الانتقام على الطريقة الأميركية

كأس دبي العالمي, القنصلية الأميركية, تفجير, شرطة دبي, رجل / رجال شرطة, قسم الشرطة

05 مايو 2009

البداية كانت عملية نصب واحتيال وقعت ضده.. ثم بلاغ إلى شرطة دبي يحذّر من عمل ارهابي ضد القنصلية الأميركية.. والنهاية يقف متهماً أمام محاكم دبي بتهمة البلاغ الكاذب وازعاج السلطات. هذا هو حال مواطن أميركي من أصل لبنانى يعيش في دبي في دولة الإمارات. الواقعة أقرب إلى أفلام السينما أو المسلسلات التركية ففي جانب منها واقع كوميدي، ليتحوّل الأمر إلى دراما عنيفة، فالشاب الأميركي اللبناني كما ذكر الفريق ضاحى خلفان تميم القائد العام لشرطة دبي من عائلة معروفة ويعمل في وظيفة مرموقة بدبى منذ عدة سنوات، ولكنه تعرف أخيراً إلى شخص من الجنسية السودانية جاء إلى الإمارات في زيارة، واستطاع هذا الشخص إقناع هذا الشاب وآخرين أن في مقدوره جعلهم بليونيرات من خلال عملية واحدة لمضاعفة أموالهم!! وهنا تكمن الكوميديا مع ضحايا كلهم من المثقفين.

ورغم أن الأول يمتلك من الذكاء والكياسة الكثير، وقع في الفخ سريعاً وأخرج من خزينته مبلغ مالي يقدر بنحو 700 ألف درهم إماراتي «ما يقرب من 200 ألف دولار»  وسلمه للآخر، ليقوم بعملية المضاعفة، وأصبح يتردّد على صديقه من وقت إلى آخر داخل إقامته في أحد الفنادق فى دبي لكي يطمئن إلى مضاعفة الأموال، وكان السوداني يوهمه أن العملية تتمّ ولا داعي للقلق، لأنها تأخذ وقتاً، وفجأة ذهب إلى الفندق فوجد صديقه قد غادر المكان ولم يترك عنواناً له، وتأكد من خلال بعض معارفه بأن هذا الشخص لم يغادر الإمارات ولا يزال موجوداً فيها.
وفى يوم تنصيب الرئيس الأميركي الجديد أوباما رئيساً للولايات المتحدة، كان الأميركي اللبناني ضحية عملية النصب يجلس أمام شاشة التلفاز، فقرأ على الشريط الإخباري لإحدى القنوات أن هناك تهديدات تلقّتها عدد من السفارات والقنصليات الأميركية بأعمال إرهابية وقت حفل التنصيب.
وقتها تفتق ذهنه عن أسلوب جديد للعثور على من نصب عليه في أسرع وقت ممكن، وطرأت لديه فكرة الإبلاغ عن صديقه السوداني مدّعياً عزمه القيام بعمل إرهابي ضد القنصلية الأميركية في دبي، ليضمن إلقاء القبض عليه سريعاً، حتى يتمكن من استعادة أمواله المسروقة، وبالفعل قام بتنفيذ الفكرة، فتوجه إلى أحد الشوارع وقت الظهيرة واتصل من خلال الهاتف العمومي برقم النجدة 999 وأبلغ أن هناك شخصاً يدعى «.......» سيقوم بتفجير القنصلية الأميركية غداً، وأغلق الهاتف سريعاً، ثم استقلّ سيارته واختفى من المكان، وبعدها بساعتين توجه إلى منطقة أخرى وادعى أنه شخصاً آخر وقدّم البلاغ نفسه من هاتف عمومي آخر، وعاد إلى منزله!!

