Home Page

'أصالة'.. الجمعية الفلسطينية لصاحبات الأعمال

أصالة نصري, الرئيس الفلسطيني محمود عباس, ريم العبوشي, قضية / قضايا المرأة, نساء فلسطين

16 سبتمبر 2009

تعيش المراة الفلسطينية واقعاً صعباً مقارنة مع مثيلاتها في المجتمعات العربية من حيث الأوضاع الإقتصادية، والثقافة المجتمعية السائدة، التي تحدّ من مشاركتها، إضافة إلى ما تتعرض له من انتهاكات تعيشها بسبب معاناة الاحتلال الاسرائيلي. وأن الجمعية الفلسطينية لصاحبات الأعمال «أصالة»، أدركت منذ البداية أهمية العمل على تمكين المرأة ومساعدتها على الانخراط في النشاط الاقتصادي، كأحد السبل التي تساعدها على المشاركة في المجتمع وفي عملية البناء، وذلك من خلال تقديم التمويل اللازم للمشاريع النسوية، وتقديم التدريب والمشورة كمسار ملازم لتقديم التمويل، لضمان نجاح المشاريع. وللإطلاع على تلك التجربة الناجحة كان لـ «لها» هذا اللقاء مع المديرة التنفيذية للجمعية الفلسطينية لصاحبات الأعمال «أصالة» ريم العبوشي.

- كيف كانت البداية؟
البداية كانت في العام  1997، عندما تأسست الجمعية باسم مركز المشاريع النسوية. وفي كانون الثاني/يناير 2001 عندما تمّ تسجيلها في وزارة الداخلية الفلسطينية، كجمعية أهلية غير ربحية، باسم الجمعية الفلسطينية لصاحبات الأعمال «أصالة»، لتعمل على تقديم خدمات تساعد النساء اللواتي يعشن في حالة من الفقر، في تغيير حياتهن، ووضعهن الاجتماعي، من خلال مشاركة ناجحة في النشاطات الاقتصادية لتصبح اليوم إحدى المؤسسات الرائدة في مجال الإقراض الصغير.

- لماذا «أصالة» في ظل وجود البنوك؟
بسبب الإجراءات المتّبعة لدى البنوك في منح القروض، وصعوبة تقديم الضمانات من قبل السيدات، والتي لها علاقة بالملكية والإرث، كان لا بد من وجود مؤسسة  تقدم خدمات الإقراض للنساء، تأخذ في الاعتبار الخصوصية التي تعيشها. كما أن الهدف الذي قامت من أجله «أصالة» لم يكن بدافع جني الأرباح، بل من أجل المساعدة في تمكين النساء و تخفيف المعاناة عنهن، ورفع القيود والمعيقات التي تحدّ من تطورهن، في ظل مجتمع فرصة الوصول فيه للرجال أسهل وأسرع.

- ما هي طبيعة القروض والخدمات التي تقدمها «أصالة» للنساء؟
تقدم «أصالة» التمويل، أما من أجل تأسيس مشاريع جديدة، أو من أجل تطوير مشاريع قائمة، أما المشاريع التي تمولها «أصالة  فهي متنوعة، صناعية، خدماتية، زراعية، تجارية، وأي مشروع تتوافر له فرص النجاح، ويساهم في عجلة التنمية. وتتراوح قيمة التمويل بين 500 و20000 دولار. ويرافق عملية التمويل، عملية تدريب وتقديم النصيحة والخبرة بشكل يساعد النساء على إدارة مشاريعهن بشكل سليم. ومؤخراً خلال العام 2008 تم إطلاق مشروع التطوير الإقتصادي للمرأة «ارادة»، الذي جاء استجابة لحاجة النساء الفلسطينيات الى التدريب والمشورة في مجال إدارة أو تطوير أو تأسيس المشاريع الاقتصادية. وبسبب الظروف التي يعيشها المجتمع الفلسطيني، وخاصة النساء، والتي تجعل الوصول إلى مراكز التدريب (بسبب الحواجز وتكلفة الوصول أو ثقافة المجتمع)، عائقاً أمام تطورهن، إيماناً من «أصالة» أن التدريب الفعال للنساء، وتعزيز الخبرات والمهارات الإدارية والمالية لديهن، عامل أساسي يساهم في تعزيز فرص نجاحهن في إدارة المشاريع، وضمان استمراريتها. وعلينا ضمان تقديم هذه الخدمات للنساء في مناطق سكناهم وعلى أيدي مدربات يصلن إليهن، والذي من خلاله يتم تدريب النساء في مجالات الإدارة والمالية والتسويق، بما يعزز فرص نجاح مشاريعهن الاقتصادية، وتوفير الخدمات الفنية والتقنية بما يساهم في نجاح مشاريعهن الاقتصادية، وتحسين جودة منتجاتهن وخدماتهن.

