قصر المداخل الخمسة
لا يشبه في الهندسة إلا نفسه. لا هو سور حصين ولا قصر من قصور الشرق، وإن يكن مشيّداً في قلب الشرق وتحديداً تونس. إنّه قصر الدكتور تيسّاوي المعروف بقصر الخمسة مداخل، بعضها يقودك إلى الفخامة والبعض الآخر إلى العراقة.
الباب الخارجي يُفتح على مصراعيه لإستقبال متذوقي الفن والمهتمّين بالمعالم التراثية على مساحة ألفي متر توزّعت على طبقتين وحديقة كبيرة. بضع درجات من الموزاييك أخذت مكان السجاد الأحمر في وسط الدرج، تقود إلى الحديقة التي زنّرت المنزل بهندستها اللافتة.
لكنّ قمة الجمال والإبداع تجسّدت في قسم منها، ففي آخر الحديقة مغارة من الحجر الأحمر فيها الطوالع والنوازل التي تذكّر بمغارة جعيتا اللبنانية الأثرية المرشّحة للإنضمام إلى عجائب الدنيا السبع. ونُحتت في وسط الصخر لوحات من الحجر تجسّد تماثيل رومانية لشخصيات تاريخية كهنيبعل وهملقار وغيرهما.
في مقابل التراث الذي إحتضنته الحديقة الإبتكارات العصرية حاضرة أيضاً، حيث حوض السباحة المقفل الذي يصلح للصيف والشتاء معاً، طغى على جدرانه وقعره اللون الأزرق. هذا المزيج من العصرية والتراث إنعكس على الداخل الذي إنطبع ببصمة التصاميم التونسية التي لم تظهر في الهندسة الخارجية إذ أتت مزيجاً من طرازات يصعب تحديدها.
كلّ الألوان الجريئة إستخدمت للأثاث وحتى للجدران. فأحد الصالونات المخصّص للتلفزيون باللون الأزرق النيلي جدراناً وأثاثاً، لكون طلاء الجدران والستائر وقماش المقاعد باللون ذاته. هذا في الطبقة العلوية حيث غرف النوم إلى جانب هذه الجلسة والقاعة المخصصة للدراسة والتي ضمّت مكتبة ضخمة.
أما في الطبقة الأولى المخصصة للإستقبال فالألوان الجريئة موجودة ولكن بوتيرة أخف. أربعة صالونات لا يشبه أحدها الآخر لا في التصميم ولا في الطراز. أحدها قماشه مرقّط بالأسود والأبيض من الطراز العصري. قابله صالون كلاسيكي باللونين الأبيض في الجلد والذهبي للإطار من الخشب.
إلى جانبه صالون باللون الأخضر الزاهي تونسي التصميم، إرتدت جدرانه حلّة من الخشب المزخرّف والمطعّم بنقوش ورسوم، أرائكه من الأخضر الزاهي، ومقاعده شرقية بشكل ديوان توزّعت أمامها الطاولات بأشكالها المستديرة والمربّعة بلون الخشب ذاته الذي استخدم للجدران أيضاً.
للحجر الموزاييك والرخام حصة كبيرة من الهندسة الداخلية ترافق الزائر من الباب الرئيسي ذي الإطار من الموزاييك باللونين البيج والبني. وألبست بعض الجدران في الصالونات، وخصوصاً جدار المدفأة، الرخام الذي تكحّل بدوره بقطع من الخشب المستطيل.
رحلة الرخام والموزاييك توجت في الحمامات التي حملت عنوان الفخامة والرفاهية خصوصاً الحمام المخصص للجاكوزي والذي يضاهي قاعات الجلوس جمالاً بلونيه الأسود والأبيض وكبر مساحته التي عكست راحة إلى الحمام التركي، أو ما يعرف بالسونا العربية.
واللافت أنّ هذا القصر ضمّ أكثر من غرفة طعام، لكل واحدة ميزتها الخاصة، إحداها بلون الخشب الداكن، مستوردة من الهند كما الصالون الأبيض من الجلد، ومقاعد من الخشب إضافة إلى صندوق من الخشب مستورد أيضاً من الهند. إلى جانب بعض القطع المستوردة من مصر، كاللوحات الزيتية وبعض قطع الأكسسوار كالشمعدان النحاسي المصنوع يدويا.
وهناك قطع مستوردة من إيران أيضاً كأسدين من الرخام زينا مدخلي الصالونات. وفي أرجاء القصر تناثرت قطع أثرية بعضها من الخشب من طراز فيليب الثاني تعود إلى القرون الماضية.
الألوان الزاهية للأثاث دخلت المطبخ الفسيح الذي طغى عليه الخشب باللون الاخضر وتطعّم بالحجر الموزاييك، وهندسته متقنة نظراً إلى أنّه غرفة طعام وزاوية منه تستخدم كصالون.
المساحات الكبيرة التي أضفت رونقاً وفخامة على كلّ جلسة، أعطت غرفة نوم المالكين ميزة خاصة، فهي جناح قائم بذاته طغى عليه اللون الأصفر المذهب للخشب، وفصلت بين السرير والصالون قنطرة حدّدتها أعمدة من الخشب وضمت أيضاً حماماً كبيراً باللونين الأسود والأبيض وفيها حوض للـ «جاكوزي» أبيض مطعّم بأكسسوار مذهّب.
تفاصيل ديكور هذا القصر كثيرة نظراً لكبر مساحته وضخامة هندسته، إلا أنّ الرفاهية تبقى العنوان الأكبر لعناوين صغيرة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024