لابونيا المدينة الفنلندية...

سياحة, مصادر الطبيعة, أوروبا, شرق أوروبا, مكعبات ثلج

05 ديسمبر 2012

مرتديًا زيّه الأزرق أو الأحمر معتمرًا القلنسوة راكبًا عربة تجرّها الأيائل لتسرح في ريف سهوب التوندرا، يشكل اللبون جزءًا من الشعب الذي يسكن مخيلة الأطفال وقصصهم، لا سيّما أسطورة سانتا كلوز الآتي من مدينة افتراضية في القطب الشمالي تضم الهدايا ومفاتيح تحقق الأمنيات. إنها لابونيا.
وبعيدًا عن الأسطورة والمخيال الشعبي، فلابونيا مدينة واقعية في شمال فنلندا تقع ضمن الدائرة القطبية وتحضن بالفعل شعب اللابون.
وأبعد من كونها الأرض الجليدية التي نحتفظ بها في ذاكرتنا، فهي المنطقة الطبيعية الأكثر عذرية في أوروبا، حيث عشّاق الطبيعة يجتازون بسرعة الدائرة القطبية.
كل شيء في لابون أقرب إلى الأسطورة حتى تواتر الليل والنهار، فهنا الليل قد يستمر أياماً خلال فصل الشتاء فيما يفاجئك نور الشمس عند منتصف الليل صيفًا. آخر معاقل ثقافة اللابون عرفت كيف تحتفظ بغموض الأرض التي لم تكتشف بعد رغم نجاحها سياحيًا.

روفانييمي
تعتبر عاصمة لابونيا الفنلندية، روفانييمي نقطة انطلاق جيدة لإكتشاف المنطقة. تهدمت كليًا عام 1944، عند نهاية الحرب العالمية الثانية وخلال الحرب اللابونية التي وقعت بين الفنلدنيين والألمان من أجل السيطرة على مناجم المعدن الأبيض الموجودة في منطقة بيتسامو.
فيما اليوم هي مدينة عصرية أعيد بناؤها تبعًا لمخطط مدني وضعه المهندس المعماري الفنلندي ألفار ألتو، مانحًا المدينة وحدة هندسية فريدة من نوعها مرتكزة على فن العمارة العضوية التي كان ألتو من مؤسسيها.
من أهم معالم المدينة لابيا- تالو صالة العروض الموسيقية المستقبلية.
أركتيكوم Arktikum هو المعلم الأكثر فضولاً في المدينة. يضم هذا المبني متحفين، أحدهما مخصص لثقافة شعب اللابون ، والثاني للنبات وزهور القطب.
على مسافة 8 كيلومترات من روفانييمي يمكن لزائر المدينة عبور الدائرة القطبية، «نابابيري» كما تعرّف بالفنلندية.
يتخلل العبور مراسم احتفال تبدأ في قرية سانتا كلوز الإفتراضية وهذه مرحلة سياحية بامتياز لا يمكن تفويتها لا سيما العائلة التي تزور المدينة برفقة أطفالها.
وعند جنوب روفانييمي وعلى مسافة 80 كيلومترًا يجد هواة الطبيعة في متنزه رانوا Ranua ملاذهم حيث يضم المتنزّه أكثر من 60 نوعًا من الثدييات والطيور، حيث الألكة أو الإيل الفنلدي المعرّض للإنقراض يسرح ويمرح بسلام يشبه الأبيض الذي يغطي المنطقة.

المتنزّه الوطني لقصر أوناستونتوري Ounastunturi
عند شرق لابونيا يقع المتنزّه الوطني أوناستونتوري الذي شُيّد عام 1939 ويمتد على مساحة هضبة بالاستونتوتري.
ويتيح التوجّه إلى هذا المتنزه لزائريه عبور ريف خلاب يعدُّ الأجمل في فنلندا، بفضل ممرات طبيعية مجهزة لرحلات السير على الأقدام وتمتد على طول 60 كيلومترًا، بين قرية هيتا وفندق بالاستونتوري. تستمر الرحلة ثلاثة أو أربعة أيام ويمكن للزائر  أن يبيت في أحد البيوت أو الخيم المجهّزة للمشاة العابرين.

منطقة ساريسلكا
عند شمال شرق لابونيا وعلى الحدود الروسية تقع منطقة ساريسيلكا التي تشتهر بمتنزهها أورهو كيكونين Urho Kekonen الخزان الطبيعي لسومبيو ومنطقة الصيد نيورتي Nuortti .
تشكل هضاب تونتوري والقرى التقليدية ومحمياتها الطبيعة المكان الأكثر شهرة وشعبية في فنلندا للقيام برحلات سياحية.
فهنا في هذه المنطقة تخرج الدهشة الساكنة في لاوعينا الإنساني بعفوية، عندما تلمح الأعينُ شعب روماكورو Rumakuru  وبحيرة Luiroaarvi ويتسلق الجسم قمة سوكوتي الأعلى في متنزه Urho Kekonen ويبلغ ارتفاعها 718 مترًا.
وإذا قرر زائر المتنزّه أن يخوض تجربة أخرى غير رحلات المشي ففي إمكانه أن يستمتع بهواية صيد السمك في الأماكن المخصصة والمحمية في جنوب شرق المتنزه.

إناري Inari
بقيت قرية إناري المكان الحافظ لتاريخ شعب اللابون فهذه القرية التي يبلغ عدد سكانها 550 نسمة كانت في القرن الرابع عشر مركز التبادل التجاري وفيها شيدت أول كنيسة لللابون عام 1646.
وعلى مسافة 7 كيلومترات ووسط الطبيعة يقف معلم ديني يعود إلى عام 1860.
وتضم القرية متحف سامي حيث بيوت الخشب شيدت في الهواء الطلق غير آبهة بريح الشمال القطبي، وكذلك أبرع الحرفيين يتحدّون الصقيع لتخرج من أياديهم أجمل الأعمال والتذكارات التي تحمل الكثير من الدفء الإنساني.
وزيارة هذه القرية لا تكتمل إلا بالإبحار في بحيرة إناري نار في وزيارة جزيرة أوكو المكان المقدّس بالنسبة إلى اللابون منذ أكثر من ألف عام.