أزمة دبلوماسية
وتتصاعد الأحداث سريعاً مثل أفلام السينما، فقد فوجئ بعدها بدقائق بأن الخبر يذاع على عدد من القنوات الفضائية الإخبارية، وأن القنصلية الأميركية قرّرت إغلاق أبوابها يوم الأربعاء لأسباب أمنية، وفي اليوم التالي نشرت الصحف ووكالات الأنباء العالمية تصريحاً لقائد عام شرطة دبي مفاداه أنه ألقي القبض على شخص عربي الجنسية ادعى عليه عربى آخر بنيته في القيام بعمل إرهابي ضد القنصلية، وأكد الفريق ضاحى خلفان تميم أنه تبين من خلال التحقيقات السريعة مع المدعى عليه أنه لا يوجد لديه أية نية فى عمل أي شيء، ولا يملك أي من الأدوات التي تمكنه من القيام بهذا الفعل.وقال الفريق تميم: أبلغنا القنصلية الأميركية بالادعاء الأول وأبلغناهم بأن البلاغ كاذب». وهنا اتهم خلفان السلطات القنصلية بأنهم لا يثقون بقدرات شرطة دبي، وتعجّلوا في قرارهم إغلاق قنصليتهم تحسباً لأي فعل إرهابي ضدّها.
تصرّف الشاب الأميركي اللبناني كاد أن يخلق أزمة دبلوماسية بين الجهتين، لولا أن السفارة الأميركية سارعت بتقديم اعتذار لشرطة دبى وبررت فعلتها باحتياط أمني فقط.

اعتراف بالنصب وليس الإرهاب
وأثناء التحقيق مع المدعى عليه السوداني أقرّ أنه على خلاف مع أحد الأشخاص، واعترف بأنه استولى منه على مبلغ مالي كبير، وقد يكون هو وراء البلاغ الكاذب، وقد اضطرّ لأن يكشف عن واقعة النصب باعتبارها أهون عليه من قضية إرهاب،  وعلى الفور ألقي القبض على الشاب الأميركي اللبناني، وبمطابقة صوته مع صوت صاحب البلاغين، تطابقت الأصوات، وهنا اعترف بأنه لجأ لهذا الأمر حتى يستعيد أمواله دون مراعاة لأية عواقب أو احتمالات، واعترف أيضاً بأنه لم يتوقع الوصول إلى الشخص السوداني أو إليه بهذه السرعة، ولم يضع في الحسبان سرعة تطور الواقعة إلى حدث على مستوى عالمي. وأكد الفريق ضاحي خلفان تميم أنه بعد انتهاء استجواب الشخصين تمّ إحالة الأميركي اللبناني الى النيابة العامة بتهمة البلاغ الكاذب وإزعاج السلطات، والأخر بتهمة النصب والاحتيال مؤكداً أن كليهما سينال عقابه أمام القضاء.
ولم تكن هذه الواقعة هي المرة الأولى من نوعها التى تحدث فى دبي، فقد سبقتها بأسبوع قيام مخمور بادعاء وجود قنبلة داخل إحدى دور السينما التى يرتادها الهنود، وآخر بريطاني كان مخموراً، وحاول مغازلة إحدى المضيفات على متن طائرة مقبلة من لندن، وعندما نهرته صاح وسط الطائرة مدعياً وجود قنبلة مخبأة، وأن الطائرة ستنفجر، مما آثار الذعر بين الركاب، وبمجرّد وصول الطائرة إلى أرض دبي ألقي القبض عليه وانزال الركاب سريعاً وتفتيش الطائرة ولم يعثر على شيء وقدم للمحاكمة بتهمة البلاغ الكاذب.
من جانبه أكد العقيد عمر عبد العزيز الشامسي مدير إدارة غرفة القيادة والسيطرة بشرطة دبى ان رقم النجدة 999 مخصص للطوارئ فقط، ولكن للأسف نظراً إلى تعدّد الثقافات والجنسيات فى الإمارة نجد أن 50 % من المكالمات الواردة على هذا الرقم هى مكالمات لاستفسارات تافهة، لافتاً الى أن الغرفة تلقت العام الماضي مليون و700 ألف مكالمة منها 550 ألف مكالمة تافهة عبارة عن استفسارات عن عبوات مياه أو عناوين أو غيرها.  وقال إن البعض أيضاً يقوم بتحويل المكالمات المزعجة التي تأتي على هاتفه الى الرقم 999 دون مراعاة لأي شيء، مشيراً الى أنه يتمّ استدعاء المتجاوزين والتحدث معهم ودياً، إلا أن الأمر لا يزال يشكّل مشكلة.
وأفاد أن أي بلاغ يردّ للغرفة يتمّ التعامل معه على أنه بلاغ صحيح، وتتحرّك كل الأجهزة بشأنه، وإذا تبيّن أنه بلاغ كاذب فشرطة دبي تمتلك من الأدوات والاجهزة التي تمكّنها من الكشف عن هوية المتصل بالسرعة المطلوبة وتقديمه للعدالة.