تحولات في المشهد الزخرفي...

قاعة /صالة / غرفة طعام, الديزاين, قاعة /صالة / غرفة جلوس, زخرفية سوداء, قاعة /صالة / غرفة إستقبال, عرض ازياء تراثية, ديكور عصري, لوحة / لوحات فنية, صالة العرض, أنماط زخرفية

29 نوفمبر 2011

عندما يجري إختيار عناصر المشهد بحساسية بالغة وعناية فائقة، وبخبرة عملية ونضج فني، تختفي الحدود الفاصلة بين المساحات وفضاءاتها، وتتوحد الأبعاد لتولد سيناريوهات زخرفية فريدة.
سيناريوهات
يتطلب إخراجها مهارة خاصة ليس في توزيع العناصر وإعتماد الأشكال وإختيار الألوان فحسب، إنما في رسم سينوغرافيا تتحقق من خلالها رؤى وتوجهات تلبي إنتظارات أصحاب المكان بقدر ما تدهش زواره أيضاً.
وانطلاقاً
من هدا المنظور، جاءت صالة عرض جديدة في لندن، اختيرت كمساحة مثالية لعرض مبتكرات العلامة التجارية الهولندية «موا» Moooi التي أسسها قبل عشر سنوات مهندس الديكور والديزاينر الشهير مارسيل وندرز محققا من خلالها نجاحا واسعا، جعل منه ايقونة في الديزاين...

لقد استطاعت تصاميم مارسيل وندرز وغيره من مبدعي هذه الماركة، استقطاب جمهور كبير الى صالة العرض هذه التي اشرف على صياغتها وتصميمها كاسبير فيسرز فكانت النتيجة مذهلة.
حلول هندسية مثيرة وصياغات مدهشة، اعادت ترتيب المكان وتنظيمه باخراج مسرحي منح المبتكرات ادوارا في التعبير من خلال سينوغرافيا زخرفية صيغت باللونين الأسود والأبيض، تتوالد منها سلسلة من المشاهد التي تفيض بحيوية الأشكال وجاذبية المواد والتأثيرات الآسرة التي تصدرها وتنشرها في الأجواء.

هذه السينوغرافيا، تنطوي على الكثير من التفاصيل البديعة، تتلاعب فيها إضاءة بارعة وأخاذة.
مجموعة خيارات وترتيبات ساهمت في رسم ملامح المكان و منحه فرادة وبعداً خيالياً وتميزا لا يمكن تجاهله.

ولعل أكثر ما يلفت النظر في هذه السينوغرافيا، أنها تمنح كل عنصر من عناصر الديكور، لا دوره المناسب فحسب، بل البعد الذي يفتن الحواس ويدغدغ المشاعر أيضاً.

كما أنها لم تهمل أي تفصيل يمكن أن يشكل إضافة لافتة الى المشهد العام. ولم تتوان عن صنع أشكال من المواجهات الزخرفية الصادمة التي تشكل مكسباً جمالياً يدعم الديكور ويمنح تشكيلاته وعناصره ومواده قيماً جديدة تزيد المشهد كله ثراءً.
وقد أعطى اختيار اللونين الأبيض والأسود هذا المشهد بعداً جديداً أثرته إضاءة مدروسة ضمنت التناغم المطلوب في مقابل تكثسفها التضارب المتولد عن تجاور الأبيض والأسود، من خلال تكريس منطقة وهمية رمادية بينهما، يتماهى فيها كلا اللونين بأدوار متبادلة.
وهكذا تحولت مساحة الصالة بمجملها الى خشبة للعب تتمسرح فوقها عناصر متنوعة، فترتبط في ما بينها بعلاقات وثيقة، تكشف عن مضامين الفكرة الرئيسية للتصميم، وتزرعها في الذاكرة.
وكما هي تأثيرات المسرح في جمهوره، فإن لهذه الصالة تأثيرات على زوارها. وذلك من خلال أدوار الضوء والظل اللذين يعتبران المكون الرئيسي في عملية التعبير، وفي ابتكار مشهد نابض بسيناريو زخرفي مكتمل، يدعمه توظيف إنفعالي لكل عناصره.
وإنطلاقاً من هذه المعطيات، يمكننا تلخيص دور السينوغرافيا هنا، في نسج شبكة من المحطات الزخرفية المثيرة للانتباه، والتي يتم التركيز فيها على مساحات متنوعة من المشهد الزخرفي.
نجاح هذه الصالة في لندن، دفع بمارسيل وندرز الى أن يوقع سينوغرافيا أخرى لمشروع تجاري في البحرين، يحمل إسم «فيلا مودا».
ففي هذا المشروع إستلهم فكرة التصميم من مناخ السوق التقليدي. فجاءت السينوغرافيا متفقة مع روحية هذا المكان الذي سيشهد لقاءات لمجموعات من البشر، في أجواء تتخطى في روعتها كل المقاييس المألوفة، وذلك من خلال تشكيلات زخرفية استعادية للكثير من النقوش المستمدة من التراث الفني لتلك المنطقة، مما رفد الديكور بزخم من المعالجات اللطيفة والتفاصيل التي تحمل طابعا حميما مدهشا.
ورغم الاختلاف في المعالجة السينوغرافية للصالة الحالمة في لندن والمشروع الزخرفي لـ «فيلا مودا» في البحرين، فإن ثمة تقارباً يربط بين المعالجتين، وهو تأكيد القيم الجمالية التي تكشف عنها المشاهد في كل ركن وزاوية والتي لا يمكن تجاهلها في زحمة التصورات.
فالمساحات التي تطرزها النقوش الزخرفية او العناصر المماثلة لها جميلة وسخية، مستمدة من طابع كل مكان يحتضنها ومن تاريخه وتراثه، مما يمنح المشاهد جاذبية اكبر ودلالات حسية مؤكدة، تم إستثمارها برشاقة بالغة وجسارة أضافت الى الأجواء سحرا وغرابة.
إن دخول السينوغرافيا الى ساحة الزخرفة والديكور، يرسم صورة جديدة لداخل المنزل، حيث تهيم قطع الأثاث والاكسسوارات في فضاءاته، بتشكيلات مثيرة، يتعدى رونقها كل معيار.
 وفي مناخاته تتشكل لوحات زخرفية رائعة تنسل بحميمية الى عالم أحلامنا، لتطعمها بين حين وآخر بمفاجآت مثيرة، وطروحات غريبة الأطوار، ولكنها في كل أطوارها أنيقة ومريحة وعملية، وفوق هذا كله تسكن الذاكرة أوقاتاً طويلة.