- ما هي الشروط الأساسية للحصول على قرض؟
بشكل عام دراسة الجدوى هي أهم شيء لضمان نجاح المشروع ليدرّ دخلاً كافياً للعائلة، وقدرة وخبرة السيدة على إدارة المشروع حيث من المهم جداً أن تتمكن المرأة من العمل في المشروع بنجاح لتحقيق دخل كافٍ لدعم الأسرة والتسديد للقرض دون مصاعب.

- ما هو حجم محفظة الإقراض؟ 
بالنسبة الى «أصالة»، كان رأس مال القروض عندما بدأنا في 1997 بقيمة 800 ألف دولار، والآن لدينا مليونان ومائتا ألف دولار للإقراض. وحتى الآن المحفظة صغيرة نسبياً ولا نستطيع تلبية جميع الطلبات، فهناك طلب مرتفع من السيدات، ونحاول جاهدين من خلال المحفظة التي لدينا أن نلبّي ما نقدر عليه. ونعمل الآن على توسيع المحفظة، وزيادة التمويل لها، لكي تصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين ونصف، لخدمة عدد أكبر من المقترضات. والآن لدى «أصالة» حوالي 2100 مقترضة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ونعتمد على السداد الشهري، وبالتالي عندما تسدد الدفعات نعطي قروضاً جديدة. وهذا العام حصلنا على قرض لاستخدامه في محفظة إقراض خاصة  بالتمويل الإسلامي.

- كيف تتعاملون في الإقراض مع وجود التمويل الإسلامي؟
هذا البرنامج مدعوم من البنك الإسلامي للتنمية في جدة، من خلال UNDP ويسمى مشروع ديب. والمشروع يدرب العائلات الفقيرة، ومن ثم يعطيهم القروض، ونحن سنعمل في تخصصنا وهو تقديم التمويل للسيدات حسب طرق التمويل الإسلامي. وبموجب الاتفاقية حصلنا على قرض وليس هبة، بقيمة 600 ألف دولار، على أساس أن يستخدم المبلغ في صرف قروض للنساء حسب أدوات التمويل بالشريعة الإسلامية في منطقة الجنوب والمناطق الأخرى، وذلك حسب الطلب. وقد تم تدريب منسقات المشروع في أصالة على كل تطبيقات أدوات التمويل الإسلامي قبل البدء بالصرف.

- كيف تعاملت «أصالة» مع الظروف الصعبة المعاشة من حيث تسديد القروض؟
منذ عشرة سنوات حتى الآن نجحنا في المحافظة على محفظة الإقراض، وهذا دليل على أن التسديد كان جيداً رغم كل المصاعب التي نواجهها في البلد. ونحن هدفنا أن نساعد النساء في التغلب على حالة الفقر لكي يحسنّ وضعهن ووضع أسرهن من خلال المشاريع المدرّة للدخل. على سبيل المثال، عندما حدثت مشكلة انقطاع رواتب القطاع العام في العام 2006، عملنا على إعادة الجدولة، وأجّلنا الدفعات لكل مقترضاتنا في غزة لمدة عام. ولأن الوضع كان صعباً جداً فقد أصبح مشروع السيدة الصغير هو المصدر الأساسي الذي تعتاش منه أسرتها. وعندما قررنا تأجيل الدفعات لم نطلب أي رسوم لفترة التأجيل، خسرنا الكثير من المال، لأنه أصبح هناك صعوبات للتدفّق النقدي بسبب عدم وجود دفعات جديدة، وذلك أثّر في مقدرتنا على الصرف في تلك الفترة، مما يحتّم علينا الاعتماد على التمويل الخارجي لتغطية الخسائر أو العجز لنتمكن من الاستمرار.

- كيف ينظر الممولون إلى هذه المشاريع؟
هناك الكثير من الممولين لا يصدقون بل يستغربون نجاح البرنامج عبر السنوات الماضية رغم الظروف التي نعيشها. ونجيبهم أن هذا البرنامج هو تنموي ودائم ويعطي نتائج إيجابية على المدى الطويل، وهذا أفضل كثيراً من تقديم الهبات والإغاثة وتوزيع الطعام. إن التمويل الصغير يساهم في محاربة الفقر بشكل مستدام ويجعل الناس يعتمدون على أنفسهم ويعملون لتحسين وضعهم خطوة بخطوة بدل الاعتماد على المعونات. يجب أن تأخذ المؤسسة طبيعة الظروف في الاعتبار طبعاً، وهذا يجعل عملنا أصعب إذا عقدنا المقارنة بيننا وبين المؤسسات الأخرى في البلاد الأخرى التي لا تعاني من الأزمات التي نتعرض لها هنا في فلسطين.

