بيت التراث اللبناني...

أسياخ شوي خشبية, أقمشة المفروشات, منازل تراثية, منزل ريفي, مصادر الطبيعة, الطهو الصحي, منزل أثري, تراث لبناني

02 مايو 2012

أجمل ما في التراث اللبناني هويته الفريدة وتمايزه وشخصيته غير القابلة للتقليد أو الإبتذال.
إنه فن قائم بذاته، حافظ على رونقه مدى العصور وظلّ قبلة الذواقة واختصاصيي الهندسة الداخلية حتى يومنا. والبيت اللبناني لا تكتمل عناصره إلا متى إقترن بالريف والطبيعة الغنّاء التي تضفي عليه جمالاً وألقاً.

فالقرميد الأحمر رمز التراث اللبناني، تزيده سحراً الخضرة والورود المتناسقة المنثورة في كل ركن، هنا وهناك وهنالك.
هذا الجمال الخارجي يبدو جزءاً لصيقاً بالهندسة الداخلية. فبعد التنزّه على العشب الأخضر واستظلال أفياء شجر الصفصاف وتنشّق عبير الورود المنسجمة في لوحة بديعة، يجد الزائر نفسه في حضرة العراقة، قارعاً باب حضارة التراث اللبناني.
كلّ ما تلمحه العين من فرادة وتفنّن في هذا البيت، هو ثمرة بحث دؤوب قام به المالكون لإكمال مجموعة من القطع التراثية أضافوها إلى ما ورثوه عن الأجداد لإتمام الديكور.
خصوصاً أنّ المالكين قاموا بعملية ترميم لهذا البيت اللبناني معيدين إليه كلّ مقوّماته التراثية.

ها قد دخلنا البيت لتستقبلنا أبّهة التراث، بالسقف العالي والأعمدة الممشوقة والقناطر المحبّبة والنوافذ الرشيقة المقنطرة المطعّمة بالخشب.
أما الحجر فهو السمة الأبرز لهذه النوع من المنازل، ومن يحترف تقصيبه يندر أن نجده في هذه الأيام، بما أنّه عمل فنيّ أكثر من كونه عمرانياً.

ولروعة هذا الحجر، أراد مالكو المنزل أن يعكسوه على الأرض، فجاء البلاط من اللون الفاتح نفسه مطعّماً بمشحات داكنة، حتى يخال الناظر أنّه أمام مرآة ترسم السقف على الأرض.
ولا يكون البيت ريفياً وتراثياً إلا إذا تدلّت الثريات الطويلة والمصابيح من سقفه لتزيده خصوصية وفرادة، وكلّ واحدة تحكي قصّة تراثية معيّنة، كما الأثاث.

ولعلّ اللافت في أسلوب الهندسة المتّبع في هذا المنزل، أنّ المساحات الكبيرة لم تذب وسط المفروشات التي اختيرت بعناية وخفر، وشغلت جلسات عدة لم تفصل بينها جدران، بل قناطر تخلّلت الجلسات وزادت المكان عراقة وفناً.

من الصالونات ما هو من الخشب المزخرف والمشغول لكن بعيداً من التكلّف، ومنها ما هو أكثر عصرية، من القشّ المنجدّ بقماش زاهٍ يحاكي لون الحجر والبلاط.
وبالإنتقال إلى الجلسات، تطالعنا قطع خشب أثرية، كالخزانة المستطيلة التي يمكن أن تكون «الدروسوار» من الخشب المنقوش من العمل الحرفي النادر، تزيّن بمصباحين من النحاس، وتدلى فوقه مصباح ثالث أضاء الحجر خلف «الدروسوار».

القطع النادرة الأثرية تكرّرت في كلّ زاوية وركن، منها إبريق القهوة النحاسي لتحضير القهوة العربية، وجهاز التلفزيون الذي يعود إلى عصور خلت، وبابور الكاز الذي كان يستخدم للطهو وإعداد القهوة والشاي.

أما غرفة الطعام فاتخذت لنفسها مكاناً خاصاً بها بين الأعمدة، وهي مصنوعة بكلّ تفاصيلها من الخشب، مقاعدها من الخشب المقطّع والمنقوش برسوم ناعمة. وتزيّن وسطها بباقة من الورود تحاكي الورود الخارجية من الزهور التي عادةً ما تنبت في الريف.

والأرائك قماشها من البساط الشرقي، تناثرت على الأرض وفي كلّ مكان.
صحيح أنّ المنزل مؤلّف من طبقة واحدة، إلا أنّ اللافت هو هذا الدرج من الخشب الذي نصل إليه عبر قنطرة من الحجر، يقودنا ببضع درجات نزولاً الى غرفة نوم، شكلّ ظهر السرير فيها عنصر الديكور الأبرز، إذ إنّه من القماش المعّلق، تداخلت في رسمته الألون النارية.

وفوق السرير نافذة مطعّمة بالخشب أنارت الغرفة ذات السقف المعقود والمقبّب.

كلّ شيء في هذا المنزل يحاكي التراث اللبناني الذي يحتفظ حتى اليوم بمعجبين كثر، وخصوصاً من يرث مثل هذه المنازل عن الأجداد ويتولى ترميمها بدقة لتبقى مصدراً دائماً للألق.