يريفان عاصمة أرمينيا التي تحضن..

فندق / فنادق, تركيا, أرمينيا, سياحة, أذربيجان, مصادر الطبيعة, إكليل الجبل, أوروبا, أرز طويل إيراني

05 فبراير 2013

أرمينيا هذه البلاد التي يقال أن فلك نوح استقر على أحد جبالها أرارات، وفي الأساطير البابلية القديمة تبدو أرمينيا بلاد بعيدة مجهولة في الشمال، تغطيها الجبال العالية والغابات الكثيفة، وفيها المدخل إلى العالم السفلي، فكانت تسمى البلاد التي لا عودة منها.
في
جنوب القوقاز تقع أرمينيا بين البحر الأسود وبحر قزوين ويحدّها من الشمال والشرق جورجيا وأذربيجان ومن الجنوب والغرب إيران وتركيا.

عند أقدام جبل أرارات تسكن يريفان عاصمة أرمينيا الجميلة التي اتخذت اسمها من آخر ملوك أرمينيا يريفاند الرابع آخر قادة سلالة أورونتيد الحاكمة، ومؤسس مدينة يرفانداشات.
ومهما يكن أصل اسم يريفان، فمما لا شكّ فيه إنها واحدة من أقدم مدن العالم وشهادة ميلادها تؤكد ذلك، في منسوخة مسمارية منقوشة على لوح حجري بأمر من الملك أريغشتي عام 782 قبل الميلاد، وتشير المخطوطة إلى أن الملك أريغشتي بنى حصنًا وسمّاه إيريبوني.
تمتد يريفان من ذروة نهر هرازدان شمال شرقي سهل آرارات إلى الوسط الغربي لأرمينيا.
يحاط القسم الأعلى من يريفان بالجبال فيما تتدحرج حتى نهر هرازدان في الجنوب الذي يقسمها قسمين عبر منحدرات جبلية مشهدها تعجز عدسة الكاميرا عن استيعابه، فامتداد يريفان عند أقدام جبل أرارات منحها شكل مسرح روماني كوّنته الطبيعة.
لعقود طويلة من الزمن لم تنل يريفان نصيبها من الشهرة العالمية في المجال السياحي رغم جمالها الطبيعي.
فهي تنبسط على خمس هضاب، وشوارعها عريضة وتحتشد فيها الحدائق الغنّاء والمتنزّهات الخضراء، وتتناثر فيها الأبنية التي اتشحت بالزهري الذي لم تنله فقط من تكوّنات طبقات الأرض الترسبية الفلسية وإنما أيضًا من شعاع الشمس التي تظهر من وراء القمم الثلجية لجبل أرارات غربي المدينة، فيمنح يريفان ألواناً زهرية متدرّجة يعجز أعظم رسامين العالم عن ابتكارها.
كل شيء في يريفان يثير الدهشة، فهي تضم الفنادق الفخمة والأسواق والبوتيكات والمقاهي ومعارض الفنون والملاهي الليلة... مما يجعل زيارتها مغامرة في قلب العالم الأرميني لا سيّما الوسط التجاري. ففي ساحة الجمهورية يأخذك نبع الرقص الذي يتوسّطها، إلى عالم أرمينيا الموسيقي لا سيّما الرقص الفلكلوري بإيقاعاته السريعة وبألوانه الدافئة، وعلى مقربة من ساحة الجمهورية يقع فيرنيزاغ يريفان (سوق الفنون والحرف اليدوية)، حيث يحتشد مئات الباعة الذين يفرشون بسطاتهم لعرض الحرف اليدوية وذلك في عطلة نهاية الأسبوع ويوم الأربعاء.
يعرض السوق المنحوتات الخشبية والتحف والدانتيل الجميلة والصوف والسجاد اليدوي والكليم التي هي من اختصاص القوقاز، و حجر السبج الذي يمكن العثور عليه محلياً، يصاغ في مجموعة متنوعة من الحلي كما يستخدم للزينة.
تتمتع صياغة الذهب الأرمنية بتقاليد عريقة، حيث تشغل إحدى زوايا السوق بمجموعة متنوعة من الحلي. كما يمكن العثور على آثار سوفياتية وهدايا تذكارية من الدمى الروسية والساعات وصناديق العاج وغيرها.
ولهواة الموسيقى الكلاسيكية والرقص الفلكلوري الأرمني، فلا بد أن يكون دار الأوبرا Yerevan Opera &Ballet Theater  مقصدهم، فهذه الدار مكوّنة من صالتي عرض، أرام كاتشاتوريان وصالة المسرح الوطني للأوبرا والباليه حيث تقدّم أروع العروض في جو مهيب.
على الجانب الآخر من دار الأوبرا، يوجد سوق الفن الشعبي الذي يقام في  حديقة المدينة في عطلة نهاية الأسبوع.
يضم المتحف الوطني للفنون في يريفان أكثر من 16 ألفاً من الأعمال التي تعود إلى العصور الوسطى  وتروي حكايات أرمينيا الغنية وقصص تلك الأزمان.
كما يضم لوحات رسمها فنانون أوروبيون كثر. كما أن متحف الفن الحديث ومعرض صورة الطفل ومتحف مارتيروس ساريان ليست سوى أسماء من بين العديد من المتاحف وصالات العرض في يريفان.
علاوة على ذلك، هناك العديد من صالات العرض الخاصة المتكاثرة عاماً بعد عام، وتضم المعارض الدورية ودور البيع.
تشتهر يريفان بحياتها الليلة الصاخبة التي لا تنتهي إلا عند ساعات الفجر الأولى، فمقاهي الرصيف ومقاهي الجاز وبيوت الشاي والكازينو ونوادي الكارايوكي تصدح بالموسيقى، فيظن السائح أنه وسط مهرجان مستمر.
هكذا استطاعات يريفان أن تعيد الحياة إلى تاريخها وثقافتها وفرادتها. نفضت عنها كل غبار الإحتلالات لتخرج جميلة من جميلات أرمينيا تغسل وجهها صباحًا بمياه نهر هرازدن وتجففه بإشراقة الشمس التي تخرق بياض ثلوج جبل أرارات ناثرة الزهري لتجعل أيام زائرها وردية.