- هل حققت «أصالة» هدفها بالوصول الى النساء والمساهمة في تمكينهن؟
من خلال قراءة سريعة للنتائج التي حققتها «أصالة» خلال عشرة سنوات، فإنه قد تم خلالها صرف ما يقارب 11 ألف قرض للنساء في المناطق الفلسطينية، مع أننا بدأنا ب 800 ألف دولار فقط في 1997، اليوم قيمة القروض التي صرفناها حتى الآن  10  ملايين دولار، وهذا يدل على أن المحفظة تدور مع أنها الآن تبلغ مليونين فقط. ويشير ذلك إلى أنها دارت تسع أو عشر مرات، وهذا دليل على أن عملية السداد جيدة. وهناك الكثير من قصص النجاح لسيدات بدأن في مشاريع صغيرة جداً، والآن أصبح لديهن محلات وتجارة كبيرة، نحن نتابعهن ونعطيهن استشارات وتدريباً. واليوم نعمل من خلال عشرة مكاتب منتشرة في مختلف محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة، وهذا نقوّمه بالجهد الكبير الذي يساهم في تمكين النساء ويساعدهن في التغلب على الفقر، وهذه رسالة سامية يحقّ لنا أن نفخر بها.

- كيف تساهم مشاركة النساء في النشاط الاقتصادي في تمكينهن؟
لدينا قصص نجاح كثيرة. هناك سيدات بدأن بقرض صغير والآن أخذن قروضاً كبيرة بقيمة عشرين ألف دولار. وهناك الكثير من الحالات التي بدأت ببسطة خضار في غزة، والآن تطوّر العمل إلى محلات. ولدينا سيدات بدأن بتجارة الشنطة، والآن أصبح لديهن محل كبير، وهناك سيدات بدأن بتربية الأرانب والدجاج... والمرأة عندما تستقل اقتصاديا فإن وضعها الاجتماعي في الأسرة يصبح أفضل، وقد أجرينا دراسة وأخذنا عيّنة من 400 مقترضة، وكانت النتيجة أن أكثر من 85% في المئة كان واضحاً أنهن بعدما نجحن وأصبح لديهن دخل، أصبحن يشاركن في اتخاذ القرارات في الأسرة، وأن النظرة من الزوج و الأولاد والجيران اختلفت وأصبحت أفضل.

- هل تحدثيننا عن إحدى قصص النجاح المميزة  لديكم؟
كما ذكرت هناك الكثير من القصص النجاح لسيدات، ولكن اذا ما ربطنا قصص النجاح بهدف التمويل وهو تمكين النساء ومساعدتهن على المشاركة في صنع القرار، والشراكة في تحمل المسؤولية في الأسرة، استذكر قصة لسيدة من إحدى قرى شمال الضفة الغربية، جاءت تطلب قرضاً وكان زوجها ينوي الزواج عليها في ذلك الوقت. بدأت بقرض بقيمة 2000 دولار لبيع الخضار ثم أخذت قرضاً أكبر للتوسيع وشراء عجّانة وفرن لإنتاج الحلويات في شهر رمضان والخبز التقليدي. ثم قرض ثالث أكبر لشراء سيارة لزوجها لينقل الحلويات الى المدينة. وأصبح زوجها يعمل معها، ويأخذ راتباً من المشروع. طوّرت مشروعها تدريجياً، وبعد أن حصلت على قرض ثان وثالث ورابع أصبحت الآن تشغل أفراد عائلتها بالإضافة الى أفراد من خارج العائلة أيضاً، النساء ملتزمات جداً ويعملن دون كلل لتحسين أوضاع أسرهن، والغالبية أثبتن قدرتهن على النجاح والالتزام بالسداد. المرأة تخجل من توقيع عقد شراكة مع زوجها أحياناً إذا كان المشروع عائلياً ومسجّلاً باسم الزوج فقط، ولكننا نشجعّها على أن تكون شريكة وبشكل رسمي إذا كان المشروع مشتركاً، وبما أنها تعمل معه في المشروع وستتحمّل مسؤولية القرض وسداده فإن من حقها أن تكون مالكة للمشروع معه.