ جاء قرار لجنة التحكيم منح 'البوكر'، هذا العام مناصفة بين الكاتب المغربي محمد الأشعري وروايته 'القوس والفراشة'، ورجاء عالم بمثابة مفاجأة من العيار الثقيل لكل من كان حاضراً لاحتفال الإعلان عن الفائز بالجائزة من نقاد وكتاب وإعلاميين، وتحولت المفاجأة إلى حالة جدلية سيطرت على أجواء المؤتمر الصحافي الذي أعقب الاحتفال.

وقال رئيس لجنة التحكيم الروائي العراقي فاضل العزاوي، إن قرار المناصفة جاء إنصافاً لروايتين متميزتين. غير أن 'المناصفة' فتحت مع ذلك الباب أمام 'تكهنات' سبق أن أثيرت بأن تتوجه الجائزة هذا العام نحو المغرب العربي لترضيته بعد أن ظل حاضرا خلال دوراتها السابقة في الترشيح والقوائم القصيرة لها دون أن يحوز الجائزة.
وعزز هذه التكهنات وجود وزيرين من المملكة المغربية ضمن القائمة القصيرة للعام الحالي، وهما وزير الثقافة حالياً بنسالم حميش صاحب رواية 'معذبتي'، والوزير السابق محمد الأشعري الذي كان الأقرب إلى الفوز وفقاً لهذه التكهنات، ونظراًِ إلى الخلافات المستمرّة بين المثقفين من جهة وبنسالم حميش من جهة أخرى ومقاطعتهم له ولنشاطات الوزارة.

بينما مالت تكهنات أخرى إلى ترجيح فوز عنصر نسائي بالجائزة هذا العام، بعد أربع دورات من الحضور المشرف بين القوائم القصيرة للبوكر دون فوز، لتنحصر الترشيحات في فترة تالية في شخصية رجاء عالم بعدما فازت الكاتبة المصرية ميرال الطحاوي أخيراً، وهي العنصر النسائي الثاني بين القائمة، بجائزة نجيب محفوظ عن روايتها 'بروكلين هايتس'. وقد حرص العزاوي على التأكيد أن قرار المناصفة لم يكن سهلاً، وأنه استثنائي ولن يتكرّر.